ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


مجلس الإسلام والحياة يهتم هذا القسم بجميع مايتعلق بديننا الحنيف

إضافة رد
قديم 12-03-2009, 10:01 AM
  #1
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

خطبة (عقوق الوالدين)
الخطبة الأولى
ان الحمد لله نحمده ونستعينه............................
أما بعد ..
شكاوى مقلقة .. وأخبار مزعجة .. تتفطر لها القلوب، وترتج لها النفوس، هي نذير شؤم، وعلامة خذلان، يجب على الأمة جميعها أن تتصدى لإصلاحه .. كيف لا، وهذه الشكاوى والأخبار، تتعلق بأعظم الحقوق بعد حق الله تعالى، إنها أخبار عقوق الوالدين .
هذا يهجر والده لأتفه سبب .. وأخرى تسب أماه لأنها منعتها من الخروج .. وآخر يتجاوز ذلك بالضرب والتعدي على أمه أو أبيه، وربما تصل القضية إلى حد القتل كما نسمع في بيانات تنفيذ بعض الأحكام .
عباد الله .. إننا حينما نتحدث عن عقوق الوالدين فإننا نتحدث عن أكبر الكبائر بعد الإشراك بالله، كيف لا يكون كذلك وقد قرن الله برهما بالتوحيد فقال تعالىوقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) .
وقال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد البر بهما مع اللطف ولين الجانب، فلا يُغْلِظُ لهما في الجواب، ولا يُحِدُّ النظر إليهما، ولا يرفع صوته عليهما، بل يكون بين يديهما مثل العبد بين يدي السيد تذللاً لهما.
عباد الله .. إن من المؤسف حقاً، أن نسمع بين الحين والآخر، أن من أبناء الإسلام من يتنكر للجميل ويقابل الإحسان بالإساءة بعقوق والديه .
وإن العاقل ليتساءل: ما سبب انتشار مثل هذه الجرائم؟
لا شك أن من أسباب انتشارها ضعف الإيمان، إذ لا يجرؤ على هذا الأمر إلا من ضعف إيمانه وخوفه من الله، ومن الأسباب كذلك انتشار الفساد والأفلام المقيتة بوجهها الكالح وأفكارها الهدامة التي تفسد الشباب والبنات، وتجرئهم على الآباء والأمهات، ومنها: اختلاط الثقافات وتأثر بعض الناس بحياة الغربي الذي يعيش وحده، ويهجر أسرته وقرابته فلا يراهم إلا في المواسم والأعياد .
ولا ننسى كذلك سوء التربية أصلاً من الوالدين، فيشب الشاب والفتاة على البعد أو القصور والجفاف في علاقتهما بوالديهما فيكون هذا سبباً في العقوق .
أيها الأخوة المؤمنون: ومن عظم حق الوالدين في الإسلام ، أنه قرر برهما وحسن مصاحبتهما بالمعروف، حتى وإن كانا كافرين .
فعن أسماء رضي الله عنها قالت: قَدِمَتْ عليّ أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدهم، فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن أمي قدمت عليّ وهي راغبة أفأصلها؟ قال: ((نعم، صلي أمك)).
بل أوجب الله تعالى البر بهما، ولو كانا يأمران الولد بالكفر بالله، ويلزمانه بالشرك بالله، قال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً) .
فإذا أمر الله تعالى بمصاحبة هذين الوالدين بالمعروف مع هذا القبح العظيم الذي يأمران ولدهما به، وهو الإشراك بالله، فما الظن بالوالدين المسلمين سيما إن كانا صالحين، تالله إن حقهما لمن أشد الحقوق وآكدها، وإن القيام به على وجهه من أصعب الأمور وأعظمها، والموفق من هدي إليه، والمحروم كل المحروم من صُرف عنه .
عباد الله .. لقد بلغ من تأكيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على حق الوالدين أن جعله مقدماً على الجهاد في سبيل الله.
ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: ((الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله)).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل استأذنه في الجهاد: ((أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد)) [رواه البخاري].
وعنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد)) [رواه الترمذي وصححه ابن حبان والألباني .
وعن معاوية بن جاهمة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرسول الله: أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: ((هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها)) [رواه النسائي وابن ماجه بإسناد لا بأس به].
عباد الله .. بر الوالدين من أعظم القربات وأجل الطاعات، وببر الوالدين تتنزل الرحمات وتكشف الكربات.
ولما علم سلفنا الصالح بعظم حق الوالدين، قاموا به حق قيام، وسطروا لنا صفحات مشرقة من البر .
كان أبو هريرة رضي الله عنه إذا أراد أن يخرج من دار أمه وقف على بابها فقال: السلام عليك يا أمتاه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك يا بني ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول: ورحمك الله كما سررتني كبيراً، ثم إذا أراد أن يدخل صنع مثل ذلك.
وهذا محمد بن سيرين التابعي الإمام رحمه الله كان إذا كلم أمه كأنه يتضرع .. قال ابن عوف: دخل رجل على محمد بن سيرين وهو عند أمه، فقال: ما شأن محمد أيشتكي شيئاً؟ قالوا: لا، ولكن هكذا يكون إذا كان عند أمه.
وهذا أبو الحسن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهم كان من سادات التابعين، وكان كثير البر بأمه حتى قيل له: إنك من أبر الناس بأمك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة، فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها.
وهذا حيوة بن شريح، وهو أحد الأئمة ، يقعد في حلقته يعلم الناس ويأتيه الطلاب من كل مكان ليسمعوا عنه، فتقول له أمه وهو بين طلابه: قم يا حيوة فاعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم.
هذه بعض نماذج بر السلف لآبائهم وأمهاتهم، فما بال شبابنا اليوم يقصرون في بر آبائهم وأمهاتهم، وربما عق أحدهم والديه من أجل إرضاء صديق له، أو أبكى والديه وأغضبهما من أجل سفره أو قضاء متعته .
وكم نجد ونسمع من يلتمس رضا زوجه ويقدمه على رضا والديه .
إنها حقاً صورة من صور العقوق، حين يدخل الزوج على والديه عابس الوجه مكفهر الجبين، فإذا دخل غرفة نومه سمعت الأم الضَحَكات تتعالى من وراء باب الحجرة، أو يدخل ومعه هدية لزوجته، ولا تحلم أمه بأي هدية منه .
يا أخي .. نحن لا ندعوك إلى الجفاء مع زوجتك أو الإساءة إليها، بل ندعوك إلى أن تؤتي كل ذي حق حقه .
ثم قل لي: من أحق بالبر؟ هذه الأم المسكينة هي سبب وجودك، هي التي حملتك في بطنها تسعة أشهر، وتألمت من حملك، وكابدت آلام وضعك، بل وغذتك من لبنها، وسهرت ونمت، وتألمت لألمك، وسهرت لراحتك، وحملت أذاك وهي غير كارهة، وتحملت أذاك وهي راضية، فإذا عقلت ورجت منك البر عققتها؟
فالله الله أيها الأحبة ببر والدينا، وأن نسعى لإرضائهما وإسعادهما في هذه الدنيا، ليسعدنا الله ويجمعنا بهما في الجنة .
والحمد لله رب العالمين .

