ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


مجلس الإسلام والحياة يهتم هذا القسم بجميع مايتعلق بديننا الحنيف

إضافة رد
قديم 07-07-2009, 06:31 AM
  #1
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

هذه الخطبة عن الإمام مالك بن أنس رحمه الله

إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:
فأوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله عز وجل وطاعته, قال تعالى: ) وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيّاً حَمِيداً ) [النساء/131].

أيها المسلمون:
منذ أن كرم الله هذه الأمة ببعثة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأفواج الدعاة المصلحين يتعاقبون فيها، علماء مخلصين، ومربين ربانيون، داعين إلى الحق، حاكمين بالقسط، آمرين بالمعروف، ناهين عن المنكر.
وإن العناية بسير الرجال تورث الإحساس بالعزة، وتنبت الشعور بالقوة، وتهدي إلى التمسك بالحق، وتقود إلى السمو في الخلق.

إخوة الإسلام:
إمام من الأئمة، عليه أجمعت الأمة، وذكره يزيد الإيمان والهمة، نشأ في طيبة الطيبّة، ونهل من معينها، فارتفع ذكره، وملأ الأرض علمه، جلس للتدريس في جنبات المسجد النبوي الشريف، حتى إذا قيل: عالم المدينة أو إمام دار الهجرة، لم ينصرف إلا إليه, إنه الإمام مالك رحمه الله تعالى.
قال عنه الإمام الشافعي: "إذا ذكر العلماء فمالك النّجم، ومالك حجّة الله على خلقه بعد التابعين"، وقال عنه الإمام النووي: "أجمعت طوائف العلماء على إمامة مالك وجلالته، وعظيم سيادته، وتبجيله وتوقيره، والإذعان له في الحفظ، والتثبت وتعظيم حديث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه".
ولد الإمام مالك بن أنس في مدينة رسول الله ، صلى الله عليه وسلمسنة ثلاث وتسعين للهجرة, في خلافة سليمان بن عبد الملك. نشأ محبا للعلم مغترفا منه، على الرغم من فقره وقلة حاله. أحسنت أمُّه تربيته، ووفقت في تنشأته، أتته يوما وقالت له: "اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه"، وهكذا فلتكن الأمهات، على الهدى والأدب يربّين، ولصلاح الولد يسعيْن، ولقد صبغت هذه الكلمة حياة مالك حقيقة لا قولا، وواقعا لا خيالا، فغدا مدرسة في الأدب ينهل طلابه من هيئته وسمته، وتقتبس الأمة من سيرته، قال مالك لفتى من قريش: "يا ابن أخي تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم".
إن العلم إذا فصل عن الأدب فمهما كان المخزون العلمي والثراء المعرفي، فإنك واجد ضعف شديدا في الأخلاق والسلوك، ولا خير في علم امرئ لم يكسبه أدبا ويُهذبه خلق.
الجفوة بين العلم والأدب تفرز أعرافا مرضيّة، منها:التهجم على العلماء، والتطاول على الفضلاء، وسوء الأخلاق، وشذوذ السلوك، وعقوق الوالدين، والتقليد الأعمى.
قرأ الإمام مالك على شيوخ كثيرين، وقد كانت المدينة وقتها تعج بالعلماء من التابعين، تحتضنهم الجامعة الكبرى، والمدرسة الأولى، مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، علماء أطهار الأنفاس، بعلمهم وفضلهم سادوا الناس، تربىّ عليهم الإمام مالك رحمه الله، ونشأ في ربوعهم، مما ساعد على بناء شخصيته، وقوة نفسه، من هؤلاء الكرام: عبد الرحمن بن هرمز، وربيعة بن أبي عبد الرحمن المعروف بربيعة الراي، ونافع مولى ابن عمر, ومحمد بن شهاب الزهري، وهم من كبار الأئمة، وأعلام في هذه الأئمة.

أتباع سيد المرسلين:
جلس الإمام مالك للفتيا، ولم يجلس حتى شهد له سبعون شيخا من أهل العلم أنه موضع لذلك، وفرق بين من يزكي نفسه ويصدرها، ومن يصدره أهل العلم والفضل, يقول الإمام مالك: "وليس كل من أحب أن يجلس في المسجد للحديث والفتيا جلس، حتى يشاور أهل الصلاح والفضل، فإن رأوه أهلا لذلك جلس، وما جلست حتى شهد لي سبعون شيخا من أهل العلم أني موضع لذلك".

إخوة الإيمان:
من الخطإ احتقار أعمال الآخرين، ومن الجهل ظنُّ بعضنا أن ما يقوم به من خير أفضل من غيره، كتب إلى الإمام مالك أحد عبّاد عصره، يحضه على الانفراد والعمل، فكتب إليه مالك: "إن الله قسّم الأعمال كما قسّم الأرزاق، فربّ رجل فتح له في الصلاة، ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الجهاد، وآخر فتح له في العلم، ونشر العلم من أفضل الأعمال، وقد رضيت بما فتح لي فيه، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر".
فبالصدق والاتباع: أفراد الأمة يكمل بعضهم بعضا، لا غنى لأحدهم عن الآخر، قال تعالى: )وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ( [التوبة/71]، وفي الحديث الصحيح: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" متفق عليه.
كان الإمام مالك إذا سئل عن مسألة قال للسائل:"انصرف حتى أنظر فيها" فينصرف ويتردد فيها، فقيل له في ذلك فبكى وقال: "إني أخاف أن يكون لي من السائل يوم وأي يوم".
وسأله رجل من أهل المغرب عن مسألة كلفه به أهل تلك البلاد، فكان جواب الإمام مالك: "لا أدري، ما ابتلينا بهذه المسألة في بلدنا، وما سمعنا أحدا من أشياخنا تكلم فيها، ولكن تعود "وفي اليوم التالي عاد الرجل فقال له الإمام مالك: " سألتني وما أدري ما هي" فقال الرجل: يا عبد الله تركت خلفي من يقول: ليس على وجه الأرض أعلم منك، فقال الإمام مالك: "لا أحسن".
وسأله أحدهم عن مسألة، وطلب وقتا للنظر فيها، فقال السائل: هذه مسألة خفيفة، فرد الإمام مالك: "ليس في العلم شيء خفيف" أما سمعت قول الله تعالى: "إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا"، وقال بعضهم: "لكأنما مالك – والله – إذا سئل عن مسألة واقف بين الجنّة والنار".هؤلاء العلماء الذين ملؤوا الدنيا بعلمهم وعملهم، يقول أحدهم أحيانا: "لا أدري"، وإنك لتعجب أشد العجب من أقوام ليس لهم حظ يذكر من العلم الشرعي، ثم يتقحمون حمى الشريعة، فيخوضون تحليلا وتحريما، يوجهون وينظرون، إن على الأمة أن تكل الأمر إلى أهله، ويعطوا القوس باريها، وأن لا يدخلوا فيما لا يحسنون، يقول مالك: "من أحب أن يجيب عن مسألة فليعرض نفسه قبل أن يجيب على الجنّة والنار، وكيف يكون خلاصه في الآخرة، ثم يجيب".
ومع هذا العلم الجم، والورع والزهد، كان إقباله على الله عظيما، وعبادته في السر أكثر منها في العلانية.
يقول ابن المبارك "رأيت مالكا فرأيته من الخاشعين، وإنما رفعه الله بسريرة بينه وبينه، وذلك أني كثيرا ما كنت أسمعه يقول: من أحب أن يفتح له فرجة في قلبه، وينجو من غمرات الموت، وأهوال يوم القيامة, فليكن عمله في السر أكثر منه في العلانية".
ويقول بعض معاصري الإمام مالك: "خرجت ليلة بعد أن هجع الناس هجعة، فمررت بمالك بن أنس، فإذا به قائم يصلي حتى بلغ" ثم لتسألن يومئذ عن النعيم "فبكى بكاء طويلا، وجعل يرددها ويبكي حتى طلع الفجر، فلما تبيّن له ركع، فصرت إلى منزلي فتوضأت ثم أتيت المسجد فإذا به في مجلسه، والناس حوله فلما أصبح نظرت فإذا أنا بوجهه قد علاه نور حسن".
وقال مطرف: "لقد رأيت مالكا وهو جالس في المجلس بعد الصبح يدعو، ووجهه يصفر ويخضر حتى أطال الدعاء"، وقال بن وهب: قيل لأخت مالك: "ما كان يشتغل به مالك في بيته؟ " قالت: "المصحف في بيته".
يقول الإمام الذهبي: "قد اتفقت لمالك مناقب ما علمتها اجتمعت لأحد غيره، أحدها: طول العمر والرواية، ثانيها: الذهن الثاقب والفهم وسعة العلم، ثالثها: اتفاق الأئمة على أنه حجة صحيح الرواية، رابعها: إجماع الأئمة على دينه وعدالته واتباعه للسنن، خامسها: تقدمه في الفقه والفتوى وصحة قواعده".
إذا ما عدّت العلماء يوما فمالك في العلوم هو الضياء
تبوّأ ذروة العلماء قوم فهم كالأرض وهو لهم سماء
بارك الله لي ولكم في الوحيين، ونفعني بهدي سيد الثقلين, أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله الذي رفع قدر العلماء, واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أمرنا بالاقتداء بالفضلاء, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد المرسلين والأنبياء, اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الأخيار النجباء.

أما بعد:
فاتقوا الله أيها الناس، واقتدوا بالعلماء المصلحين، المتبعين لنهج سيد المرسلين، فهم أعلم الناس بشرع الله تعالى، وأشدهم خشية له، قال تعالى: ( وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) [فاطر/28].

معاشر المسلمين:
وبعد حياة حافلة بالعلم والهدى، والخشية والتقى، مرض الإمام مالك اثنين وعشرين يوما، ثم جاءته منيته، قال بكر بن سليم الصراف: دخلنا على مالك في العشية التي قبض فيها فقلنا: يا أبا عبد الله, كيف تجدك ؟ قال: "ما أدري ما أقول لكم، ألا إنكم ستعاينون غدا من عفو الله ما لم يكن لكم في حساب" قال: ما برحنا حتى أغمضناه، كان ذلك سنة تسع وسبعين ومائة لعشر خلون من ربيع الأول.
مات هذا الإمام الجليل، وقد خلّف للأمة مذهبا فقهيا، وتراثا علميا، ويكفيه من الشرف أن جمع للناس سنّة النبي صلى الله عليه وسلم في موطئه، وأن قدّم للأمة تلاميذ نجباء، حملوا الراية من بعده، كالإمام الشافعي وأسد بن الفرات وعبد الله بن وهب.
رحم الله الإمام مالك رحمة واسعة، وأسكنه فسيح الجنات، جزاء ما علّم وألف ونصح.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, والمسلمين والمسلمات, الأحياء منهم والأموات, إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين, وأذل الشرك والمشركين, ودمر اللهم أعداءك أعداء الدين, واجعل اللهم هذا البلد آمنا مطمئنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين.
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-07-2009, 10:48 AM
  #2
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت


الخطبة الأولى
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:
فأوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله عز وجل وطاعته, قال تعالى: ( وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيّاً حَمِيداً ) [النساء/131].
أيها المؤمنون، إنّ الله تعالى أوجب على عباده تكاليف الدين، وحثهم على لزومها والاستقامة عليها، وحرَّم عليهم المحرمات، ونهاهم عن اقتراف السيئات، وحذرهم من السقوط فيها، وإن الله العليم الحليم الرحيم علِم بضعف الإنسان وتقصيره وخطئه وتحكُّم هواه وشيطانه فيه، فشرع له الاستغفار محوا لما يقع فيه من ذنوب وأوزار، وتطهيرا لما يدنس روحه من أكدار، وردََّا لما يمكن أن يلحقه بسبب ذلك من مصائب وعقوبات وأضرار، فرغّب الله سبحانه عباده في الاستغفار ليتخلّصوا من ذنوبهم، ويسلَموا من تبعاتها في الدنيا والآخرة، وحتى لا يهْلكوا بسببها رحمة منه وامتنانًا وتفضلاً وإنعامًا وإحسانًا، فقال جل شأنه: وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المزمل:20]، وقال: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الحجر:49]. وشوَّق إلى واسع رحمته وحذَّر من القنوط منها فقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].

