ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


مجلس الإسلام والحياة يهتم هذا القسم بجميع مايتعلق بديننا الحنيف

إضافة رد
قديم 12-04-2011, 06:17 PM
  #1
أبو عبد الرحمن
عضو جديد
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 7
أبو عبد الرحمن is on a distinguished road
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

أتقدم بالشكر الجزيل إلى الله أولاً ثم إلى الأخوة القائمين على مجالس قحطان عامة والأخوة القائمين على مجلس الإسلام والحياة خاصةفلهم مني الشكر والتقدير حيث أنني استفدت من هذا المجلس الكثير لأنني خطيب جمعة وأفادوني الأخوة بهذه الخطب القيمة وأتمنى منهم
1/ المزيد من الخطب
2/ أن يجعلوا سلسة من الخطب لكل شهر أو شهرين في موضوع وأحد متتابع ليستفيد منه الخطيب والسامع شكر الله لكم وجعل ذلك في موازين أعمالكم يوم تلقونه إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير
أخوكم أبو عبدالرحمن
hgodvd31@hotmail.com
أبو عبد الرحمن غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 18-04-2011, 08:08 AM
  #2
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

السلام عيكم ورحمة الله وبركاته

احييك يالغالي وقرأت ردك في وأسعدني كثيرا استفادتك منه وآمل ان تدل غيرك عليه

بالنسبة لوجود سلسلة عن موضوع معين
فيوجد اخي سلسلة اشراط الساعة الصغرى
http://www.qahtaan.com/vb/showthread.php?t=49935&page=2

وهنا سلسلة اشراط الساعة الكبرى
http://www.qahtaan.com/vb/showthread.php?t=49935&page=4

وهنا سلسلة رحلة الى الدار الآخرة وكل ماسبق من اصول العقيدة وهو الايمان بالغيب
http://www.qahtaan.com/vb/showthread.php?t=49935&page=5
وجدت لها اثر عجيب ولله الحمد
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 18-04-2011, 04:16 PM
  #3
أبو عبد الرحمن
عضو جديد
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 7
أبو عبد الرحمن is on a distinguished road
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

لا فض فوك أخي الفاضل المناضل السليماني وأســـأل المولى جلا وعلا أن يبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه كما اسأله أن يجعل هذا العمل في موازين أعمالك والقائمين على هذا الموقع المميز وأن يجعل منبركم منبر خير
تقبلوا تحياتي وتقديري
أبو عبد الرحمن غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-05-2011, 04:59 AM
  #4
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير

الخطبة الأولى

الحمد لله ...................................

وبعد: أيها المسلمون، فاتقوا الله تعالى، فإنها وصيته سبحانه للأمم كلها: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء: 131].

ثم إنه مما يزيد الإنسان فخرًا أن يبقى في ضيافة أحد الكرماء الشرفاء النبلاء، وأن يرافق أحد الشجعان الأقوياء العظماء، وأن يستمع إلى سيرة أحد الصحابة الفضلاء الأصفياء. نحن وإياكم في هذا اليوم المبارك على مائدة من موائد السِّيَر، وعلى ضفاف بحر من بحور التربية الجادة، وفي بيت من بيوت الإيمان بالله تعالى. نتحدث عن حياة رجل وسيرة بطل وصفات فذّ من الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، رجل كانت ولادته للمسلمين فتحًا، وكانت حياته إيمانًا وتقوى، وكانت وفاته للناس عبرة ودرسًا.

أبوه هو الزبير حواريّ رسول الله وصفيه، وأمّه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ذات النطاقين، هل عرفتموه؟ إنه عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشي.

كان مولده فتحًا للمسلمين؛ لأن المسلمين مكثوا في المدينة سنة لا يولد لهم، فقال اليهود: سحرناهم فلا يولد لهم ولد، فولد عبد الله بن الزبير، فكان يُعدّ أول مولود للمسلمين في المدينة بعد الهجرة، وفرح المسلمون بولادته فرحًا كبيرا، فأتت به أمّه الرسول، فوضعه في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم وضعها في فمه، فكان أول شيء دخل بطنه ريق النبيّ، ثم دعا له بالبركة، وسماه عبد الله على اسم جدّه أبي بكر، وكناه بكنيته.

وظهرت عليه علامات الشجاعة منذ طفولته، فذات يوم تحدث بعض الصحابة مع النبي في أمر أبناء المهاجرين والأنصار الذين ولدوا في الإسلام حتى أمثال عبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر وعمر بن أبي سلمة، وقالوا له: لو بايعتهم فتصيبهم بركتك ويكون لهم ذكر؟ وجاؤوا بهم إلى النبي فخافوا ووجلوا من النبي، إلا عبد الله بن الزبير الذي اقتحم أولهم، فرآه النبيّ فتبسَّم، وقال: ((إنه ابن أبيه))، وبايعه النبي وهو ابن سبع سنين. رواه مسلم.

ومرّ به عمر بن الخطاب وهو يلعب ففرّ الصبيان ووقف هو، فقال له عمر‏:‏ ما لك لم تفر معهم؟ فقال‏:‏ لم أجرم فأخافك، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسّع لك‏.‏

وقد روي من غير وجه أن عبد الله بن الزبير شرب من دم النبيّ ، كان النبيّ قد احتجم في طست فأعطاه عبد الله بن الزبير ليريقه فشربه، فقال له: ((لا تمسك النار إلا تحلة القسم، وويل لك من الناس، وويل للناس منك))، وفي رواية أنه قال له: ((يا عبد الله، اذهب بهذا الدم فأهريقه حيث لا يراك أحد))، فلما بعد عمد إلى ذلك الدم فشربه، فلما رجع قال: ((ما صنعت بالدم؟)) قال: إني شربته لأزداد به علما وإيمانا وليكون شيء من جسد رسول الله في جسدي وجسدي أولى به من الأرض، فقال: ((أبشر، لا تمسك النار أبدا، وويل لك من الناس، وويل للناس منك)).

وذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء أن مجاهدًا قال: كان ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة كأنه عود، وقال ثابت البناني: كنت أمر بابن الزبير وهو خلف المقام يصلي كأنه خشبة منصوبة لا تتحرك، وقسم ابن الزبير الدهر على ثلاث ليال، فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح. انتهى كلام الذهبي.

وعن مسلم ابن يَنَّاق قال: ركع ابن الزبير يوما ركعة فقرأنا بالبقرة وآل عمران والنساء والمائدة وما رفع رأسه. وقال مجاهد‏:‏ لم يكن باب من أبواب العبادة يعجز عنه الناس إلا تكلفه ابن الزبير، ولقد جاء سيل طبق البيت فجعل ابن الزير يطوف سباحةً‏.‏

أيها المسلمون، ولقد كان عبد الله بن الزبير وهو لم يجاوز السابعة والعشرين بطلا من أبطال الفتوح الإسلامية، وشارك في فتح إفريقية والأندلس والقسطنطينية. وفي فتح إفريقية وقف المسلمون في عشرين ألف جنديّ أمام عدوّ قوامه مائة وعشرون ألفا، وألقى عبد الله نظرة على قوات العدو فعرف مصدر قوته التي تكمن في ملك البربر وقائد الجيش الذي يصيح بجنده ويحرضهم على الموت بطريقة عجيبة، فأدرك عبد الله أنه لا بد من سقوط هذا القائد العنيد، ولكن كيف؟ نادى عبد الله بعض إخوانه وقال لهم: احموا ظهري واهجموا معي، وشقّ الصفوف المتلاحمة كالسهم نحو القائد حتى إذا بلغه هوى عليه في كرَّة واحدة فهوى، ثم استدار بمن معه إلى الجنود الذين كانوا يحيطون بملكهم فصرعوهم ثم صاحوا: الله أكبر! وعندما رأى المسلمون رايتهم ترتفع حيث كان قائد البربر يقف أدركوا أنه النصر، فشدّوا شدَّة رجل واحد، وانتهى الأمر بنصر المسلمين. كما اشترك في الجيوش الإسلامية التي فتحت إصطخر من بلاد فارس.

ولما حوصر الخليفة عثمان بن عفان في بيته سنة 35هـ=655م كان عبد الله بن الزبير في مقدمة المدافعين عنه.