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ....
أيها الأخوة المؤمنون .. نحن في الواقع لا ينقصنا العلم بالنصوص الواردة في الكتاب والسنة في فضل بر الوالدين، وأن عقوقهما من كبائر الذنوب.
وإنما ينقصنا العمل بما نعلم .. ينقصنا شيء من المبادرة والاهتمام ، وعدم الغفلة عن مواضع البر مع زحمة الأعمال الدنيوية، كزيارة الوالدين وتفقد أخبارهما والسؤال عن أحوالهما وسؤالهما عن حاجتهما .
كان لأمي عين واحدة... وقد كرهتها... لأنها كانت تسبب لي الإحراج .


وكانت تعمل طاهية في المدرسة التي أتعلم فيها لتعيل العائلة. ذات يوم...في المرحلة الابتدائية جاءت لتطمئن عَلي.
أحسست بالإحراج فعلاً ... كيف فعلت هذا بي؟! تجاهلتها, ورميتها بنظرة مليئة بالكره.
.وفي اليوم التالي قال أحد التلامذة ... أمك بعين واحده ... أووووه
وحينها تمنيت أن أدفن نفسي وأن تختفي امي من حياتي.في اليوم التالي واجهتها :لقد جعلتِ مني أضحوكة, لِم لا تموتين ؟!!
ولكنها لم تُجب!!! لم أكن متردداً فيما قلت ولم أفكر بكلامي لأني كنت غاضباً جداً ولم أبالي لمشاعرها ...وأردت مغادرة المكان..درست بجد وحصلتُ على منحة للدراسة في سنغافورة.
وفعلاً.. ذهبت .. ودرست .. ثم تزوجت .. واشتريت بيتاً .. وأنجبت أولاداً وكنت سعيداً ومرتاحاً في حياتي.
وفي يوم من الأيام ..أتت أمي لزيارتي ولم تكن قد رأتني منذ سنوات ولم ترى أحفادها أبداً! وقفت على الباب وأخذ أولادي يضحكون...صرخت: كيف تجرأتِ وأتيت لتخيفي اطفالي؟.. اخرجي حالاً!!!أجابت بهدوء: (آسفة .. أخطأتٌ العنوان على ما يبدو).. واختفت....
وذات يوم وصلتني رسالة من المدرسة تدعوني لجمع الشمل العائلي.فكذبت على زوجتي وأخبرتها أنني سأذهب في رحلة عمل...
بعد الاجتماع ذهبت الى البيت القديم الذي كنا نعيش فيه, للفضول فقط!!!. أخبرني الجيران أن أمي.... توفيت.لم أذرف ولو دمعة واحدة !! قاموا بتسليمي رسالة من أمي ....ابني الحبيب.. لطالما فكرت بك.. آسفة لمجيئي إلى سنغافورة وإخافة أولادك.
كنت سعيدة جداً عندما سمعتُ أنك سوف تأتي للاجتماع. ولكني قد لا أستطيع مغادرة السرير لرؤيتك.
آسفة لأنني سببت لك الإحراج مراتٍ ومرات في حياتك.هل تعلم... لقد تعرضتَ لحادثٍ عندما كنت صغيراً وقد فقدتَ عينك.
وكأي أم, لم استطع أن أتركك تكبر بعينٍ واحدةٍ...ولِذا... أعطيتكَ عيني .....وكنتُ سعيدة وفخورة جداً لأن ابني يستطيع رؤية العالم بعيني

هذي قصيده مؤثرة لأم تشكي حالها بعد ان وداها ولدها (الله يهديه) للمصحه (دار العجزه) او كما يقااال ( دار النسيان) والبيت أعلاه يبكي حتى القلب القاسي

