
من مظاهر الحياة في الجنوب ( موضوع رقم 3 )من دون مرجع
كان هناك شبه اكتفاء ذاتي فيما يتعلق بغذاء الإنسان ، فالأكل من منتجات المزارع ومن حليب الأغنام ولحومها ، ولا يمكن أن يجلب الإنسان من السوق بصفة دورية إلا القهوة اليمانية المسماة ( القهوة البرية) .
من الوجبات الرئيسة ، وجبة ( البرّ والسمن ) وهي من الوجبات الدسمة التي لا تقدم إلا لكبار الضيوف وخلال المناسبات الكبيرة خاصة خلال النهار . وتستطيع المرأة صنع تلك الوجبة بقيامها بصنع الخبز الليّن في التنور ثم فركه ( عركه ) أي جعله كتلة واحدة ، تضع تلك الكتلة في صحن وإلى جوارها وعاء يطلق عليه نحت به سمن غنم أو بقر . والأدوات اللازمة لإعداد تلك الوجبة هي : الحطب - التنور – الكبريت– الملحّة ( خرقة يمسح بها التنور قبل إلصاق الخبز فيه ويطلق على تلك العملية : اللحوح ) الصحفة –– طحين – ماء . والوجبة اليومية الرئيسة تقريبا هي ( وجبة العشاء ) وتتكون من ( العصيدة مع اللبن أو المرق أو السمن ) وأحيانا من غير إدام ويطلق على تلك الوجبة ( عسام ).
العصيدة عبارة عن دقيق يوضع في ماء مغلي ، ويوضع الدقيق بقدر معين ، ثم يتم تحريك الدقيق داخل الوعاء ( القدر أو البرمة) حتى يصبح لزجا مستويا ، بعد ذلك تفرك العصيدة ( تعرك ) باليدين ، ثم توضع في صحن صحفة ) ويوضع إلى جانبها اللبن بصفة دائمة، ويقتطع الإنسان لقمة من العصيدة ويحركها بين أصابعه ثم يُحدث فيها ثقبا واسعا ويزيد اتساعه حتى تصبح اللقمة شبيهة بفنجان القهوة السعودية ، بعد ذلك يغمرها في إناء اللبن حتى تمتليء ، ثم يتناولها . وقد يستخدم السمن أو المرق أحيانا بدلا من اللبن مع شيء من تعديل شكل اللقمة . والأدوات اللازمة لإعداد وجبة العصيدة هي ( أثافي – ثلاث حجرات أو ما يشابهها – برمة وهي وعاء مصنوع من الطين الفخاري أو قدر- ماء – مصواط وهو عود منزوع لحاؤه من أغصان شجر الطلح تُقلب العصيدة بوساطته – صحفة – دقيق ذرة أو شعير أو بر ) .
أمّا طريقة إعداد السمن ( سمن الأغنام والبقر ) فتقوم المرأة بحلب الأغنام أو البقرات في الصباح أو المساء ، ثم يوضع الحليب في وعاء مصنوع من الطين الفخاري يطلق عليه ( المحلبة ) وتضيف المرأة مغرفة من لبن الليلة الماضية ليساعد في عملية الترويب . بعد صلاة العصر يكون الحليب قد تخثّر( راب ) فتقوم المرأة بنقله من المحلبة إلى وعاء آخر وهو ثمر القرع ويطلق عليه ( الدبية ) . توضع الدبية في شبكة من الحبال ، ثم تقوم المرأة بتعليقها في إحدى خشبات السقف وتبدأ بخضّ الحليب ، لمدة ساعة أو أكثر ، وقد توكل مهمة الخضّ إلى إحدى البنات أو صغار الأولاد . بعد أن تتخثّر الزبدة ، تقوم بإعادة الحليب ( المهزوز ) الذي تم خضّه إلى المحلبة ، ثم تجمع الزبدة المتخثرة التي تعلو الحليب المخضوض ، ويطلق على تلك العملية عملية ( الحثّار ) بعد ذلك يصبح الحليب لبنا . ولإعطائه نكهة خاصة تعمد المرأة إلى حرق طحين ثم تقوم بقلب الدبية والمحلبة على فوّّهتيهما على المبخر الذي يفوح منه ريح الدقيق المحروق وذلك قبل وضع الحليب فيهما ، فيأتي للبن بعد ذلك نكهة خاصة ، ويطلق على تلك العملية ( الكبّا ) .ملاحظة : يستخدم بعض الناس الشكوة بدلا من الدبية لخض اللبن ،والشكوة عبارة عن جلد معز ( تيس ) مدبوغ محليا ومُعدّ لهذه المهمة.