ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


مجلس الإسلام والحياة يهتم هذا القسم بجميع مايتعلق بديننا الحنيف

إضافة رد
قديم 21-06-2011, 01:41 PM
  #1
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

هل تحُسْنُ الظَّنِّ بِاللهِ تَعَالَى


الخطبةُ الأولَى

الحمدُ للهِ خَالقِ كُلِّ شيءٍ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وسعَتْ رحمتُهُ كُلَّ شيءٍ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ أَرسلَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ القائلُ صلى الله عليه وسلم:« إِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ مِنْ حُسْنِ عِبَادَةِ اللَّهِ»رواه الترمذي
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.

أمَّا بعدُ: فإنِّي أُوصِيكُمْ وإيَّايَ بتقوَى اللهِ جلَّ وعلاَ، قَالَ سبحانَهُ وتعالَى : (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) الأنفال29

عبادَ اللهِ: إنَّ اللهَ سبحانَهُ وتعالَى قَدْ فتَحَ لعبادِهِ بابَ الصلَةِ فيمَا بينَهُ وبينَهُمْ، وحثَّهُمْ علَى الرجوعِ والإنابةِ إليهِ، وحسنِ الظنِّ بهِ سبحانَهُ وتعالَى، كمَا جاءَ فِي الحديثِ القدسِيِّ :« يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ»(روه مسلم)
حديثنا في هذه الجمعة عن حسن الظن بالله تعالى
ما معنى حُسن الظن بالله ؟

معنى حُسن الظن بالله عَزَّ و جَلَّ هو إعتماد الإنسان المؤمن على ربِّه في أموره كلها ، و يقينه الكامل و ثقته التامة بوعد الله و وعيده ، و إطمئنانه بما عند الله ، و عدم الإتكال المُطلق على تدبير نفسه و ما يقوم به من أعمال

أيُّها المسلمونَ: إنَّ حُسْنَ الظنِّ باللهِ تعالَى يستوجِبُ محبةَ لقائِهِ يومَ القيامةِ والشوقَ إليهِ سبحانَهُ للفوزِ بعفْوِهِ ومغفرتِهِ، عنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: « إِنْ شِئْتُمْ أَنْبَأْتُكُمْ مَا أَوَّلُ مَا يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا أَوَّلُ مَا يَقُولُونَ لَهُ؟
قُلْنَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ: هَلْ أَحْبَبْتُمْ لِقَائِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ يَا رَبَّنَا. فَيَقُولُ: لِمَ؟ فَيَقُولُونَ: رَجَوْنَا عَفْوَكَ وَمَغْفِرَتَكَ. فَيَقُولُ: قَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ مَغْفِرَتِي»([رواه الامام احمد]).
أجلْ يَا عبادَ اللهِ هكذَا، فلنُحْسِنِ الظنَّ بربِّنَا عزَّ وجلَّ فقدْ سمَّى نفسَهُ بالتوابِ والعفوِّ والغفورِ والرحيمِ، ونَهانَا عنِ القنوطِ واليأْسِ منْ رحمتِهِ، فقالَ عزَّ مِنْ قائلٍ: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(الزمر53)

أيهَا المؤمنونَ: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قدْ فتحَ لنَا أبوابَ الرجاءِ العظيمةَ، وحثَّنَا علَى حُسنِ الظنِّ بهِ سبحانَهُ وتعالَى، وأمرَنَا بالإكثارِ مِنْ ذكرِهِ جلَّ وعلاَ، ورغَّبَنَا فِي التقَرُّبِ إليهِ بالطاعاتِ حتَّى نفوزَ برضوانِهِ، واعلمُوا أنَّ اللهَ تباركَ وتعالَى يعاملُ العبدَ علَى حسبِ ظنِّهِ بهِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :« يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً»(رواه البخاري)

قال ابن القيم رحمه الله ولا ريب أن حسن الظن بالله إنما يكون مع الإحسان، فإن المحسن حسن الظن بربه، أنه يجازيه على إحسانه، ولا يخلف وعده، ويقبل توبته، وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه، وهذا موجود في الشاهد فإن العبد الآبق المسيء الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به، ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبداً، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته، وأحسن الناس ظناً بربه أطوعهم له. كما قال الحسن البصري: ( إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وأن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل ).
وكيف يكون محسن الظن بربه من هو شارد عنه، حال مرتحل في مساخطه وما يغضبه، متعرض للعنته، قد هان حقه وأمره عليه فأضاعه، وهان نهيه عليه فارتكبه وأصر عليه، وكيف يحسن الظن بربه من بارزه بالمحاربة، وعادى أولياءه، ووالى أعداءه، وجحد صفات له، وأساء الظن بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله وظن بجهله أن ظاهر ذلك ضلال وكفر.
وكيف يحسن الظن بمن يظن أنه لا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ولا يرضى ولا يغضب، وقد قال الله تعالى في حق من شك في تعلق سمعه ببعض الجزئيات، وهو السر من القول وَذَلِكُمُ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم أَردَاكُم فَأَصبَحتُم مِنَ الخَاسِرِينَ [فصلت:23].
فهؤلاء لما ظنوا أن الله سبحانه لا يعلم كثيراً مما يعلمون كان هذا إساءة لظنهم بربهم، فأرداهم ذلك الظن. وهذا شأن كل من جحد صفات كماله ونعوت جلاله، ووصفه بما لا يليق به، فإذا ظن هذا أنه يدخله الجنة كان هذا غروراً وخداعاً من نفسه، وتسويلاً من الشيطان، لا إحسان ظن بربه.
فتأمل هذا الموضع، وتأمل شدة الحاجة إليه، وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملاق الله، وأن الله يسمع كلامه ويرى مكانه، ويعلم سره وعلانيته، ولا يخفى عليه خافية من أمره، وأنه موقوف بين يديه ومسئول عن كل ما عمل، وهو مقيم على مساخطه مضيع لأوامره معطل لحقوقه، وهو مع هذا يحسن الظن به.
وهل هذا إلا من خدع النفوس وغرور الأماني. وقد قال أبو سهل ابن حنيف: ( دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها فقالت: لو رأيتما رسول الله في مرض له، وكانت عنده ستة دنانير، أو سبعة دنانير. فأمرني رسول الله أن أفرقها، فشغلني وجع رسول الله حتى عافاه الله، ثم سألني عنها { ما فعلت أكنت فرقت الستة دنانير }، فقلت لا والله، لقد كان شغلني وجعك، قالت: فدعا بها فوضعها في كفه، فقال: { ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده }، وفي لفظ { ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده } ).
فبالله ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله إذا لقوه ومظالم العباد عندهم، ويدعون انهم يحسنون الظن بالله

وقد قال إبراهيم لقومه: أَئِفكاً ءَالِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ العَالَمِينَ الصافات:87،86
أي ما ظنكم به أن يفعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره.
ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه، فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل حسن ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ويثيبه عليها ويتقبلها منه، فالذي حمله على حسن العمل حسن الظن، فكلما حسن ظنه بربه حسن عمله.
وإلا فحسن الظن مع اتباع الهوى عجز، كما في الترمذي والمسند من حديث شداد ابن أوس عن النبي قال: الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.
وبالجملة فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتى إحسان الظن.
قال القاضي أبو يعلى: إن الظن منه محظور وهو سوء الظن بالله والواجب حسن الظن بالله عز وجل.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : حسن الظن من حسن العبادة رواه أ حمد وأبو داود
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يحل لامرىء مسلم يسمع من أخيه كلمة يظن بها سوءاً وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجاً. وقال أيضاً: لا ينتفع بنفسه من لا ينتفع بظنه.
وقال ابن عباس رضي الله عنه: الجبن والبخل والحرص غرائز سوء يجمعها كلها سوء الظن بالله عز وجل.
وفي الصحيحين أن صفية أتت النبي تزوره وهو معتكف، وأن رجلين من الأنصار رأياهما فأسرعا فقال النبي : على رسلكما إنها صفية بنت حيي فقالا: سبحان الله يا رسول الله. قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا أو قال: شرا.


عباد الله أقبلُوا علَى اللهِ تعالَى، وأحسنُوا ظنَّكُمْ بهِ، وتقرَّبُوا إليهِ فإنَّهُ قريبٌ منْ عبادِهِ كمَا قالَ فِي كتابِهِ الكريمِ : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)(البقرة186)
فحسن ظنك هنا بأن الله يستجيب لك مالم تدعوا باثم ولا قطيعة رحم

واستنُّوا بسنةِ نبيِّكُمْ سيدِنَا محمدٍ صلى الله عليه وسلم القائلِ :« يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ رواه الامام احمد
اقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم

الخطبةُ الثانيةُ

الحمدُ للهِ التوابِ الرَّحيمِ، فتحَ بابَ الْقُرْبِ والإنابةِ لعبادِهِ أجمعينَ، وأشهدُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ ولِيُّ الصَّالحينَ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمَّدًا إمامُ المستغفرينَ والتَّائبينَ، اللهمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيِّدِنَا محمَّدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ.