اترككم مع القصيده

وين انت يا حمدان امـك تناديـك .. وراك مـا تسمـع شكايـا وندايـا

يا مسندي قلبي على الدوم يطريـك .. ما غبت عن عيني وطيفك سمايـا

هذي ثلاث سنين والعيـن تبكيـك .. ما شفت زولك زايـر يـا ضنايـا

تذكر حياتي يـوم اشيلـك واداريك . . والاعبـك دايـم وتمشـي ورايـا

ترقد على صوتي وحضني يدفيـك .. ما غيرك احدٍ ساكن فـي حشايـا

واليا مرضت اسهر بقربك واداريك .. ما ذوق طعم النوم صبـح ومسايـا

ياما عطيتك من حنانـي وبعطيـك .. تكبـر وتكبـر بالأمـل يـا منايـا

لكن خساره بعتني اليـوم وشفيـك .. واخلصت للزوجه وانا لي شقايـا

انا ادري انها قاسيـه مـا تخليـك .. قالت عجـوزك مـا ابيهـا معايـا

خليتني وسط المصحه وانا ارجيك .. هذا جزا المعروف وهـذا جزايـا

يـا ليتنـي خدامـة بيـن اياديـك .. من شان اشوفك كل يوم برضايـا

مشكور يا ولدي وتشكر مساعيـك .. وادعـي لـك الله دايـم بالهدايـا

حمدان يا حمـدان امـك توصيـك .. اخاف من تلحق تشـوف الوصايـا

اوصيت دكتور المصحه بيعطيـك .. رسالتـي واحروفهـا مـن بكايـا

وان مت لا تبخل علـي بدعاويـك .. واطلب لي الغفران وهـذا رجايـا

وامطر تراب القبر بدموع عينيـك .. ما عـاد ينفعـك النـدم والنعايـا


وينقصنا كذلك الخوف من مغبة وعقوبة العقوق .
أيها العاق .. لا تغتر بحلم الله عليك .. فإنك مجزي بعملك في الدنيا والآخرة.
يقول العلماء: كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة إلا العقوق، فإنه يعجل له في الدنيا، وكما تدين تدان. .
إني أدعو نفسي وإياكم أيها الإخوة ألا نخرج من هذا المكان المبارك إلا وقد عاهدنا الله على بر والدينا، وأن من كان بينه وبين والديه قطيعة أو خلاف أن يصلح ما بينه وبينهم، ومن كان مقصراً في بر والديه أن يبذل ما بوسعه في برها وإسعادها .
ومن كان براً بهما فليحافظ على ذلك، وإذا كانا ميتين فليتصدق لهما ويبرهما بدعوة صالحة أو عمل صالح يهدي ثوابه لهما.
اللهم إنا نسألك أن تعيننا جميعاً على بر والدينا، اللهم إن كنا قد قصرنا في برهما، أو أخطأنا في حقهما، اللهم فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسرفنا وما أعلنا، واملأ قلبيهما بمحبتنا، وألسنتهما بالدعاء لنا، يا ذا الجلال والإكرام .. اللهم وإن كانا ميتين فاغفر لها وارحمهما، وأعنا على الإحسان إليهما بعد موتهما .
اللهم صل على محمد ...
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 13-03-2009, 07:25 AM
  #2
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت

عنوان هذه الخطبة (((مكفرات الذنوب)))
الحمد لله ............
..................

