أصدر الشيخ محمد بن دليم آل دليم بياناً يستحث فيه الشباب الذين يزعمون الانتماء للجهاد, وتحديداً لأسامة بن لادن, على الرجوع عن التطرف والانحراف.
ويأتي ذلك البيان إثر القوائم المتتالية للمطلوبين, والحوادث المتلاحقة التي يتبناها هؤلاء الشباب, مستنداً إلى قراءة أحداث ووقائع تاريخ أمتنا في الماضي والحاضر, ليستعرض عدداً من الحقائق التي لا ينكرها إلا فاجر متنطع - على حد قول ابن دليم, وفيما يلي نص البيان.
بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)
أما بعد
فمن خلال القوائم المتتالية للمطلوبين, والحوادث المتلاحقة التي يتبناها الشباب الذين يزعمون الانتماء للجهاد وتحديداً لأسامة بن لادن فإنه لا يجد الإنسان المنصف مفراً من وضع بعض النقاط على الحروف وليست كل النقاط, لعله أن يكون مع الصادقين ويعيد المنحرفين إلى جادة الصواب.
ومن هنا فإنني قرأت أحداث ووقائع تاريخ أمتنا في الماضي, والحاضر, وخرجت بالآتي الذي لا ينكره إلا فاجر متنطع.
أولاً: إن الذين نزل عليهم الوحي وتربوا على يد الرسول صلى الله عليه وسلم ثم اختلفوا حتى تقاتلوا أنهم في نهاية المطاف خرجوا نادمين على ما حدث منهم وما جرى في أوساطهم وتبين لهم أخيراً أن الصواب كان غير ما فعلوا مع بعضهم البعض كما هو الحال مع الخليفة الراشد (عليّ) ومع الذين اختلف معهم (رضي الله عنهم أجمعين). لكنها حقيقة سجلها التاريخ, قرأها المعتدلون المتوسطون الواعون لا أصحاب الأهواء ومن مازالت أشخاصهم تملأ قلوبهم.. قرأها المعتدلون المتجردون فأخذوا منها العبرة, والعظة, وفضلوا صف الجماعة لا صف العصابات المتناحرة هنا وهناك باسم الجهاد والمجاهدين! فلم يشقوا عصا طاعة تحفظ لنا أمننا وتقصي مجتمعنا عن مهاوي الهلاك والعبث والتفرق.
الثاني: عبر تاريخ الأمة أن الذين حملوا رايات الإصلاح الحقيقي الذي يبتغي وجه الله لا وجه الدنيا وعبيدها لم يكن أبداً في منهجهم تكفير المسلمين, ولا الخروج على ولاتهم مهما كانت المبررات والادعاءات والتشدقات, ومن هنا فإن الصفة الواضحة لدي والتي تميز صف المصلحين الصادقين من أصحاب الادعاءات الباطلة تكمن بلا جدال في الوقوف بصفة كاملة وشاملة مع ولاة الأمر والحفاظ على صفهم ولزوم جماعتهم التي أجمع على وجوب طاعتهم من خلالها علماء المسلمين في كل مكان.
الثالث: إن الذين تبنوا أفكار التكفير, ومارسوا أفعال الخروج, ورفعوا راياته على الولاة. لم يكونوا أبداً سوى خنجر مسموم غرسها اليهود والنصارى في خاصرة الأمة طوال تاريخها وحققوا ما عجزوا عنه عقوداً طويلة ضد هذه الأمة, وهذه العصابات العابثة اليوم في بلادنا خاصة هم السيف الذي سلطه اليهود والنصارى على رقابنا وهم الحجة التي يتذرع بها أعداؤنا للنيل من وحدتنا, وتفريق صفنا والإخلال بالأمن في أوساط مجتمعنا في الوقت الذي يزعمون فيه عداوتهم لليهود والنصارى زوراً وبهتاناً فوالله ما هي إلا الأهواء وتزيين الشيطان لهم سوء أعمالهم لا أقل ولا أكثر.
