الحديث عن تسعير النفط يعني الحديث عن الزعامة الامريكية للعالم بأكمله، ولا شك أن التساؤل الأول الذي يطرح نفسه بعدما تناقلت الأخبار نبأ عقد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في روسيا والصين واليابان والبرازيل اجتماعات سرية بشأن خطة تقتضي عدم استخدام الدولار في تسعير النفط هو ما تاثير ذلك علي مستقبل الهيمنة الأمريكية على العالم؟ تتطلب الإجابة عن هذا السؤال العودة إلى شيء من تاريخ استخدام الدولار كعملة احتياط دولية وكعملة ربط على المستوى العالمي.

ترجع بدايات استخدام الدولار كعملة عالمية إلى نهايات الحرب العالمية الثانية حينما اجتمع ممثلوا 44 دولة بالمنتجع الصيفي بريتون وودز بأميركا وتم خلالها ربط الدولار بالذهب، وبقية دول العالم مرتبطة بالذهب بطريقة غير مباشرة عن طريق ربطها بالدولار الأمريكي. لقد اصبح الدولار منذ بريتون وودز العملة العالمية والذي مكن امريكا من تمويل نمط حياتها الاستهلاكي، فهي تستورد كل احتياجاتها وتمول كل حروبها العدوانية من خلال طبع عملة ورقية لا قيمة لها.

وبسبب التوسع الامبريالي سواء التوسع الاقتصادي بفتح الأسواق العالمية أمام البضائع والاستثمارات المالية الأميركية أو التوسع العسكري من خلال السيطرة على منابع الطاقة وإمداداتها، والذي يتطلب تغيير أنظمة الحـكم كما حدث مؤخرا للعراق. كل ذلك أدى الى انخفاض مخزون الذهب في الولايات المتحدة من 17848طن في نهاية عام 1945م، أي ما نسبته 63.0في المئة من إجمالي احتياطيات الذهب العالمية إلى 9070طنا في عام 1971م والذي ادي الي تعذر استبدال الدولار الأمريكي بالذهب، حيث كانت كل من فرنسا وبريطانيا تقوم بعمليات استبدال مليارات الدولارات بالذهب، بقصد تفريغ الخزائن الأمريكية من الرصيد الذهبي، مما حدا بالرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون عام 1971 الي فك ارتباط الدولار بالذهب نهائيا.ً ً

من الأهمية بمكان أن نعيد طرح السؤال الهام مرة أخرى وبصيغة مختلفه: "هل تخلي دول العالم وخاصة الدول الخليجية عن الدولار يمكن أن يهدد الهيمنة الأمريكية ويقوض قدرتها على تمويل حروبها العدوانية؟" خصوصا إذا عرفنا أن الولايات المتحدة الامريكية حاليا تطبع الدولار بدون غطاء ذهب وان ورق الدولار يأتي من خشب شجرة الصنوبر والتي بحسب قول كينيث جيه مؤسس ورئيس شركة Gerbino & Company ان كلفة هذه الشجرة تقدر مابين 4000 الي 5000 دولار حيث يتم تقطيعها ثم تحويلها إلى ورق وبعد اضافة بعض الالوان والرسومات تصبح قيمة هذه الشجرة التي لا يزيد تكلفتها عن 5000 دولار الي مليار دولار.

لذا فإنه قد يكون من غير المبالغ فيه أبداً القول بأن وقف استخدام الدولار كعملة رئيسية في سوق النفط العالمية سيكون بمثابة المسمار الأخير الذي يدق في نعش الزعامة والهيمنة الامريكية. وعندما تقرر دول مثل روسيا والصين واليابان والبرازيل وقف استخدام الدولار في تسعير النفط وغيره فإنه مما لا شك فيه أن ينعكس أثر ذلك بشكل سلبي على الاقتصاد الأمريكي بصفة عامة.

إن المستقبل يتوقف على القرارات التي نصنعها اليوم، فاذا ما قررت دول الخليج التوقف عن مبادلة نفطها بالدولار فإن معظم دول العام إن لم يكن جميعها ستتوقف عن استخدام الدولار وهو ما سيؤدي الي انهيار الدولار وهذا -إذا حدث- يعني انهيار شامل للاقتصاد الأمريكي وإعلان امريكا افلاسها لانها ببساطة لن يكون بمقدورها استبدال دولاراتها الموجودة في الخارج بسلع وخدمات. فهل تبادر دول الخليج بدق المسمار الاخير بنعش الامبراطورية الامريكية.

مع تحياتي

شاهين بيات العسيرى

فلاح أل راكان

شكرا على مرورك و تقديرك لموضوعي البسيط تحياتي الخالصة لك

خالد العاصمي


جزاك الله ألف خير اخوي خالد العاصمي على تعقيبك لموضوعنا فعلا لن تقوم لدول الخليج قائمة في وجه الدول الأخرى الا بالتقدم العلمي والأقتصادي وتطوير الفرد والمجتمع.

لكن إسمح لي أخي الكريم أن أضيف بإن التقدم العلمي والإقتصادي يحتاج إلى توافر شروط معينة تشجع على جذب الإستثمار، أهمها وجود إستقرار أمني والذي هو للأسف الشديد غير متوفر حاليا.ً فالأمن هو قضية مهمة يجب ان ننتبه لها، فلا يمكن تحقيق تقدم مادي من دون أمن، فتحقيق الأمن والاستقرار يعد شرط جوهري لدفع مسيرة التقدم العلمي والإقتصادي في المنطقة.

بالاضافة الى الإستقرار الأمني، فالتقدم العلمي والإقتصادي يتطلب تشكيل تكتل إقتصادي بين الدول العربية. فكما تعرف أخي الكريم نحن الآن في عصر التكتلات الإقتصادية الكبيرة مثل"نافتا" و"الآسيان" و"السوق الأوروبية المشتركة". فنحن في حاجة إلى تكتل إقتصادي أوسع من تكتل مجلس التعاون، تكتل يساهم في نقل التكنولوجيا والتقنية المتطورة من خلال جذب الإستثمار المباشر، وأقصد بالإستثمار المباشر هو إنشاء فروع لشركات أجنبية تنقل هذه التكنولوجيا إلى منطقتنا العربية، فالصين علي سبيل المثال تمكنت من نقل التكنولوجيا إليها من خلال الإ ستثمار المباشر.

فالعالم يتجه نحو التكتلات، ونحن في مجلس التعاون وعلي الرغم من مرور ما يقارب الثلاثة عقود علي إنشائه، إلا إننا لم نتمكن من إصدار عملة خليجية موحدة، بل ولا حتى الإتفاق على مكان وجود البنك المركزي الموحد.