أمَّا بعدُ: فاتَّقُوا اللهَ عبادَ اللهِ وتوبُوا إليهِ, واعلمُوا أنَّ حُسْنَ الظَّنِّ باللهِ تعالَى يقتضِي حُسْنَ العملِ، وعلَى المسلمِ أنْ يظنَّ أنَّ اللهَ تعالَى راحمٌ، كاشفٌ للغَمِّ، فارِجٌ للكَرْبِ، حبيبٌ إلَى الخلْقِ، قريبٌ مِنَ العبدِ، فتعرَّضُوا لرحمةِ اللهِ تعالَى، وأكْثِرُوا مِنْ ذكرِهِ عزَّ وجلَّ اقتداءً بسيدِنَا محمدٍ صلى الله عليه وسلم إذْ قالَ :«وَاللَّهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً»(رواه البخاري)
ومن الظن المحرم الظن باخوانك المسلمين فقد قال الله تعالى يا ايها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم فالبعض عافانا الله عنده وساوس وشكوك في الناس فلو راى اثنان يتناجيان ظن ان الحديث فيه ولو راى اي حركة ظن انك تقصده نسال الله العافية
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْه، قَالَ تَعَالَىإِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)( الاحزاب56)
ويَقُولُ الرسولُ صلى الله عليه وسلم:« مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً»(رواه مسلم)
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، اللهُمَّ أعِنَّا علَى حُسنِ الظنِّ بكَ يَا ربَّ العالمينَ، واجعلْنَا منَ المستغفرينَ الحامدينَ الشاكرينَ، اللهُمَّ إنَّا نسألُكَ مِنَ الخَيرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وآجِلِهِ مَا عَلِمْنَا مِنهُ ومَا لَمْ نعلمْ، ونعوذُ بِكَ مِن الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وآجِلِهِ مَا عَلِمْنَا مِنهُ ومَا لَمْ نَعلمْ، اللهمَّ إنَّا نَسألُكَ مِمَّا سَألَكَ منهُ سيدُنَا مُحمدٌ صلى الله عليه وسلم ونَعُوذُ بِكَ مِمَّا تَعوَّذَ مِنْهُ سيدُنَا مُحمدٌ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ،
عبادَ اللهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(النحل90)

اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) العنكبوت14
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-08-2011, 02:05 PM
  #2
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

ايها الصائمون

الخطبة الاولى

قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .
قالوا بأن الصوم ثلاث درجات: صوم العموم، وصوم الخصوص، وصوم خصوص الخصوص.
أما صوم العموم: فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة.
أما صوم الخصوص: فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام.
أما صوم خصوص الخصوص: فصوم القلب عن الأمور الدنية والأفكار الدنيوية وكفه عما سوى الله فهو اقبال بكامل الهمة على الله جل وتعالى وانصرافه عن غيره.
قال ابن رجب رحمه الله: الطبقة الثانية من الصائمين: من يصوم في الدنيا عما سوى الله، فيحفظ الرأس وما حوى، ويحفظ البطن وما وعى، ويذكر الموت والبلى، ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا.
مثل هذا الصائم ليس عيده أول يوم من شوال، وانما عيده يوم لقاء ربه، وفرحته برؤيته.
أهل الخصوص من الصُوّام صومهم صون اللسان عن البهتان والكذب
والعارفون وأهل الأنس صومهم صون القلوب عن الأغيار والحجب
من صام عن شهواته أدركها غداً في الجنة، ومن صام عما سوى الله فعيده يوم لقائه، قال الله تعالى: من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت .
فيا معشر الصائمين: صوموا اليوم عن شهوات الهوى لتدركوا عيد الفطر يوم اللقاء، لا يطولن عليكم الأمل باستبطاء الأجل، فإن معظم نهار الصيام قد ذهب، وعيد اللقاء قد اقترب.
أيها الصائمون:-
إن تمام الصوم وكماله، وكلكم يطلب ذلك، لا يتم إلا بستة أمور:-
الأول: غض البصر وكفه عن الإتساع في النظر إلى كل ما يحرم ويذم ويكره.
قال الله تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن .
وعن جرير بن عبدالله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فقال: ((اصرف بصرك)) رواه مسلم.
فحذار ثم حذار أخي الصائم من فضول النظر، فضلاً عن النظر إلى شيطان العصر، الذي أخذ بلب العاقل قبل الساذج. وهي القنوات الخبيثة



لا تجرح يا أخي صومك، ولا تنقص من أجرك فليس هذا عمل من يطلب لصيامه التمام والكمال.
ماذا يعرض التلفاز؟ يكفي ما فيه من فتن المارقات الماجنات، السافرات العاصيات.
يكفي ما يُثار من غرائز في صدور الرجال. نظرات خائنة، وغمزات جائعة، وتكشف وعري، وتفسخ بذئ، ونزول إلى درجة البهيمية.
لواحظنا تجنى ولا علم عندها وأنفسنا مأخـوذة بالجرائـر
ولم أر أغبى من نفوس عفائف تصدق أخبار العيون الفواجر
ومن كانت الأجفان حُجّاب قلبه أذِنّ على أحشائه بالفواقــر
ماذا جنيت يا أخي الصائم في إطلاق نظرك في الصور المعروضة، هل زادت حسناتك، هل زاد إيمانك، هل تعلمت علماً يقربك إلى الجنة ويباعدك عن النار؟
أظن الجواب هو عكس ذلك كله، وأنت أدرى بنفسك من غيرك بك.
اتعظ يا أخي ببعض أخبار من مضى، وإليك هذا الخبر، قال أبو الأديان: كنت مع استاذي أبي بكر الدقاق، فمّر حدث فنظرت إليه، فرآني أستاذي وأنا أنظر إليه، فقال: يا بني لتجدّن غِبها ولو بعد حين. يقول: فبقيت عشرين سنة وأنا أراعي الغِبّ، فنمت ليلة وأنا متفكر فيه، فأصبحت وقد نسيت القرآن كله.
فهل تريد يا أخي أن تجد حسرة هذه النظرات ولو بعد حين، فتفقد شيء من إيمانك أو حسنتاك عند لقاء ربك، والسبب النظر في التلفاز.
فقل للناظرين إلى المشتهى في ديارهم، هذا أنموذج من دار قرارهم، فإن استعجل أطفال الهوى لمآلهم، فعدهم قرب الرحيل إلى ديارهم، قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم.
الثاني: حفظ اللسان عن فضول الكلام والهذيان والخوض في الباطل والمراء والجدال والخصومة والكذب والنميمة والفحش والمراء والسب وبذاءة اللسان، والسخرية والإستهزاء. وإلزامه السكوت والصمت وشغله بذكر الله وتلاوة القرآن، فهذا صوم اللسان.
من أطلق عذبة اللسان، وأهمله وأرخى له العنان، سلك به الشيطان في كل ميدان، وساقه إلى شفا جرف هار، إلى أن يضطره إلى البوار، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم.
قال محمد بن واسع لمالك بن دينار: يا أبا يحيى حفظ اللسان أشد على الناس من حفظ الدينار والدرهم.
تدبر يا عبدالله في قول الله تعالى: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد .
الكلام أربعة أقسام: قسم هو ضرر محض، وقسم هو نفع محض، وقسم هو ضرر ومنفعة، وقسم ليس فيه ضرر ولا منفعة.
فأما الذي هو ضرر محض فلابد من السكوت عنه، وكذلك ما فيه ضرر ومنفعة.
وأما مالا منفعة فيه ولا ضرر فهو فضول، والإشتغال به تضييع زمان، وهو عين الخسران، فلا يبقى إلا القسم الرابع، وبذلك يكون سقط ثلاثة أرباع الكلام وبقي ربع، وهذا الربع فيه خطر إذ يمتزج بما فيه إثم من دقيق الرياء والتصنع، وتزكية النفس، وفضول الكلام، وفصل الخطاب قوله صلى الله عليه وسلم: ((من صمت نجا)).
روى البخاري في صحيحه حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: ((كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُـنّـة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم)).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر)).
من هو هذا الرجل؟ وماذا فعل؟
قيل هو الذي يفطر على حرام، أو من يفطر على لحوم الناس بالغيبة أو من لا يحفظ جوارحه عن الآثام.
أما الفرض فقد سقط عنه، والذمة برأت، فلا يعاقب عقاب ترك العبادة، بل يعاتب أشد عتاب، حيث لم يرغب فيما عند ربه من الثواب.
الأمر الثالث: لمن طلب تمام الصيام.
كف السمع عن الإصغاء إلى كل محرم ومكروه.
فكل ما حرم قوله، حرم الإصغاء إليه، ولذلك سوى الله عز وجل بين المستمع وآكل السحت فقال تعالى: سماعون للكذب أكّالون للسحت .
وقال عز وجل: لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت .
اذا لم يكن في السمع من تصاون وفي بصري غض وفي منطقي صمتُ
فحظي إذاً من صومي الجوع والظما فإن قلت إني صمت يومي فما صمتُ
فيا من أطلق أذنه لسماع أصوات المزامير، وأصوات الغناء، اتق الله تعالى في نفسك، واتق الله في صومك، فليس هذا هو صوم الصالحين، وليس هذا من يطلب تمام صومه وكماله.
الأمر الرابع: كف بقية الجوارح عن الآثام.
كف اليد والرجل عن المكاره، وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار، والحرام سُمّ مهلك للدين، والحلال دواء ينفع قليله، ويضر كثيره، وقصد الصوم تقليله.
الأمر الخامس: أن لايستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار، بحيث يمتلئ جوفه، فما من وعاء أبغض إلى الله عز وجل من بطن ملئ من حلال.
وكيف يستفاد من الصوم، قهر عدو الله وكسر الشهوة، إذا تدارك الصائم عند فطره ما فاته ضحوة نهاره، وربما يزيد عليه في ألوان الطعام حتى استمرت العادات بأن تدخر جميع الأطعمة لرمضان، فيؤكل من الأطعمة فيه مالا يؤكل في عدة أشهر.
ورقة القلب وصفاؤه إنما تكون بترك الشبع، قال الجنيد: يجعل أحدهم بينه وبين صدره مخلاة من الطعام، ويريد أن يجد حلاوة المناجاة.
من أكل كثيراً نام كثيراً، فخسر كثيراً، وفي كثرة النوم ضياع العمر وفوت التهجد، وإن تهجد لم يجد حلاوة العبادة.
الأمر السادس: أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقاً بين الخوف والرجاء. اذ ليس يدري أيقبل صومه فهو من المقربين، أو يرد عليه فهو من الممقوتين. وليكن كذلك في آخر كل عبادة يفرغ منها.
مرّ الحسن البصري بقوم وهم يضحكون فقا :
إن الله عزوجل جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه لطاعته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف قوم فخابوا، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون، وخاب فيه المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته.
نسأل الله جل وتعالى أن يرحمنا برحمته.