والله عز وجل أرسل رُسله جميعا إلى أقوامهم ليذكِّروهم برحمة ربهم وغفرانه، فأمروهم بالتوبة والوقوف بباب الاستغفار بين يدي ربهم متضرعين سائلين باكين، وشوقوهم في عفوه وحلمه، وأخبروهم بأن رحمته سبقت غضبه، وأن حلمه سبق انتقامه، وأنه جل وتعالى يغفر الذنوب ولا يبالي، ولو بلغت مكان السُّحب العوالي، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: ((يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي. يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عَنَان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة)) رواه الترمذي عن أنس وقال: "حسن غريب". الله الله، ما أوسع رحمة الله، وما أشمل وأكمل وأجمل غفران الله.

ومن دلائل رحمة الله بالمذنب وإحسانه إليه ما نطق به فم رسول الله عندما قال: ((ما من مسلم يعمل ذنبا إلا وقف الملك ثلاث ساعات، فإن استغفر من ذنبه لم يكتبه عليه ولم يعذبه به الله يوم القيامة)) رواه الحاكم عن أم عصمة العوصية وقال: "صحيح الإسناد".

فما هذا الاستغفار الذي رغبنا المولى عز وتعالى فيه؟ وكيف يكون؟

أيها المؤمنون، الاستغفار هو طلب المغفرة والصفح، وهو دليل حساسية القلب وانتفاض شعوره بالإثم ورغبته في التوبة والإقالة من الذنب وعدم المؤاخذة عليه لنيل الرحمة الربانية في الدنيا والآخرة.

أما كيف يكون فلقد بين ذلك لنا أمير المؤمنين علي حينما قال رجل بحضرته: أستغفر الله، فقال له : ثكلتك أمك! ألا تدري ما الاستغفار؟ إن الاستغفار اسم واقع على خمسة معان: أولها الندم على ما مضى، والثاني العزم على ترك العودة إليه أبدا، والثالث أن تؤدّي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله وليس عليك تبعة، والرابع أن تعمِد إلى اللحم الذي نبت من السحت فتذيبه بالأحزان حتى تُلصِق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد، والخامس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول: أستغفر الله.

والاستغفار ينبغي أن يكون بتذلل وتضرع وانكسار وخضوع وافتقار، وبعيون دامعة وقلوب خاشعة ونفوس إلى رحمة ربها وصفحه وفضله طامعة, وينبغي أن يكون معه حرارة الابتهال والصدق في السؤال والتضرع في الحال والشعور بالفقر إلى المغفرة في الاستقبال. ويستحب أن يكون متواصلا بالليل والنهار، وبالأخص في الأسحار، حينما ينزل الله جل جلاله بعظمته وعزته ورحمته إلى السماء الدنيا، وينادي عباده بنداء لطيف لنيل مصالحهم وغفران زلاتهم وقضاء حاجاتهم، يقول الرسول : ((ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخرُ، فيقول: من يدعوني فأستجيبَ له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفرَ له)) أخرجه البخاري عن أبي هريرة. وعلى المؤمن أن يستغفر بالصيغ الواردة في القرآن والمأثورة عن خير الأنبياء؛ فهي أنصح بيانًا وأرجح ميزانًا وأجمع للمعاني وأروع في المباني وأعظم تأثيرًا في القلوب. على أن في الاستغفار والدعاء بالمأثور أجرين: أجر الدعاء والاستغفار، وأجر الاتباع والاقتداء. ولا حرج عليه فيما يلهمه الله ويفتح له من صيغ وابتهالات، وعليه بسيد الاستغفار كما قال النبي الكريم : ((سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)) رواه البخاري عن شداد بن أوس.

والله تبارك وتعالى رغب عباده في الاستغفار لما له من فوائد عظيمة ومنافع جسيمة، وأول هذه المنافع أن المستغفر يُقر بصفة الله تعالى الغفار، ويردد اسمه تعالى ويلهج به، ويتعبد له بهذه العبادة العظيمة التي يجب توفرها في عباد الله المستحقين للاستخلاف في الأرض, ويحقق ـ أي: الاستغفار ـ للمؤمن الثقة بالله وبلطفه بعباده الضعفاء، فإذا كان الدعاء مخّ العبادة فالاستغفار جوهرها, وهو دعاء واستمداد، وهو استجابة لله وتنفيذ لأمره وذكر له وصلح معه وتقرب إليه وخضوع تام له واعتراف بعجز العبد وقدرة مولاه.

أيها المؤمنون، بالاستغفار يُقال المذنب من ذنبه ويسلَم من المؤاخذة عليه، قال الرسول المُوجّه الكريم : ((من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيوم وأتوب إليه غُفر له وإن كان فر من الزحف)) رواه أبو داود والترمذي.

وبه تمحى السيئات وتبدّل إلى حسنات، وتنزل الرحمات، وتُدفع الآفات، وتفتح أبواب السموات، وبه تفرَّج الكروب، وتتطهر القلوب، وترتبط بعلام الغيوب، وتُكشف الهموم، وتزول الغموم, وتحصل البركة في المال، وتُحقَّق الآمال، قال الرسول عليه صلوات الله وتسليماته: ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كلّ هم فرجا، ومن كل ضِيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)) أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم عن ابن عباس. وبه تكثر الأرزاق وتزداد النعم حتى لا يدري المستغفر مصدرها، ولا الوجهة التي أتت منها.

ولقد أمر الله هذه الأمة بالاستغفار والتوبة, ووعدهم بأن يمتِّعهم متاعًا حسنًا من إغداق في النعم والطيبات وسَعة في العيش وتمتع بالأموال وصلاح في البنين والأهل إن سمعوا وأطاعوا, وتوعدهم بعذاب كبير في الدنيا والآخرة إن خالفوا وعصوا، فقال الله جل شأنه: أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ [هود:2، 3].

ومن فوائده أنه يدفع العقوبة عن صاحبه ويمنع نزول المصائب به, ويحول دون حلول الكوارث والأزمات والنكبات، ويرفع العقوبات النازلة بالإنسان، كالقحط والطوفان والجوع والأوبئة المهلكة، ويحقق الأمن النفسي والاجتماعي، يقول الرسول : ((أنزل الله عليَّ أمانين لأمتي: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الأنفال:33], فإذا مضَيْت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة)) رواه الترمذي عن أبي موسى عن أبيه.

الاستغفار دواء وعلاج، وملاذ المضطر وباب الفوز برضا الله، وأساس الوقاية من غضبه، وهو سبب فرح العبد وحبوره يوم لقاء الله، يوم يجد صحيفته مملوءة بالاستغفار، يقول الرسول الكريم : ((من أحب أن تَسُره صحيفتُه فليكثر فيها من الاستغفار)) أخرجه البيهقي بإسناد حسن عن الزبير. فالمكثر من الاستغفار يُبعث طاهرًا نقيًا فرحًا مسرورًا لا ذنب يؤاخذ عليه، ويزداد فرحًا وحبورًا عندما يقبض صحيفته بيمينه ويجدها ممتلئة بالاستغفار.

عباد الله، ومن فوائد الاستغفار المهمة والتي نحتاج إليها أشد الاحتياج في هذه الأيام بالذات نعمة هطول المطر ونزول الماء قطرات وهبوط الغيث النافع، يقول الله تعالى على لسان سيدنا نوح لمَّا أجدب قومه: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح:10-12]، وقال سيدنا هود لقومه: وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ [هود:52]، وقال سيدنا صالح لقومه: لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النمل:46]. ولقد أمر الله رسوله محمدا عليه الصلاة والسلام بالاستغفار فاستغفر وأكثر، وأمر أمته به، ووقف على أبواب القرب من مولاه وبكى وشكا إلى الله.

الله أكبر، إنها وصايا نبوية غالية اتفقت في مجموعها على الاستغفار لما له من أثر في حصول المنافع ودفع الآفات والفواجع، ولما له من أسباب في حصول البركات وحلول الهبات وكشف الكربات.

إن نبي الله نوحا عليه السلام أمر قومه بالاستغفار ليحرك عواطفهم، وليهز مشاعرهم، وليجدد الإيمان في قلوبهم، وليُظهر لهم أن ما أصابهم من انحباس الأمطار وضيق الأرزاق وحرمان الذرية وفقد سبل العيش الكريم مردُّه أولا إلى جفاف القلوب من الإيمان وخلو الأفئدة من الخوف والتفكر والاعتبار؛ لأن جفاف القلوب والعقول أضر من جفاف الحقول، بل هو سبب كل ذلك.

أيها المسلمون الكرام، لقد اتفقت كل وصايا الأنبياء على الاستغفار؛ لأنهم عليهم السلام بدؤوا إصلاح أوضاع أممهم من القلوب، ولأنهم أرادوا أن يزرعوا الربانية في أفئدة أقوامهم، فتعطيهم قوة داخلية معنوية روحية تزرع الإيمان فيهم، فتُحرك جوارحهم بالعمل الصالح، فتتحول هذه القوة المعنوية إلى قوة مادية محسوسة.

روي أن عمر بن الخطاب استسقى يوما فلم يزد على الاستغفار، فقالوا له: ما رأيناك زدت على الاستغفار! فقال: طلبت الغيث بمفاتيح السماء، ثم قرأ قول الله تعالى: وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [هود:3]. فعمر الملهم نطق بعين الصواب، وطلب الغيث بأعظم الأسباب، لأنه ربما رأى القلوب قد غطتها الذنوب وغلفتها، فلم يرى بُدا من المصالحة مع الله لكي تصبح القلوب وثيقة الصلة بخالقها ومربوطة به حتى يقبل منها الدعاء.

وحدث مرة أن أحد الفلاحين الصالحين لم يجد سبيلا لري أرضه التي جف ماؤها، حتى كاد الزرع يصبح هشيما، وجلس في وسطها وقال: اللهم إنك قلت وقولك الحق: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا [نوح:10، 11]، وها أنا ذا ـ يا رب ـ أستغفرك راجيا أن تُفيض علينا من رحمتك، ثم طفق في الاستغفار في همة وثقة بوعد الله، فلم تمض إلا ساعات حتى تلبدت السماء بالغيوم ونزل المطر فياضا مدرارا.

أيها المؤمنون، جاء رجل إلى الحسن البصري فقال له: إن السماء لم تمطر، فقال له الحسن: استغفر الله، ثم جاءه آخر فقال: أشكو الفقر، فقال له: استغفِر الله، ثم جاءه ثالث فقال: امرأتي عاقر لا تلد، فقال له: استغفر الله، ثم جاءه بعد ذلك من قال له: أجدبت الأرض فلم تنبت، فقال له: استغفر الله، ثم جاءه بعد ذلك من قال له: جفَّ الماء من الأرض، فقال: استغفر الله، فقال الحاضرون للحسن: عجبنا لك، أوَكلما جاءك شاكٍ قلت له: استغفر الله؟! فقال لهم: أوَما قرأتم قول الله من سورة نوح: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح:10-12]؟!

الخطبة الثانية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده
أما بعد: أيها المسلمون، إن الاستغفار سنة الأنبياء والمرسلين، وطريق ووسيلة الأولياء والصالحين، يلجؤون إليه في كل وقت وحين، في السراء والضراء، به يتضرعون وبه يتقربون، وبه يرتقون في مدارج القرب عند الله، به ينوِّرون قلوبهم وينيرون قبورهم، وبه يصححون سيرهم إلى الله، وبه يُنصرون ويُمطرون ويرزقون ويغاثون ويرحمون، فأبونا آدم وأمنا حواء عليما السلام لما أذنبا وعاتبهما ربهما أحسَّا بخطئهما التجآ إلى ربهما متضرعين مستغفرين نادمين مسترحمين، فكان مما قالا: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23]. وقال سيدنا نوح عليه السلام: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [نوح:28]، وقال: وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ [هود:47]. وقال موسى عليه السلام لما قتل رجلا من الأقباط: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [القصص:16]. وقال شعيب لقومه: وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ [هود:90]. وقال سيدنا صالح لقومه بعد أن أمرهم بعبادة الله: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ [هود:61]. وحكى الله عن سيدنا داود لما تسَرَّع في الحكم بين الخصمين ولم يتريث في ذلك، فأحس بخطئه: فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ [ص:24]. وهذا ابنه سليمان قال: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [ص:35]. وهذا إبراهيم عليه السلام كان يستغفر لنفسه ولأبيه رغم ضلاله، وبقي كذلك حتى تيقن أنه عدو الله فتبرأ منه، وكان يستغفر لكل مؤمن سابق ولاحق، رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ [إبراهيم:41]. وهذا خيرتهم وخاتمهم محمد قال له ربه: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [محمد:19]، وقال له: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا [النصر:3]. وروى الإمام أحمد أن ابن عمر قال: إنا كنا لنعُدُّ لرسول الله في المجلس الواحد مائة مرة يقول: ((رب اغفر وتب علي إنك أنت التواب الرحيم)). كان رسول الله وهو المعصوم المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر الله، وعلى قدر منزلته عند الله يستغفر ويكثر، وهو الذي قال: ((والله، إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)) رواه البخاري.