الرابع: أن الذين كانوا في أفغانستان وقاتلوا صفاً واحداً, وجاهدوا صفاً واحداً, وحملوا رايات الجهاد صفاً واحداً. تناحروا أخيراً فيما بينهم وقتل بعضهم بعضاً. واستحل بعضهم دماء بعض, وأعراض وأموال البعض الآخر كما هو حال مدرسة أفغانستان الجهادية للتناحر والتقاتل وهتك أعراض بعضهم البعض, حتى أصبح المجاهد المؤمن بالأمس العميل المنافق اليوم وهكذا!! فهم لم يصلحوا مع أنفسهم أصلاً فكيف يدعون إلى إصلاح الأمة والإصلاح منهم براء.
كنت في زنزانة في مدينة ما وكنت في مرحلة التحقيق.. فعلم بوجودي إلى جواره أحد الشباب الذين كانوا في أفغانستان وهو يعرفني, وأنا لا أعرفه وكانت الأحاديث بيننا بين الحين والآخر. وفي مرة أخذ يروي حكاية رؤيا لأحد الشباب كما زعم قال: إنه عندما كانوا يقاتلون مع طالبان رأى في المنام أن الطائرات كانت ترمي بالصواريخ والقنابل عليهم فتأتي ريح فتحول مسار هذه الصواريخ والقنابل إلى مواقع الأعداء المنافقين؟؟ فقلت سبحان الله (وما يعلم جنود ربك إلا هو) ولكن من هم الأعداء يا أخي قال: أما تعرفهم ياشيخ قلت بلى: اليهود والنصارى!! قال لا: بل هم الذين في شمال أفغانستان!! قلت: حكمتيار, وسياف, ورباني, وإخوانهم, وبقية المجاهدين بالأمس قال: نعم!! فصرخت في وجهه والله دون شعور ويحك المجاهدون بالأمس منافقون اليوم!! حتى وإن تقاتلتم معهم فكيف تخرجونهم من دين الله بهذه الصورة؟! كيف تجرأتم على وصفهم بهذه الأوصاف.. كيف فهمتهم الخلاف مع إخوانكم إلى هذا الحد من السوء, والدمار, للفكر, والعقل وفهم النصوص؟؟ ويحكم يا فلان لماذا قال الله (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما, فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله) فلم يُخرجهم ربهم من دين الله حتى وإن قتل بعضهم بعضاً؟ ومن هنا فهم "علي" رضي الله عنه وأرضاه, موقف الخوارج الذين خرجوا عليه عندما قال بعض الناس هؤلاء كفار يا إمام قال: "لا لا, ولكن إخواننا بغوا علينا", فلم يكفرهم, ولم يصفهم بالمنافقين كما تفعلون أنتم اليوم بمن يخالفكم.. وللعلم "فإن لي موقفاً يذكر سجل في دفاتر التحقيق آنذاك مع هذا الأخ وأمثاله, مما يصدق حربنا لهذه الانحرافات الفكرية منذ سنوات مضت وليست مواقف طارئة". وإني أؤكد لشباب الصحوة ودعاتها الواعين واللازمين لجماعة المسلمين.. أؤكد لهم حقيقة جلية في منهج هؤلاء توجب الحذر منهم والبعد عن تخرصاتهم.. وهذه الحقيقة تقول لكم إذا كان هذا موقفهم مع من قاتل معهم فلم يرقبوا فيهم إلاً ولا ذمة, فما عساهم يفعلون بغيرهم؟ وكيف تطمئن النفوس لأصحاب هذه المواقف المخجلة مع بعضهم البعض قبل الآخرين والله المستعان؟.
الخامس: فتحت كابل واختلف أصحاب الأمس بعد سنوات عجاف من التضحيات, والدماء, والأشلاء, والجماجم, ولم تشفع خبرة, وتجربة, وأحكام هذه السنوات. وتضحيات الأمة الإسلامية لم تشفع للأمة عندهم ليتقوا الله فيها ويثمنوا تضحياتهم الجسام معهم, ولم يشعروا بما يدور حولهم في واقع أمتهم, وفي واقع العالم من حولهم. لم يحسبوا لذلك حساباً ولم تؤثر فيهم وساطات علماء الإسلام, ولا لقاءاتهم تحت أستار الكعبة برعاية "الدولة السعودية" التي يكفرونها اليوم, وقد كانت عندهم مسلمة بالأمس؟!, لم يستفيدوا من كل ذلك فيصلحوا ذات بينهم ويسددوا ويقاربوا, وطغى حب الذات ومصلحة الذات, وأهواء الذات حتى قتلت آمال هذه الأمة في أولئك الأصحاب, وباتت الأمة اليوم تئن تحت وطأة أخطائهم, وتجاوزاتهم, وتخرصاتهم, وغلوهم, وتنطعهم, وتجاهلهم, وجهلهم, ولذلك هاهم الشباب ضحايا مدارس الغلو والتكفير والتفجير يقبعون في الزنازين, والعنابر, يكفرون في الليل, ويؤسلمون في النهار, وهاهم قتلى في الشوارع, والشقق, والبيوت بلا حاجة تستوجب ذلك, ولا دليل من عقل أو نقل يؤيد ما يفعلونه بأنفسهم, وبأمتهم, ومجتمعاتهم.