اتقوا الله ـ عباد الله ـ حق التقوى وكونوا ممن إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر، وإذا أذنب استغفر، فبهذه الثلاث تنال السعادة في الأولى والآخرة.
أيها المسلمون، إن تقوى الله جل جلاله تمنع المتقي من الوقوع في حرمات الله كما بيَّنا ذلك في الخطبة الماضية، ولكن مع تقواه وخوفه من ربه ومولاه ومجاهدة الشيطان ومغالبته لنفسه وملاذِّه وهواه قد تزل القدم ويقع في الخطيئة وتقترف السيئة، وهذا أمر ثابت بنص القرآن والسنة المطهرة.
إن عباد الله المتقين قد تقع منهم الزلة والخطيئة كما قال الله عن أبينا آدم عليه السلام وَعَصَىٰ ءادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ [طه:121]، وقال صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: ((كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون))، قال الله تعالى عن المتقين: إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَـئِفٌ مّنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ تَذَكَّرُواْ [الأعراف:201]، وقال تعالى عن المتقين وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ [آل عمران:135].
إذاً ـ إخوتي ـ هذه الأدلة الصريحة الصحيحة الثابتة من القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم تدل على أن عباد الله المتقين قد يقعون في المعصية، وهذا يدل على بشريتهم وضعفهم في جنب الله تعالى، ولكن الله جل جلاله الذي خلق الخلق وهو أعلم بهم وبضعفهم، شرع لهم مكفرات يكفرون بها عن هذه السيئات والخطيئات، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم عباده المتقين بقوله: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها))، فإذا ما وقع التقي في الذنب والخطيئة ثم أتبعها بحسنة محيت عنه بإذن ربه، وهو الرؤوف الرحيم بعباده وقال تعالى: إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذكِرِينَ [هود:114].
ومن أهم الحسنات التي تمحو السيئات التوبة، والتي تقتضي الإقلاع عن الذنب والندم على ما فات والعزم عدم العودة إلى الخطيئة مرة أخرى، قال صلى الله عليه وسلم: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له)).
ومن الشواهد على ذلك أيضاً قصة المرأة التي زنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتت وقالت: يا رسول الله إني حبلى من الزنا، فأقم علي الحد، فأمرها أن ترجع حتى تضع حملها.
وحين وضعت أتته، فقال لها: ارجعي حتى تفطمي طفلك، فبعدما فطمته رجعت أقام عليها الحد ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله)).
وقال في ماعز رضي الله عنه الذي وقع أيضاً في الزنا بعد إقامة الحد عليه: ((لقد تاب توبةً لو تابها أهل المدينة لقبل منهم)) فالله أكبر يا عباد الله، انظروا إلى أثر تقوى الله عز وجل في قلوب هؤلاء الأتقياء الذين لم يعلم بمعصيتهم أحد إلا الله، فما زالت التقوى بهم وخوف الله يلهب قلوبهم وخشيته ترعد فرائصهم حتى أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليطهرهم من هذه الخطيئة وهذا الذنب، ولو أنهم تابوا فيما بينهم وبين الله سبحانه وتعالى لكفاهم ذلك، ولكنها نفوس سمت بإيمانها إلى العلياء، فما رضت حتى جادت بنفوسها رضاً لرب الأرض والسماء.
وقصة ذلك الرجل الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً بل أتم المائة، وحينما وجد من دله على باب التوبة وأمره بأن ينتقل من بلاد السوء إلى بلاد الخير والصلاح ثم قبضت روحه قبل أن يصل إليها، أدخله ربه مع المتقين برحمته، إذ أنه أقبل على الله بقلب مؤمن تقي تائب عن ذنبه، أقبل عازماً على عدم العودة إليه، نادماً على فعله، فقال الله لهذه: (أي بلد الصلاح) أن تقاربي، وقال لتلك: أن تباعدي (أي بلد السوء) فدخل الجنة برحمة الله عز وجل.