ومن المواقف المؤثرة في حياته ما ورد أن عائشة رضي الله عنها بلغها أن عبد الله بن الزبير كان في دار لها باعتها، فسخط عبد الله بيع تلك الدار فقال: أما والله لتنتهينّ خالتي عائشة عن بيع رباعها ودورها أو لأحجرن عليها، قالت عائشة: أوَقال ذلك؟! قالوا: قد كان ذلك، قالت: لله عليّ أن لا أكلّمه حتى يفرِّق بيني وبينه الموت، فطالت هجرتها إياه فأثر ذلك في حياة ابن الزبير، فاستشفع بكلّ أحد فأبت أن تكلّمه. فلما طال ذلك كلّم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود أن يشملاه بأرديتهما ثم يستأذنا على عائشة، فإذا أذنت أدخلاه عليها، ففعلا ذلك، فدخلا وهي لا تشعر، فدخل معهما ابن الزبير فكشف الستر فاعتنقها وبكى وبكت عائشة بكاء كثيرًا، وناشدها ابن الزبير الله والرحم، ونشدها مسور وعبد الرحمن بالله والرحم، وذكرا لها قول رسول الله : ((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث))، فلما أكثروا عليها كلّمته بعدما خشي أن لا تكلمه. ثم بعثت إلى اليمن بمال فابتيع لها أربعون رقبة فأعتقتها. قال عوف وهو أحد الرواة: ثم سمعتها بعد ذلك تذكر نذرها ذلك فتبكي حتى تبل خمارها.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية


الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد: مما يجدر ذكره هنا أن ابن الزبير حكم العراق والحجاز في عهد بني أمية تسع سنين، ولكن بني أمية أخذوا العراق منه بعد أن انتصروا على مصعب بن الزبير، فأعدّوا حملة عسكرية في عشرين ألف جندي، بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي، ووجهها عبد الملك بن مروان الأموي إلى الحجاز للقضاء على ابن الزبير المعتصم بمكة الذي لم يكن بمقدوره الصمود بعد أن فقد معظم دولته، ولم يبق له سوى الحجاز، ولم تكن بطبيعة الحال غنية بالمال والرجال، لكنه لم يسلّم الراية، ولم يستسلم مهما كلفه الأمر، فطبيعته وخلقه يأبيان ذلك.

توجه الحجاج إلى الحجاز، ونزل الطائف، وأخذ يرسل بعض جنوده لقتال ابن الزبير، فدارت بينهما عدة اشتباكات كانت نتيجتها في صالح الحجاج، ثم تقدّم إلى محاصرة عبد الله بن الزبير ونصب المنجنيق على جبل أبي قيس، فلما أهلّ ذو الحجة لم يستطع ابن الزبير أن يحجّ، وحجّ بالناس عبد الله بن عمر، وطلب من الحجاج أن يكفّ عن ضرب الكعبة بالمنجنيق؛ لأنّ الناس قد امتنعوا عن الطواف فامتثل الحجاج، وبعد الفراغ من طواف الفريضة عاود الحجاج الضرب، وتشدّد في حصار ابن الزبير حتى تحرّج موقفه، وانصرف عنه رجاله ومنهم ابناه حمزة وخبيب اللذان ذهبا إلى الحجاج وأخذا منه الأمان لنفسيهما.

فلما رأى عبد الله بن الزبير ذلك دخل على أمّه أسماء بنت أبي بكر حزينًا يشكو إليها ما هو فيه من هم وحزن، فشدّت من أزره، وأوصته بالصبر والثبات وعدم التراجع ما دام على الحقّ، فخرج من عندها وذهب إلى القتال، فاستشهد في المعركة في 17 من جمادى الأولى 73هـ، وبوفاته انتهت دولته التي استمرت نحو تسع سنين.

قال عمر بن عبد العزيز يومًا لابن أبي مُلَيْكة: صِفْ لنا عبد الله بن الزبير، فقال: والله، ما رأيت نفسًا رُكّبت بين جَنْبين مثل نفسه، ولقد كان يدخل في الصلاة فيخرج من كل شيء إليه، وكان يركع أو يسجد فتقف العصافير فوق ظهره وكاهله، لا تحسبه من طول ركوعه وسجوده إلا جدارًا أو ثوبًا مطروحا، ولقد مرَّت قذيفة منجنيق بين لحيته وصدره وهو يصلي، فوالله ما أحسَّ بها ولا اهتزّ له، ولا قطع من أجلها قراءته ولا تعجل ركوعه. وسئل عنه ابن عباس فقال على رغم ما بينهم من خلاف: (كان قارئًا لكتاب الله، مُتَّبِعًا سنة رسوله، قانتًا لله، صائمًا في الهواجر من مخافة الله، ابن حواريّ رسول الله، وأمّه أسماء بنت الصديق، وخالته عائشة زوجة رسول الله، فلا يجهل حقه إلا من أعماه الله).

كان عبد الله بن الزبير من العلماء المجتهدين، وما كان أحد أعلم بالمناسك منه، وقال عنه عثمان بن طلحة: كان عبد الله بن الزبير لا يُنازَعُ في ثلاثة: شجاعة، ولا عبادة، ولا بلاغة). وقد تكلّم عبد الله بن الزبير يومًا والزبير يسمع فقال له: أي بُنيّ، ما زلت تكلّم بكلام أبي بكر رضي الله عنه حتى ظننتُ أنّ أبا بكر قائمٌ، فانظُر إلى منْ تزوّج فإنّ المرأة من أخيها من أبيها. وأول من كسا الكعبة بالديباج هو عبد الله بن الزبير، وإن كان ليُطيِّبُها حتى يجد ريحها مَنْ دخل الحرم.

اللهم احشرنا في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك.

عباد الله، صلوا على نبيكم وهاديكم محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وخلفائه وأصحابه وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم وفق الشباب للخير والصلاح، وجنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، واجعلهم قرة عين لأمتهم يا رب العالمين...

__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-05-2011, 05:00 AM
  #5
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير

الخطبة الأولى

الحمد لله ...................................

وبعد: أيها المسلمون، فاتقوا الله تعالى، فإنها وصيته سبحانه للأمم كلها: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء: 131].

ثم إنه مما يزيد الإنسان فخرًا أن يبقى في ضيافة أحد الكرماء الشرفاء النبلاء، وأن يرافق أحد الشجعان الأقوياء العظماء، وأن يستمع إلى سيرة أحد الصحابة الفضلاء الأصفياء. نحن وإياكم في هذا اليوم المبارك على مائدة من موائد السِّيَر، وعلى ضفاف بحر من بحور التربية الجادة، وفي بيت من بيوت الإيمان بالله تعالى. نتحدث عن حياة رجل وسيرة بطل وصفات فذّ من الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، رجل كانت ولادته للمسلمين فتحًا، وكانت حياته إيمانًا وتقوى، وكانت وفاته للناس عبرة ودرسًا.

أبوه هو الزبير حواريّ رسول الله وصفيه، وأمّه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ذات النطاقين، هل عرفتموه؟ إنه عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشي.

كان مولده فتحًا للمسلمين؛ لأن المسلمين مكثوا في المدينة سنة لا يولد لهم، فقال اليهود: سحرناهم فلا يولد لهم ولد، فولد عبد الله بن الزبير، فكان يُعدّ أول مولود للمسلمين في المدينة بعد الهجرة، وفرح المسلمون بولادته فرحًا كبيرا، فأتت به أمّه الرسول، فوضعه في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم وضعها في فمه، فكان أول شيء دخل بطنه ريق النبيّ، ثم دعا له بالبركة، وسماه عبد الله على اسم جدّه أبي بكر، وكناه بكنيته.

وظهرت عليه علامات الشجاعة منذ طفولته، فذات يوم تحدث بعض الصحابة مع النبي في أمر أبناء المهاجرين والأنصار الذين ولدوا في الإسلام حتى أمثال عبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر وعمر بن أبي سلمة، وقالوا له: لو بايعتهم فتصيبهم بركتك ويكون لهم ذكر؟ وجاؤوا بهم إلى النبي فخافوا ووجلوا من النبي، إلا عبد الله بن الزبير الذي اقتحم أولهم، فرآه النبيّ فتبسَّم، وقال: ((إنه ابن أبيه))، وبايعه النبي وهو ابن سبع سنين. رواه مسلم.