الخطبة الثانية

أما بعد:
إن رمضان شهر الجود والإحسان، شهر الكرم والعطاء، فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأكرم الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان.
وكان جوده بجميع أنواع الجود، من بذل العلم والمال وبل نفسه لله تعالى في إظهار دينه وهداية عباده، وإيصال النفع إليهم بكل طريق، من إطعام جائعهم، ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم، و تحمل أثقالهم، ولم يزل صلى الله عليه وسلم على هذه الخصال الحميدة منذ نشأ.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمداً يعطي عطاء من لايخشى الفقر. رواه مسلم.
يقول صفوان بن أمية: لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاني، وإنه لمن أبغض الناس إليّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليّ.
دخل النبي صلى الله عليه وسلم على بلال وعنده صُبْرة من تمر فقال: ((ما هذا يا بلال؟ قال: أعد ذلك لأضيافك، قال: أما تخشى أن يكون لك دخان في نار جهنم؟ أنفق بلال، ولا تخشى من ذي العرش إقلالاً)). يقول أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئاً لغد. نعم هكذا كان رسولنا صلى الله عليه وسلم.
تَعَوّدَ بسط الكف حتى لو أنه ثناها القبض لم تجبه أنامله
تراه إذا مـا جئتـه متهـللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله
هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله
ولو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بهـا فليتق الله ســائله
إن الصدقات في رمضان لها عدة خصوصيات:
منها شرف الزمان ومضاعفة أجر العامل فيه.
- ومنها إعانة الصائمين المحتاجين على طاعاتهم، فيستوجب المعين لهم مثل أجرهم. ولهذا فمن فطر صائماً كان له مثل أجره.
- ومنها أن شهر رمضان شهر يجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة، فمن جاد على عباد الله، جاد الله عليه بالعطاء والفضل، والجزاء من جنس العمل.
إن هناك علاقة خاصة بين الصيام والصدقة.
فهما من موجبات الجنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، قالوا: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن طيب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام)).
قال بعض السلف: الصلاة توصل صاحبها إلى نصف الطريق، والصيام يوصله إلى باب الملك والصدقة تأخذ بيده فتدخله على الملك.
الصيام جُنّـة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
الصيام لابد أن يقع فيه خلل أو نقص، والصدقة تجبر النقص و الخلل، ولهذا وجب في أخر شهر رمضان زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو و الرفث.
الصيام والصدقة كفارات لعدد من الأشياء كالأيمان ومحظورات الإحرام وكفارة الوطء في نهار رمضان، بل إن الصوم أول مافرض كان بالتخيير بين الصيام والإطعام ،ثم نسخ ذلك وبقي الإطعام لمن يعجز عن الصيام لكبره.
فعليكم بالصدقة أيها الصائمون فهذا شهركم، خير الناس أنفعهم للناس.
الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، إن لله تعالى أقواماً يختصهم بالنعم لمنافع العباد ويقرّهم فيها ما بذلوها، فإذا منعوها، نزعها منهم، فحولها إلى غيرهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((داووا مرضاكم بالصدقة)).
أما علمت يا أخي أن الصدقة تزيد في العمر. وتبقى لك بعد الممات.
يا أخي الصائم: ما قدر كسرة تعطيها، أو ماسمعت أن الرب يربيها، فيراها صاحبها كجبل أحد، أفيرغب عن مثل هذا أحد.
إن تطوعات البدن لا تتعدى المتطوع، لكن نفع الصدقة متعدد متنوع. من فطر صائم فله مثل أجره. و الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف، و الله يضاعف لمن يشاء.
فيا أيها الصائمون المؤمنون، هذا شهركم، و هذه فرصتكم، فمن لم يتصدق في رمضان فمتى يكون. و كيف ينسى المسلمون بعضهم بعضا.
الدعااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااء
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 16-08-2011, 01:41 AM
  #3
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

يوم الفرقان

الخطبة الأولى
الحمد لله الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله والشكر له على ما أولانا من واسع كرمه وفضله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هدى من هدى بفضله وأضل من أضل بحكمته وعدله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى من جميع خلقه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وصحبه وسلم تسليما.