فأين نحن عباد الله من توبة مثل هؤلاء؟ هل نحن حينما نذنب الذنب في حق الله تعالى أو أنفسنا أو عباد الله نتوب توبة صادقة؟
إن المتأمل ـ إخوتي ـ في حال كثير من الناس ممن يزعمون أنهم يتوبون من ذنوبهم إذا أذنبوا، فيراهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، والله أعلم بما يكتمون، يقول: أستغفر الله وأتوب إليه. وهو لا يزال على المعصية قائماً، وعلى فعلها عازماً، وقلبه من الندم بسبب فعلها خالياً، لقد قال هذه الكلمة ـ إخوتي ـ ولم يأتِ بمقتضاها، كما ذكر سابقاً.
وهي لم توافق قلبه، لذلك لا تجد لها في نفسه أثراً، ولا عن المعاصي بعداً، ولا من ربه جل جلاله قرباً إذ يقول الله عن المذنبين من المتقين وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135]، فهذا هو الفرق ـ أحبتي ـ بين توبة أولئك المتقين وتوبة هؤلاء المتلاعبين، فالمتقون يتوبون إلى الله نادمين، وتراهم على طاعة ربهم مقبلين، ولا يقيمون على المعاصي.
أما أولئك فيتوبون كما يزعمون وهم غير نادمين، وعن طاعة ربهم معرضين، وعلى المعاصي دائبين.
واستمع ـ أخي الحبيب ـ إلى هذا الحديث العظيم الذي يبين لنا سعة رحمة الله بعباده وحلمه عليهم ولطفه بهم . عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى قال: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله عنده بعشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة)) رواه البخاري ومسلم.
إخوة الإيمان، إن اتباع السيئات بالحسنات تمحها، رحمة من عند الله تعالى وفضل عظيم، ولكن فعل الحسنات يكون بقلب صادق مؤمن تقي، يفعلها وهو مؤمن بها، مصدق بعظيم أجرها وفضلها وشاهد ذلك حديث صاحب البطاقة الذي يؤتى به يوم القيامة على رؤوس الخلائق، فينشر له تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً ؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب. فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يا رب. فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج بطاقة فيها كلمة: لا إله إلا الله، فتوضع البطاقة في كفة، والسجلات في كفة، قال: فطاشت بهن لا إله إلا الله.
وحديث البغي التي سقت كلباً بخفها وكان ظمئاً يريد ماءً، فغفر الله لها جزاء صنيعها هذا، وحديث الرجل الذي أزال الشوكة عن الطريق فشكر الله له فأدخله الجنة جزاء صنيعه.
لا يشك مسلم عاقل في أن أفعال هؤلاء بذاتها لا تساوي الجزاء الذي حصلوا عليه، ولكنه قام في قلوبهم حين فعلهم لهذه الحسنات من الإيمان والتقوى وإجلال الله وتوقيره وعظمته ما استحقوا به ذلك الجزاء.
إخوة الإسلام، لقد تبين لنا مما سبق أن المؤمن التقي مع تقواه وإيمانه يقع في الخطيئة، وهذا ليس حجة للعابثين اللاهين الذين ينهمكون في محارم الله، بل يجب عليهم المبادرة إلى التوبة النصوح، إذ قال عن آدم: وَعَصَىٰ ءادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ [طه:121]، ولكن ماذا حدث بعدها؟ ثُمَّ ٱجْتَبَـٰهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ [طه:122]، وقال سبحانه: وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ وقال سبحانه: إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَـئِفٌ مّنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ [الأعراف:201].
فلا بد من الرجوع إلى الله بصدق وإخلاص وندم وعزم على عدم العودة إلى المعصية ومتابعة السيئة بالحسنة كي تمحها، وهذا من سعة رحمة الله وتمام فضله، إذ جعل لنا مكفرات نكفر بها عن خطيئتنا.
اللهم اغفر لنا ذنبنا يا حي يا قيوم..
أقول قولي هذا...


الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي كان بعباده لطيفاً خبيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله و سَابِقُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ [الحديد:201].
إخوة الإسلام، ونذكر لكم من الحسنات الماحيات للسيئات ما يحث على اغتنامها وفعلها، فمنها التوبة والاستغفار كما ذكر آنفاً، قال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً [النساء:110].
ومن الحسنات ما هو أعم من التوبة مثل الصلاة قال تعالى: وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ [هود:114].
وفي مسند الإمام أحمد عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلى ركعتين أو أربعاً يحسن فيها الركوع والخشوع ثم استغفر الله غفر الله له)) وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط)).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) وفيهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حج هذا البيت، فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)).
وفي صحيح مسلم من حديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صوم عاشوراء ((أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلها)) وقال في صوم يوم عرفة: ((أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده)).
ومما يكفر الخطايا ذكر الله عز وجل، وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال: سبحان الله وبحمده، في يومه مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)).
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنايارب العالمين
ألا وصلوا وسلموا على خير الخلق محمد بن عبد الله.

اللهم صل وسلم عليه وعلى آله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءك أعداء الدين...
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أذكار, أدعية, خطب, خطبة الجمعة, صلاة الجمعة, إسلاميات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من يوقف هدردماءاهل السنه يامسلمين في ايران المجوسيه الرافضية الصفوية ؟؟ ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 10 29-04-2015 06:44 PM
إبن سبأ اليهودي مؤسس الديانة الشيعية ابو عائشة الطائي فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 2 20-12-2009 10:31 PM
غزوات حدثت في شهر الانتصارات في رمضان المناضل السليماني مجلس الإسلام والحياة 5 30-08-2009 06:27 AM
أرقـــــــام وإيمـــيــلاتــ الدكـــتـــور جــــــــابـــــر القحطاني وبعض الوصفاتـــ سعيد الجهيمي عالم الصحه والغذاء 12 20-03-2008 12:02 PM
فتاوى السحر والمس والعين مفرغا من شريط للعلامة ابن باز : اعداد بعض طلبة العلم ابو اسامة مجلس الإسلام والحياة 11 26-05-2007 01:52 PM


الساعة الآن 07:41 AM

ملصقات الأسماء

ستيكر شيت ورقي

طباعة ستيكرات - ستيكر

ستيكر دائري

ستيكر قص على الحدود