بسم الله الرحمن الرحيم

نحن أمة تاريخها ؛من رسول الله صلى الله علية وسلم، وليس قبله إلا الجهل والشرك .
تاريخنا من رسول الله مبدؤه وماعداه فلا ذكر ولا شأن
ونحن أبناء هذه الدولة لنا تاريخ ، يبدأ من المؤسس لهذه البلاد ؛ألا وهو الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، وليس قبله إلا التناحر والشتات.
ولكن يبقى لكل شخص جذور ينتمي إليها ألا وهي العائلة والقبيلة ، والتي تبقى الابنة الأولى لتهيئة الجيل ليبقى على صلب الأساس ومتانته. ونحن في هذه المقامة الأدبية؛ نذكر بعض مآثر هذه القبيلة؛ وهي رسالة لابناءها ولغيرهم ؛ للمحافظة على العادات الأصيلة ،والمكارم النبيلة.

(مقامة آل سعيِّد)

ذات يوم فيه الغيث همل ؛ دببت إلى قمة ذاك الجبل ؛ لأجد فيه خبر من قال وفعل ؛ فإذا بشيخ قد اعتلى القمة ، وتجلت في شخصيته علو الهمة ، فوقفت أمامه، فإذا عليه من الوقار علامة، وقد أخذ من المجد وسامة .
فقلت من أنت ؟ فقال: أنا عاطف الردة ، قلت: صاحب البأس والشدة ، قال نعم؛ ولكن ذلك في زمانٍ انقضى عهده .
فقلت: عرفنا عنك الرأي السديد ، والفعل المجيد . فهل تسمح لي بالاستفسار؛ عن بعض الأخبار؟ فقال: سال ما بدالك.
فقلت : ماهية بطاقتك التعريفية؟ فقال: لقبونا بالردد؛ فكل جهز لذلك واعدد ، وهابونا في الرحل والظعن والمدد. وأما شهرت ألحدا ؛ فندرى بني عمنا وكونا في العدى ، وأما العشوا والسويدا فكل شئ لها فدا. وأما العزوة؛ فنحن أخوان زبنة ، ولله الشكر والمنة . وأسالوا الله لنا الجنة.
فقلت له أخبرنا عن قومك : قال ؛ أذكرهم للتذكير، فهم غنيين عن التعبير ،تأصلت فيهم الأصالة، هم أهل لها لامحاله ،يعرفهم من بجانبهم من القبائل، فيشع ذكرهم بالجمائل ؛ بين البدود والحمائل ، هم أهل الغارات في الأوائل ، وهم للضيف مكرمين ، وللجار موقرين ، وللعاني معينين ،هم اعتقوا الرقاب ، وكسبوا الثواب عند رب الأرباب، إن شاء الله.
فقلت ياشيخ :أما تضرب لنا أمثال ، على هذه الأفعال، ليطيب لنا المقال ، ويجاب عن السؤال؛قال بلى ؛فأما الفرسان ،فقائدهم أنا وذلك العدمان، أشجع الشجعان، ألا وهو شرثان،ومعنا الحبابي وابن العمياء حنيان، ففي ذالك الزمان ؛ كانت لنا جولة في الميدان ، واخذ بالسيف والعنان، وأما الآن؛ فقد عم الأمان ، بفضل الرحمان ، وبفضل هذه الحكومة ، التي على العدل مرسومة،وعلى الإيمان مقومة.
قلت: وماذا عن الكرم ؟ قال: كل قومي أهل كرم ، وقد عرف ذلك عنهم كل وعلم، ولكن اضرب لك منهم أمثله؛ فهذا الشويوي مبارك، قد أنعم الله عليه وبارك،فكل في زاده وشرهته قد شارك ،وكذلك من كان له من المدح نصيب ، ومن بيت الشاعر عرفناه ؛الذي قال :
ضيف الخلا أليا جفوه المعازيب يطري عليه الحبابي ويتمناه .
وايضا ولد حزام ،ألا وهو جمعان ، مكرم الضيفان ،عندما اتوه بعد الغروب ، وليس عنده إلا ناقته الحلوب ، فقام وحلبها ، ثم نحر لهم ولدها.
قلت: وماذا عن عتق الرقاب ؟ قال :أما تذكر قصة خضير مع الجار ، عندما رجع الى الدار ؛فوجد جاره في حصار ، من ربعه الاحرار، فقال ماهي الأخبار؛فقالوا هذا قتل ولدك ولك الثار ، فرجع به وأكرمه إكرام الأبرار، وقال لاتبطي بك ألحظات في هذه الديار ، فولدك عتق لي ولوالدي من النار؛ فهذه خصلة جميلة ، أضافها لسمعة القبيلة.
قلت: وماذا عن الصلح ؟ قال: بذلت جهدي فيه ولم أشح ؛في زمن تقاتل فيه الناس حتى على الملح، قلت وكيف ذلك ؛قال لي فيه ثلاث مواقف :
أولها :اتفاقي مع شيوخ الدواسر ؛ألا يكون بيننا وبينهم رابح وخاسر.
وثانيها :وقفتي بين القبائل التي أرادت القتال ؛ في الركا عندما رأيت الشر قد جال، فاصلحتهم وأصلح الله بي الحال.
وثالثها : عندما قتل الخادم المقيم ، ففاديت بنفسي دون ربعي آل دهيم ، فنلت من الإمام عبدا لعزيز التكريم ، وفزت بذلك القلب العظيم.
قلت: هذه أخبارك وأخبار قومك، فماهي تجربتك من الحياة؟ قال يعيش الإنسان عمر طويل، ولا يبقى إلى الذكر الجميل ، تفنى الأعمار ، وتخرب الديار ، وتتبدل الدار ، فاعدوا للجنة واحذروا من النار.
قلت: وماذا توصينا به ؟ قال هذه فضائل، أثبتها بالدلائل ؛ فابلغ أبناء القبيلة؛ لا يدنسوها بالرذيلة،وعليكم بشكر النعمة ، فليس مع الشكر نقمة ، وعليكم بطاعة الملك ، فهو لكل خير بكم سلك ، ومن خالفه فقد هلك.

فقلت له في الختام؛ لك منا السلام ، ولك علينا الاحترام ، على هذه المبادئ العظام..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

توضيح :
عاطف الردة هوالشيخ عاطف بن مبارك بن سعيّد شيخ آل سعيّد رحمه الله والشويوي هو ولده. وشرثان و الحبابي هم اخوانه، واما ابن العمياء فهو عمهم (فهد بن محمد بن سعيّد)، وكذلك خضير بن سعيّد ،واما حنيان بن طامي فهو ولد عمهم .وجمعان بن حزام ولد عمهم غفر الله للجميع ورحمهم رحمة واسعة.