فحاجة الإنسان إلى الاستغفار حاجة أساسية ضرورية قبل كل شيء؛ لأن الإنسان يلازمه التقصير في كل طاعة، ويصدر منه الخطأ كل ساعة، يقول الرسول الكريم في الحديث القدسي: ((يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم)) رواه مسلم عن أبي ذر. وحاجتنا نحن اليوم للتوبة والاستغفار أكثر من أي وقت مضى؛ لأن وقتنا هذا امتلأ بالمغريات والذنوب، وكثرت أسباب المعاصي في البيت والشارع والعمل، وقست بسبب ذلك القلوب وعلاها الران، وانطمست البصائر والأبصار، فأصبح لزاما على المؤمنين لزوم هذه العبادة العظيمة وتجديدها حينا بعد حين، واللوذ بهذا الركن الركين، اقتداء بالرسل الكرام صفوةِ خلق الله، وبرسولنا الأواه وأصحابه والتابعين الذين وصفهم الله بقوله: إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:16-18]. وقال : ((طوبى لمن وُجد في صحيفته استغفار كثير)) رواه ابن ماجه بإسناد صحيح عن عبد الله بن بسر.

ومن فرط فيه جنى الحسرات وتوالت عليه الهموم والنكبات، وعاش وعنده النقص في الأرزاق، وغُبن أمام الناس يوم التلاق.

اللهم اجعلنا من المستغفرين المكثرين بالليل والنهار، واقبل اللهم استغفارنا واحشرنا مع أهلك الذاكرين، أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين...


__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 16-07-2009, 02:11 PM
  #3
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

هاتان خطيتان ولكنهمما منقولتان عن وفاة سماحة الشيخ ابن جبرين جزى الله الكاتب خير الجزاء
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الخطبة الأولى


أما بعد: فأوصيكم ـ عباد الله ـ ونفسي بتقوى الله عزّ وجلّ، فإنها أمانٌ عند البلايا، وذُخْرٌ عند الرزايا، وعصمة من الدنايا، فاتقوا الله رحمكم الله، ولا تغرّنكم الحياة الدنيا، ولا يغرنّكم بالله الغَرُور، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18].
أيها المسلمون، حفظ الدين أعظم مقاصد هذه الشريعة الغراء، وإن من أعظم أسباب حفظ الدين حفظه بالرجال المخلصين والعلماء العاملين، فوجودهم في الأمة حفظ لدينها، وصون لعزتها وكرامتها، وذود عن حياضها، فإنهم الحصن الحصين والسياج المتين الذي يحول بين هذا الدين وأعدائه المتربصين.
وإن لله سبحانه وتعالى الحكمة البالغة والقدرة النافذة في كونه وخلقه، وإن مما كتبه الله جلَّ وعلا على خلقه الموت والفناء، يقول سبحانه: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن: 26، 27]، ويقول عز وجل: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء: 34]، ويقول: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [العنكبوت: 57]، ويقول جلَّ وعلا: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ [الزمر: 30، 31].
وإن أعظم أنواع الفقد على النفوس وقعًا وأشده على الأمة لوعة وأثرًا فقد العلماء الربانين والأئمة المصلحين؛ ذلكم ـ يا عباد الله ـ لأن للعلماء مكانة عظمى ومنزلة كبرى، فهم ورثة الأنبياء وخلفاء الرسل والأمناء على ميراث النبوة، هم للناس شموسٌ ساطعة وكواكب لامعة، وللأمة مصابيح دجاها وأنوار هداها، بهم حفظ الدين وبه حفظوا، وبهم رفعت منارات الملة وبها رُفِعُوا، يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة: 11]. يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون به أهل العمى، ويهدون به من ضل إلى الهدى، فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍ تائه قد هدوه، وما عزت الأمم وبلغت سامق القمم وأشيدت صروح الحضارات وقامت الأمجاد وتحققت الانتصارات بعد الله إلا بهم، فهم أهل خشية الله، إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر: 28]، وهم مادة حياة القلوب، وغذاء الأرواح، وقوت الضمائر، وزاد القرائح، ومهما صيغت النعوت والمدائح في فضائلهم فلن توفيهم حقهم.
العالم للأمة بدرها الساري، وسلسالها الجاري، لا سيما أئمة الدين وعلماء الشريعة؛ ولذلك كان فقدهم من أعظم الرزايا، والبلية بموتهم من أعظم البلايا، وأنَّى للمدلجين في دياجير الظلمات أن يهتدوا إذا انطمست النجوم المضيئة. صح عند أحمد وغيره من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((إنما مثل العلماء كمثل النجوم يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة)). يقول الإمام أبو بكر الآجري رحمه الله: "فما ظنكم بطريقٍ فيه آفات كثيرة، ويحتاج الناس إلى سلوكه في ليلة ظلماء، فقيض الله لهم فيه مصابيح تضيء لهم، فسلكوه على السلامة والعافية، ثم جاءت فئامٌ من الناس لا بُدَّ لهم من السلوك فيه فسلكوا، فبينما هم كذلك إذ أطفئت المصابيح فبقوا في الظلمة، فما ظنكم بهم؟! فهكذا العلماء في الناس".
وحسبكم ـ يا عباد الله ـ في بيان فداحة هذا الخطب وعظيم مقدار هذه النازلة قول المصطفى في الحديث الذي أخرجه الشيخان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم؛ فضلوا وأضلوا)).
ويُوضح ذلك ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((تظهر الفتن، ويكثر الهرج، ويقبض العلم))، فسمعه عمر فأثره عن النبي فقال: (إن قبض العلم ليس شيئًا يُنتزع من صدور الرجال، ولكنه فناء العلماء). ولقد أخبر حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا [الرعد: 41] قال: (بموت علمائها وفقهائها)، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (عليكم بالعلم قبل أن يُقبض، وقبضه ذهاب أهله)، وقال الحسن رحمه الله: "موت العالم ثلمة في الإسلام، لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار"، وقيل لسعيد بن جبير رحمه الله: ما علامة الساعة وهلاك الناس؟ قال: "إذا ذهب علماؤهم"، ولما مات زيد بن ثابت رضي الله عنه قال ابن عباس رضي الله عنهما: "من سرَّه أن ينظر كيف ذهاب العلم فهكذا ذهابه "، وقال رضي الله عنه: "لا يزال عالم يموت وأثر للحق يدرس حتى يكثر أهل الجهل، ويذهب أهل العلم، فيعمل الناس بالجهل، ويدينون بغير الحق، ويضلون عن سواء السبيل"، وفي الأثر عن علي رضي الله عنه قال: (إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها إلا خلف منه)،. وقال رجل لابن سيرين رحمه الله: إني رأيت الليلة أن طائرًا نزل من السماء على ياسمينة، فنتف منها، ثم طار حتى دخل السماء، فقال ابن سيرين رحمه الله: "هذا قبض العلماء"، فلم تمض تلك السنة حتى مات الحسن وابن سيرين ومكحول وستة من العلماء بالآفاق.
وقد كان السلف رحمهم الله يأسون أشد الأسى لفقد واحدٍ منهم، يقول أيوب رحمه الله: "إني أخبر بموت الرجل من أهل السنة فكأني أفقد بعض أعضائي"، وقال أيوب: "إن الذين يتمنون موت أهل السنة يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ، وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" أخرجه اللالكائي.
وقد رأينا شيئًا مما ذكر في واقعنا المعاصر في هذه الآونة الأخيرة بفقد كوكبة من علمائها وفضلائها، ووفاة نخبة من فقهائها ونبلائها، حتى رُزئت بفقد آخر في انفراطٍ لعقد متلألئ وضاء، وتناثر لحباته المتناسقة، وبموت هؤلاء الجهابذة تُطوى صفحات لامعة وسجلات ناصعة من خصال الخير المتكاثرة. إنهم نماذج شامخة وأطواد راسخة في العلم والتقوى، وأعلام بارزة في السنة والفقه والفتوى، فضائلهم لا تُجارى، ومناقبهم لا تُبارى، ثلمتهم لا تسد، والمصيبة بفقدهم لا تُحدّ، والفجيعة بموتهم نازلة لا تنسى، وفاجعة لا تمحى، والخطب بفقدهم جلل، والخسارة فادحة، ومهما كانت الألفاظ مكلومة والجمل مهمومة والأحرف ولهى والعبارات ثكلى فلن تستطيع التعبير ولا دقة التصوير، فليست الرزية على الأمة بفقد مال أو بموت شاة أو بعير، كلاّ ثم كلاّ، ولكن الرزية أن يفقد عالم يموت بموته جمعٌ غفير وبشر كثير، فموت العالم ليس موت شخص واحد، ولكنه بنيان قوم يتهدم، وحضارة أمة تتهاوى.
فجبر الله مصاب المسلمين في علمائهم، وجعل في الخلف منهم عوضًا عن السلف، والخير في هذه الأمة باقٍ إلى قيام الساعة، والله وحده هو المسؤول أن يلهمنا رشدنا، وأن يغفر لمن مات من علمائنا، وأن يرفع في عليين منازلهم، وأن يحسن في الدارين مثوبتهم، ويجزل لهم أجرهم، ويحفظ أثرهم وآثارهم، ويرفع درجاتهم في المهديين، وأن يخلف على الأمة الإسلامية خيرًا، وأن يوفق الأحياء لبيان الحق والدعوة إليه، وأن يرزقهم التسديد والتأييد، ويكتب لهم القبول ودوام النفع، ويحفظها من شرور الغير وهول الفواجع، فلله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، والحمد لله على قضائه وقدره، وهو وحده المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .
أيها المسلمون، إن موت العلماء رزية عظيمة ومصيبة جسيمة.
فحسبـك مثلهم يبكـى عليهـم وباقي النـاس تخفيـف ورحمة
إذا ما مـات ذو علم وفضل فقد ثلمـت مـن الإسلام ثلمـة
أيها الإخوة المؤمنون، لقد نزل بالأمة خطب جلل وأمر عظيم، لقد فجع المسلمون بنبأ وفاة فقيد الأمة والعالم أجمع، سماحة الشيخ العلامة الفهامة الحبر البحر عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، الذي وافاه الأجل المحتوم والقدر المحكوم ظهيرة الاثنين الموافق للعشرين من شهر رجب لعام ألف وأربعمائة وثلاثين للهجرة بعد معاناة طويلة مع المرض، لتصعد روحه الطاهرة الزكية إلى خالقها وبارئها وصانعها وموجدها، فموته أبكى الكثير من الناس، وغشيتهم الدهشة والذهول، وتسربلوا بثوب الحزن والأسى؛ لفقد عالم جليل فقيه، عابد مجاهد صابر زاهد ورع، اجتمعت القلوب على حبه، وحمل على عاتقه لواء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله، لقد قضى الله قضاءه بالحق، فألحق بالرفيق الأعلى، يرحمه الله، وجاد على قبره بمزون المغفرة، ولا نقول إلا ما يقوله الصابرون المحتسبون: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . ولولا أنه أمرٌ حق ووعدُ صدق وأن آخرنا لاحقٌ بأولنا لحزِنَّا على شيخنا حزنًا غيرَ هذا، ولكن يحزن القلب وتدمع العين ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراق شيخنا لمحزنون.
وإن الحُزْن على موت شيخ الأمة وأحد علمائها عالمها ابن جبرين لا يمكن وصفه، لكن عزاءنا في دعوات صادقة نتوجه بها إلى الرب سبحانه وتعالى بأن يرحم الشيخ وأن يبارك في عقبه، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خيرا، وأن يغفر له ويجمعنا به في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأعظم الله أجركم به، وأحسن عزاءكم، وجبر الله مصيبتكم، وجعلنا وإياكم من الصابرين، وألهمنا وأهله وأبناءه وخاصته وطلابه الصبر على هذه المصيبة، قائلين مرددين: اللهم آجِرْنا في مصيبتنا، واخلفنا خيرًا منها، و إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، ولا نقول إلا ما يرضي الرب.
أيها المسلمون، لقد رحل الشيخ ابن جبرين عن هذه الدنيا بعدما ملأها علما، وبعد حياة حافلة بالعلم والعمل والدعوة والاحتساب، وبعد أن عمر مساجد المملكة بدروسه العظيمة ومحاضراته القيمة، وبعد أن قُرِئت عليه المتون المتعددة والفنون المتنوعة، فشرحها شرح العالم البصير والمطلع الخبير، فأمتع النفوس، وشرح الصدور، وملأ القلوب والعقول بفوائده النفيسة ودرره الشيقة وتعليقاته الفذة؛ حيث تتلمذ على يديه وتخرج من دروسه علماء وفقهاء وطلاب علم من شتى إنحاء العالم. وكان يرحمه الله تعالى يُقدم (16) درسًا في الأسبوع، يشرحُ فيها (42) كتابًا، واستمر أحد دروسهِ (28) عامًا، فلله ما أعظمها من حياةٍ بذلت واحتسبت.
فالشيخ يرحمه الله عَلَمٌ فذ، وفقيهٌ فحل، وداعية نَيِّر، وصاحب قلب طهور ونفس راضية وعلم غزير وإيمان وتقوى، نحسبه كذلك والله حسيبه، ونُحِبُّه في الله، فمن رأى الشيخ أو عرفه أحبَّهُ، وأحبّ تواضُعَه وتقواه وزهده وإعراضه عن الدنيا ونُكْرَانه لذاته، والشيخ ابن جبرين من أشهر المفتين في العصر الحديث، وهو عضو إفتاء سابق بالرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء، وكان يجيب على أسئلة المواطنين عبر وسائل الإعلام المختلفة.
وللشيخ ما يزيد على ستين مؤلفا، من أهمها في مجال الفتوى: "فتاوى الزكاة"، و"فتاوى رمضانية"، و"فتاوى في التوحيد"، و"فتاوى في الطهارة"، و"الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية التربوية"، و"الفتاوى الجبرينية"، و"الفتاوى النسائية".
وكان يرحمه الله شجًى في حلوق أهل البدع والخرافات، وسيفًا مسلطًا على رؤوس الزنادقة والملاحدة، فكثرت شكاياتهم، وضجت منتدياتهم، فكادوا المكائد، وحاكوا المؤامرات في محاولة لثني الشيخ عن منهجه القويم وصراطه المستقيم، فما وجدوا إلا خيبة وخزيا، وحفظ الله الشيخ حتى استوفى أجله، من دون أن يبدل أو يغير أو ينتكس على عقبيه.
وكان الشيخ يرحمه الله أحد أبرز العلماء الذين دعوا إلى نصرة غزة، وانتقد مَن تخاذل عنها خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، وكانت آخر مواقفه إصداره بيانا مع (54) عالما سعوديا آخرين في اختتام مؤتمر الفتوى وضوابطها، تضمن تحريم أي مبادرة سلام تقول بحق اليهود في أرض فلسطين، أو تنص على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
عباد الله، إن محبة العلماء عبادة؛ لما يحملونه من كلام الله تعالى وكلام نبيه، وقد قال النبي : ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه)) حديث حسن رواه أبو داود. وللعلماء في الدين منزلة لا تخفى، فهم الذين رفعهم الله فقال: يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة: 11]. فقد تمكنت محبة الشيخ في قلوب الجميع، وهذه منحة إلهية تذكرنا بالحديث المتفق على صحته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال : ‏‏((‏إذا أحب الله العبد نادى جبريل‏: إن الله تعالى يحب فلانًا فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء‏: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض‏))، ‏فمحبة الناس لا تشترى بالمال، ولا بالتزين الأجوف الذي لا ينطلق من مبادئ راسخة وقيم ثابتة.
ألا وإن مما يحمد لمجتمعنا المسلم حَبه للعلماء الراسخين والدعاة الصادقين، والصدور عن فتياهم، والأخذ بأقوالهم الموافقة للكتاب والسنة، فما تنزل بالمسلمين نازلة إلا ويسارع الكثيرون إلى سؤال العلماء والاستنارة برأيهم. أما إن حل بأحد العلماء أجله المقدر وانطوت صحيفته وانتقل عن هذه الدنيا فإن الجموع تحزن والعيون تدمع، وكأنها فقدت أبًا أو أمًا أو قريبًا لصيقًا، ومما يؤكد هذا ما لمسه الجميع من الحزن الذي حل بهذه الأمة بفقد العلماء يرحمهم الله، وكأن الناس ولا يزالون يبكون العلماء الربانيين، ومازال الألم بفقد مشايخنا موجعًا وقد أفضوا إلى ربهم، وهو سبحانه أعلم بعباده وما قدموه في سبيل دينه، ورحمة الله واسعة، وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ ؛ ولذا كان فقد العالم مصيبة في المجتمع وخسارة عظيمة للأمة التي تعرف قيمتهم وتدرك أهميتهم وتعلم ما يترتب على فقدهم، قال الحسن: "موت العالم ثلمه في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار".
وحق للأمة أن تحزن لفقدهم؛ لأن بذلك فتحًا لثلمة في جدار الإسلام والمسلمين وضرًا للديار ونقصًا في الأرض، قال تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا [الرعد: 41]، قال ابن عباس في رواية: (خرابها بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير منها).
فيا عباد الله، إن الحاجة الآن ماسة إلى أخذ العبرة من سيرة العلماء والبحث في سر هذا الحب الذي ملأ القلوب وعطر الأفواه، مما تكنه جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على اختلاف طبقاتها وتباعد أقطارها لعلماء الدين والملة، فما إن يُتوفى أحد العلماء أو الصالحين إلا وتجد الناس يتراكضون لحضور جنازته والدعاء له. وإن ما يجعل العاقل يتعجب أشد العجب كثرة المصلين وشهود الجنازة، وإن المسلم حينما يحضر جنازة أحد العلماء أو الصالحين ويشاهد هذه الجموع الغفيرة ليتذكر المقولة الخالدة لإمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل حينما قال قولته المشهورة ردا على أهل البدع فقال: "بيننا وبينهم الجنائز"، وهذا والله لا يكون إلا ببركة الأعمال التي لا يطلع عليها إلا علاّم الغيوب، قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر: 9].
أيها الإخوة المؤمنون، ولئن كان الموت غيّب جسد الشيخ عبد الله بن جبرين فإن ذكره لا يغيب، ومن يتابع صفحات المواقع الإلكترونية ويلحظ أعداد المترحمين والمودعين للشيخ في كل موقع ـ شرعي أو إخباري أو ما سوى ذلك ـ يدرك كم يبقى الذكر الحسن في العالمين، وما أحرانا أن نتعظ ونعتبر، وأن يعرف كل واحد منا دوره ومسؤوليته نحو دين الله تعالى. أما الشيخ فقد أفضى إلى ربه، ولا ينفعه منا الآن إلا الدعاء له، وما خلفه من الولد الصالح والصدقة الجارية.
يا رب فاجمعنـا معـا ونبينا في جنـة تثني عيـون الحسَّـد
في جنة الفردوس فاكتبها لنا يا ذا الجلال وذا العلا والسؤدد
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، اللهم أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.

