مشرف مجلس التربية والتعليم
تاريخ التسجيل: Jul 2006
الدولة: نجد
المشاركات: 8,288

رد : رحلتي رقم 11 والتي إنقلبت إلى مأساة
بسم الله الرحمن الرحيم
(تكملة للحلقة التاسعة)
كنا نتسائل لماذا سيحيلون ابوعبدالله المسكين للمحكمة العسكرية ؟؟؟
نحن لانعرف مامعنى محكمة عسكرية أصلاً ..كل مانعلم أنها خاصة لمحاكمة العسكريين فقط ....شئ غريب فعلا....
رأيت بجانبنا مجموعة من الشباب هيئتهم ولباسهم توحي بأنهم مثقفين كان أحدهم بيده كتاب وأوراق وكانوا
يجلسون متقاربين ويتحدثون بجديه فلما عرفت أن أحدهم محامي ذهبت إليهم وسلمت عليهم وطلبت الحديث
مع المحامي على إنفراد فأعتذر مني بلطف وقال نحن نتناقش بموضوع مهم وأنا أوعدك بمجرد ماأنتهي
سآتيكم وسأكون تحت أمرك بأي استفسار وفعلا جائنا بعد ساعة تقريبا وأستمع لأستفساراتنا جميعا وأجابنا عليها كلها....
كان هو ومن معه من المعارضين ومن الناشطين بمجال حقوق الإنسان ...
لما سألته عن موضوعي قال لي :أولاً اريدك أن تعلم أن القضية (لابستك) هكذا قالها...
ولكن القضاة الآن أنا أعرف أكثرهم وهم شباب ويتفهمون الأوضاع ولوكانت قضيتك هذه قبل بضع سنين
لدخلت السجن وبكل بساطة...
وكرر علي كلام الدكتور ابومحمد عندما قال انه لايوجد عليك مستمسك من مخدرات أوماشابه ولايوجد
عليك إعتراف..وقال لي بالحرف الواحد تطمن
(شغلتك سخيفة)
قلت له والله ياأستاذي هذه أحلى كلمة سخيفة سمعتها بحياتي ههههههههه...وبالنسبة لموضوع أخونا
أبوعبدالله فقد قال له المحامي لايوجد إلا تفسير واحد لتحويلك للقضاء العسكري وهو أن يكون أحد أطراف
القضية يعمل بالقطاع العسكري هذا هو التفسير الوحيد.....
((وللعلم مازلت حتى يومنا هذا أتصل على جوال أبوعبدالله ولكنه مقفل))
ايضاً احد العراقيين وبعد عودتي للسعودية بشهر تواصل معي عن طريق الماسنجر وقال أنه لم يرى
أابوعبدالله منذ ذلك اليوم الذي حولوه إلى المحكمة العسكرية...أتمنى فعلا أن يكون بخير...
سهرنا تلك الليلة كثيراً وفي تلك الليلة أيضا كنت أتحدث مع الشاب الأفغاني وهو شاب في أوائل العشرينات
ومن مواليد سوريا ويتكلم بلهجة شامية بحته كان يقول لي هل تعلم أن فرع الأمن السياسي الذي كنا فيه
يعتبر جنه بالنسبة للفرع الذي كنت أنا فيه؟؟ قلت كيف ؟؟
قال سأحدثك عن الفرع الذي كنت فيه وهو فرع فلسطين..وهو من أشد الفروع الأمنية بالقسوة والتعذيب
في دمشق يقول كنا في غرفة صغيرة تحت الأرض ولايوجد عندنا إضاءة ولانعرف الليل من النهار إلا من
أوقات دخول الطعام ويقول أيضا من كثرة السجناء وضيق المكان كنا لانستطيع التمدد بل إذا أردنا النوم
يجب أن يكون هناك مجموعة يقفون وننام نحن ولكن لانستطيع التمدد أبداً بل ننام جلوس وملتصقين
ببعضنافإذا إستيقظنا يأتي من كان واقفاً لينام جالساً ونقف نحن...
يقول في أحد الأيام أصيب شاب سعودي بحالة غريبة من قلة النوم فأصبح يجري بالغرفة ويدوس على
الناس حتى وصل للحمام ونزع قميصة وقام بمسح البلاط ونام بالحمام ...
يقول كنا إذا أردنا الحمام طرقنا الباب عليه ففتح وخرج فإذاخرجنا
يعود هو للنوم مرة أخرى داخل الحمام...وبقي على هذا الحال يومين أو ثلاثة حتى عاد لحالته الطبيعية...بل
حتى ماء الشرب تسبب لنا بجروح بالحلق وكنا نبتلع الطعام بصعوبة بسبب هذه الجروح...
هذه القصص عن فرع فلسطين سمعت مثلها من شاب أردني من أصل فلسطيني وأيضا سمعتها من شاب
يمني ...كلهم تطابق وصفهم لهذا المكان وشرحوا لي كيف كانوا يعيشون بالظلام...وللمعلومية فرع فلسطين
هذا هو نفسه الذي حدث عنده إنفجار العام الماضي وشاهدنا الخبر جميعاً في نشرات الأخبار..
مضت تلك الليلة ولم نستطيع النوم بسبب الإزعاج والبرد الشديدوالسرير الغريب والروائح الكريهة....
ولكن على الأقل كنت مرتاح وسعيد جداً لماعلمت بسفر زوجتي ووصولها بسلام فقد إنزاح عني بهذا الخبر 90% من همي .....
