رد: تجارة الرقيق في اوائل القرن التاسع عشر في الحجاز
وتُظهر وثائق الخارجية البريطانيّة، ان بولارد انتظر عاماً كاملاً قبل ان يتبنى النبرة الضارية ضد اقتناء الحجازيين للعبيد.. يعود ذلك لموقف الشريف حسين المتعنّت ازاء توقيع الاتفاقية البريطانية-الحجازية الذي كان يتطور بشكل طردي.
كان الشريف حسين، يشعر بابتزاز البريطانيين له في تسييسهم لموضوع الرقيق على اراضيه. واضطر الحسين الى مواجهة ما لمس بأنه استغلال سياسي لموضوع الرقيق من قبل البريطانيين، بتسييس مُضاد.
وفي حادثة شهيرة، أمر فوراً باعتاق عبد سوداني فقط حينما كان بائعه المتورط سوداني آخر يحمل الرعويّة البريطانية، يريد بذلك خلق انطباع للبريطانيين بأن ممن يمارس تجارة العبيد أيضا ممن ينضوون تحت رعويتهم، وان ذلك لا يقف على رعايا الحجاز. [42]
ولربما نجح الشريف في خلق ذلك الانطباع، حد ان القنصل بولارد في رسالة منه الى رمزي ماكدونالد، وزير الخارجية البريطاني(ورئيس الوزراء البريطاني فيما بعد) في الحادي عشر من يونيو 1924، أقرّ بأن الرعايا البريطانيون من هنود مكة يمارسون بيع وشراء العبيد في مكة وجدة مثل الرعايا الحجازيين تماماً، وهو يستأذن منه استدعائهم جميعا من مكة فرداً فرداً للتبيّن ما ان كان من يعمل في دورهم عبيد ارقاء حقاً ام مجرد عمال أحرار يعملون بالأجرة.
بولارد اقترح بدوره ان تمنح التابعيات الحجازية، للمطالبين بها من المهاجرين الهنود القدامى في مكة، دون ندم او تردد، كونهم قد استعرقوا في الحجاز بما يكفي، وانصهروا في تركيبة المجتمع الحجازي حتى انهم باتوا يمارسون أغاليظهم الاجتماعية ذاتها، بحسب تعبيره. [43]
وبدأ الحسين، مع معاندة البريطانيين له في مطالبه بتسويات عادلة في كل من سورية وفلسطين، بالتعنت ازاء قبول القنصليات الأجنبية لأي لاجئين من العبيد.
وفي احد المراسلات بين حكومتيّ الحجاز والخارجية البريطانية كانت تعترض الأخيرة على الرسوم الجمركية المفروضة على العبيد في ميناء جدة، فجاء الرد في جهة أخرى تماماً حول ضرورة تقديم تسوية عادلة في سورية ضد الانتداب الفرنسي. [44]
وخفت نشاط لجوء العبيد الفاريّن من ملاّكهم الى القنصليات الأجنبية، لتعنت السلطات الحجازية ازاء ذلك.