ومرّ به عمر بن الخطاب وهو يلعب ففرّ الصبيان ووقف هو، فقال له عمر‏:‏ ما لك لم تفر معهم؟ فقال‏:‏ لم أجرم فأخافك، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسّع لك‏.‏

وقد روي من غير وجه أن عبد الله بن الزبير شرب من دم النبيّ ، كان النبيّ قد احتجم في طست فأعطاه عبد الله بن الزبير ليريقه فشربه، فقال له: ((لا تمسك النار إلا تحلة القسم، وويل لك من الناس، وويل للناس منك))، وفي رواية أنه قال له: ((يا عبد الله، اذهب بهذا الدم فأهريقه حيث لا يراك أحد))، فلما بعد عمد إلى ذلك الدم فشربه، فلما رجع قال: ((ما صنعت بالدم؟)) قال: إني شربته لأزداد به علما وإيمانا وليكون شيء من جسد رسول الله في جسدي وجسدي أولى به من الأرض، فقال: ((أبشر، لا تمسك النار أبدا، وويل لك من الناس، وويل للناس منك)).

وذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء أن مجاهدًا قال: كان ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة كأنه عود، وقال ثابت البناني: كنت أمر بابن الزبير وهو خلف المقام يصلي كأنه خشبة منصوبة لا تتحرك، وقسم ابن الزبير الدهر على ثلاث ليال، فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح. انتهى كلام الذهبي.

وعن مسلم ابن يَنَّاق قال: ركع ابن الزبير يوما ركعة فقرأنا بالبقرة وآل عمران والنساء والمائدة وما رفع رأسه. وقال مجاهد‏:‏ لم يكن باب من أبواب العبادة يعجز عنه الناس إلا تكلفه ابن الزبير، ولقد جاء سيل طبق البيت فجعل ابن الزير يطوف سباحةً‏.‏

أيها المسلمون، ولقد كان عبد الله بن الزبير وهو لم يجاوز السابعة والعشرين بطلا من أبطال الفتوح الإسلامية، وشارك في فتح إفريقية والأندلس والقسطنطينية. وفي فتح إفريقية وقف المسلمون في عشرين ألف جنديّ أمام عدوّ قوامه مائة وعشرون ألفا، وألقى عبد الله نظرة على قوات العدو فعرف مصدر قوته التي تكمن في ملك البربر وقائد الجيش الذي يصيح بجنده ويحرضهم على الموت بطريقة عجيبة، فأدرك عبد الله أنه لا بد من سقوط هذا القائد العنيد، ولكن كيف؟ نادى عبد الله بعض إخوانه وقال لهم: احموا ظهري واهجموا معي، وشقّ الصفوف المتلاحمة كالسهم نحو القائد حتى إذا بلغه هوى عليه في كرَّة واحدة فهوى، ثم استدار بمن معه إلى الجنود الذين كانوا يحيطون بملكهم فصرعوهم ثم صاحوا: الله أكبر! وعندما رأى المسلمون رايتهم ترتفع حيث كان قائد البربر يقف أدركوا أنه النصر، فشدّوا شدَّة رجل واحد، وانتهى الأمر بنصر المسلمين. كما اشترك في الجيوش الإسلامية التي فتحت إصطخر من بلاد فارس.

ولما حوصر الخليفة عثمان بن عفان في بيته سنة 35هـ=655م كان عبد الله بن الزبير في مقدمة المدافعين عنه.

ومن المواقف المؤثرة في حياته ما ورد أن عائشة رضي الله عنها بلغها أن عبد الله بن الزبير كان في دار لها باعتها، فسخط عبد الله بيع تلك الدار فقال: أما والله لتنتهينّ خالتي عائشة عن بيع رباعها ودورها أو لأحجرن عليها، قالت عائشة: أوَقال ذلك؟! قالوا: قد كان ذلك، قالت: لله عليّ أن لا أكلّمه حتى يفرِّق بيني وبينه الموت، فطالت هجرتها إياه فأثر ذلك في حياة ابن الزبير، فاستشفع بكلّ أحد فأبت أن تكلّمه. فلما طال ذلك كلّم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود أن يشملاه بأرديتهما ثم يستأذنا على عائشة، فإذا أذنت أدخلاه عليها، ففعلا ذلك، فدخلا وهي لا تشعر، فدخل معهما ابن الزبير فكشف الستر فاعتنقها وبكى وبكت عائشة بكاء كثيرًا، وناشدها ابن الزبير الله والرحم، ونشدها مسور وعبد الرحمن بالله والرحم، وذكرا لها قول رسول الله : ((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث))، فلما أكثروا عليها كلّمته بعدما خشي أن لا تكلمه. ثم بعثت إلى اليمن بمال فابتيع لها أربعون رقبة فأعتقتها. قال عوف وهو أحد الرواة: ثم سمعتها بعد ذلك تذكر نذرها ذلك فتبكي حتى تبل خمارها.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية


الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد: مما يجدر ذكره هنا أن ابن الزبير حكم العراق والحجاز في عهد بني أمية تسع سنين، ولكن بني أمية أخذوا العراق منه بعد أن انتصروا على مصعب بن الزبير، فأعدّوا حملة عسكرية في عشرين ألف جندي، بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي، ووجهها عبد الملك بن مروان الأموي إلى الحجاز للقضاء على ابن الزبير المعتصم بمكة الذي لم يكن بمقدوره الصمود بعد أن فقد معظم دولته، ولم يبق له سوى الحجاز، ولم تكن بطبيعة الحال غنية بالمال والرجال، لكنه لم يسلّم الراية، ولم يستسلم مهما كلفه الأمر، فطبيعته وخلقه يأبيان ذلك.

توجه الحجاج إلى الحجاز، ونزل الطائف، وأخذ يرسل بعض جنوده لقتال ابن الزبير، فدارت بينهما عدة اشتباكات كانت نتيجتها في صالح الحجاج، ثم تقدّم إلى محاصرة عبد الله بن الزبير ونصب المنجنيق على جبل أبي قيس، فلما أهلّ ذو الحجة لم يستطع ابن الزبير أن يحجّ، وحجّ بالناس عبد الله بن عمر، وطلب من الحجاج أن يكفّ عن ضرب الكعبة بالمنجنيق؛ لأنّ الناس قد امتنعوا عن الطواف فامتثل الحجاج، وبعد الفراغ من طواف الفريضة عاود الحجاج الضرب، وتشدّد في حصار ابن الزبير حتى تحرّج موقفه، وانصرف عنه رجاله ومنهم ابناه حمزة وخبيب اللذان ذهبا إلى الحجاج وأخذا منه الأمان لنفسيهما.

فلما رأى عبد الله بن الزبير ذلك دخل على أمّه أسماء بنت أبي بكر حزينًا يشكو إليها ما هو فيه من هم وحزن، فشدّت من أزره، وأوصته بالصبر والثبات وعدم التراجع ما دام على الحقّ، فخرج من عندها وذهب إلى القتال، فاستشهد في المعركة في 17 من جمادى الأولى 73هـ، وبوفاته انتهت دولته التي استمرت نحو تسع سنين.

قال عمر بن عبد العزيز يومًا لابن أبي مُلَيْكة: صِفْ لنا عبد الله بن الزبير، فقال: والله، ما رأيت نفسًا رُكّبت بين جَنْبين مثل نفسه، ولقد كان يدخل في الصلاة فيخرج من كل شيء إليه، وكان يركع أو يسجد فتقف العصافير فوق ظهره وكاهله، لا تحسبه من طول ركوعه وسجوده إلا جدارًا أو ثوبًا مطروحا، ولقد مرَّت قذيفة منجنيق بين لحيته وصدره وهو يصلي، فوالله ما أحسَّ بها ولا اهتزّ له، ولا قطع من أجلها قراءته ولا تعجل ركوعه. وسئل عنه ابن عباس فقال على رغم ما بينهم من خلاف: (كان قارئًا لكتاب الله، مُتَّبِعًا سنة رسوله، قانتًا لله، صائمًا في الهواجر من مخافة الله، ابن حواريّ رسول الله، وأمّه أسماء بنت الصديق، وخالته عائشة زوجة رسول الله، فلا يجهل حقه إلا من أعماه الله).