الخطبة الثانية
الحمد لله العظيم في قدره، العزيز في قهره، العليم بحال العبد في سِرِّه وجهرِهِ، أحمدُهُ على القدر خيره وشره، وأشكره على القضاء حلوه ومُرِّه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الآيات الباهرة، وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فضمن له نصره، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم وترسم خطاهم، فلم يتجاوزوا نهيه واتبعوا أمره.
أما بعد: فيا أيها الإخوة الكرام، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى ومراقبته في الظاهر والباطن، واعلموا أن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم وسيتخطى غيركم إليكم، فخذوا حذركم.
أيها المسلمون، وإن مما يعزي نفوس أهل الإسلام في فقد علمائهم والأسى على فراقهم أن الله سبحانه بفضله ورحمته قد حفظ على هذه الأمة دينها، وحفظ لها كتابها، فالفضل الإلهي والفيض الرباني ليس مقصورًا على بعض العباد دون بعض، ولا محصورًا في زمن دون زمن، فلا يخلو زمن وعصر من علماء يقيمهم في كل فترة من الزمن أئمة عدولاً من كل خلف، أمناء مخلصين، علماء مصلحين، بصراء ناصحين، ينفون عن دين الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، يدعون إلى الهدى، ويذبون عن الحمى، ويصبرون على الأذى. فيجب أن لا نفقد الأمل بالله عز وجل، فالذي أخرج لنا العالم الفلاني سيخرج لنا مثله أو أفضل منه، وما ذلك على الله بعزيز، توفي الإمام أحمد فقيّض الله لهذه الأمة شيخ الإسلام، وتوفي شيخ الإسلام فقيّض الله للأمة أمثال ابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب، توفي الشيخ محمد بن إبراهيم فقيض الله الشيخ عبد الله بن حميد، وتوفي ابن حميد فقيض الله ابن باز وابن عثيمين وفلان وفلان، فنسأل الله أن يتغمَّد أئمَّتنا العلماء برحمته، وأن يُلحقهم بالرفيق الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن لا يَفتننا بعدهم، ولا يَحرمنا أجرهم.
فهذه الأمة أمة ولود، والخير باق فيها إلى يوم القيامة، أمة الغيث لا يُدرى خيره أوله أم آخره، ولن نكون نحن أغير على الدين والملة من الله عز وجل، فهذا دينه، وهذه شريعته، فليس حفظ دين الله مقصورًا على حفظه في بطون الصحف والكتب، ولكنه بإيجاد من يبين للناس في كل وقت وعند كل حاجة، فالله سبحانه له المنة والفضل، يتفضل على الخلف كما تفضل على السلف.
وعزاؤنا في الطلاب الذين تركهم والعلماء الذين خرجهم هذا الشيخ الفاضل، وهذه الكتب والرسائل التي سطرت علمه، فهو وإن رحل فإن علمه باقٍ وموجود فينا، ونحن مسؤولون عن نشره وتبليغه، ومن حق الشيخ علينا أن نقوم بعد وفاته بنشر علمه وفضله ومناقبه.
فأقبلوا ـ أيها المؤمنون ـ على العلوم النافعة، خذوا العلم عن الأكابر، واجتهدوا في ضبطه وحفظه، ووفروا أوقاتكم عليه، واصبروا وصابروا واتقوا الله لعلكم تفلحون. وقبل ذلك وبعده اجعلوا من علمكم دافعا لكم إلى العمل بهذا العلم والإخلاص فيه لله تعالى.
اللهم تغمد شيخنا عندك برحمتك يا أرحم الراحمين، وارفع منزلته في أعلى عليين، واخلف في عقبه في الغابرين، واخلف على الإسلام وأهله بخير يا رب العالمين. اللهم إنه صبر على البلاء والمرض فلم يجزع فامنحه درجة الصابرين الذين يوفون أجورهم بغير حساب، اللهم اجبر مصابنا، اللهم اجبر كسرنا، وصبرنا على مصابنا، اللهم اجعلنا عاملين بكتابك وسنة نبيك ، واجعلنا رجاعين لأهل العلم، واجعلنا من أهل العلم، واجعلنا أوفياء لأهل العلم، واجعلنا من الذين ينشرون العلم يا رب العالمين. اللهم إنا نسألك أن تعلي للشيخ درجته في الجنة، وأن تلحقه بمنازل الأبرار والشهداء والأنبياء، وأن تجعله ممن يلتقي بهم يا رب العالمين، واجمعنا وإياه في دار كرامتك ومستقر رحمتك إنك على كل شيء قدير...
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 16-07-2009, 02:18 PM
  #4
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