لما استقر رسول الله وأصحابه في المدينة ونعموا بطيب العيش فيها, وارتاحت نفوسهم, واطمأنت أرواحهم بعد العناء والآلام التي كانوا يلاقونها في مكة وما جاورها, زاد غيظ الكفرة الملحدين فأرسلوا إلى عبد الله بن أُبي بن سلول حيث كان رئيس الأنصار قبل الهجرة كتابًا نصه: إنكم آويتم صاحبنا, وإنا نقسم بالله لنقاتلنه أو لتخرجنه, أو لنسيرن إليكم بأجمعنا, حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح نساءكم, وأرسلت قريش إلى المسلمين تقول: لا يغرَّنكم أنكم أفلتمونا إلى يثرب سنأتيكم فنستأصلكم ونبيد خضراءكم في عقر داركم.
وهكذا... هي سنة الحياة, يغيظ الكفار وأذنابهم أن ترتفع راية الإسلام, أو يهنئ أهله بطيب العيش أو رغد الحياة, بل يغيظ الكفار وأذنابهم أن يأكل المسلم أكلة هنية, أو يشرب شربة روية, بل يحسدون المسلمين على هواء نقي يتنفسونه, هذا هو حال الكفار, منذ قام الصراع بين الحق والباطل إلى اليوم, فكفار اليوم هم أبناء الآباء بالأمس, ومنافقو اليوم ورثوا النفاق صاغرًا عن صاغر.
فأعداء الملة هم أعداء الملة، وإن أبدوا محبة وأظهروا ولاء, اليهود هم اليهود, والنصارى هم النصارى, وعبدة الأوثان هم هم, لم يتغيروا ولن يتغيروا، ما داموا على ملتهم ودينهم, يكيدون للإسلام, وينصبون العداء له, وإن دافعوا عن الإنسان وحقوقه, أو رفعوا شعارات المساواة والتقريب ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم [البقرة:120]. قاعدتهم التي يسيرون عليها وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين [الأنفال:30]. فياليت قومي يعلمون, أو يفيقون فيعقلون.
في جمادى الأولى من السنة الثانية للهجرة خرج رسول الله في مائتين من المهاجرين يعترضون عيرًا لقريش متجهة نحو الشام فبلغوا ذا العشيرة قرب ينبع, فوجدوا العير قد فاتتهم, فعادوا, ولما قرب رجعوها من الشام أرسل رسول الله طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى الشمال لاستكشاف خبرها, فوصلا الحوراء حتى مرَّ بهم أبو سفيان بألف بعير موقرة بالأموال فأسرعا إلى المدينة وأخبر رسول الله الخبر, فقال عليه الصلاة والسلام: ((هذه عير قريش فيها أموالكم, فاخرجوا إليها لعل الله أن ينفلكموها)) رواه ابن إسحاق في سيرته
ولم يعزم على أحد بالخروج, فسار رسول الله بالجيش فيه ثلاثمائة وأربعة عشر رجلاً بفرسين وسبعين بعيرًا يتعاقبونها, وكان النبي وعليٌ ومرثد بن أبي مرثد يعتقبون بعيرًا واحدًا, ودفع لواء القيادة لمصعب بن عمير وكان أبيضًا, وقسم الجيش إلى كتيبتين, كتيبة المهاجرين وأعطى علمها علي بن أبي طالب, وكتيبة الأنصار أعطى علمها سعد بن معاذ, وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام, وعلى الميسرة المقداد بن عمرو, وعلى الساقة قيس بن أبي صعصعة, وهو القائد الأعلى للجيش.
وعلم أبو سفيان بجواسيسه مسير عسكر المؤمنين فأرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة, فصرخ ببطن الوادي واقفًا على بعيره, وقد جدع أنفه, وحول رحله, وشق قميصه وهو يقول: يا معشر قريش, اللطيمة. اللطيمة, أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه, لا أرى أن تدركوها, الغوث الغوث.
فتحفز الناس سراعًا وتجمع نحو ألف وثلاثمائة مقاتل, في مائة فرس وستمائة درع وجمال كثيرة لا يعرف عددها بقيادة أبي جهل بطرًا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله [الأنفال:47], وأقبلوا كما قال رسول الله : ((بحدهم وحديدهم يحادون الله, ويحادون رسوله)) رواه ابن إسحاق في سيرته
وقد أفلت أبو سفيان بالعير فسار باتجاه الساحل, وأرسل رسالة إلى جيش قريش وهم في الجحفة: إنكم خرجتم لتحرزوا عيركم ورجالكم وأموالكم, وقد نجاها الله فارجعوا, فهم الجيش بالرجوع, عندها قام الطاغية الأشر أبو جهل, فقال: والله لا نرجع حتى نرد بدرًا, فنقيم بها ثلاثًا فننحر الجزور, ونطعم الطعام, ونسقي الخمر, وتعزف لنا القيان, وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا, فلا يزالون يهابوننا أبدًا, فرجعت بني زهرة وكانوا حوالي ثلاثمائة رجل, فسار الجيش من ألف مقاتل حتى نزل قريبًا من بدر وراء كثيب بالعدوة القصوى.
ولما كان الأمر كذلك كان لابد من موقف بطولي شجاع, يرد كيد أهل مكة في نحورهم ويكسر شوكتهم, وتزعزع قلوب فريق من الناس, وخافوا اللقاء كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقًاَ من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون [الأنفال:5].
واستشار النبي أصحابه, فقام أبو بكر فقال وأحسن, وقام عمر فقال وأحسن, ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله, امض لما أراك الله فنحن معك, والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون [المائدة:24] ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون, فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغمام لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه, فقال له رسول الله خيرًا ودعا له, وهؤلاء القادة الثلاثة كانوا من المهاجرين وهم قلة في الجيش.
فقال عليه السلام: ((أشيروا عليَّ أيها الناس)) وإنما يريد الأنصار, فقال سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله, قال: ((أجل)). فقال سعد: لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقًا عليها أن لا تنصرك إلا في ديارهم, وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم: فاظعن حيث شئت, وصل حبل من شئت, واقطع حبل من شئت, وخذ من أموالنا ما شئت, وأعطنا ما شئت, وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت, وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك, فوالله لئت سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك, ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك. رواه ابن إسحاق في سيرته
الله أكبر, إنه الحب الحقيقي, والولاء الحقيقي, فلا بأس في قاموس العقلاء الصادقين في انتمائهم أن تبذل الأنفس والأموال في سبيل رفع لا إله إلا الله محمد رسول الله, إنه صدق الاتباع، يتمثل في مواقف الصحابة من الرعيل الأول, فلا تلكأ ولا تردد, ولا انهزام, بل اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون, أين هذا من تلك الانهزامية, وذلك التردد, وضعف الولاء عند عدد ليس باليسير من أبناء المسلمين؟!
تعلو به أصواتهم في المجالس والمنتديات, أو ترقمه أقلامهم على أعمدة الصحف والمجلات, ولكن نقول ونحن مشفقون عليهم ما حالنا وحالكم إلا كما قال الأول:
لا يضر القافلة أن تسير إذ الكلاب تنبح
وسر النبي بقول سعد ثم قال: ((سيروا وأبشروا؛ فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين, والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم)) رواه ابن إسحاق في سيرته
وتحرك النبي بأصحابه فنزلوا قريبًا من بدر, واستكشف عليه السلام الأمر بنفسه، فعلم عدد القوم, ومن خرج من أشراف مكة فقال لأصحابه: ((هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها)). رواه ابن إسحاق في سيرته
في هذه الأثناء بدأت أول بشائر النصر في أرض المعركة, أنزل الله المطر, فكان على المشركين وابلاً شديدًا منعهم من التحرك, وكان على المسلمين طلاً طهرهم الله به, وأذهب عنهم رجس الشيطان, ووطأ به الأرض, وصلب به الرمل, وثبت الأقدام, ومهد به المنزل, وبط به على قلوبهم.
وهكذا فالله مع أوليائه يحفظهم ويحرسهم ويحوطهم برعايته, وينصر جنده, وييسر لهم أمورهم, ويذلل العقبات لهم, متى ما ساروا على منهج الحق علمًا وعملاً واعتقادًا يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم [محمد:7].
وتحرك النبي حتى نزل بدرًا فقال الحباب بن المنذر: يا رسول الله, أرأيت هذا المنزل, أمنزل أنزلك الله إياه, ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه, أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: ((بل هو الرأي والحرب والمكيدة)) قال: يا رسول الله, فإن هذا ليس بمنزل, فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء القوم فننزل ونغِّور ـ أي نخرب ـ ما وراءه من القَلب, ثم نبني عليه حوضًا, فنملأه ماء, ثم نقاتل القوم, فنشرب ولا يشربون, فقال رسول الله: ((لقد أشرت بالرأي)) رواه ابن إسحاق في سيرته
فنهض عليه السلام بالجيش حتى أتى أقرب ماء من العدو فنزل عليه شطر الليل, واتخذ النبي له عريشًا على تل مرتفع في الشمال الشرقي لميدان القتال, ثم عبأ رسول الله جيشه, ومشى في موضع المعركة, وجعل يشير بيده ((هذا مصرع فلان غدًا إن شاء الله, وهذا مصرع فلان غدًا إن شاء الله)) رواه مسلم.
ثم بات عليه السلام يصلي إلى جذع شجرة, وبات المسلمون ليلهم بهدوء وسكينة, غمرت الثقة قلوبهم, وأخذوا من الراحة قسطهم, يأملون أن يروا بشائر نصر ربهم بأعينهم صباحًا, وأما جيش مكة المشرك فنزل صباحًا على وادي بدر, ودار عمير بن وهب الجمحي على جيش المسلمين ينظر عددهم فرجع إلى قومه وقال: ثلاثمائة رجل يزيدون قليلاً أو ينقصون, ولكني قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا, نواضح يثرب تحمل الموت الناقع, قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم, والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلاً منكم, فإذا أصابوا منكم أعدادكم فما خير العيش بعد ذلك, فروا رأيكم.
ولما طلع المشركون, وتراءى الجمعان قال رسول الله : ((اللهم هذه قريش قد أقبلت بخُيلائها وفخرها, تحادك وتكذب رسولك, اللهم فنصرك الذي وعدتني, اللهم فأحنهم إلي الغداة)). رواه ابن إسحاق في سيرته
وأخذ النبي يعدل الصفوف بقدح في يده فضرب بطن سواد بن غزية وقال: ((استو يا سواد)) فقال سواد: يا رسول الله, أوجعتني, فأقدني, فكشف عن بطنه وقال: ((استقد)) فاعتنقه سواد, وقبّل بطنه, فقال: ((ما حملك على هذا يا سواد؟)) قال: يا رسول الله, قد حضر ما ترى, فأردت أن يكون آخر العهد بك، أن يمس جلدي جلدك, فدعا له رسول الله بخير. رواه ابن إسحاق في سيرته
ثم أمرهم ألا يبدأوا القتال حتى يأمرهم, وكان أول وقود القتال أن خرج من جيش المشركين الأسود بن عبد الأسد المخزومي وقال: أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه, أو لأموتن دونه, فخرج إليه حمزة رضي الله عنه فضربه ضربة قطع بها نصف ساقه, ثم ثنى عليه بضربة أتت عليه. ثم خرج ثلاثة من فرسان قريش هم عتبة وشيبة ابنا ربيعة, والوليد بن عتبة, وطلبوا المبارزة فخرج إليهم عوف ومعوذ ابنا عفراء وعبد الله بن رواحة فما ارتضوهم ونادوا: يا محمد, أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا, فقال رسول الله : ((قم يا عبيدة بن الحارث, وقم يا حمزة، وقم يا علي)), فأما حمزة وعلي فلم يمهلا قرينيهما أن قتلاهما, وأما عبيدة فاختلف بينه وبين قرنه في ضربتين، فكر علي وحمزة على عتبة فقتلاه واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله, ولم ينشب أن مات بعد ذلك بخمسة أيام رحمه الله ورضي عنه. رواه ابن إسحاق في سيرته
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقًاًً من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون الأنفال:5-8].