كان عبد الله بن الزبير من العلماء المجتهدين، وما كان أحد أعلم بالمناسك منه، وقال عنه عثمان بن طلحة: كان عبد الله بن الزبير لا يُنازَعُ في ثلاثة: شجاعة، ولا عبادة، ولا بلاغة). وقد تكلّم عبد الله بن الزبير يومًا والزبير يسمع فقال له: أي بُنيّ، ما زلت تكلّم بكلام أبي بكر رضي الله عنه حتى ظننتُ أنّ أبا بكر قائمٌ، فانظُر إلى منْ تزوّج فإنّ المرأة من أخيها من أبيها. وأول من كسا الكعبة بالديباج هو عبد الله بن الزبير، وإن كان ليُطيِّبُها حتى يجد ريحها مَنْ دخل الحرم.

اللهم احشرنا في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك.

عباد الله، صلوا على نبيكم وهاديكم محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وخلفائه وأصحابه وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم وفق الشباب للخير والصلاح، وجنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، واجعلهم قرة عين لأمتهم يا رب العالمين...

__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-07-2011, 11:15 PM
  #6
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

البدعة واثرها والسنة واثرها

الحمد لله.......

عباد الله
لقد أمر الله عباده بطاعته وطاعة رسوله عليه السلام في كثير من الآيات، وطاعة الله تكون باتباع كتابه وطاعة الرسول تكون باتباع سنته قال تعالى: وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأنْهَـرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا وَذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَـٰلِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ [النساء:13، 14].

وهذا عباد الله من مقتضيات لا إله إلاّ الله، وقد زعم قوم أنهم يحبون الرسول عليه الصلاة والسلام فابتلاهم الله بآية تبين صدق محبتهم فقال: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [آل عمران:13]، فظهر للناس زيفهم وعوارهم لأنهم لم يطبقوا الآية، فكانوا بذلك الزعم من الكاذبين ولم يصدقوا بحب سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

أما ثمرات هذه الطاعة فإنها كثيرة منها: الهداية التامة لقوله تعالى: وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ [النور:54]، ذلك أنها سبب لرحمة الله وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56].

أما من خالف أمره صلى الله عليه وسلم فإنه يبوء بإثم عظيم ويجني ثمار عصيانه الخبيثة في الدنيا قبل الآخرة فمنه الضلال واتباع الهوى قال تعالى: فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ [القصص:50]. ومنه الفتنة في الدين أو العذاب في الدنيا فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63].

ولقد حذر صلى الله عليه وسلم من مخالفة هديه فقال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ)) وفي رواية أخرى: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).

وإن هذين الحديثين ليردان على كل صاحب بدعة أو مقلد للبدعة، فكل من ابتدع واستحدث عبادة من عنده فنرد عليه بالحديث الأول: ((من أحدث في أمرنا)) ومن قال: أنا لم أحدث بدعة جديدة في الدين ولكن هذه عادات آبائنا وأجدادنا، وهذا فعل فلان. فنرد عليه بالحديث الثاني ((من عمل عملاً))، ومعنى الحديثين الشريفين: أن أي عمل يخالف أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو مردود على صاحب البدعة المحدث لها والعامل المقلد لها.

والبدعة عباد الله، هي طريقة مخترعة في الدين ليس لها دليل من الكتاب والسنة يقصد فاعلها ومخترعها التقرب بها إلى الله عز وجل ، ومثال ذلك بدعة الاحتفال.

وإن المبتدع إخوة الدين متبع لهواه ويقول على الله بغير علم الذي هو قرين الشرك ولا شك. ناهيك عن جهله و قلة علمه بالله وتكذيبه بشرعه سبحانه وتعالى.

والبدعة قد تكون كفراً فتخرج صاحبها من الملة وقد تكون كبيرة تعرّض صاحبها للعذاب الأليم قال أحد السلف رحمهم الله: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها.

وأثر عن الشيطان عليه لعنة الله قوله: أهلكت بني آدم بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلاّ الله والاستغفار، فلما رأيت ذالك بثثت فيهم الأهواء، فهم يذنبون ولا يتوبون لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

ومعلوم عباد الله أن المذنب ضرره على نفسه، أما المبتدع فضرره على المجتمع والناس عامة، لأنه يتهم ربه بعدم إتمام الدين قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

وهو مكذب لقول الله تعالى: ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأسْلاَمَ دِيناً [المائدة:3]، وإنه ببدعته هذه ليتهم النبي الكريم بعدم البلاغ وكتمان الرسالة، حاشاه صلى الله عليه وسلم، وهو الذي زكاه ربه من فوق سابع سماء ـ بأبي هو وأمي ـ فقد بلغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فجزاه عنا خير ما جزى به نبياً عن أمته صلى الله عليه وآله وسلم.

عباد الله، إننا نرى ونسمع كثيراً من البدع المحدثة في دين الله، ومنها ما يروج كل عام، ويغتر به الجهلة العوام من الاحتفال بليلة النصف من شعبان وتخصيصها بأنواع من الذكر والصلاة، ويزعمون أن فيها تقدر الأرزاق و الآجال، وما يجري في كامل العام ويستدلون بقوله تعالى: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:4]، وهذا من جهلهم الكبير إذ ليلة نزول القرآن هي ليلة القدر كما في قوله: إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ [القدر:1].

كما أنهم يخصصون اليوم الخامس عشر من شعبان بالصيام لأحاديث لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولاشك عباد الله أن ذلك التخصيص مبتدع، إذ لم يثبت تفضيل أو تخصيص شيء من ذلك عن النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه، وقد قرر أهل العلم في قاعدة شرعية عظيمة مفادها: أن الأصل في العبادة المنع إلاّ بدليل يفرضها. وأن الأصل في العادات الإباحة إلاّ بدليل يحرمها، إذاً كل قول أو فعل لم يثبت فيه دليل من الكتاب أو السنة فهو عمل بدعي مردود على صاحبه كائناً من كان.

ولزيادة الفائدة أنقل لكم كلام أهل العلم رحمهم الله في ذلك بالنص: قال أبو بكر محمد بن وليد الطرطوشي في كتاب الحوادث والبدع: "وروى ابن وضاح عن زيد بن أسلم قال: ما أدركنا من مشايخنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان، ولا يرون لها فضلاً على سواها".

وقال ابن رجب رحمه الله في كتابه لطائف المعارف: وأنكر ذلك ـ يعني تخصيص ليلة النصف من شعبان ـ أكثر علماء الحجاز، وقالوا: ذلك كله بدعة. وقال: "قيام ليلة النصف من شعبان باطل". وقال ابن الجوزي في كتاب الموضوعات: "وأما صيام يوم النصف من شعبان فلم يثبت بتخصيصه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث الوارد فيه ضعيف، وكما قال ابن رجب رحمه الله: والضعيف لا تقوم به حجة.

عباد الله، هذا ما تيسر نقله من كلام أهل العلم لبيان البدع المحدثة في دين الله عموماً، وفي شهر شعبان خصوصاً، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة.

ليسعنا ما وسع صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام والتابعين لهم بإحسان والذين كانوا أشدّ منا خشية لله وأحرص منا على الخير ومع كل ذلك لم يتقربوا لله تعالى بغير ما شرعه سبحانه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.

واعلموا رحمكم الله، أن من كان من عادته قيام الليل فلا يترك قيام الليل في تلك الليلة، ومن كان من عادته صيام النوافل فوافق ذلك ليلة النصف من شعبان فليصم ولا يترك الصيام، وكذلك من كان من عادته أن يصوم في شعبان فليصمه اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت ذلك في مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت عن النبي صلى الله عليه وسلم تصف حاله في صيام النافلة: (ولم أره صائماً من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان)، وفي رواية: (كان يصوم شعبان إلاّ قليلاً)، فسيروا على هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم والموصل إلى طريق الجنة واجتنبوا طرق الغواية والبدع والضلال الموصلة إلى دار البوار.

وفقني الله وإياكم للتمسك بكتاب الله و بسنته رسوله صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً واعتقاداً، وجنبنا البدع كبيرها وصغيرها.