وهذه الخطبة ايضا عن فقيد الأمة سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين منقولة جزى الله الكاتب خير الجزاء ووالله لم تكن رغبتي ان انقل ولكن وددت ان اكتب بمدامعي مايستحقه الشيخ ولكن لضيق الوقت ولشدة ماوجدت في قلبي على الشيخ وما اردت ان يخلوا منتدانا من خطبة عن وفاة الشيخ



[size=5]
الخطبة الاولى
معاشر المسلمين،
طـوى الجزيـرة حتى جاءنِي خبرٌ فزعـت فيـه بآمالي إلى الكذبِ
حتى إذا لم يـدع لي صدقـه أملاً شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي
في صحيح مسلم عن عروة بن الزبير قال: قال النبي : ((إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا، ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم، ويبقي في الناس رؤوسا جهالا يفتونهم بغير علم فيضلون ويضلون)).
إن بلاء الأمة أن تذهب خضراؤها وتنقشع زينتها وتختفي نضارتها وتغيب نجومها وتصبح تائهة هائمة. إن الأمة تزدان بصلحائها ونبلائها الذين يهدونها ويبصّرونها ويعيدون لها ذكرها وعزها وشرفها، إنهم لها الشموس الساطعة والمنارات اللامعة، فليست الرزية والبلية قلّة الطعام والشراب، وليست الرزيّة كثرة الأسقام والأوجاع، إن الرزية ذهاب البررة الأخيار الذين استضاءت بأنوارهم الأمة وزخرت بهم الملّة وازدانت بهم السنة. قولوا: تغيرت الأنهار وتعسّرت الأسفار وتاهت الأوطار، ولا تقولوا: مات الصلحاء وذهب العلماء.
إن الحياة مع توالي نكباتها وتقاذف شدائدها وتداعي رزاياها لن تجدوا في نكباتها أشد من فرقة الأحباب، إن الحبيب إذا فارق حبيبه انهارت نفسه وتعكّر صفو حياته، فما بالكم بعالم فذّ حبيب أحبته الأمة كلها وحفلت به أرجاؤها وانشرحت به أركانها وأذعن الجميع لفضله وعلمه؟!
أهـكذا البدر تخفي نـوره الحفر ويفقد العلـم لا عين ولا أثـر
خبت مصابيح كنا نستضـيء بها وطوحت للمغيب الأنْجم الزهر
قال الله تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ ، وروى الطبراني في الكبير والضياء في المختارة عن أبي أمامة أن النبي قال: ((إن الله وملائكة حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير)).
قال الإمام أحمد رحمه الله: "الناس محتاجون إلى العلم أكثر من حاجتهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يُحتاج إليه في اليوم مرة أو مرتين، والعلم يحتاج إليه بعدد الأنفاس". وقال ابن القيم رحمه الله: "العلماء بالله وأمره هم حياة الوجود وروحه، ولا يُستغنى عنهم طرفة عين، فحاجة القلب إلى العلم ليست كالحاجة إلى التنفس في الهواء بل أعظم، وبالجملة فالعلم للقلب مثل الماء للسمك، إذا فقده مات، فنسبة العلم إلى القلب كنسبة ضوء العين إليها".
أيها المسلمون، لقد رُزئت الأمة في علَمها وعالمها وسيدها وقائدها وتاجها وفخرها، كُنيف مُلئ علمًا، وتاج شعَّ درًا، وجبل عظم صلابة، وقلب احتشى صدقًا ومحبة، أوت إليه أفئدة المؤمنين يطلبون علمه ويرومون فضله، ويأملون شفاعته وينشدون مشورته وبصيرته. كم اجتمع عنده الطالبون! وكم سأله الشاكون! وكم حطمه الغادون والرائحون! أكثر من ثلاثين سنة لا يعرف طعامَ الغداء مع أهله، جعل كرمَه وخلقه مأوى الفقراء والمساكين والسائلين. بالأمس ثُلم الإسلام ثُلمة وفُجعت الأمة في شيخها وعلامتها وحجتها شيخنا ووالدنا الشيخ عبد الله بن جبرين الفقيه النابغة، العالم العامل ومرجع المستفتين من مختلف أنحاء العالم.
فلقد ضرب أروع الأمثلة في التواضع ولين الجانب, فهو غاية في البساطة والتواضع في الحديث مع الجلساء، وحتى في صفة الجلوس حيث يترك نفسه على سجيتها، فيحترم الجليس ويقوم للغريب ولا يمل المرء من مجالسته اللطيفة، وهو سهل في مواعيد الزيارة والحياة الاجتماعية, وفوق كل هذا هو في القمة من العلم الواسع المتخصّص والثقافة التي يعجب المرء من تنوعها في صدره، ولديه القدرة على فهم أبعادها وحاجة الناس إليها، فلم يتقوقع حول نفسه، أو ينكمش مع الماضي الجميل الذي أدركه.
تفوّق دراسيًا على زملائه، وترقى في شهادات التعليم النظامي، وحصل على شهادة الدكتوراه التي تفخر به ولا يفخر بها، حصل عليها بعد أن قارب عمره الستين سنة، لم تكن الشهادة ذات قيمة علمية له آنذاك، ولكنه ساير الحضارة ولم ينقطع عنها، ولم تكن هذه الشهادة لتهبه منصبا جديدًا أو سلمًا وظيفيًا عاليًا، فقد بلغ سن التقاعد أو قاربه.
لم يعاتب نفسه بقوله: إني بدأت في الدراسة النظامية بعد أن بلغت الخامسة والعشرين، فماذا تفيدني هذه الشهادات؟! لم تراوده نفسه أنه نشأ بين بيئة علمية تقليدية لا تقدّر هذه الشهادات وحملتها، لم يفكر أن مشايخه لم يحصلوا على شهادة رسمية ولو صغيرة، ولكنّ نفسه طامحة للسمو والعلو، وها هو البطل اليوم يصبح عصريًا، بدأ من الكتابة على الألواح في كتاتيب القرية، ودرس في التعليم النظامي بعد أن كبر سنه، وناقش رسالته ولحيته بيضاء ناصعة، ناقشها وطلابه هم دكاترة الجامعات وعمداء الكليات، ولم يرهبه هذا، فأحب أن يمارس هوايته العلمية، أحب أن يمشي في ركاب الحضارة ويكسر التقاليد والأعراف، فعاش عمره بين النخل والماء وبيوت الطين، ولازال يحب تلك الحياة ويألفها، وعاش بين المدن والطائرات والبنايات الضخمة.
لا يأبه للمناصب، وكثير من الناس يصفونه بمناصب تَشرفُ به, وينعتونه بها من حسن ظنهم بنزاهة المناصب ومن يتولاها، لكنه لم يعين فيها أصلاً، بل ليس له منصب رفيع إلا في قلوب الناس، فهو خطيب لجامع عادي في الرياض، وعضو إفتاء متقاعد فقط، هكذا بدون زيادة، شغل منصب معلّم في معهد في الرياض سنين طوال، وهذا المعهد إنما تعادل شهادته الثانوية، ونقلت خدماته للجامعة على كبر سنه، فلم يمكث فيها إلا بضع سنين.
ثم طلبه شيخه ابن باز ليكون معه في رئاسة الإفتاء بمرتبة مفتي يرد على الهاتف ويجيب على الأسئلة الشفهية ويراجع البحوث قبل نشرها بمجلة الإفتاء، لم يكن ذا منصب كبير في رئاسة الإفتاء, ولكنه إذا دخل مكتبه تقاطر الناس عليه كما يتقاطرون على مواقع الربيع والخير، فكان هو زينة للمنصب، وبقي رفيع الجاه والمكانة عند الناس.
هذا هو سماحة الشيخ ابن جبرين، رجل يملأ سمع وبصر طلبة العلم في الخليج قاطبة، يتشرف طلبة العلم بجلسة معه، يفخرون بسؤاله مباشرة، وهو يحبهم ويودّهم ولا يأبه بدنياهم، وما ازداد إلا حبًا في قلوب الناس، وما ازداد إلا تواضعًا، فهو طيب القلب، وادع في تعامله، حنون على أمته وأبنائها.
ها هو يبحث عن اليتيم والأرملة كما يبحث المزارع عن شجرة يحبها فينظر هل تحتاج لعناية فيصلحها، يقضي سحابة نهاره مع الشعب، يمسح دمعة هذا، ويشفع في حال ذاك، يسد حاجة الأسرة الفقيرة، يسدد فاتورة الكهرباء لذلك العجوز الذي لم يجد معينًا وأنيسًا، يسمع الأخبار عن أحوال المضطهدين والمشردين في العالم، يبكي ويحزن ويتألم لمصاب ابن آدم على هذا الكوكب الصغير.
في بداية الأمر سكن الرياض في أول قدومه في بيوت الطين، وبقي فيها دهرًا طويلاً، ثم بنى بيتًا في حي من أحياء المدينة الممتدة، وبيته الجديد في الرياض لم يبنه إلا بعد أن زاد عمره على الخمسين، يقع المنزل في منطقة عادية وحي يسكنه عامة الناس، وكان مبلغ بنائه للمنزل عبارة عن قرض من صندوق البنك العقاري الحكومي، فهو مثل بقية عباد الله من أواسط الشعب ذوي الدخول المحدودة رغم شهرته وسمعته، يقترض من الصناديق العامة، ويسدد من حسابه كل شهر، ولو أراد أن يتاجر بكتبه أو يرتزق من محاضراته ودروسه لفعل ولغنم أي غنيمة، لم يهرب من الدنيا ويرفضها، ولكنه لم يركض ويلهث وراءها، ومع ذلك جاءته الدنيا صاغرة، فركلها بقدميه، وآثر ما عند الله، فعاش سعيدًا محبوبًا من الناس.
عرفه طلبة العلم في المواقف الصعبة، فهو لا يتحدث إذا وجد من يكفيه في الحديث، فهو لا يتكلم لمجرد أن يقال: تكلم فلان, وهو لا يشارك الغوغاء صخبهم سواء كانوا من المنتسبين للعلم أو جهلة الناس، ولكنه إذا رأى أن العجز والضعف دب لقلوب الخاصة وخشي أن لا يقوم بالحق قائم تراه وقد قام من بين الصفوف ليكون فيصلاً وناطقًا يحمده التاريخ، فهو يَسترُ عنا سوأة الضعف والخور التي رافقت المسلمين في عصورهم المتأخرة.
في مواقفه تلك يحرص أن لا يؤذي هذا ولا ذاك، فهو لا يَمدُّ لسانه لشتم أحد أو التنقص من أحد, بل يعمل في صمت وخلق رفيع، ويحمل في قلبه صدق المؤمن الذي يعامل الناس بصفاء سريرة ومودة ومحبة؛ ولذلك زرع الله محبته في قلوب الحكام والمحكومين، فهو طراز فريد صاحب الرحلات الصيفية الوعظية والإرشادية الطويلة جدًا.
تراه وهو شيخ كبير تتناوشه الأمراض، يسافر في كل صيف، يطوف المملكة من شرقها إلى غربها، ومن الجنوب إلى الشمال، يقطع آلاف الكيلومترات، يبحث عن الناس في المدن، أو في البوادي، يبحث عنهم في مدينة عالمية، أو قرية ساحلية، أو مجموعة تعيش في الجبال بعيدًا عن الحضارة، لا يهمه ذلك، المهم أنه سيجد بشرًا يتحدث معهم، سيجد أقوامًا يرشدهم إلى الله, سيجد أناسًا يسألونه فيجيب.
يجلس بين الناس بكل حب وود ونقاء، يبين لهم أحكام الشريعة بوضوح ويسر، يراعي ظروفهم، ويتكلم بما يناسب عقولهم، يتكلم ولا يملّ هو من الحديث المكرر، فهو يتكلم في هذه القرية، ويعيد الموضوع عند جارتها، وهكذا بدون ملل، ربما شرح لهم كتابًا وأقام أيامًا، وربما عقد لهم دورة علمية مكثفة كل سنة، يكتب لهم التزكيات والتوصيات، ويزور مشاريعهم الخيرية ويجلس مع أعضائها، ويلتقي بالقضاة وطلبة العلم والدعاة الذين يحرصون أن يروه ويجلسون معه، مع أنه لا يحمل صفة رسمية للزيارة، بل يسبق زيارته أحيانًا تنسيق مع رجال الدعوة هناك, وكل هذا يفعله بدون مقابل مالي أو تكليف رسمي، والأعجب أنه يسافر بدون أن يتنقل في طائرة، ليس لأنه يحرمها، بل لأنها لن تدخل القرى والبوادي التي يريدها، فهو يتنقل بسيارته في لهيب الحرّ حيث صيف الجزيرة العربية اللافح، يتنقل مع رفقة من طلابه، تارة في مدينة جبلية أو في مدينة ساحلية، من مكة إلى جدة والطائف والباحة وأبها، ثم تراه يسافر إلى الساحل الشرقي لدورة علمية مكثفة، ثم يعود إلى المدن النجدية القائمة على الصحاري اللاهبة، ثم شمال الجزيرة مرورًا بالمسجد النبوي، ويستمر في الرحلة قرابة الشهرين من كل عام، وهو قد جاوز السبعين من عمره.
ولقد ذكر عدد كبير من الدعاة القرى النائية التي دخلها، ولقد ذكروا أيضًا أنه يدخل مناطق وقرى بعيدة عن مواطن التجارة والمطارات والأسواق، وهذه القرى لم يزرها داعية بحجم أحد من طلابه فكيف بمثله؟! فتراه بين الجبال في قرى تهامة، وفي سهول الأودية، وفي قرى الشمال حيث الصحراء، وهو في غاية النشاط والحرص على التعليم. ولربما تعب رفقائه في الرحلة وهم في قوة شبابهم، فمن ذا الذي يستطيع أن يصمد كما يصمد؟! ومن ذا الذي يتحمل ويطيق ما يتحمل رحمه الله؟!


الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخوة الإيمان، ما زال الألم بفقد الشيخ موجعًا، وقد تجاوبت أرجاء العالم بالتعزية فيه، وذكر مآثره وتعداد مناقبه، وقد أفضى الشيخ إلى ربه، وهو سبحانه أعلم بعبده وما قدمه في سبيل دينه، ورحمة الله واسعة، وما عند الله خير وأبقى.
ولكن الحاجة الآن ماسة إلى أخذ العبرة من سيرة الشيخ والبحث في سرّ هذا الحب الذي ملأ القلوب وعطّر الأفواه، مما تكنه جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على اختلاف طبقاتها وتباعد أقطارها. بل إن الشيخ وسيرته مدرسة حافلة بالعطاء والبذل في شتى الميادين، فقد تمكنت محبة الشيخ في قلوب الجميع، وهذه منحة إلهية، فمحبة الناس لا تشترى بالمال، ولا بالتزين الأجوف الذي لا ينطلق من مبادئ راسخة وقيم ثابتة.
والحديث عن الشيخ يدعونا إلى تلمس العظات والفوائد التي ينبغي الوقوف عندها من الجميع، لا سيما العلماء والدعاة وطلبة العلم وأهل المال والجاه، وإليكموها في هذه الوقفات المختصرة:
الأولى: تميز الشيخ رحمه الله تعالى بالحرص الشديد على العلم وقضاء الأوقات الكثيرة فيه، وترتيب الأوقات المناسبة له، والحرص على استقطاب طلاب العلم وإعانتهم وترغيبهم والإنفاق عليهم وتفقد أحوالهم وتشجيع النابهين منهم وتعاهدهم.
الثانية: عرف الشيخ رحمه الله تعالى ببذل جاهه في حاجات المسلمين في داخل البلاد وخارجها، وكم من المشاريع الإسلامية والمساجد وصروح العلم التي ساهم فيها برأيه وجاهه لدى أرباب الأموال والمسؤولين، وكان رحمه الله تعالى أبًا للمحتاجين والفقراء يواسيهم بماله قدر استطاعته، فضلاً عن الشفاعة لدى المحسنين ودلالتهم على ذوي الفقر والحاجة.
الثالثة: ومما يشهد به لسماحة الفقيد تفقد أحوال المسلمين ومتابعة أخبارهم، والتألم لآلامهم في شتى بقاع العالم، وكم صدر له من البيانات والفتاوى فيما يهم المسلمين ويمس حاجتهم.
الرابعة: أن المتابع لسيرة الفقيد وبرنامجه اليومي يرى عجبًا، فوقته رحمه الله مملوء بدروس العلم والإفتاء وخدمة المسلمين، والسعي في مصالحهم من بعد صلاة الفجر إلى الهزيع الأول من الليل، كما ذكره القريبون منه.
اللهم اغفر لشيخنا وارحمه، وارفع درجته في المهديين، واخلُفه في عقبه في الغابرين، وافسح له في قبره، ونوّر له فيه، واغفر لنا وله أجمعين...[/
size]
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 19-07-2009, 08:31 AM
  #5
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

إن مع العسر يسر

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة وكشف الله به الغمة ، وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين ، فاللهم صل على سيدنا محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .

أما بعد:

فقد جعل الله تعالى الدنيا دار تعب ونصب ، وبلاء وعناء وعمل ، وحياة الإنسان فيها تتقلب بين العسر واليسر ، والضيق والسعة ، والشدة والفرج ، والغنى والفقر ، وذلك لتتم قضية ابتلاء أهل الإيمان قال تعالى :" أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين" [العنكبوت : 2-3 ]
وقد بين المصطفى صلى الله عليه وسلم أن البلاء قرين الإيمان ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء " ( حديث صحيح )
المؤمن الحق الصادق يرضى بقضاء الله ، ويصبر على ما يحل به من عسر وضيق وشدة ، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم حال المؤمن في السراء والضراء فقال : "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن : إن أصابته سراء شـكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له "( رواه مسلم ) فالمؤمن يتلقى النعمة بالشكر ، ويتلقى البلاء بالصبر ، فهو على خير في كل حال .


أيها المسلمون :

إذا نزل بكم ضيق أو عسر ، فلا تكثروا الشكوى ، وتظهروا الضيق والضجر ، وعليكم بدواء الأزمات والملمات الذي وصفـه الله في كتابه الكريم حيث قال ســـبحانه ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين "[ البقرة : 45 ] والتزام المؤمن بالصبر يجلب له معية الله بنصره وتأييده يقول تعالى " يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين " [ البقرة : 153]
وكان هدف النبي صلى الله عليه وسلم في النوازل والأزمات أن يقف بين يدي الله يستمد منه العون والصبر وكشـف ما نزل به وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر صلى " ( رواه أحمد وأبو داود )
وإذا سلك المؤمن ذلك السبيل حال عسره أفاض الله تعالى عليه من خزائنه رحمة ولطفاً وبركة تهون عليه ما هو فيه من عسر وضيق حتى يزيل الله سبحانه ما نزل بعبده يقول تعالى : "ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " [ البقرة : 155-157]

أيها المسلمون :

لا ينسى المؤمن أن يكثر من ذكر الله تعالى حال عسره لا سيما الاستغفار فهو سبب لسعة الرزق وكثرة الأبناء ومغفرة رب الأرض والسماء قال تعالى حكاية عن النبي نوح عليه السلام : " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً " [ نوح : 10:12]
وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الاستغفار دواء لتفريج الكربات وزوال الهموم وضيق الرزق فقال صلى الله عليه وسلم : من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب " ( سنن ابي داود وابن ماجه )


ايها المسلمون :

اعلموا أنه إذا نزل العسر بأحدكم فإن اليسر يرافقه فإن الله تعالى قال مؤكداً ذلك : " فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً " قال الحسن رضي الله عنه : " كانوا يقولون لا يغلب عسر واحد يسرين اثنين " ومعنى هذا أن العسر معرف في الحالين فهو مفرد واليسر منكر فتعدد ، ولهذا قال : لا يغلب عسر واحد يسرين اثنين ، وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله :
صبراُ جميلاً ما أقرب الفرجا من راقب الله في الأمور نجا
من صـدق الله لم ينله أذى ومن رجاه يكون حيث رجا
وقال آخر :
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج

أيها المسلمون :

في هذه الآية خير عظيم ،إذ فيها البشارة لأهل الإيمان بأن للكرب نهاية مهما طال أمره ، وأن الظلمة تحمل في أحشائها الفجر المنتظر ، وقد بثت هذه الآية الأمل في نفوس الصحابة - رضوان الله عليهم - حيث رأوا في تكرارها توكيداً لموعد الله - عز وجل - بتحسن الأحوال ، فقال عبدالله ابن مسعود : لو كان العسر في حجر لطلبه اليسر حتى يدخل عليه .
ولقد كان هذا حال النبي صلى الله عليه وسلم فإنه قد ضاق به الأمر في بادئ دعوته لكن ذلك لم يثنه عن عزمه ، بل صبر وصابر متوكلاً على ربه سبحانه ، حتى قيض الله له أنصاراً أشربت قلوبهم بهم حبه ، وملئت نفوسهم بالرغبة الصادقة في الدفاع عنه وعن دينه ، ورأوا أن لا حياة لهم إلا بهدم أركان الشرك والوثنية ، فاشتروا ما عند الله من جزيل الثواب بأرواحهم وأموالهم وأزواجهم ، ثم كان منهم تقويض دعائم الأكاسرة ، وإبادة جيوش القياصرة .
فعلى المسلم أن يكون عظيم الثقة بربه ، متفائلاً بالنصر والتمكين ، مستبشراً بالفرج بعد الشدة ، وباليسر بعد العسر ، وألا يجعل للهزيمة النفسية في قلبه موضعاً ، فالله معه ، ومن كان الله معه ، فمعه القوة التي لا تغلب ، ومعه المنعة والحفظ والرزق والتوفيق والسداد .
ونسأل الله يبدل عسرالمسلمين يسراً ، وأن جعل لنا ولهم من كل ضيق فرجاً ومخرجا
وأقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه .

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين ، " غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الرحمة المهداة ، البشير النذير ، والسراج المنير ، صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه وأزواجه والتابعين لهم بإحسان . أما بعد :
فإن المؤمن يجب أن يكون حسن الظن بالله تعالى ، حتى يكون الله تعالى عند ظنه كما قال الله تعالى في الحديث القدسي : " أنا عند ظن عبدي بي " .
وليكن المؤمن عظيم الأمل والرجاء في ربه أن يزيل عنه ما نزل به من ضيق وعسر ، ولا يكن من القانطين ، فان القنوط ليس من أخلاق المؤمنين ، قال تعالى : " إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " [ يوسف : 87 ]
واعلموا أيها الإخوة : أن الله أمركم بالصلاة على نبيه في محكم تنزيله فصلوا عليه وسلموا تسليما في هذا اليوم المبارك فإن من صلى عليه مرة صلى الله بها عليه عشراً .