خامساً: هاهي التقلبات, والتراجعات والاعترافات المخجلة ممثلة في كتب, ومقالات, ومقابلات, وإدانات عبر كل وسائل الإعلام المقروءة, والمسموعة, والمرئية, كلهم يؤكدون من خلالها أنهم مخطئون ومتجاوزون, وأنهم كانوا إلى الباطل أقرب منهم إلى الحق, وإلى الغلو أقرب منهم إلى التوسط, وإلى تقديس الأشخاص إلى حد الانحراف والهلكة!.
سادساً: قبل دخول الأمريكان إلى أفغانستان كتبت بحثاً ونشرته رفضاً لتدخل أمريكا هناك, وكنت في مجلس ما في مدينة الرياض وكان هذا المجلس يعج بدكاترة, وأساتذة, وعلماء, وكان الحديث عن عزم أمريكا دخول أفغانستان, فقال بعض شباب مدرسة أفغانستان سالفة الذكر. قالوا وهم يقاطعون بعض المتحدثين في المجلس "لا تنسوا أن طالبان قبوريون, وأصحاب بدع وخرافات"؟ وأخذوا يعددون مثالبهم.. فقاطعتهم قائلاً: لماذا إذاً قاتلتم معهم, ولماذا انتميتم إليهم, وجمعتم لهم التبرعات وما إلى ذلك؟
فقالوا: لأنهم "قبلوا أسامة" ووقفوا معه؟!!
فقط فقط لأنهم قبلوا أسامة؟
لأنهم تعاونوا مع من أحبه هؤلاء الشباب؟ دون تدبر وتمعن في أقواله وأحكامه التي يطلقها على واقع غاب عنه سنوات طويلة ولعمري كيف تؤخذ توجيهات وتنفذ أوامر شخص لا يعرف عن واقع الناس ولا تغير أحوالهم اللهم إلا إذا كانوا يدعون علم الغيب لأسامة بن لادن, هذا شيء آخر. إذاً معيار الولاء والبراء لديهم "حب أسامة بن لادن" وهو معيار النصرة أيضاً, ومن هنا فالقضية ليست لديهم قضية الإسلام, ونصرة الإسلام, والصدور والعودة منه وإليه بصورة محضة للأسف. إنما هو التقديس المخجل لأسامة بن لادن فقط. أقولها بكل صراحة ووضوح حب أسامة بن لادن وتقديسه, وتصنيمه هو معيار هؤلاء الشباب المفتونين, وهو مصدر الحب والبغض في نفوسهم, وموافقة أسامة المقدسة سبب رضاهم عن الآخر, وهكذا وبالتالي فعداوتهم لهذه الدولة بسبب حبهم لأعمال أسامة الذي أصبح من مقتضياته معاداة الآخر, وإلا فهم يعلمون أن الدولة أصدق معهم من غيرها, وأنهم لم يعرفوا الجهاد أصلاً, لولا موقف دعم هذه الدولة للجهاد الشرعي في كل مكان, وقد كانوا يستظلون بظلها يوم كان غيرها يتبرأ من الجهاد والمجاهدين.
كنت في "عنبر" في أحد السجون, وكان الشباب المقدسين لأسامة بن لادن يصنعون "كيكة" كبيرة ويكتبون عليها اسمه, فمن أكل منها فهو مرضي عنه ومن رفض أن يأكل منها فهو عميل للدولة, وولي للكفار, والمنافقين.. هكذا رأيت بعضهم وسمعتهم والله المستعان.