الخطبة الثانية

الحمد لله ..........

عباد الله اي عمل لا يقبله الله الا بشرطين اساسيين
الاخلاص والمتابعة بان يكون العمل موافقا لسنة المصطفى
لو نظرنا إلى هذه المحدثات والبدع لوجدناها مبنية على فهم مخالف لصريح القرآن وتفسيره، ومبنية على اتباع الهوى، واتباع السادات والكبراء، وليس لها أصل في الشرع إنما هي أمور مخترعة، صلوات وأذكار وصيام لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من ذلك ولم يفعله، لم يفعله أيضاً الصحابة ولا التابعون لهم.

لقد احتج هؤلاء المبتدعة ببعض ما نقل عن السلف في تفسير قول الله تعالى: حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم. بأن هذه الليلة المباركة هي ليلة النصف من شعبان التي يفرق فيها كل أمر حكيم حيث يتم فصل كل ما يخص سنة كاملة من هذه الليلة من اللوح المحفوظ وفيها الأرزاق والآجال وما قدره الله عز وجل على عباده، وهو قول ضعيف فمن أين لصاحب هذا القول أن هذه الليلـة، ليلــة النصف من شعبان، هي الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم وصريح القرآن وقول المفسرين مغاير لهذا الفهم ولهذا التفسير.

لاحظوا أيها الإخوة إلى بدايـة السورة: حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة فالضمير عائد للقرآن وأن الله أنزله في ليلـة مباركة، فما هي الليلـة التي نـزل فيها القـرآن؟ الكـل يعلم أنها ليلة القدر وأنها في رمضان في العشر الأواخر منه إنا أنزلناه في ليلة القدر، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن. فكيف يخالف هؤلاء صريح القرآن؟ حتى ولو كانت الآية عن ليلة النصف مثلاً فمن أين لهم أن يخصصوا ليلها بقيام أو بصلاة معينة وبذكر معين ودعاء خاص؟ من أين لهم ذلك؟

إن النبي صلى الله عليه وسلم حضنا على قيام ليالي رمضان وخاصة العشر الأواخر منه. وعلمنا كيف نصلي في الليل وشـرع لنا الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان تحرياً لليلة القدر، فلماذا لا يكون الحرص على هذه السنة؟ هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فقد وردت أحاديث يحسنها بعض أهل العلم عن ليلة النصف من شعبان وهي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه)) وقال صلى الله عليه وسلم حينما سأله أسامـة بن زيــد رضي الله عنهما قال قلت: يا رسول الله لم أراك تصوم من الشهر ما تصوم من شعبان؟ قـال: ((ذلك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفـع عملي وأنا صائم)). وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يطلع الله على جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن)).

فمن أين لمن يخصص ليلة النصف بصلاة خاصة وقراءة خاصة وذكر خاص أو أي قربة لله في هذه الليلة؟ من أين له الدليل على جواز فعله هذا؟

لو نظرنا إلى هذه الأحاديث لوجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم يحض على الصيام في هذا الشهر وأفضل الصيام صيام يوم وترك يوم كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن لم يستطع الشخص صيام يوم وترك يوم، فليصم يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، ومن لم يستطع فليصم الأيام البيض من هذا الشهر ويكون بذلك متبعاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، هذا من جهة القربات وفعلها في هذا الشهر.

أما مـا جاء في الحديثين الآخرين بـأن الله يغفر للمؤمنين ولا يغفر للمشركين ولا الكفار، ويؤخر الحاقدين والمشاحنـين من المسلمين فما هو الواجب علينا حتى لا يفوتنا هذا الأمر ونحظى بمغفرة الله عز وجل؟.

الواجب علينا أن نجدد إيماننا بالله ونصحح عقائدنا إن شابها شيء، ونزيـل ما في قلوبنا من شحناء وحقد على إخواننا المسلمين، لقد فسر بعض أهل العلم من سلفنا الصالح أن المشاحنين هم أهل البدع وهم الحاقدون على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى المسلم أن يجتنبهم ويوالي المؤمنين المتمسكين بالسنة الصحيحة، وهناك تفسير آخر هو أن المشاحنين هم المقاطعون لذوي الأرحام والمتخاصمين والمهاجرين من المسلمين فهو عام لكل مشاحن، وليس هناك تضارب بين القولين، فالمبتدع مشاحن للمؤمنين، والمتخاصم مع جاره أو مع أقاربه أيضاً مشاحن.

فما هو الواجب على المسلم في هذا الشهر وفي هذه الليلة، الواجب عليه أن يترك البدع والمحدثات ويتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ويصالح أقاربه وجاره إن كان بينه وبينهم شحناء وخصام لأمر دنيوي أو لسوء تفاهم شخصي، ويرجو بذلك أن يغفر له في هذه الليلة، أسال الله أن يغفر لنا ذنوبنا ويرحمنا إنه هو الغفور الرحيم.

أيها الإخوة: علينا بالتمسك بالسنة والتقرب إلى الله بما شرع، أين نحن من الحضور في صلاة الفجر ثم الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس؟ أبن نحن من صلاة الضحى ركعتين أو أربع أو ست أو ثمان ركعات؟ أين المسلمون من الجلوس بعد صلاة العصر في المسجد حتى غروب الشمس يقرؤون القرآن ويتدارسونه ويسبحون الله ويذكرونه ؟. أين المسلمون من ذكر الله بعد الصلوات والتهليل مائة مرة في اليوم والتسبيح مائة مرة في اليوم والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصباح عشراً وفي المساء عشراً؟ أين إكثار الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة؟ أين المسلمون من صيام الاثنين والخميس أو صيام الأيام البيض؟ أين المسلمون من قراءة السنة والسيرة الصحيحة والتمشي بموجبها والسير على نهجها؟ أين المسلمون من صلاة النوافل وصلاة الرواتب في البيوت ؟. إنه لشيء عجيب أن يترك كثير من الناس هذه السنن الثابتة ثم يتشبثون ببدع محدثة مخالفين بذلك هـدي النبي صلى الله عليه وسلم ومتبعين غير سبيل المؤمنين ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً.
صلوا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه
الدعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــاء
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-05-2011, 06:46 AM
  #7
أبو عبد الرحمن
عضو جديد
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 7
أبو عبد الرحمن is on a distinguished road
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

جزاك ربي الج اللهم أمين أميننة وجعلني الله وإياك والقائمين على هذا المنبر العظيم من الفائزين ومن المغفور لهم
أبو عبد الرحمن غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-05-2011, 07:11 AM
  #8
أبو عبد الرحمن
عضو جديد
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 7
أبو عبد الرحمن is on a distinguished road
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

أخي الحبيب الفاضل المناضل السليماني
ارجو التكرم بالإفادة كم هي عدد صفحات الخطب لأني وجدتها 21 هل يوجد غيرها أم لا وإذا يوجد غيرها فكيف يتم فتحها
اسأل الله أن يثيبكم على هذا الجهد المبارك تقبل تحياتي
أبو عبد الرحمن غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 18-05-2011, 10:06 PM
  #9
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

اخي عبد الرحمن 21صفحة ولكن في كل صفحة 4 او 5 خطب
___________________________________________
الخوف من الله واقسامه
الخطبة الأولى

الحمد لله الملِك الحقِّ المبين، عالمِ الغيب والشهادة هو الرّحمن الرحيم، أحمد ربي سبحانه وأشكره على فضلِه العظيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، المعبود في السماء والمعبود في الأرضِ وهو الحكيم العليم، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


أما بعد:
فاوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى

اتقوا الله تعالى، وارقبوه، وامتثلوا أمره ؛ فإنه للظالمين بالمرصاد.

عباد الله!

إن من المهمات التى بعث بها نبي هذه الأمة محمد تزكية النفس؛ كما قال عز وجل ممتناً ببعثه : هو الذى بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين [الجمعة:2].

وقد علق الله تعالى فلاح العبد بتزكية نفسه، وذلك بعد أحد عشر قسماً متوالياً؛ فقال عز وجل: والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها [الشمس:1-10]. والتزكية معناها التطهير.

عباد الله!

ومن وسائل تزكية النفس : الخوف من الله تعالى.