اللهم صل على عبدك وحبيبك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا .
اللهم إنا نسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول .
اللهم اجعلنا هداة مهتدين ، غير ضالين ولا مضلين .
اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً ، سخاء رخاء ، وسائر بلاد المسلمين .
اللهم اصلح ولاة امورنا وولاة أمور المسلمين، وارزقهم البطانة الصالحة .
اللهم ارحم شهداءنا ، وفك قيد أسرانا ، واغفر للمؤمنين أجمعين .
والحمد لله رب العالمين .
وأقم الصـــــلاة .
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 19-07-2009, 09:10 AM
  #6
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

اخواني واحبابي في الله نبدأ في سلسلة جديدة وهي سلسلة امهات المؤمنين رضي الله عنهن
-----------------------------------------
خديجة بنت خويلد أول من آمن بالله ربا وبحمدا نبيا وبالاسلام دينا

الخطبة الاولى
الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام، وأكرمنا بالإيمان، ورحمنا بنبيه عليه الصلاة والسلام، فهدى به من الضلالة، وجمع به من الشتات، وألف به من الفرقة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق أولياءه الوعد بالنصر على أعدائه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله خاتم رسله وأنبيائه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا.
احبتي في الله من هذه الجمعة نبدأ بسلسة عن امهات المؤمنين رضي الله عنهن
وأولهن خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
نسبها و نشأتها
هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى قصي بن كلاب القرشية الأسدية ، ولدت سنة 68 قبل الهجرة (556 م) تربت وترعرعت في بيت مجد ورياسة، نشأت على الصفات والأخلاق الحميدة، عرفت بالعفة والعقل والحزم حتى دعاها قومها في الجاهلية بالطاهرة

زواجها من الرسول صلى الله عليه و سلم

‏قال ابن إسحاق: كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال على مالها مضاربة، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج لها في مال تاجراً إلى الشام، وتعطيه أفضل ما تعطى غيره من التجار، مع غلام لها يقال له ميسرة
فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وخرج في مالها ذلك، وخرج معه غلامها ميسرة حتى نزل الشام، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان،

فاطلع الراهب إلى ميسرة , فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت الشجرة؟

فقال ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم. ,فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي.

ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته - يعني تجارته - التي خرج بها، واشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلاً إلى مكة ومعه ميسرة، فكان ميسرة - فيما يزعمون - إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره، فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به، فربح المال ضعف ما كان يربح.

وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملائكة إياه، وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد الله بها من كرامتها، فلما أخبرها ميسرة ما أخبرها، بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يعرض عليه الزواج منها , وكانت أوسط نساء قريش نسباً، وأعظمهن شرفاً، وأكثرهن مالاً، كل قومها كان حريصاً على ذلك منها لو يقدر عليه.

ولنتركْ نَفِيسَة بنت مُنْيَة تروي لنا قصة زواج النبي -صلّى الله عليه وسلَّم- من السيدة خديجة -رضي الله عنها-.

قالت نَفِيسَة: كانت خديجة بنت خُوَيْلِد امرأة حازمة، جَلْدَة، شريفة، مع ما أراد الله بها من الكرامة والخير، وهي يومئذ أوسط قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، وأكثرهم مالاً، وكل قومها كان حريصاً على نكاحها لو قَدِر على ذلك، قد طلبوها وبذلوا لها الأموال، فأرسلتني دَسيساً إلى محمّد -صلّى الله عليه وسلَّم- بعد أن رجع في عيرها من الشام، فقلت: محمّد! ما يمنعك أن تزوَّج؟

فقال: (مَا بِيَدي ما أَتزوَّجُ بِهِ). قلت: فإن كُفِيتَ ذلك ودُعيتَ إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تُجيب؟

قال: (فَمَن هي ؟). قلت: خديجة. , قال: (وَكَيفَ لي بِذَلك ؟). قلت: عليَّ. , قال: (فأنا أَفْعلُ).

قالت نفيسة: فذهبتُ فأخبرت خديجة، فأرسلت إليه: أنِ ائتِ لساعة كذا وكذا، وأرسلت إلى عمَّها عمرو بن أسد لِيزوِّجها فحضر - لأن أباها مات قبل حرب الفِجار -.‏

فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك لأعمامه، فخرج معه عمه حمزة حتى دخل على خويلد بن أسد، فخطبها إليه فتزوجها عليه الصلاة والسلام.

قال ابن هشام: فأصدقها عشرين بكرة، وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت.

وكان لها من العمر أربعين سنة ولرسول الله صلى الله عليه و سلم خمس وعشرون سنة.

أنجبت له ولدين وأربع بنات وهم: القاسم (وكان يكنى به)، وعبد الله ، ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة

إسلامها و نصرتها للرسول صلى الله عليه و سلم

أول ما نزل الوحى على رسول الله صلى الله عليه و سلم

{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}

فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد، فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع.

فقال لخديجة فقال : " مالي يا خديجة؟ وأخبرها الخبر و قال: لقد خشيت على نفسي.

فقالت خديجة: كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق.

فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة.

وكان امرأ قد تنصَّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي.

فقالت له خديجة: يا ابن عم ! اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما أُري.

فقال له ورقة: هذا الناموس الذي كان ينزل على موسى

وآمنت خديجة بنت خويلد، وصدقت بما جاءه من الله ووازرته على أمره، وكانت أول من آمن بالله ورسوله، وصدقت بما جاء منه، فخفف الله بذلك عن رسوله صلى الله عليه وسلم لا يسمع شيئاً يكرهه من ردٍ عليه، وتكذيب له، فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها تثبته، وتخفف عنه، وتصدقه، وتهون عليه أمر الناس، رضي الله عنها وأرضاها.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي حَكِيْمٍ:

أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ خَدِيْجَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا ابْنَ عَمِّ، أَتَسْتَطِيْعُ أَنْ تُخْبِرَنِي بِصَاحِبِكَ إِذَا جَاءكَ؟

فَلَمَّا جَاءهُ، قَالَ: (يَا خَدِيْجَةُ، هَذَا جِبْرِيْلُ). , فَقَالَتْ: اقْعُدْ عَلَى فَخِذِي. , فَفَعَلَ، فَقَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ , قَالَ: (نَعَمْ).

قَالَتْ: فَتَحَوَّلْ إِلَى الفَخِذِ اليُسْرَى. ’ فَفَعَلَ، قَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ , قَالَ: (نَعَمْ).

فَأَلْقَتْ خِمَارَهَا، وَحَسَرَتْ عَنْ صَدْرِهَا، فَقَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ: (لاَ).

قَالَتْ: أَبْشِرْ، فَإِنَّهُ -وَاللهِ- مَلَكٌ، وَلَيْسَ بِشَيْطَانٍ.

منزلتها عند رسول الله

كانت السيدة خديجة امرأة عاقلة، جليلة، دينة، مصونة، كريمة، من أهل الجنة، فقد أمر الله – تعالى – رسوله أن يبشرها في الجنة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب

عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ:

أَتَى جِبْرِيْلُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَذِهِ خَدِيْجَةُ أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيْهِ إدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيْهِ وَلاَ نَصَبَ.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:

قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (سيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ بَعْدَ مَرِيْمَ: فَاطِمَةُ، وَخَدِيْجَةُ، وَامْرَأَةُ فِرْعَوْنَ؛ آسِيَةُ).
كان رسول الله يفضلها على سائر زوجاته، و لم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت وكان يكثر من ذكرها بحيث أن عائشة كانت تقول : ما غرت على أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة، فيقول إنها كانت وكان لي منها ولد

قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا ذَكَرَ خَدِيْجَةَ، لَمْ يَكَدْ يَسْأَمُ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهَا، وَاسْتِغْفَارٍ لَهَا.

فَذَكَرَهَا يَوْماً، فَحَمَلَتْنِي الغَيْرَةُ

فَقُلْتُ: لَقَدْ عَوَّضَكَ اللهُ مِنْ كَبِيْرَةِ السِّنِّ!

قَالَ: فَرَأَيْتُهُ غَضِبَ غَضَباً، أُسْقِطْتُ فِي خَلَدَي، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي:

اللَّهُمَّ إِنْ أَذْهَبْتَ غَضَبَ رَسُوْلِكَ عَنِّي، لَمْ أَعُدْ أَذْكُرُهَا بِسُوْءٍ.

فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَقِيْتُ، قَالَ: (كَيْفَ قُلْتِ؟ وَاللهِ لَقَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَآوَتْنِي إِذْ رَفَضَنَي النَّاسُ، وَرُزِقْتُ مِنْهَا الوَلَدَ، وَحُرِمْتُمُوْهُ مِنِّي).

قَالَتْ: فَغَدَا وَرَاحَ عَلَيَّ بِهَا شَهْراً.

الخطبة الثانية

الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه كتب على كل مخلوق الموت ولا يبقى إلا الله الحي الذي لا يموت
خديجة حبيبة رسول الله وأول من آمن به والتيوقفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من اول لحظه تموت

وفاتها رضى الله عنها


توفيت السيدة خديجة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة بثلاثة سنوات، ولها من العمر خمس وستون سنة، , وكانت وفاتها مصيبة كبيرة بالنسبة للرسول - صلى الله عليه وسلم- تحملها بصبر وجأش راضياً بحكم الله – سبحانه وتعالى و لقد حزن عليها الرسول صلى الله عليه و سلم حزنا كبيرا حتى خُـشى عليه و مكث فترة بعدها بلا زواج
رضي الله عنك ياخديجة وصلى الله وسلم على نبينا محمد
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات.. الدعاء
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 22-07-2009, 04:46 AM
  #7
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت


الخطبة الثانية في سلسلة امهات المؤمنين

الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأ شهد أن محمداً عبده الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. اوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا توتن إلا وانتم مسلمون
عباد الله حديثي اليكم في هذه الجمعة الى احب الناس إلى قلب رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه انها الصديقة بنت الصديق انها الطاهرة المطهرة انها أم المؤمنين انها التي لا يكرهها إلا من خلى قلبه من الايمان ولا يتهمها إلا من كذب الرحمن وخلع ربقة الاسلام من عنقه انهاعائشة بنت الصديق
نسبها أي نسب كنسبها الأب فأعظم رجل بعد الأنبياء فالأب صحابي والأم صحابية والاخوه اصحاب والاخوات صحابيات والجد صحابي
هى أم المؤمنين عائشة بنت أبى بكر الصديق الطاهرة المبرئة من السماء حبيبة رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال عنها عروة بن الزبير (( ما رأيت أحداً أعلم بالقرآن ولا بفرائضه ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث عرب ولا بنسب من عائشة)).
تقول ((فضلت على نساء الرسول بعشر ولا فخر: كنت أحب نسائه إليه، وكان أبي أحب رجاله إليه، وتزوجني لسبع وبنى بي لتسع (أي دخل بي)، ونزل عذري من السماء (المقصود حادثة الإفك)،واستأذن النبي صلى الله عليه و سلم نساءه في مرضه قائلاً: إني لا أقوى على التردد عليكن،فأذنّ لي أن أبقى عند بعضكن، فقالت أم سلمة: قد عرفنا من تريد، تريد عائشة، قد أذنا لك، وكان آخر زاده في الدنيا ريقي، فقد استاك بسواكي، وقبض بين حجري و نحري، ودفن في بيتي)).

زواجها بالرسول صلى الله عليه و سلم
عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ((أريتك في المنام، مرتين أرى أنك في سرقة من حرير ويقول هذه امرأتك، فأكشف عنها فإذا هي أنت، فأقول إن كان هذا من عند الله يمضه)).

روى الامام أحمد فى مسنده: لما ماتت خديجة جاءت خَوْلَة بنت حكيم امرأة عثمان بن مَظْعُون قالت: يا رسول الله! ألا تزوّج؟ قال: (مَنْ ؟)،
قالت: إن شئت بكراً وإن شئت ثيباً، قال: (فَمَنِ البِكْرُ ؟)
قالت: ابنة أحبّ خلق الله عزّ وجلَّ إليك عائشة بنت أبي بكر، قال: (ومَنِ الثَّيّيبُ ؟)
قالت: سَودة بنت زمعة، قد آمنت بك واتّبعتك على ما تقول، قال: (فاذهبي، فاذكريهما عليَّ).
فدخلت بيت أبي بكر، فقالت: يا أمّ رُومان! ماذا أدخل الله - عزّ وجلّ - عليكم من الخير والبركة، قالت: وما ذلك؟
قالت: أرسلني رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- أخطبُ عليه عائشة
قالت: انتظري أبا بكر حتى يأتي، فجاء أبو بكر،
فقالت: يا أبا بكر! ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة
قال: وما ذاك؟
قالت: أرسلني رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- أخطب عليه عائشة , قال: وهل تصلحُ له؟ إنما هي ابنة أخيه.
فرجعت إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- فذكرت له ذلك
قال: (ارجعي إليه فقولي له: أنا أخوك وأنت أخي في الإسلام، وابنتك تصلح لي)،
فرجعت فذكرت ذلك له، قال: انتظري، وخرج.
قالت أم رُومان: إن مُطعِم بن عديّ قد كان ذكرها على ابنه، فوالله ما وعد وعداً قطّ فأخلفه، لأبي بكر، فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي، وعنده امرأته أم الفتى، فقالت: يا ابن أبي قُحافة! لعلّك مُصْبٍ صاحبنا مُدخِله في دينك الذي أنت عليه إن تزوّج إليك، قال أبو بكر للمُطعم بن عديّ: أقولَ هذه تقول؟
قال: إنها تقول ذلك، فخرج من عنده وقد أذهب الله - عزّ وجلّ - ما كان في نفسه من عِدَته التي وعده، فرجع، فقال لخولَة: ادعي لي رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- فزوّجها إيّاه، وعائشة يومئذٍ بنت ست سنين.