وقبل الفجر بقليل غفوت قليلا وأيقظني شاب عراقي للصلاة فقمت وتوضأت وصليت فوق السرير وبدأت
أنا وشاب عراقي يحمل الجنسية الكندية بالدعاء وقراءة مانحفظ من القرآن ...حتى نادوا علينا وبدأنا
بالخروج بالساحة ووضعوا تلك السلاسل بأيدينا
(كنت اظن أن هذه الطريقة بتققيد السجناء قد أنقرظت)
وركبنا الباصات وجلست انا وأبوعبدالله بمقعدين متجاورين ...وأنطلقنا
وفي الطريق قلت لعلي لن أرى ابوعبدالله بعد هذا اليوم فقلت له ياابوعبدالله سأعطيك رقم جوالي قال خذ أنت
رقم جوالي فأنا لاأحفظ الأرقام فحفظت رقمه ولما وصلنا للمحكمة وأدخلونا للتوقيف الموجود هناك مكثنا
مدة ربع ساعة وفجأة نادوا على ابوعبدالله وكانت تلك آخر مره أراه فيها والله لن أنسى نظرته عندما نادوا
عليه فكانت تلك اول مره ارى نظرة القلق بعيونه ...لك الله ياابوعبدالله والله لن يضيعك سبحانه ولن تضيع صلاتك ودعائك ابداً....
جلست بتلك الدقائق أستغفرالله وأدعوه......وبعد نصف ساعة تقريبا جاء جندي وبجانبه رجل مدني ونادى
علي ولما أقتربت من الشبك قال لي هذا المحامي يريدك فعرفني المحامي بنفسه وقال أنا المحامي محمد
نخال وقد إتصل بي أخوك ليلة البارحة وسوف أرسل لك بعد قليل وكالة لي كي توقعها فقلت هل سأدخل
على القاضي اليوم قال إن شاءالله...بعدها ذهبت للمحامي السجين معنا وأخبرته فقال لي ممتاز معنى هذا أنه
سيدفع للشرطة بالخارج لكي يدخلوك على القاضي اليوم؟؟
وبعد نصف ساعة نادوا علي وذهبت بصحبة أربعة سجناء وطبعاً قيدونا وكان المحامي يقف عند مدخل
مكتب القاضي ومعه فتاةمحجبة اظنها متدربة وجلسنا ننتظر عند باب القاضي حتى يأذنوا لنا بالدخول
عندها قلت للمحامي هل تعرف تفاصيل قضيتي قال أخوك شرح لي كل شيئ قلت هل تريد أن تعرف شيئ
آخر قال لا ....كان المحامي في قمة البرود ...
وأنا لاأكره شيئ بهذه الحياة بقدر ماأكره البرود...إنتظرنا دقائق وبعدها دخلنا للقاضي فجلست بجهه وجلس
المحامي بجهه أخرى وبدأالقاضي والذي كان يدخن يسألني وهناك شخص بجانبه يكتب ...
وبعدقليل قال القاضي خلاص أنتظروا بالخارج ....
كان نوع الأسئلة كالتالي
مالغرض من زيارة سوريا
قلت سياحة
قال سياحة بالشتاء؟؟
قلت أغلب زياراتي لسوريا بالشتاء وأنا أفضل السياحة بالشتاء
سألني عن الرقم المشبوة
قلت لاأعرف عنه أي شيئ
سألني عن طبيعة عملي فأجبته
هذا كل ماأذكره ....كانت لحظات صعبة جدا ولكني لم أكثر الكلام
فقط كنت أجيبه
جلست بالخارج أنتظر والمحامي واقف وكنا ننتظر أن يخرج الجندي بورقة الحكم كانت لحظات صعبة
جلست أستغفروأدعوا... ياالله بماذا سيحكم هذا القاضي ؟؟
بعدتلك اللحظات الصعبة خرج الجندي وبيده أوراق فشاهدها المحامي الباردجدا وأنا أسأل مالخبر ولكن
لاحياة لمن تنادي يقول خلاص خلاص
أقول في نفسي :
..(وش خلاص جعل تخلص روحك) ...والله إحترقت أعصابي بعدها نطق قالب الجليد وقال خلاص بتطلع ......
ياربي لك الحمد اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمدإذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى حمداً كثيراً طيباً
مباركاً فيه ....
بعدها ذهب المحامي بجهه وذهبت أنا بجهه وعند نزولنا قلت للعسكري ماهو الحكم هل هو إخلاء سبيل أم
إبعاد من البلاد قال ستخرج اليوم عصراً وطبعا طلب مني نقود (إكراميه) ولم أعطه فساعتها لم يكن لدي
غير 400 ليرة (30ريال)....
ولمارجعت قال لي أحدالشباب لقد كان هنا محامي يسأل عنك عندما كنت بالأعلى فقلت له أن المحامي كان
معي قال لا كان هناك محامي آخر يسأل عنك وفعلا بعدقليل جاء محامي آخرونادى علي وقال أنا المحامي
على محمد وقد تم تكليفي من قبل السفارة بمتابعة قضيتك ....
ياربي لك الحمد لقد كنت أظن أني سأدخل للقاضي بدون محامي أصلاً
والآن لدي بدل المحامي إثنين سبحان ياأرحم الراحمين...
وللأمانه ياأخوان فهذا المحامي افضل بكثير من السابق وقد خدمني كثيراً في وقت لاحق بموضوع إخراج
السيارة من الحجز....
كان علينا الإنتظار حتى العصر كي نخرج من هنا كنت أظن أنهم في نهاية الدوام سيعطوني جوازي ويخلى
سبيلي....
فمالذي حدث بعد ذلك؟؟؟
وكيف كانت الأيام القادمة أصعب مماسبقها ..
وكيف قضيت أحد الأيام ب25ليرة فقط ((ريالين تقريبا))
وكيف بدأوأنتهى مسلسل الإبتزاز؟؟
((وماهي قصة الجاسوس السعودي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟))
هذا ماسأكتبه لكم بالحلقه القادمه إن شاءالله...