وإذا كان المسلم محتاجاً إلى تزكية نفسه بالخوف من الله تعالى في كل وقت؛ فإن الحاجة إليه في هذا الزمن شديدة؛ لكثرة المغريات والفتن.

والله تعالى أمر عباده بالخوف منه، وكل أحد إذا خفته؛ هربت منه؛ إلا الله؛ فإنك إذا خفته؛ هربت إليه:

قال تعالى: إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين [آل عمران:175]. فأمر الله تعالى بالخوف، وجعله شرطاً في الإيمان.

وقالى تعالى: فإياي فارهبون [البقرة:40].

قال ابن القيم رحمه الله: "ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الخوف، وهى من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب، وهي فرض على كل أحد".

وقال أيضاً: "القلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر؛ فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه؛ فمتى سلم الرأس والجناحان؛ فالطائر جيد الطيران، ومتى قطع الرأس؛ مات الطائر، ومتى فقد الجناحان؛ فهو عرضة لكل صائد وكاسر".

عباد الله!

والخائف من الله تعالى أجره عظيم ومنزلته رفيعة:

قال تعالى: ولمن خاف مقام ربه جنتان [الرحمن:46].

وقال عز وجل: وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى [النازعات:40].

وقال : ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله؛ اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه))

وقال : (( ثلاث منجيات: خشية الله تعالى في السر والعلن، والعدل في الرضى والغضب، والقصد في الغنى والفقر. وثلاث مهلكات: هوى متبع، وشح مطاع، وإعجاب المرء بنفسه))

عباد الله!

وكل إنسان يدعي الخوف من الله، ولكن هذا الخوف: إما أن يكون صورة، أو حقيقة ؛ فمن منعه الخوف من الله من فعل المحرمات؛ فخوفه حقيقة، ومن لم يمنعه الخوف من الله من فعل المحرمات؛ وتمادى بها؛ فإن خوفه صورة لا حقيقة، وادعاؤه كاذب.

وكنتيجة لهذا الخوف الصوري رأينا انتشار المعاصي والمنكرات في أوساط المسلمين؛ فما خاف الله حقيقة من تجرأ على محارم الله، ما خاف الله حقيقة من ترك الصلاة أو تهاون فيها، وما خاف الله حقيقة من تعامل بالربا، وما خاف الله حقيقة من استمع إلى آلات اللهو المحرمة أو اشتراها بماله أو مكن من تحت يده من استماعها أو النظر إليها أو باعها أو أعان على نشرها، وما خاف الله من شرب الدخان أو باعه، وما خاف الله من ازدرى نعم الله.

وكذلك من النساء من كان خوفها من الله صورة لا حقيقية؛ فما خافت الله من تبرجت أمام.

الرجال الأجانب أو حلت بهم أو لانت بقولها للرجال، أو كانت فتنة لكل مفتون.

وبالجملة؛ فكل من ضيع أوامر الله وارتكب نواهيه؛ فما خاف الله تعالى، وعقابه عند الله أليم.

عباد الله!

النبى - وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر - كان أشد الناس خشية لله؛ فعن أبي ذر رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله : ((إني أرى ما لا ترون، واسمع ما لا تسمعون؛ أطت السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع؛ إلا فيه ملك راكع أو ساجد، لو علمتم ما أعلم؛ لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيراً، ولما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم على (أو: إلى) الصعدات تجأرون إلى الله)). قال أبو ذر: والله؛ لوددت أني شجرة تعضد1.

عباد الله!

وكذلك كان الخوف من سمات صحابة الرسول الذين هم خير القرون؛ فعن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف؛ أن عبد الرحمن بن عوف أتي بطعام، وكان صائماً، فقال: "قتل مصعب بن عمير، وهو خير منى، وكفن في بردة: إن غطي بها رأسه؛ بدت رجلاه، وإن غطيت رجلاه؛ بدا رأسه، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط (أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا)، وقد خشينا أن تكون حسناتنا قدمت لنا. ثم جعل يبكى حتى ترك الطعام"
فتفكروا عباد الله في سيرة هؤلاء واقتدوا بهم، وقارنوا بين حالنا وحال أولئك القوم ؛ فستجدون أنهم في يقظة ونحن في نوم.

عباد الله!

والخوف ينقسم إلى أقسام:

قال ابن رجب : "القدر الواجب من الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم؛ فإن زاد على ذلك؛ بحيث صار باعثاً للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات، والانكفاف عن دقائق المكروهات والتبسط في فضول المباحات؛ كان ذلك فضلاً محموداً، فإن تزايد على ذلك؛ بأن أورث مرضاً أو موتاً أو وهماً لازماً؛ بحيث يقطع عن السعى في اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة لله عز وجل؛ لم يكن محموداً".

وقال بعض العلماء: الخوف له قصور، وله إفراط، وله اعتدال، والمحمود منه هو الاعتدال والوسط:

فأما القاصر منه؛ فهو الذى يجرى مجرى رقة النساء؛ يخطر بالبال عند سماع آية من القرآن، فيورث البكاء، وتفيض الدموع، وكذلك عند مشاهدة سبب هائل، فإذا غاب ذلك السبب عن الحس؛ رجع القلب إلى الفضلة؛ فهذا خوف قاصر، قليل الجدوى، ضعيف النفع.

وأما المفرط؛ فإنه الذي يقوى ويجاوز حد الاعتدال، حتى يخرج إلى اليأس والقنوط، وهو مذموم أيضاً؛ لأنه يمنع من العمل.

وأما خوف الاعتدال؛ فهو الذى يكف الجوارح عن المعاصي، ويقيدها بالطاعات.

وما لم يؤثر في الجوارح؛ فهو حديث نفس وحركة خاطر لا يستحق أن يسمى خوفاً.

قال بعض الحكماء: ليس الخائف الذى يبكي ويمسح عينيه، بل من يترك ما يخاف أن يعاقب عليه.

فالخوف يحرق الشهوات المحرمة، فتصير المعاصي المحبوبة عنده مكروهة كما يصير العسل عند من يشتهيه إذا عرف أن فيه سما؛ فتحترق الشهوات بالخوف، وتتأدب الجوارح، ويحصل في القلب الخشوع والذل والاستكانة ومفارقة الكبر والحقد والحسد.

اللهم! اجعلنا ممن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين!

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.








الخطبة الثانية


أما بعد:

أيها المسلمون!

اتقوا الله تعالى، واعلموا أن أخوف الناس لربه أعرفهم بنفسه وبربه، ولذلك قال النبي : ((الله؛ إني لأعلمكم بالله، واشدكم له خشية))متفق عليه

عباد الله!

وهناك أمور يستجلب بها الخوف، وهي كثيرة:

أولها – وهو الجامع لكل ما يليه -: تدبر كلام الله تعالى وكلام نبيه والنظر في سيرته فهو سيد المتقين:

فإن تدبر هذا مما يعين على الخوف:

قال الله تعالى: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سـوء تـود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد [آل عمران:30].

وقال سبحانه: ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوماً على الكافرين عسيراً ويوم يعض الظالم على يديـه يقـول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً ياويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلاً [الفرقان:28].

وعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: سمعت رسول الله يقول: ((يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً". قلت: يا رسول الله! الرجال والنساء جميعاً؛ ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال: "يا عائشة! الأمر أشد من ذلك)).

الأمر الثاني مما يستجلب به الخوف: التفكر في الموت وشدته:

قال تعالي: وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد [ق:19].

وقال : ((أفضل المؤمنين أحسنهم خلقاً، وأكيسهم أكثرهم للموت ذكراً وأحسنهم له استعداداً، أولئك الأكياس))رواه البزار والبيهقي

فيا أيها العاصي الذي قل خوفه من الله! أما تذكر ساعة يعرق لها الجبين، وتخرس من فجأتها الألسن، وتقطر قطرات الأسف من الأعين؟

فتذكر ذلك؛ فالأمر شديد، وبادر بقية عمرك؛ فالندم بعد الموت لا يفيد، وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد [ق:13].

