رحلة من جاش الى منفذ الوديعه ( 1430)
في يوم السبت لخمس بقين من شهر ذي الحجه من عام 1430 وبعد اتفاق مسبق انطلقت أنا وثلاثة من الأخوه وهم
جبهان بن عايض العطافا امام وخطيب جامع هجرة خيور وعضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتثليث
فلاح بن فهد بن حزام
معجب بن فلاح بن غنيم
وكانت وجهتنا هذه المره لمحافظة شروره(عروس الربع الخالي)
وقبل صلاة العصر تركنا هجرة الحفاير ميممين لقرية الهدود مرورا بالحمضه والذي بان لنا جبلها من بعيد المسمى (صفا الحمضه) ثم قرية الجعيفره الأثريه (الهجيره سابقا) واذا بقلعتها الشامخه عن يسار المسافر في ربوة عاليه وكأنها تشتكي من التجاهل والاهمال اضافة الى عبث السكان المجاورين وكأن التاريخ لايعني لهم شي
بعدها مررنا بمركز عماير آل حميدان وهو مركز تابع لمحافظة تثليث ومن أفضل المراكز التي مررنا بها وهو في تطور ملحوظ ومبانيه على الطراز الحديث وفيه مدرسه للبنين ومركز اماره ومركز لتحفيظ القرآن وسكانه أغلبهم من آل فجحان والتي فيهم زعامة قبيلة آل حميدان الحباب
ثم ترائت لنا بيوتات قليله على جانب وادي تثليث شرقا لقريه صغيره تسمى الحمرا وسكانها من قبيلة المشاعله ومنهم أسرة آل نصيب
ثم سرنا حتى أتانا مفرق الأمواه يمينا فتركناه وأخذنا يسارا باتجاه الشرق حتى اجتزنا وادي العمق والذي ورد في شعر عمرو بن معديكرب حيث يقول
لمن طلل بالعمق أصبح دارسا *** تبدل آراما وعينا كوانسا
بعد اجتيازه تمنيت لو أن طريقنا يمر بقرية ثجر لأكحل عيني برؤيتها وأنا أترنم بقول المجنون
خليلي ان حانت وفاتي فارفعا *** بي النعش حتى تدفناني على ثجر
لكن للأسف مارتسم في مخيلتي مدة من الزمان محاه قول العلامه الجاسر بأن ثجر المقصود يقع في بلاد بني قشير بالقرب من حوطة بني تميم وذلك في تعقيب له على الأستاذ / فراج بن شافي
وفي انهماكي حول ذلك واذا بالأخوه ينبهونني بقرب صلاة العصر عندها أخذنا جانبا عن الطريق لأداء الصلاه
بعدها انطلقنا وبعد مسافة قصيره مررنا بقرية الرهوه لقبيلة الحباب ثم بقرية الجحر وهي للآل خميسه من قبيلة آل سعد وبعد خمسة أكيال أتانا مفرق عين قحطان تركناه وأخذنا يمينا وبعد مايقارب اثنا عشر كيلا بان لنا جبل العلم وهو جبل عملاق يقبع في أرض واسعه مستويه وكان عن يسارنا بعدها قطعنا وادي اللجام وهو عبالم الذي ذكره الهمداني في صفة جزيرة العرب
ثم دخلنا مركز العزيزيه وهو أول مركز يقابلنا يتبع لمنطقة نجران وسكانها آل المهان من شيوخ آل فطيح الوعله من قبيلة يام الهمدانيه
بعدها بثمانية أكيال أتانا مفرق آخر موصل للعين وخيور وهذا الطريق يخترق جبل يتود المشهور ويقع في أرض تسمى الجفره تشتهر بنبات الوهط وهي غربا من وادي جلسا وبوين
تركنا هذا الطريق وأثناء سيرنا قطعنا وادي كبير ومررنا بهجرة آل سويد وكانت عن يمين الطريق ثم بيوت متفرقه على جنبات الطريق وبعد مسافه دخلنا محافظة يدمه وتقع في فسيح من الأرض وتحيط بها الجبال من كل الجهات وقد تطورت أخيرا وتتمتع بخدمات صحيه وتعليميه وأمنيه ولازالت في طور النمو وأما سكانه فخليط من قبائل يام أغلبهم من آل فطيح وآل رشيد وآل عبدان من آل فهاد
ومن الوجوه البارزه الشيخ /سعد بن عايض بن قبعان آل فهاد وهورجل ضرير ومن الدعاه المشهورين على مستوى منطقة نجران