الخطبة الثانية

الحمد لله عالم السر والنجوى، يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور؛ أحمده، وأشكره، وأتوب إليه، وأستغفره. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
ولم يزل رسول الله بعد رجوعه من تعديل الصفوف يناشد ربه ويقول: ((اللهم أنجز لي ما وعدتني, اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك, اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد, اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدًا)). رواه البخاري
وبالغ في الابتهال حتى سقط رداؤه عن منكبيه, فرده عليه الصديق وقال: حسبك يا رسول الله ألححت على ربك, وأغفى النبي إغفاءة ثم رفع رأسه وقال: ((أبشر يا أبا بكر, أتاك نصر الله, هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده, على ثناياه النقع)) رواه ابن إسحاق في سيرته. سيرة ابن هشام . ثم خرج من باب العريش, وهو يثب في الدرع ويقول: ((سيهزم الجمع ويولون الدبر)) رواه البخاري
ثم أخذ حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشًا, وقال: ((شاهت الوجوه)) ورمى بها في وجوههم, فما من المشركين أحد إلا أصاب عينه ومنخريه وفمه من تلك القبضة, رواه الطبراني
وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى [الأنفال 17].
وأمر عليه السلام بالهجوم وهو يقول: ((والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا، مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة, قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض)), فقال عمير بن الحمام: بخ بخ, وأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة, فرمى بها, ثم قاتلهم حتى قتل رواه ابن اسحاق.
قال ابن عباس رضي الله عنه بينما رجل من المسلمين يشتد في إثر رجل من المشركين أمامه إذا سمع ضربة بالسوط فوقه, وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم, فنظر إلى المشرك أمامه! فخر مستلقياً، فنظر إليه، فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله فقال: ((صدقت, ذاك مدد السماء الثالثة)) رواه البخاري
, وقال أبو داود المازني: إني لأتبع رجلاً من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي, فعرفت أنه قد قتله غيري.
قال عبد الرحمن بن عوف: إني لفي الصف يوم بدر إذ التفت, فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن إذ قال لي أحدهما سرًا عن صاحبه: يا عم أرني أبا جهل, فقلت: يا ابن أخي, فما تصنع به؟ قال أُخبرت أنه يسب رسول الله , والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا, فتعجبت لذلك, قال: وغمزني الآخر, فقال لي مثلها, فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألاني عنه.
قال: فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه, ثم انصرفا إلى رسول الله فقال: ((أيكما قتله؟)) فقال كل واحد منهما: أنا قتلته, قال: ((هل مسحتما سيفيكما؟)) فقالا: لا, فنظر رسول الله إلى السيفين فقال: ((كلاكما قتله)) رواه البخاري ومسلم وهما معاذ بن عمرو بن الجموح, ومعوذ بن عفراء. وكان النصر بعد ذلك.
الله أكبر... ألا فليصرخ بمثل هذه المواقف في المجالس والدور, ولتسقى هذه البطولة وتلك الغيرة مع ألبان الأمهات, وليعلم الصغار والكبار كيف تكون العزة والدفاع عن الدين ونصرة الحق, والغيرة على الإسلام من أبنائنا الصغار.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: واعلموا أنما غنتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة وإن الله لسميع عليم إذ يريكهم الله في منامك قليلاً ولو أراكهم كثيرًا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلّم إنه عليم بذات الصدور وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلاً ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً وإلى الله ترجع الأمور يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون الأنفال:1-45].
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 23-08-2011, 04:12 PM
  #4
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