وعلى كل حال فإن الأحداث المتلاحقة، وانتكاس المفاهيم لأتباع هذه الانحرافات والمنحرفين في واقعنا اليوم وانعكاس ذلك على مجتمعاتنا، ووصول أتباعه العُمي في تبعيتهم، الغالين في (أسامة بن لادن) إلى حد لا يطيقه عاقل، ولا يقبله مسلم منصف، يجعلنا نقف موقف الرافضين لتجاوز مفهوم جهادهم وأفكارهم الشاذة محاربين لها بكل ما نملك متعاونين مع الدولة والمجتمع ضد عصابات التحريض والافتراء والتكفير والتفجير.
سابعاً: العداوة التي يتبنونها تحت شعار (إن لم تكن معي فأنت ضدي) وبالتالي يلعّن كل من خالفهم، ويقنت عليه، ويستهزأ به، وتستباح كرامته، وتطلق عليه كل الأوصاف التي لا تليق حتى بالآدمي وينسحب ذلك على ولاة الأمر والعلماء، والدعاة، كل ذلك يجعلنا نقف من هذه التجاوزات وهذا الانحراف موقف الرفض القاطع علنا بل موقف العداء الذي لا يقف عند حد حتى ينتهي هؤلاء من غيهم، وانحرافاتهم وعداواتهم التي لم يسلم منها أحد ويعودوا إلى الصواب والرشد والعقل.
ثامناً: أشهد على هؤلاء الشباب المكفرين والمفجرين أنهم يستلمون رواتب ومكافآت من الدولة داخل السجون فيؤسلمون الدولة آخر الشهر ويُكفّرونها أوله بصورة مخجلة مضحكة لم يعرفها التاريخ من قبل وقد كنت في السجن سابقاً وراسلت عددا من المشايخ بمثل هذه الانحرافات والتناقضات طمعا في أخذهم إياها في الحسبان عند نصح ونقاش هؤلاء المفتونين.
تاسعاً: استخدامهم لمبدأ (التقية) تحت مسمى (الأمنيات) وقاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) فيستبيحون الخداع، واستخدام الآخر لتحقيق أهدافهم الخاصة وكم لدي من الشواهد على ذلك ربما نضطر لذكرها وبيانها إن لم ينته هذا الغي الفاضح في أوساطهم.
وإني بناءً على هذا كله ومما تقدم من الأقوال، والأحداث والوقائع التي أشرت إليها سلفاً وبموجب ما أخذ الله علينا من قول الحق أو بيانه للناس أقرر الآتي:
أولاً: إني أرفض رفضاً قاطعاً الخروج على هذه الدولة مهما كانت المبررات المزعومة، وهو الموقف الذي جمعت الشباب من أجله وأعلنته لهم سابقاً داخل السجن وخارجه مراراً وتكراراً.
ثانياً: الدولة مسلمة وقادتها مسلمون وأن من يزعم غير هذا فقد خالف صريح الإسلام قلباً وقالباً وكذب الواقع الذي تعيشه هذه البلاد خاصة في ظل الإسلام.
ثالثاً: أدين الله أن الأمراء عبدالله، ونايف، وسلمان، وإخوانهم قادة هذه البلاد أقرب إلى الحق، وإلى نصرة الإسلام من شلة المتنطعين والمتلونين الذين يزعمون نصرة الدين وهذه أفعالهم وأفكارهم وجرائمهم، وليس هذا محاباة لهم بل هي الحقيقة التي لا ينكرها إلا مكابر.
رابعاً: نعم لا مقارنة بين قادة هذه البلاد وبين بقية المسؤولين في البلاد العربية وهذا الرأي الذي أعلنته في قناة الجزيرة سابقاً بلا تحفظ وأطالب بتقييمهم من كل منصف عاقل على أساسه وأخذه في الاعتبار.
خامساً: نرفض رفضاً قاطعاً أن تمس أعراض هؤلاء المسؤولين أو يتحدث عنهم وعن أعراضهم بسوء مهما حدث فلا يمكن أن يلجأ إلى هذا المس والطعن في الأعراض إلا مفلس حاقد كذاب لا ينتمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً (فما هو بالطعان، ولا البذيء، ولا الفاحش) "صلى الله عليه وسلم" ولا يجوز بأي حال طلب عورات المسلمين عامة وولاة أمرنا خاصة (فإن من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في أهل بيته) كما قال "صلى الله عليه وسلم". بل وأعراضنا لأعراضهم وقاء ولا مجاملة في هذا بل هو الحق الذي لا يخرج عنه مسلم صادق مهما كان خلافنا معهم إن وجد والله على ما نقول شهيد.