بعدها خرجنا آخذين طريق نجران والذي يخترق جبال غاية في الوعوره وطرقها ملتويه وخطيره ثم قابلنا وادي الصحن الكبير ثم هجرة وسط ثم مفرق قطن فأخذنا معه يسارا ثم مفرق ثار مرورا بهجرة آل عبدالله ثم آل عريج وبعد عشرين كيلا دخلنا محافظة ثار وهي واقعة بين جبال حمر متوسطة الحجم ولا حظت أن المسئولين في منطقة نجران يتوسعون الى حد ما في اطلاق مصطلح المحافظه حتى على البلدان الصغيره مثل هذه التي مررنا بها وسكان ثار من آل مخلص وآل مطلق وآل عامر خرجنا منها بحلول وقت صلاة المغرب سرنا حتى قابلنا مفرق أخذنا معه يسار ودخلنا المنتشر وسكانها من قبيلة لسلوم ثم مررنا بقرية آل عامر ثم مركز الضيقه وهي قريه متطوره تنعم بخدمات كثيره ومن ضمن سكانها آل صليع وآل عامر وتوقفنا بها قليلا وبعد أربعة عشر كيلا أخذنا يمينا باتجاه الحصينيه أسفل وادي نجران مرورا بالمشعليه وسكانه قبيلة همام
وعندها توقفنا لأخذ بعض الحاجيات ثم سرنا وقابلتنا نقطه أمنيه عندها اخذنا يسارا مع طريق الخرعا وقابلتا لوحه مفادها (الشرفه ورملا يسار )
لكننا حثينا السير باتجاه شروره ثم قابلنا مفرق خباش يسارا بعدها مفرق الخضرا يمينا والذي يبعد عن شروره مائتين وسبعين كيلا والخضرا منفذ حدودي لليمن الشماليه
وللعلم فمنذ اقتربنا من خباش بدأنا في المناطق الرمليه ايذانا بدخولنا الربع الخالي
واصلنا سيرنا وكلنا آذانا صاغيه للأخ / جبهان وفقه الله والذي طاف بنى في شتى نواحي الأدب فمن طرفه أدبيه الى نكتة علميه ومن شعر الى قصه الى موعظه ومع ذلك كله فهو ملم بأسماء سكان منطقة نجران وماحولها ويعرف عاداتهم كما أنه ملم بالشعر الشعبي القديم ويحفظ منه الكثير ومن ذلك أن أحد الأخوه أسمعنا مقطع لجوال كان صاحبه يتغنى ببيت شعر يقول فيه
ولاهو علي يكنى ولاني عليه أكناش **** وذا شرعكم يهل القلوب المواليفي
فأفادنا أنه لشاعره من قبيلة آل عاطف وتلقب بأم شوكه وهي أم للشيخ / ضويحي بن ملهي رحمه الله شيخ آل مشني سكان مريغان
وذكر أن القصيده طويله وذكر لنا منها
وياشوكةبالصدر ماناشها المنقاش *** ولاجيت أبنقشها على الكبد باخيفي
ولاهو علي يكنى ولاني عليه اكناش** وذا شرعكم يهل القلوب المواليفي
وياليتني وياه لو كان مانقناش *** على فطر تمشي بنا من ورا السيفي
واصلنا سيرنا وللعلم فأن شروره تبعد عن نجران قرابة ثلاثمائة كيلو واصلنا حتى توقفنا بمركز الهويمل ثم سرنا ومررنا بمركز بهجه وبعد مسافه طويله دخلنا مع بوابة مركز شروره الساعة الثامنه وخمس وخمسين دقيقه
ثم اتجهنا لمطعم يطل على الشارع العام وتناولنا طعام العشاء بعدها قمنا بزيارة للأخ / حمد بن هادي بن شرثان حيث أستقبلنا بكل حفاوة وترحيب في استراحته العامره بالقرب من مدخل البلد
وبعد تناول القهوة والشاي أدينا صلاة المغرب والعشاء جمعا ثم ذهبنا لفندق فاره على طريق الوديعه واستسلمنا للنوم بعد رحلة يوم طويله ماتعه
وفي الصباح الباكر تناولنا طعام الافطار بضيافة الأخ حمد وفقه الله في أحد المطاعم حيث الطهي الحضرمي الأصيل
ثم انطلقنا لمركز الوديعه ثم بعد خمسين كيلا دخلناها وتجولنا فيها وراق لنا ماشاهدناه في هذه البلده الصغيره من مباني فخمه وتنظيم وقد بان لنا أن المركز لم يكون الافي عهد قريب
الا أني سمعت أن الوديعه كانت من مناهل الباديه المشهوره في الربع الخالي ومن مرادات الابل المجاهيم على وجه الخصوص كما يقول ابن بلال