زكاة الفطر ووداع رمضان والعيد
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله : ألا وإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد : أيها الناس: اتقوا ربكم وحاسبوا أنفسكم ماذا عملتم في شهركم الكريم، فإنه ضيف قارب الزوال وأوشك على الرحيل عنكم والانتقال، وسيكون شاهدا لكم أو عليكم بما أودعتموه من الأعمال، فابتدروا رحمكم الله ما بقي منه بالتوبة والاستغفار والاستكثار من صالح الأقوال والأفعال والابتهال إلى ذي العظمة والجلال لعل ذلك يجبر ما حصل من التفريط والإهمال.
عباد الله: إن ربكم الكريم شرع لكم في ختام هذا الشهر عبادات جليلة يزداد بها إيمانكم وتكمل بها عباداتكم وتتم بها نعمة ربكم. شرع الله لنا زكاة الفطر ، فقد فرضها رسول الله صاعا من طعام، وهي واجبة بإجماع المسلمين
والدليل على وجوبها قوله تعالىقَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) (الأعلى:14) ورد عن أبي سعيد الخدري وعطاء وقتادة أن التزكي – هنا – المراد به : زكاة الفطر (الملخص الفقهي:1/350،وزاد المسير لابن الجوزي:9/91) في صحيح البخاري وغيره أن أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ )، وفي الصحيحين عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ ) ، (والحكمة من مشروعيتها: أنها طُهرةٌ للصائم من اللغو والرفث، وطعمةٌ للمساكين، وشكرٌ لله تعالى على إتمام فريضة الصيام)(الملخص الفقهي:1/350) فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ(رواه أبو داود وغيره)[حسن . انظر صحيح الترغيب: 1085 ] . فأخرجوا أيها المسلمون زكاةَ الفطر مخلصين لله ممتثلين لأمر رسول الله ، فقد فرضها رسول الله على جميع المسلمين صغيرِهم وكبيرِهم حتى من في المهد، أما الحمل في البطن فلا يجب الإخراج عنه إلا تطوعاً إلا أن يولد قبل ليلة العيد فيجب الإخراج عنه. فأخرجوها طَيّبة بها نفوسكم، واختاروا الأطيب والأنفع، فإنها صاع واحد في الحول مرة، فلا تبخلوا على أنفسكم بما تستطيعون
أما الأصناف التي تُخرج منها فهي: صاعٌ عن كل شخص مما تَطْعمُون من غالبِ قوتِ البلد من البُر أو الشعير أو الأرز أو التمر أو الزبيب أو غير هذه الأصناف مما اعتاد الناسُ أكلَه فإن كانَ قوتُ أهل البلد غيرَ هذه الأصناف أخرجوا من قُوتهم حتى لو كان من غير هذه الأصناف، لأن المقصود – أيها المؤمنون – سدُّ حاجة الفقراء والمساكين يومَ العيد ومواساتُهم وإغناؤهم عن طلب الطعام ذلك اليوم
أما مقدارُ الصاع النبوي الواردِ في الحديث: فقد قدَّره العلماء بما يساوي ثلاثة كيلوا جرامات إلا ربعاً تقريباً .
أما حكم إخراجها نقوداً بدل الطعام : فإنه لا يجوز و لا تجزئه، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضَها وأخرجها صاعاً من الطعام ولم يفرضْها من الأموال مع أن الأموالَ كانت معروفةً عندهم ، ولأن الصحابة رضوان الله عليهم أخرجوها من الطعام ولم يخرجوها من النقود ، ولو كان إخراجُ زكاة الفطر مالاً فيه خيرٌ لسبقونا إليه، ولأن الفقيرَ في ذلك اليومِ أحوجَ إلى الطعام منه إلى المال فإن الناس ذلك اليوم مشغولون بالعيد فقد يبحث الفقير والمسكين عن الطعام فلا يجده ولو أعطينا الفقير طعاماً من قوت البلد فإنه سيأكل منه ويستفيد منه عاجلاً أو آجلاً . ولو قال قائل : إن المال أنفع للفقير فنقول له : إن الأنفع للفقير ما فرضه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فهل أنت أعلم بما يصلح لعباده منه سبحانه؟! وكذلك لا يجوز إخراجها من الكسوة ، فمن أخرجها من ذلك لم تُقبل منه، ولو أخرج عن الصاع ألف ريال أو ألف ثوب لم يقبل ، لأنه خلاف ما فرضه رسول الله ، وقد قال : ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)). أي : هو مردود عليه غير مقبول وقد سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عن إخراج زكاة الفطر من النقود ؟ فقال : الأصل في العبادات التوقيف ، ولا نعلم أن أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخرج النقود في زكاة الفطر وهم أعلم الناس بسنته صلى الله عليه وسلم وأحرص الناس على العمل بها ولو وقع منهم شيء من ذلك لنقل كما نقل غيره ثم قال: (إخراج النقود في زكاة الفطر لا يجوز ولا يجزيء عمن أخرجه لكونه مخالفاً لما ذكر من الأدلة الشرعية ). أما الذين تجب عليهم زكاة الفطر : فإن الرجلَ يخرجُها عن نفسه وعمن يمونه يعني : عن الذي يُنفق عليهم من الزوجات والأقارب؛ أما الحملُ في البطن فلا يجب الإخراج عنه ولكن يستحب لفعل عثمان رضي الله عنه (الملخص الفقهي:1/352).
أيها المسلمون: أما وقت إخراجها : فيبدأُ وقت الإخراج الأفضل بغروب شمس ليلة العيد وإن تيسر لكم يومَ العيد قبلَ الصلاة فإنه أفضل ، ولا بأس أن تخرجوها قبل العيد بيوم أو بيومين، ولا يجوز قبل ذلك، وكذلك يحرُم تأخيرها بعد صلاة العيد إلا من عُذر مثل أن يأتيَ خبرُ ثبوتِ العيد فجأةً ولا يتمكن من إخراجها قبل الصلاة . لحديث ْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ ( رواه مسلم ) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ )[صحيح الترغيب: 1085]. أيها المؤمنون ادفعوا زكاةَ الفطر إلى الفقراء خاصة، والأقاربُ المحتاجون أولى من غيرهم، ولا بأس أن تُعطوا الفقيرَ الواحدَ فطرتين أو أكثر، ولا بأس أن توزعوا الفطرةَ الواحدةَ على فقيرين أو أكثر، ولا بأس أن يَجمع أهلُ البيت فطرتَهم في إناء واحدة بعد كيلِها ويوزعوا منها بعد ذلك بدون كيل .
وإذا أخذ الفقيرُ فطرةً من غيره وأراد أن يدفعَها عن نفسه أو عن أحدٍ من عائلتِه فلا بأس لكن لابد أن يكيلَها خوفاً من أن تكون ناقصةً إلا أن يخبرَهُ دافعُها بأنها كاملة فلا بأس أن يدفعها بدون كيل إذا كان يثق بقوله. وإذا أرادَ الفقيرُ أن يبيعَ الفطرةَ بعد أخذها فله ذلك لأنها أصبحت مُلكاً له يتصرفُ فيها كيف شاء.
أيها المؤمنون صلوا صلاة العيد مع المسلمين واخرجوا إلى المصلى أنتم ونساؤكم وأطفالكم وأخرجوا الحُيَّض من النساء وليعتزلن المصلى وليشهدن الخير ودعوة المسلمين كلوا تمرات وتراً قبل الخروج لصلاة العيد كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل أكثروا من التكبير والتهليل والتحميد في هذا اليوم تجنبوا المعاصي والمنكرات واشكروا الله تعالى على ما أتم عليكم من إتمام صيام شهر رمضان وعلى ما وفقكم فيه من الصيام والقيام واسألوا الله أن يتقبل منا ومنكم هذه الأعمال برحمته وجوده وكرمه إنه جواد كريم أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنعم على عباده بالنعم التي لا تعد ولا تحصى (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (ابراهيم:34) (إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (النحل:18) وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله من أتم الله به على عباده النعمة وأكمل به الدين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد : فاعلموا – أيها المؤمنون – أن الأيام تمر مر السحاب عشية تمضي وتأتي بكرة وحساب يأتي على مثقال الذرة وإن في كر الأيام والليالي لعبرة وقد قال بعض الحكماء إن السنة شجرة والشهور فروعها والأيام أغصانها والساعات أوراقها والأنفاس ثمرها فمن كانت أنفاسه في طاعة الله فثمرة شجرته طيبة ومن كانت في معصية فثمرته حنظل وإنما يكون الجذاذ يوم الحصاد فعند الجذاذ يتبين حلو الثمار من مرها، وإن الناس منذ خلقوا لم يزالوا مسافرين وليس لهم حط عن رحالهم إلا بالجنة أو النار
أيها المؤمنون - إن شهر رمضان قد أوشك على تمامه فما أسرع ما انقضت أيام شهر رمضان ! فهل التفتنا إلى أنفسنا وتفكرنا في خطايانا لو عوقبنا ببعضها لهلكنا ولو كُشِف للناس بعضَها لاستحيينا من قبحها وشناعتها فيا خسارة تلك النفس التي انسلخ عنها شهر رمضان وما انسلخت عن قبيح عاداتها، ألا وإن من قلةِ التوفيق: قلةَ الاعتراف بالذنب فيا مؤخراً توبتَة بمطَل التسويف لأي يوم أجلتَ توبتَك كنت تقول إذا شِبتُ تُبتُ وإذا دخل رمضانُ أنبتُ فهذه أيامُ رمضانَ عنا قد انقضتْ فهل وفيت بما وعدت؟! فتدارك أيها المقصِّر عُمُرَك واغتنم ما بقيَ من هذا الشهر وابْكِ على خطيئتك فربما غسلتْ دموعُك ذنوبَك وربما نظر الله إلى قلبك وإخلاصك وتقواك فتجاوز عنك وغفر لك وستر عيوبَك اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن أعتقت رقابهم من النار في هذا الشهر الكريم وممن أنجيتهم من جهنم دار البوار وممن غفرت ذنوبهم وسترت عيوبهم وأصلحت أحوالهم . اللهم وأكتب لنا وللمسلمين العفو والعافية في الدنيا والآخرة اللهم ما أنزلت في هذا الشهر الكريم من مغفرة ورحمة وعفو وعافية فاجعل لنا وللمسلمين منه أوفر الحظ والنصيب اللهم وأحسن عاقبتنا في الأمور كلِّها وأجرنا من خزي الدنيا وعذابِ الآخرة اللهم وثبتنا على طاعتك بعد رمضان إنك سميع مجيب اللهم ووفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته لبر والتقوى اللهم وأصلح به العباد والبلاد يا سميع الدعاء اللهم وانصر إخواننا المسلمين في كل مكان اللهم وأذل الكفر وأهله ودمرهم تدميراً واجعلهم وأموالهم غنيمة للمسلمين يا قوي يا عزيز سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 23-08-2011, 04:12 PM
  #5
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