سادساً: هذه التفجيرات وأعمال التخريب القائمة الآن سواء في بلادنا أو في مصر أو في الجزائر أو في أي بلد إسلامي وهذه التفجيرات في (لندن) التي تمت بالأمس اتضح يقيناً لا يساوره الشك أن مبعثها، ودافعها هو الولاء الأعمى، والحب الغالي المنحرف والتقديس المرفوض لأسامة بن لادن، وأن نصرة الإسلام منها براء وأنها أضر على الإسلام والمسلمين إلى حد بان به انحراف متزعميها مهما كانوا، وأنهم أصبحوا مصدر شقاء وفساد أمتهم التي يزعمون إصلاحها وأصحاب مثل هذه الأعمال المخجلة، ها هم منذ عشرين عاماً في مصر والجزائر نكصوا على أعقابهم خاسرين ومعترفين بجرمهم ولكن بعد ماذا؟ بعد أن جرعوا أمتهم ومجتمعاتهم ويلات العذاب ومكنوا أعداء أمتهم من التحكم بها والتدخل في شؤونها وهم السبب في كل ذلك فحسبنا الله عليهم ونعم الوكيل.
سابعاً: نعم كنا نقول للشباب إنه إذا صدر عفو من ولاة الأمر فإن عليهم تسليم أنفسهم نظرا لأن هناك تعهداً من الدولة تجاههم وما إلى ذلك.. أما الآن وبعد أن تجاوز هؤلاء المفتونون كل حد واتضح قتلهم لأنفسهم قبل غيرهم فإني أطالبهم بكل وضوح بتسليم أنفسهم دون قيد أو شرط وإني أقرر بكل صراحة تامة أنه لا يجوز لأي مواطن كان أن ينتظر مكافأة بالملايين أو غيرها لكي يقوم بتسليم أي منهم أو الإبلاغ عنه. بل يجب علينا جميعا أن نتعاون لحجزهم عن ظلم أنفسهم وظلم مجتمعاتهم والإبلاغ عنهم لولاة الأمر لأنهم لم يستفيدوا أبدا من كل نداءات الوعي، والمصلحة والعفو التي أطلقها المسؤولون والدعاة والعلماء وأنهم للأسف ركبوا أهواءهم فكان من الواجب والمصلحة أن نقف منهم هذا الموقف الشرعي الصحيح.
ثامناً: أما وقد أصبحت المسألة مسألة حقد وعداء وبغض ضد هذه الدولة وليست القضية قضية إسلام ودين وإصلاح كما يزعمون فإن الحق يقال إننا خالفنا المسؤولين طوال عشرين عاما وقد تجرأنا بكل صراحة عليهم من أجلكم أيها الشباب طمعاً في هدايتكم وعودتكم إلى الحق في الوقت الذي نجاملكم فيه ومما نشهد به أمام الله ثم أمام مجتمعنا أننا ونحن نختلف مع إخواننا المسؤولين في هذه الدولة أنهم لم يستبيحوا لنا عرضاً، ولا كرامة كما تفعلون أيها المفتونون بمجرد المخالفة معكم بل يصل بكم الحد إلى استباحة دمائنا ودماء المخالفين لكم، والله المستعان.
صبرنا كثيراً، ودارينا كثيراً، وجاملنا كثيراً، وقد بلغ السيل الزبى وجلبتم على الأمة مصائب الأولين والآخرين فقد أعذر من أنذر، والله المستعان.
وبعد... فهذا نداء الواجب والعقل والنصح، ولا خير فينا إن لم نقلها لكم لا نرجو بها إلا وجه الله ولا خير فيكم إن لم تسمعوها معترفين بما أنتم فيه من التيه والتخبط والانحراف والأهواء، ثم لا خير فينا إن لم ننصف من ولاه الله أمرنا مؤيدين بلا تحفظ كل خطوة يتخذها ولاة الأمر تحقيقا للمصلحة ودرءاً للمفاسد المترتبة على مثل هذه الأعمال والتجاوزات والله ولي التوفيق والسلام.