فلما هاجر رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- إلى المدينة خلّف أهله وبناته، ثم إنهم قدموا المدينة، فنزلت عائشة -رضي الله عنها- مع عيال أبي بكر بالسُّنح، فلم تلبث أن وُعِكَت - أي أصابتها الحمّى - فكان أبو بكر -رضي الله عنه- يدخل عليها قيُقبِّل خدّها ويقول: كيف أنت يا بُنية؟
قالت عائشة: فتَمَرَّق شعري أي تساقط
فقال أبو بكر: يا رسول الله! ما يمنعك من أن تبني بأهلك؟
فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم-: (الصَّداقُ)، فأعطاه أبو بكر خمسمائة درهم.
قالت عائشة: فجاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- ضحى فدخل بيتنا، فأتتني أمّي أمّ رُومان، وإني لفي أُرْجُوحَة ومعي صواحب لي، فصرخت بي، فأتيتها لا أدري ما تريد بي، فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأُنْهِج حتى سكن بعض نفسي، ثم أخذتْ شيئاً من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقُلن على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهنّ، فأصلحن من شأني، فلم يَرْعني إلاّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- فأسلمتني إليه، وهي يومئذ بنت تسع سنين ولُعبها معها.‏

وفي رواية أخرى: قالت عائشة -رضي الله عنها-: ثم أقبلت أمّي بي تقودني، ثم دخلت بي على رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- فإذا رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- جالس على سرير في بيتنا، وعنده رجال ونساء من الأنصار، فاحتبستني في حجرة، ثم قالت: هؤلاء أهلك يا رسول الله، بارك الله لك فيهن وبارك لهن فيك، فوثب الرجال والنساء، قالت عائشة: وبنى بي رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- في بيتنا.
قالت عائشة: ما نُحِرت عليّ جَزور، ولا ذُبحت عليّ شاة، حتى أرسل إلينا سعد بن عُبادة بجفنة كان يرسل بها إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- إذا دار على نسائه.
وكانت أسماء بنت يزيد بن السَّكَن -رضي الله عنها- ممّن هيّأ عائشة -رضي الله عنها- وأدخلتها على رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- في نسوة معها
قالت أسماء: فوالله ما وجدنا عنده قِرى، إلاّ قدحاً من لبن، فشرب منه ثم ناوله عائشة، فاستحيت الجارية وخفضت رأسها،
قالت أسماء: فانتهرتها وقلت لها: لا تَرُدّي يد رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- خُذي منه، فأخذته على حياء فشربت منه
ثم قال لها النبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم-: (ناولي صواحبك)
قالت أسماء: يا رسول الله! بل خذه فاشرب منه ثم ناولنيه من يدك، فأخذه فشرب منه، ثم ناوَلَنيه، قالت: فجلست ثم وضعته على ركبتي، ثم طفِقت أُديره وأتّبعه بشفتي لأُصيب منه مَشْرب النبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم-
ثم قال لنسوة عندي: (ناوِليهِنَّ) فقُلنَ: لا نشتهيه
فقال النبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم-: (لا تجْمَعنَّ جُوعاً وكذباً)
فقلت: يا رسول الله! إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه: لا أشتهيه يُعدّ ذلك كذباً؟ قال: (إنَّ الكذبَ يُكْتَبُ كَذِباً، حتى الكُذَيْبَة كُذَيْبَة).‏

مكانتها عند رسول الله صلى الله عليه و سلم و حبه لها
من أخص مناقبها ما علم من حب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لها، وشاع من تخصيصها عنده، ولم يتزوج بكراً سواها ونزول القرآن في عذرها وبراءتها، والتنويه بقدرها، ووفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بين سحرها ونحرها، وفي نوبتها، وريقها في فمه الشريف، لأنه كان يأمرها أن تندي له السواك بريقها، ونزول الوحي في بيتها، وهو في لحافها
عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت لو نزلت وادياً وفيه شجرة قد أكل منها، ووجدت شجرة لم يؤكل منها في أيها كنت ترتع بعيرك؟ قال: ((في التي لم يرتع منها)) تعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً غيرها.
عن أنس -رضي الله عنه- أن النبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم- سُئلَ: مَن أحبّ النّاس إليك؟ قال: (عائشَةُ)، فقيل: من الرجال ؟، قال: (أبوها).

وكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- يُلاطف عائشة -رضي الله عنها- ويباسطها، ويراعي صغر سنّها، روي عنها أنها كانت تلعب بالبنات- أى العرائس- عند رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- قالت: وكانت تأتيني صَواحبي فكنّ ينقمعن - يتسترن - من رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- قالت: فكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- يُسَرِّبُهُنّ إليّ.
وكان يأذن لها أن تلهو يوم العيد وتنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد، فقد روي عنها أن أبا بكر -رضي الله عنه- دخل عليها وعندها جاريتان في أيام مِنى تُدَفِّفان وتضرِبان، والنبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم- مُتَغَشّ بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكشف النبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم- عن وجهه فقال: (دعهما يا أبا بكر، فإنَّها أيّام عيد، وتلك الأيام أيام منى)

وقالت عائشة: قَدِمَ وَفْدُ الحَبَشَةِ على رسول الله صلى الله عليه و سلم- فقاموا يلعبون فى المسجد، فرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم- يسترنى بردائه, وأنا أنظر إليهم حتى أكون أنا التى أسأم
وقالت: خرجت مع النبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم- في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمِل اللّحم ولم أبدُن، فقال للنّاس: (تقَدَّموا)، فتقدّموا،
ثم قال لي: (تَعالَيْ حتى أُسَابِقَكِ)، فسابقته، فسبقته، فسكت عنّي، حتى إذا حملت اللحم، وبدُنت ونسِيت خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للنّاس: (تقَدَّموا)، فتقدّموا،
ثم قال لي: (تَعالَيْ حتى أُسَابِقَكِ)، فسابقته، فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول: (هذه بتلك).

اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا عَائِشَةُ تَرْفَعُ صَوْتَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ:
يَا بِنْتَ فُلاَنَةٍ، تَرْفَعِيْنَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَحَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا.
ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَرَضَّاهَا، وَقَالَ: (أَلَمْ تَرَيْنِي حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ؟).
ثُمَّ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ مَرَّةً أُخْرَى، فَسَمِعَ تَضَاحُكَهُمَا، فَقَالَ:
أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا، كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا.

عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُوْلُ لَهَا: (إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى).
قَالَتْ: وَكَيْفَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، قُلْتِ: لاَ، وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لاَ، وَرَبِّ إِبْرَاهِيْمَ).
قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللهِ مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ.

عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَطَارَتِ القُرْعَةُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، وَكَانَ إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ.
فَقَالَتْ حَفْصَةُ: أَلاَ تَرْكَبِيْنَ اللَّيْلَةَ بَعِيْرِي، وَأَرْكَبُ بَعِيْرَكِ تَنْظُرِيْنَ وَأَنْظُرُ؟
فَقَالَتْ: بَلَى.
فَرَكِبَتْ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا. ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلُوا، وَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ رِجْلَيْهَا بَيْنَ الإِذْخِرِ، وَتَقُوْلُ من شدة غيرتها على النبي صلى الله عليه وسلم:
يَا رَبِّ سَلِّطْ عَلَيَّ عَقْرَباً أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِي، رَسُوْلُكَ وَلاَ أَسْتَطِيْعُ أَنْ أَقُوْلَ لَهُ شَيْئاً.

وعن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: ((إنه ليهون عليّ أني رأيت بياض كف عائشة في الجنة)) تفرد به أحمد.
وهذا في غاية ما يكون من المحبة العظيمة أنه يرتاح لأنه رأى بياض كفها أمامه في الجنة
رضي الله عن أمنا ام المؤمنين عائشة وأرضاها أقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله ..................
وعن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)).

وثبت في (صحيح البخاري) أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة، فاجتمع أزواجه إلى أم سلمة وقلن لها: قولي له يأمر الناس أن يهدوا له حيث كان.
فقالت أم سلمة: فلما دخل عليّ قلت له ذلك فأعرض عني، ثم قلن لها ذلك فقالت له فأعرض عنها، ثم لما دار إليها قالت له، فقال: ((يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل عليّ الوحي في بيت وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها)).

وذكر: ((أنهن بعثن فاطمة ابنته إليه فقالت: إن نساءك ينشدونك العدل في ابنة أبي بكر بن أبي قحافة.فقال: ((يا بنية ألا تحبين من أحب؟)) قالت: قلت: بلى !. قال: ((فأحبي هذه)).

ثم بعثن زينب بنت جحش فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة فتكلمت زينب ونالت من عائشة، فانتصرت عائشة منها وكلمتها حتى أفحمتها، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عائشة ويقول: ((إنها ابنة أبي بكر)).
وقد كان رسول الله قمة في العدل فكان اذا مرض يذهب الى بيوت نسائه حتى وهو في مرض موته يتنقل بين البيوت حتى اشتد عليه المرض واحتاج الى ان يستقر فبقي في بيت عائشة وبموافقة نسائه ولو لم يأذن له لطاف عليهن ولو ان يحمل لأنه سيد العادلين

كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِيْنِي العَظْمَ فَأَتَعَرَّقُهُ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ، فَيُدِيْرُهُ حَتَّى يَضَعَ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فَمِي.
أَخْبَرَنِي أَبُو قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرٍو، قَالَ:
بَعَثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ: سَلْهَا أَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ؟ فَإِنْ قَالَتْ: لاَ، فَقُلْ: إِنَّ عَائِشَةَ تُخْبِرُ النَّاسَ أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ.
فَقَالَتْ: لَعَلَّهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَمَالَكُ عَنْهَا حُبّاً، أَمَّا إِيَّايَ فَلاَ.

ومن خصائصها: رضي الله عنها أنها كان لها في القسم يومان يومها ويوم سودة حين وهبتها ذلك تقرباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ولها فضائل رضي الله عنها نذكرها في الجمعة القادمة ان شاء الله تعالى وبقي في العمر بقية

عباد الله صلوا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أذكار, أدعية, خطب, خطبة الجمعة, صلاة الجمعة, إسلاميات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من يوقف هدردماءاهل السنه يامسلمين في ايران المجوسيه الرافضية الصفوية ؟؟ ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 10 29-04-2015 06:44 PM
إبن سبأ اليهودي مؤسس الديانة الشيعية ابو عائشة الطائي فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 2 20-12-2009 10:31 PM
غزوات حدثت في شهر الانتصارات في رمضان المناضل السليماني مجلس الإسلام والحياة 5 30-08-2009 06:27 AM
أرقـــــــام وإيمـــيــلاتــ الدكـــتـــور جــــــــابـــــر القحطاني وبعض الوصفاتـــ سعيد الجهيمي عالم الصحه والغذاء 12 20-03-2008 12:02 PM
فتاوى السحر والمس والعين مفرغا من شريط للعلامة ابن باز : اعداد بعض طلبة العلم ابو اسامة مجلس الإسلام والحياة 11 26-05-2007 01:52 PM


الساعة الآن 08:47 PM

ملصقات الأسماء

ستيكر شيت ورقي

طباعة ستيكرات - ستيكر

ستيكر دائري

ستيكر قص على الحدود