زكاة الفطر ووداع رمضان والعيد
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله : ألا وإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد : أيها الناس: اتقوا ربكم وحاسبوا أنفسكم ماذا عملتم في شهركم الكريم، فإنه ضيف قارب الزوال وأوشك على الرحيل عنكم والانتقال، وسيكون شاهدا لكم أو عليكم بما أودعتموه من الأعمال، فابتدروا رحمكم الله ما بقي منه بالتوبة والاستغفار والاستكثار من صالح الأقوال والأفعال والابتهال إلى ذي العظمة والجلال لعل ذلك يجبر ما حصل من التفريط والإهمال.
عباد الله: إن ربكم الكريم شرع لكم في ختام هذا الشهر عبادات جليلة يزداد بها إيمانكم وتكمل بها عباداتكم وتتم بها نعمة ربكم. شرع الله لنا زكاة الفطر ، فقد فرضها رسول الله صاعا من طعام، وهي واجبة بإجماع المسلمين
والدليل على وجوبها قوله تعالىقَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) (الأعلى:14) ورد عن أبي سعيد الخدري وعطاء وقتادة أن التزكي – هنا – المراد به : زكاة الفطر (الملخص الفقهي:1/350،وزاد المسير لابن الجوزي:9/91) في صحيح البخاري وغيره أن أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ )، وفي الصحيحين عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ ) ، (والحكمة من مشروعيتها: أنها طُهرةٌ للصائم من اللغو والرفث، وطعمةٌ للمساكين، وشكرٌ لله تعالى على إتمام فريضة الصيام)(الملخص الفقهي:1/350) فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ(رواه أبو داود وغيره)[حسن . انظر صحيح الترغيب: 1085 ] . فأخرجوا أيها المسلمون زكاةَ الفطر مخلصين لله ممتثلين لأمر رسول الله ، فقد فرضها رسول الله على جميع المسلمين صغيرِهم وكبيرِهم حتى من في المهد، أما الحمل في البطن فلا يجب الإخراج عنه إلا تطوعاً إلا أن يولد قبل ليلة العيد فيجب الإخراج عنه. فأخرجوها طَيّبة بها نفوسكم، واختاروا الأطيب والأنفع، فإنها صاع واحد في الحول مرة، فلا تبخلوا على أنفسكم بما تستطيعون
أما الأصناف التي تُخرج منها فهي: صاعٌ عن كل شخص مما تَطْعمُون من غالبِ قوتِ البلد من البُر أو الشعير أو الأرز أو التمر أو الزبيب أو غير هذه الأصناف مما اعتاد الناسُ أكلَه فإن كانَ قوتُ أهل البلد غيرَ هذه الأصناف أخرجوا من قُوتهم حتى لو كان من غير هذه الأصناف، لأن المقصود – أيها المؤمنون – سدُّ حاجة الفقراء والمساكين يومَ العيد ومواساتُهم وإغناؤهم عن طلب الطعام ذلك اليوم
أما مقدارُ الصاع النبوي الواردِ في الحديث: فقد قدَّره العلماء بما يساوي ثلاثة كيلوا جرامات إلا ربعاً تقريباً .
أما حكم إخراجها نقوداً بدل الطعام : فإنه لا يجوز و لا تجزئه، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضَها وأخرجها صاعاً من الطعام ولم يفرضْها من الأموال مع أن الأموالَ كانت معروفةً عندهم ، ولأن الصحابة رضوان الله عليهم أخرجوها من الطعام ولم يخرجوها من النقود ، ولو كان إخراجُ زكاة الفطر مالاً فيه خيرٌ لسبقونا إليه، ولأن الفقيرَ في ذلك اليومِ أحوجَ إلى الطعام منه إلى المال فإن الناس ذلك اليوم مشغولون بالعيد فقد يبحث الفقير والمسكين عن الطعام فلا يجده ولو أعطينا الفقير طعاماً من قوت البلد فإنه سيأكل منه ويستفيد منه عاجلاً أو آجلاً . ولو قال قائل : إن المال أنفع للفقير فنقول له : إن الأنفع للفقير ما فرضه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فهل أنت أعلم بما يصلح لعباده منه سبحانه؟! وكذلك لا يجوز إخراجها من الكسوة ، فمن أخرجها من ذلك لم تُقبل منه، ولو أخرج عن الصاع ألف ريال أو ألف ثوب لم يقبل ، لأنه خلاف ما فرضه رسول الله ، وقد قال : ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)). أي : هو مردود عليه غير مقبول وقد سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عن إخراج زكاة الفطر من النقود ؟ فقال : الأصل في العبادات التوقيف ، ولا نعلم أن أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخرج النقود في زكاة الفطر وهم أعلم الناس بسنته صلى الله عليه وسلم وأحرص الناس على العمل بها ولو وقع منهم شيء من ذلك لنقل كما نقل غيره ثم قال: (إخراج النقود في زكاة الفطر لا يجوز ولا يجزيء عمن أخرجه لكونه مخالفاً لما ذكر من الأدلة الشرعية ). أما الذين تجب عليهم زكاة الفطر : فإن الرجلَ يخرجُها عن نفسه وعمن يمونه يعني : عن الذي يُنفق عليهم من الزوجات والأقارب؛ أما الحملُ في البطن فلا يجب الإخراج عنه ولكن يستحب لفعل عثمان رضي الله عنه (الملخص الفقهي:1/352).
أيها المسلمون: أما وقت إخراجها : فيبدأُ وقت الإخراج الأفضل بغروب شمس ليلة العيد وإن تيسر لكم يومَ العيد قبلَ الصلاة فإنه أفضل ، ولا بأس أن تخرجوها قبل العيد بيوم أو بيومين، ولا يجوز قبل ذلك، وكذلك يحرُم تأخيرها بعد صلاة العيد إلا من عُذر مثل أن يأتيَ خبرُ ثبوتِ العيد فجأةً ولا يتمكن من إخراجها قبل الصلاة . لحديث ْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ ( رواه مسلم ) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ )[صحيح الترغيب: 1085]. أيها المؤمنون ادفعوا زكاةَ الفطر إلى الفقراء خاصة، والأقاربُ المحتاجون أولى من غيرهم، ولا بأس أن تُعطوا الفقيرَ الواحدَ فطرتين أو أكثر، ولا بأس أن توزعوا الفطرةَ الواحدةَ على فقيرين أو أكثر، ولا بأس أن يَجمع أهلُ البيت فطرتَهم في إناء واحدة بعد كيلِها ويوزعوا منها بعد ذلك بدون كيل .
وإذا أخذ الفقيرُ فطرةً من غيره وأراد أن يدفعَها عن نفسه أو عن أحدٍ من عائلتِه فلا بأس لكن لابد أن يكيلَها خوفاً من أن تكون ناقصةً إلا أن يخبرَهُ دافعُها بأنها كاملة فلا بأس أن يدفعها بدون كيل إذا كان يثق بقوله. وإذا أرادَ الفقيرُ أن يبيعَ الفطرةَ بعد أخذها فله ذلك لأنها أصبحت مُلكاً له يتصرفُ فيها كيف شاء.
أيها المؤمنون صلوا صلاة العيد مع المسلمين واخرجوا إلى المصلى أنتم ونساؤكم وأطفالكم وأخرجوا الحُيَّض من النساء وليعتزلن المصلى وليشهدن الخير ودعوة المسلمين كلوا تمرات وتراً قبل الخروج لصلاة العيد كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل أكثروا من التكبير والتهليل والتحميد في هذا اليوم تجنبوا المعاصي والمنكرات واشكروا الله تعالى على ما أتم عليكم من إتمام صيام شهر رمضان وعلى ما وفقكم فيه من الصيام والقيام واسألوا الله أن يتقبل منا ومنكم هذه الأعمال برحمته وجوده وكرمه إنه جواد كريم أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنعم على عباده بالنعم التي لا تعد ولا تحصى (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (ابراهيم:34) (إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (النحل:18) وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله من أتم الله به على عباده النعمة وأكمل به الدين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد : فاعلموا – أيها المؤمنون – أن الأيام تمر مر السحاب عشية تمضي وتأتي بكرة وحساب يأتي على مثقال الذرة وإن في كر الأيام والليالي لعبرة وقد قال بعض الحكماء إن السنة شجرة والشهور فروعها والأيام أغصانها والساعات أوراقها والأنفاس ثمرها فمن كانت أنفاسه في طاعة الله فثمرة شجرته طيبة ومن كانت في معصية فثمرته حنظل وإنما يكون الجذاذ يوم الحصاد فعند الجذاذ يتبين حلو الثمار من مرها، وإن الناس منذ خلقوا لم يزالوا مسافرين وليس لهم حط عن رحالهم إلا بالجنة أو النار
أيها المؤمنون - إن شهر رمضان قد أوشك على تمامه فما أسرع ما انقضت أيام شهر رمضان ! فهل التفتنا إلى أنفسنا وتفكرنا في خطايانا لو عوقبنا ببعضها لهلكنا ولو كُشِف للناس بعضَها لاستحيينا من قبحها وشناعتها فيا خسارة تلك النفس التي انسلخ عنها شهر رمضان وما انسلخت عن قبيح عاداتها، ألا وإن من قلةِ التوفيق: قلةَ الاعتراف بالذنب فيا مؤخراً توبتَة بمطَل التسويف لأي يوم أجلتَ توبتَك كنت تقول إذا شِبتُ تُبتُ وإذا دخل رمضانُ أنبتُ فهذه أيامُ رمضانَ عنا قد انقضتْ فهل وفيت بما وعدت؟! فتدارك أيها المقصِّر عُمُرَك واغتنم ما بقيَ من هذا الشهر وابْكِ على خطيئتك فربما غسلتْ دموعُك ذنوبَك وربما نظر الله إلى قلبك وإخلاصك وتقواك فتجاوز عنك وغفر لك وستر عيوبَك اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن أعتقت رقابهم من النار في هذا الشهر الكريم وممن أنجيتهم من جهنم دار البوار وممن غفرت ذنوبهم وسترت عيوبهم وأصلحت أحوالهم . اللهم وأكتب لنا وللمسلمين العفو والعافية في الدنيا والآخرة اللهم ما أنزلت في هذا الشهر الكريم من مغفرة ورحمة وعفو وعافية فاجعل لنا وللمسلمين منه أوفر الحظ والنصيب اللهم وأحسن عاقبتنا في الأمور كلِّها وأجرنا من خزي الدنيا وعذابِ الآخرة اللهم وثبتنا على طاعتك بعد رمضان إنك سميع مجيب اللهم ووفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته لبر والتقوى اللهم وأصلح به العباد والبلاد يا سميع الدعاء اللهم وانصر إخواننا المسلمين في كل مكان اللهم وأذل الكفر وأهله ودمرهم تدميراً واجعلهم وأموالهم غنيمة للمسلمين يا قوي يا عزيز سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 22-09-2011, 12:48 PM
  #6
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