الأمر الثالث : التفكر في القبر وعذابه وهوله وفظاعته:

فعن البراء بن عازب رضي الله عنه؛ قال: كنا مع رسول الله في جنازة، فجلس على شفير القبر، فبكى حتى بل الثرى، ثم قال: ((يا إخواني ! لمثل هذا فأعدوا))رواه أحمد وابن ماجه بإسناد حسن

وقال بعض الحكماء:

أنسيت يا مغرور أنك ميت

أيقن بأنك في المقابر نازل

الأمر الرابع: التفكر في القيامة وأهوالها:

قال تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد [الحج:1-2].

وقال تعالى: فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيباً السماء منفطر به كان وعده مفعولاً [المزمل:17].

الأمر الخامس: التفكر في النار وشدة عذابها وما أعد الله عز وجل فيها لأعدائه:

قال تعالى: ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين [الأنبياء:46].

الأمر السادس: تفكر العبد في ذنوبه:

فإنه وإن كان قد نسيها؛ فإن الله تعالى قد أحصاها، وإنها إن تحط به؛ تهلكه؛ إن وكله الله إليها، فليتفكر في عقوبات الله تعالى عليها في الدنيا والآخرة، ولا يغرن المذنب النعم؛ فقد قال : ((إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب، وهو مقيم على معاصيه؛ فإنما ذلك منه استدراج))، ثم تلا: فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون 4[الأنعام:44].

وقال تعالى: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد [آل عمران:30].

وقال : ((إني لأعلم أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة البيضاء، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثوراً)). قال ثوبان: يا رسول الله! صفهم لنا، جلهم لنا أن نكون منهم ونحن لا نعلم. قال: ((أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله؛ انتهكوها))رواه ابن ماجه بسند صحيح

الأمر السابع: أن يعلم العبد أنه قد يحال بينه وبين التوبة:

وذلك بموت مفاجئ، أو فتنة مضلة، أو غفلة مستمرة، أو تسويف وإمداد إلى الموت أو غير ذلك، وعندها يندم حيث لا ينفع الندم.

الأمر الثامن: من الأمور التي يستجلب بها الخوف من الله تعالى: التفكر في سوء الخاتمة:

فإن العبد ما يدري ما يحدث له في بقية عمره؟!

وقـد كـان رسول الله يقول: ((يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك))رواه أحمد والحاكم وصححه

وقال تعالى: واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه [الأنفعال:24].

وقال : ((لقلب ابن آدم أشد تقلباً من القدر، إذا اجتمع غلياناً))رواه أحمد والحاكم وصححه

عباد الله!

هذه بعض الأمور التي يستجلب بها الخوف من الله تعالى، وكل إنسان أعلم بنفسه من غيره من الناس؛ فإن كانت هذه الأمور موجودة فيه؛ فليحمد الله، وليسأل الله الثبات، وإن كانت مفقودة؛ فعليه أن يعمل على تحصيلها؛ فإن الأعمال بالخواتيم.

عباد الله!

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون [النحل:90].

فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.


__________________


التعديل الأخير تم بواسطة المناضل السليماني ; 18-05-2011 الساعة 10:09 PM
المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 16-06-2011, 10:17 PM
  #10
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا

مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله

تعالى إلى الناس كافةً بالحق بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فبلغ رسالة ربه ونصح أمته وجاهد في

الله حق جهاده حتى أتاه اليقين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين..
أما بعد
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى اتقوا الله الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءاً

واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً اتقوا الله أيها المسلمون وتيقنوا أن لله تعالى الحكمة

البالغة فيما يصطفي من خلقه فالله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس ويفضل من الأوقات أوقاتاً ومن الأمكنة أماكن

ففضل الله تعالى مكة على سائر البقاع ثم من بعدها المدينة مهاجر خاتم الأنبياء محمدٍ صلى الله عليه وسلم ثم من

بعدهما بيت المقدس مكان غالب الأنبياء الذين قصّ الله علينا نبأهم وجعل الله تعالى لمكة والمدينة حرماً دون بيت المقدس

وفضل الله تعالى بعض الشهور والأيام والليالي على بعض فعدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق

السماوات والأرض منها أربعةٌ حرم وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ثلاثةٌ متوالية وشهر رجب بين جمادى وشعبان

وخير يومٍ طلعت فيه الشمس يوم الجمعة وليلة القدر خيرٌ من ألف شهر فعظّموا أيها المسلمون ما عظّمه الله فقد ذكر أهل

العلم أن ثواب الحسنات يضاعف في كل زمانٍ و مكانٍ فاضل وأن عقوبة السيئات تعظم في كل زمان ومكان فاضل

وشاهدوا هذا في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى )يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ

قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ)(البقرة: من الآية217) وقال الله تعالى في المسجد الحرام ) وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ

مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)(الحج: من الآية25) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام

ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) أيها المسلمون إنكم في هذه الأيام في شهر رجب أحد الأشهر الأربعة الحرم فلا

تظلموا فيهن أنفسكم التزموا حدود الله تعالى أقيموا فرائض الله واجتنبوا محارمه أدوا الحقوق في ما بينكم وبين ربكم

وفي ما بينكم وبين إخوانكم من الخلق وأعلموا أن الشيطان قد قعد لأبن آدم كل مرصد وأقسم لله ليأتينهم من بين

أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا يجد أكثرهم شاكرين أقسم لله تعالى بعزة الله ليغوينهم أجمعين إلا

عباد الله المخلصين أيها المسلمون إن الشيطان لحريصٌ كل الحرص على إغوائكم وإضلالكم يصدكم عن دين الله يأمركم

بالفحشاء والمنكر يحبب إليكم المعاصي ويكره إليكم الطاعات يأتيكم من كل جانب ويقذفكم بسهامه من كل جبهة إن

رأى من العبد رغبةً في الخير ثبطه عنه وأقعده فإن عجز عنه من هذا الجانب جاءه من جانب الغلو والوسواس والشكوك

وتعدى الحدود في الطاعة فأفسدها عليه فإن عجز عنه من جانب الطاعات جاءه من جانب المعاصي فينظر الشيطان

أقوى المعاصي هدماً لدين الإنسان فيوقعه فيها فإن عجز عنه من هذا الجانب حاوله من جانبٍ أسهل فأوقعه فيما دون

الكفر من المعاصي فإذا وقع في شرك المعاصي فقد نال الشيطان منه بغيته لأن المرء متى كسر حاجز المعصية أصبحت

المعصية هينةً عليه صغيرةً في عينه يقللها الشيطان في نفسه تارة ويفتح عليه باب التسويف تارةً أخرى يقول

الشيطان له هذه معصيةٌ هينّة افعلها هذه المرة وتب إلى الله فباب التوبة مفتوح وربك غفورٌ رحيم فلا يزال يعده ويمنّه

وما يعده الشيطان إلا غروراً فإذا وقع في هذه المعصية التي كان يراها من قبل صعبةً كبيرة وهانت عليه تدرج به

الشيطان إلى ما هو أكبر منها وهكذا أبداً حتى يخرجه من دينه كله ولقد أشار نبينا وإمامنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم

إلى هذا التدرج فيما رواه الإمام أحمد عن سهلٌ بن سعدٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه سلم قال : ( إياكم

ومحقّرات الذنوب فإنما ما مثل محقّرات الذنوب كمثل قومٍ نزلوا بطن وادٍ فجاء هذا بعود وهذا بعود حتى أنضجوا خبزهم

وإن محقّرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه) أيها المسلمون عباد الله حاسبوا أنفسكم إحذروا مكائد الشيطان

ومكره فإنه يتنوّع في ذلك ويتلوّن فهذا يأتيه الشيطان من قبل الإيمان والتوحيد فيوقعه في الشك أحياناً وفي الشرك

أحياناً ، وهذا يأتيه من قبل الصلاة فيوقعه في التهاون بها والإخلال ، وهذا يأتيه من قبل الزكاة فيوقعه في البخل بها

أو صرفها في غير مستحقها ، وهذا يأتيه من قبل الصيام فيوقعه فيما ينقّصه من سيئ الأقوال والأفعال ، وهذا يأتيه

من قبل الحج فيوقعه في التسويف به حتى يأتيه الموت وما حج ، وهذا يأتيه من قبل حقوق الوالدين والأقارق فيوقعه