وجال الوديعه مشرب شف لها
بعدها اتجهنا للمنفذ وقمت بزياره لمكتب وزارة الاعلام ثم عدنا قافلين لشروره ومكثنا في الفندق حتى قرابة العصر بعدها قمنا بجوله في المحافظه وزرنا سوقها الذي في قلب المدينه
وشروره يقال أنها سميت بذلك لأن أخفاف ابل التجار القادمين من حضرموت عندما ترتطم بالحجاره الصغيره تصدر شررا فسمي هذا المكان بها فكانت تسمى شراره ثم حرف الاسم حتى أصبح شروره
أما الربع الخالي فكان يسمى الفج الخالي أما الآن فجدير بنا أن نطلق عليه الربع الغالي
وليس الخالي
ومن أجمل مارأيت في شروره
*جلد شبابها وحبهم للعمل فأكثر العاملين بها من أبنائها
*نظافة أراضيها والطبيعه العذراء التي لم تفسدها أبخرة المصانع وعوادم السيارات
*الهدوء التام الذي يخيم على أرجاء هذه العروس الفاتنه
وسكان شروره الأصليين من قبائل الصيعر ومن قبيلة نهد ومن الكرب والعوامر ومن المناهيل
عندما خيم الليل اتجهنا لمخطط جديد يشرف على كثبان رمليه وقمنا بايقاد النار وصنع العشاء على لهيب جمر السمر الحارق
ومعنا الأخ حمد والذي زين الجلسه بأحاديثه التي لايملها من يسامره وكان قد تكفل لنا بوجبة العشاء متمسكا بعادة العرب القديمه في حق الأضياف
مكثنا نتسامر ونتجاذب أطراف الحديث حتى ساعة متأخرة من الليل
عدنا بعدها لمهجعنا لكننا أكثرنا من النوم هذه المره مما فوت علينا فرصة التجوال في مواقع لم نزرها من المحافظة وكأن الشاعر يعنينا بقوله
أشهد أن النوم معدوم المزايا *** كل علم غانم عنك يرده
وكان ذلك اليوم الأثنين قد قررنا طوي حقائبنا للسفر فخرجنا الساعة الحادية عشرة ظهرا من بوابة المحافظه لكن هذه المره عبر طريق السليل
فكان أول مركز يقابلنا تماني وبعد خمسه وخمسين كيلا مررنا بالمنخلي وأساس المسمى لبئر قديمه ثم تأسس بجانبها مركز اماره ومسجد جامع ومحطه وتموينات
ثم بعد مايقارب الأربعين كيلا مررنا بأم الوهط عندها جلست أردد مع رفاقي أبيات للشاعر الكبير / عيدان الهوامله يجاري فيها سليمان بن شريم حيث يقول
حنيني حنين اللي مع أم الوهط سرا *** تعرض خطوط باني فوقها الذاري
وقف مايجر الويل قدم ولا ورا *** عليه الحموله زايده والولد ناري
بعد مسافة خمس وعشرين كيلا مررنا بالمندفن وسمي بذلك لاندفان خشم جبل طويق الأشم في الرمال (القعد)
بعدها بمسافه مررنا بسلطانه وهي من أفضل المراكز في ذلك الطريق من حيث مبانيها وكثرة سكانها ومن حيث الخدمات المتوفره بها وسكانه من قبيلة آل فهاد يام وتبعد عن وادي الدواسر قرابة مائة وخمسة وتسعين كيلا
بعدها مررنا بالخالديه ثم مفرق عروق بني معارض وبها محميه للحياة الفطريه تأسست عام 1415هـ لاعادة توطين المها والظبا و حيوانات الربع الخالي المهدده بالأنقراض
بعدها قابلنا مفرق قرية الفاو الأثريه وكم تمنينا مشاهدتها لولا ضيق الوقت
وعند تمام الساعه الثانيه قبل العصر وصلنا مفرق الوادي السليل
واتجهنا لوادي الدواسر ومكثنا بها حتى سويعات الأصيل ثم عدنا من حيث ابتدأنا رحلتنا
مرورا بأبرق المقاريب فبني سنامه ثم أبو هشيم فالقيره فبني قوينيه فربه فتثليث فجاش
وبعدة صلاة العشاء من ذلك اليوم ودع كل منا الآخر على أمل لقاء آخر يجمعنا في مثل تلك الرحله الماتعه
التعديل الأخير تم بواسطة مسعود فهد المسردي ; 18-10-2012 الساعة 01:32 AM