في العقوق والقطيعة ، وهذا يأتيه من قبل الأمانة فيوقعه في الغش والخيانة ، وهذا يأتيه من قبل المال فيوقعه في

اكتسابه من غير مبالاة فيكتسبه عن طريق الحرام بالربا تارة وبالغرر والجهالة تارة وبأخذ الرشوة أحياناً وبإهمال

عمله تارة وبأخذ انتدابات وغيرها مما يأخذه بغير حق وهو لم يقم بذلك العمل إلى غير ذلك من أنواع المعاصي

وأجناسها التي يغر بها الشيطان بني آدم ثم يتخلّي عنهم أحوج ما يكونون إلى المساعد والمعين أيها الأخوة أيها

المؤمنون استمعوا قول الله عز وجل في غرور الشيطان لأبوينا آدم وحواء حين أسكنهما الله تعالى الجنة وأذن لهما أن

يأكلا رغداً من حيث شاءا من أشجارها وثمارها سواء شجرةٍ واحدة عيّنها لهما بالإشارة ) وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ)(البقرة

: من الآية35) ولكن الشيطان وسوس لهما وقال ) مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ

الْخَالِدِينَ)(لأعراف: من الآية20) )وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) (لأعراف:21) )فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ)(لأعراف: من الآية22) أي

أنزلهما من مرتبة الطاعة وعلو المنزلة بغرور ) فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ

وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ)(لأعراف: من الآية22) واسمعوا

خداعهم إلى قريشٍ في الخروج إلى بدر وتخليه عنهم حيث يقول الله تعالى في ذلك )وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ

وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا

لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (لأنفال:48) وأسمعوا قول الله عز وجل في خداع الشيطان لكل إنسانٍ وتخليه

عنه حيث يقول الله تعالى )كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ

الْعَالَمِينَ) (الحشر:16) )فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) (الحشر:17) وأسمعوا قول الله

تعالى عن الشيطان يوم القيامة )وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ

لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ

إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (ابراهيم:22) أيها المسلمون هذا موقف الشيطان ممن

خدعه وممن غره وأهلكه فأوقعه في معصية الله ولهذا قال الله عز وجل محذراً عباده منه )إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ

فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (فاطر:6) أيها المسلمون فإن قلتم كيف نعرف ما أمر به

الشيطان؟ كيف نعرف الذي يسلط علينا به؟ فإننا نقول إن كل ما تجدون في نفوسكم من تكاسلٍ عن الطاعات وتهاونٍ

بالمعاصي وميلٍ إليها فإنه من الشيطان ونزغاته لقول الله تعالى )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ

يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)(النور: من الآية21) وقال تعالى )الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ

بِالْفَحْشَاء)(البقرة: من الآية268) فإذا رأيتم من أنفسكم ميلاً إلى المعصية وإلى ترك الواجب فإنها هذا من أوامر

الشيطان فاستعيذوا بالله منه فإن في ذلك الشفاء والخلاص قال الله تعالى )وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ

إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (لأعراف:200) )إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (لأعراف:201) اللهم

إنا نسألك في مقامنا هذا ونحن الفقراء إليك وأنت الغني عنا نحن العاجزون وأنت القادر نحن الضعفاء وأنت القوي

نسألك اللهم برحمتك أن تعيذنا من الشيطان الرجيم اللهم أعذنا من الشيطان الرجيم اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين

الذين ليس له عليهم سلطانٌ وعلى ربهم يتوكلون ربنا أغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على

القوم الكافرين اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين..





الحمد لله أحمده وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده

ورسوله أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله فبيّن الحق وأوضحه وجاهد في الله حق جهاده

فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين..
أما بعد
فإننا أيها المسلمون في شهر رجب أحد الأشهر الأربعة الحرم التي قال الله فيها ) مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ )(التوبة: من الآية36)

فلا تظلموا فيهن أنفسكم والتي حرّم الله تعالى فيها القتال إلا مدافعةً عن النفس هذه الأشهر التي أحدها رجب ليست

مخصوصةً بشيءٍ معينٍ من العبادات إلا شهر المحرم فإن فيه فضلًا صيامه وشهر ذي الحجة فإن فيه أداءً النسك أما

رجب فإنه فلم يرد في تخصيصه بصيامٍ ولا قيام لم يرد حديثٌ صحيحٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم كل الأحاديث الواردة

في فضل الصلاة في رجب أو في فضل الصيام في رجب كلها أحاديث ضعيفة جداً بل قد قال بعض العلماء إنها

موضوعةٌ ومكذوبةٌ على النبي صلى الله عليه وسلم فلا يحل لأحد أن يعتمد على هذه الأحاديث الضعيفة بل التي قيل إنها

موضوعة لا يحل لأحد أن يعتمد عليها فيخص رجب بصيامٍ أو صلاة؟ لأن ذلك بدعة وقد النبي صلى الله عليه وسلم (كل

بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار) ولقد سمعت أن بضع الأخوة الوافدين إلى بلادنا صاموا يوم أمس لأنه أول يومٍ من رجب

وهؤلاء قد يكونون معذورين لكون هذا معروفاً عندهم في بلادهم ولكنني أقول لهم إن هذا بدعة وإنه لا يجوز لأحدٍ أن

يخصّص زماناً أو مكاناً بعبادة لم يخصّصها الله ورسوله بها لأن نحن متعبدون بشريعة الله لا بأهوائنا ولا بميولنا

وعواطفنا إن الواجب علينا أن نقول سمعنا وأطعنا نفعل ما أمر الله به ونترك ما نهى الله عنه ولا نشرّع لأنفسنا عباداتٍ

لم يشرعها الله ورسوله إنني أقول لكم مبيناً الحق إن شهر رجب ليس له صلاةٌ تخصه لا في أول ليلة جمعة منه وليس له

صيامٌ يخصه في أول يومٍ منه ولا في بقية الأيام وإنما هو كباقي الشهور فيما يتعلق بالعبادات وإن كان هو أحد الأشهر

الأربعة الحرم وأنسوا ما قيل فيه من الأحاديث الضعيفة ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا دخل

شهر رجب: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان ولكن هذا أيها الأخوة وأسمعوا ما أقول هذا حديثٌ ضعيفٌ

منكر لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا لا ينبغي للإنسان أن يدعو بهذا الدعاء لأنه لم يصح عن رسول الله

صلى الله عليه وسلم وإنما قلته لكم لأنه يوجد في بعض أحاديث الوعظ يوجد هذا الحديث فيها ولكنه حديثٌ لا يصح عن

النبي صلى الله عليه وسلم أيها المسلمون إن في ما جاء في كتاب الله وفي ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

من الأعمال الصالحة كفايةً عما جاء في أحاديث ضعيفة أو موضوعةٍ مكذوبةٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن

الإنسان إذا تعبّد لله بما ثبت أنه من شرع الله فقد عبد الله على بصيرة يرجو ثواب الله ويخشى عقابه اللهم إنا نسألك أن

ترزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً ورزقاً طيباً واسعاً وذريةً طيبةً يا رب العالمين اللهم علّمنا ما ينفعنا وأنفعنا بما علمتنا

وزدنا علما يا رب العالمين ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك

رؤوف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم

لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما

تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون..
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أذكار, أدعية, خطب, خطبة الجمعة, صلاة الجمعة, إسلاميات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من يوقف هدردماءاهل السنه يامسلمين في ايران المجوسيه الرافضية الصفوية ؟؟ ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 10 29-04-2015 06:44 PM
إبن سبأ اليهودي مؤسس الديانة الشيعية ابو عائشة الطائي فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 2 20-12-2009 10:31 PM
غزوات حدثت في شهر الانتصارات في رمضان المناضل السليماني مجلس الإسلام والحياة 5 30-08-2009 06:27 AM
أرقـــــــام وإيمـــيــلاتــ الدكـــتـــور جــــــــابـــــر القحطاني وبعض الوصفاتـــ سعيد الجهيمي عالم الصحه والغذاء 12 20-03-2008 12:02 PM
فتاوى السحر والمس والعين مفرغا من شريط للعلامة ابن باز : اعداد بعض طلبة العلم ابو اسامة مجلس الإسلام والحياة 11 26-05-2007 01:52 PM


الساعة الآن 12:27 AM

سناب المشاهير