شروط لا اله الا الله
الحمد لله خلق السموات والأرض وأقام سوق الجنة والنار من أجل لا إله إلا الله، وأرسل رسله وبعث أنبياءه عليهم صلوات الله وسلامه لتقرير لا إله إلا الله، لتكون منهج حياة ودستور أخلاق، وشعائر عبادة، ومرجعية ولاء وبراء، ونظام سياسة واقتصاد [ومصدر تشريع] ومستقر خوف ورجاء، وحدّا فاصلا بين الإسلام وسائر جاهليات الأرض، لا إله إلا الله بداية الطريق ونهايته فلا غرو حينئذ أن تهراق الدماء في سبيلها وتهجر الأوطان لإعلائها ويسيح الدعاة والعلماء في الأرض لنشرها. { وما أرسلنا قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون }. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل تحقيقا للتوحيد، وإذعاناً للخالق المبدء والمعيد ((أفضل الدعاء دعاءُ يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له)). صلى الله عليه وعلى رسل الله وأنبيائه جميعاً ورضي الله عمن اهتدى بهداهم واستن بسنّتهم إلى يوم الدين.
أيها المؤمنون : فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً .
واعلموا أيها المؤمنون:
أن الله سبحانه وتعالى قد ربط الأمور بنتائجها والأسباب بمسبباتها ، وجعل لكل غاية سبيلا وطريقا وإذا كان المسلم يرجوا دائما رحمة الله ويطمع في جنته الغالية ، فإن ذلك لن يتحقق بمجرد الأماني والدعوات فإن الله سبحانه وتعالى قال: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءً يجز به وقد جعل الله تعالى كلمة التوحيد والإيمان سبيلا موصلا إلى جنة الخلد والرضوان ، فعن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار )) وعن أبي ذر أن رسول الله قال: (( ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة )).
ولكن قد يصاب بعض الناس بالغفلة عن حقيقة التوحيد وشرط النجاة ، ويغتر بكلمة يديرها على لسانه ، يظنها مفتاحا للجنة ، بمجرد نطقها بلسانه ، غافلا عن أن لها شروطا ينبغي أن تتحقق ومستلزمات ينبغي أن نعمل بمقتضاها ، لتكون عندئذ مفتاحا صالحا لفتح أبواب الجنة ، وقد سئل يوما التابعي الجليل وهب بن منبه رحمه الله : أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة ؟ فقال: بلى ، ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان ، فإن جئت مفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك.
أليست هذه قاعدة عامة يا معشر المسلمين إنه إذا تحقق الشرط تحقق المشروط ، ودخول الجنة بكلمة التوحيد مشروط بجملة من الشروط ، إذا تحققت كلها كانت هذه الكلمة سبيلا إلى الجنة ، وإلا فإنها لن تكون كذلك ، إذ عدم تحقيق هذه الشروط فيه ترك لكثير من الأوامر التي جاء بها الرسول .
ولعل هذه الشروط تكون واضحة بما نشير إليه عنها ، فاحرص يا أخي المسلم عليها وتحقق بها لئلا تقف أمام باب الجنة فترد ولا يفتح لك .
1-إن لكل شيء حقيقة ولكل كلمة معنى ، فينبغي عليك أولا أن تعلم معنى كلمة التوحيد لا إله إلا الله . . تعلم ذلك يقينا منافيا للجهل ، إذ يراد بها نفي الألوهية عن غير الله وإثباتها لله وحده ، ولذلك قال سبحانه: فاعلم أنه لا إله إلا الله ، وقال : (( من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة)).
2-ويكتمل هذا الشرط بشرط آخر هو اليقين الذي ينافي الشك ، ومعنى ذلك أن تستيقن يقينا جازما لا يداخله أي شك أو تردد بمدلول كلمة التوحيد ، لأنها لا تقبل شكا ولا ارتيابا ولا ظنا، فقد جعل الله تعالى هذا اليقين علامة على الإيمان فقال: إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون .
3-وإذا علمت وتيقنت فينبغي أن يكون لهذا العلم أثره ، فيدفعك إلى القبول لما تقتضيه هذه الكلمة وتطلبه منك بالقلب واللسان، فمن رد هذه الكلمة ولم يقبلها كبرا أو حسدا فإنه يكون كافرا ، فقد قال الله تعالى عن الكفار: إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أإنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون . أما المؤمنون الذين قبلوها فلهم النجاة عند الله وعداً منه ولا يخلف الله وعده: ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقاً علينا ننج المؤمنين .
4-والشرط الرابع : الانقياد لما تطلبه منا من الطاعة والالتزام انقيادا تاما ، وذلك هو المحل الحقيقي والمظهر العمل للإيمان ، ويحصل هذا يا أخي المسلم بأن يعمل بما فرضه الله عليك وأن تترك ما حرمه الله تعالى عليك ، وعندئذ يتحقق الإيمان ، فقد أقسم الله تعالى بذلك فقال فلا وربك . . . وقال : (( والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به )).
5-والشرط الخامس : أن يقولها الإنسان صادقا من قلبه ، ليبتعد بذلك عن الكذب والنفاق ، فإن المنافقين يقولونها بألسنتهم ولا يطابق هذا ما في قلوبهم: يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم . وفي الصحيحين من حديث معاذ : ((ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار )).
اللهم حرمنا على النار ياذو الجلال والاكرام
اقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه
الخطبة الثانية
الحمد لله، ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين. أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، رب السماوات ورب الأرض رب العالمين. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والأخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، حَمى حِمى التوحيدِ، وسد كل طريق يوصل إلى الشرك، وبلغ البلاغ المبين. صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين، آمنوا بربهم وأخلصوا له واستقاموا على أمره، فأنجز لهم ما وعدهم عزا في الدنيا وحسن ثواب في الآخرة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
6-وأما الشرط السادس فهو المحبة ، بأن يحب المرء هذه الكلمة والعمل بمقتضاها ، ويحب أهلها المطيعين بها والعاملين بها ، ومن أحب شيئا من دون الله فقد جعله ندا لله وشريكا: ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله . ومتى استقرت هذه الكلمة عقيدة في القلب فإنه لا يعدلها شيء فقد قال : (( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار )). ولو رجعنا إلى تاريخ الصحابة وحياتهم لوجدنا أروع الأمثلة على ذلك ، أبو بكر في دفاعه عن رسول الله ، وعلي في فدائه للرسول ، وخبيب بن عدي ، حتى قال أبو سفيان : ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمدا محمدا .
7-وتلك الشروط كلها لا تنفع وحدها ما لم يتحقق سبب القبول عند الله تعالى وهو الإخلاص لله تعالى أي صدق التوجه إلى الله تعالى وتصفية القلب والعمل بصالح النية عن كل شائبة من شوائب الشرك وألوانه ، وقد تواردت الآيات في ذلك، فمن كان يرجو لقاء ربه .
وفي الحديث عن عتبان بن مالك عن النبي قال: ((إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل )).
فاحرص يا أخي المسلم : على كلمة التوحيد بشروطها تلك ، واحذر من كل ما ينافيها ، فإن ما ينافيها يوقع في الشرك قد يكون أخف من دبيب النملة على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء وقولوا : اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ، ونستغفرك لما لا نعلمه.
الدعااااااااااااااء

__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 30-09-2011, 09:12 AM
  #7
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

الظلم (1)

الخطبة الاولى

اللهم لك الحمد كله، ولك الشكر كله، وإليك يرجع الأمر كله، علانيته وسره، فأهلٌ أنت أن تُحمَد، وأهلٌ أنت أن تُعبد، وأنت على كل شيء قدير. لك الحمد كل الحمد لا مبدأٌ له ولا منتهى والله بالحمد أعلم. اشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب: 70، 71].
أيها المسلمون:
من الأمراض المتفشية في مجتمعنا والمنتشرة بشكل مخيف من عقوبة الله تعالى ذلك هو الظلم في مختلف أشكاله وصوره، فالقوي يقهر الضعيف، والغني يستغل الفقير، وصاحب العمل يستعبد عماله ويأكل حقوقهم أو يعطيه إياها منقوصة غير كاملة ولقد بين عباد الله كتاب ربنا تبارك وتعالى حرمة الظلم وشناعته وعاقبة الظالم ومصيره، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: إن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة، ويروى أن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة" ا.هـ رحمه الله.
فالظالم من أحرى الناس بلعنة الله وعذابه وغضبه ونكاله يقول سبحانه: وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنّى إِلَـٰهٌ مّن دُونِهِ فَذٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلظَّـٰلِمِينَ [الأنبياء: 29].
ويقول جل وعز: يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّـٰلِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوء ٱلدَّارِ [غافر: 52].
عباد الله:
وكثيرًا ما نجد في القرآن الكريم وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ [الصف: 7] أي يزيدهم ضلالاً، ثم إذا تأملت رحمك الله الآيات القرآنية والسنن النبوية والحوادث الكونية والعبر التاريخية والواقع المعاصر وجدت أن عامة ما يصيب الناس من شؤم وبلاء ونكد وشقاء وما يحيق بالأمم الماضية والمجتمعات الحاضرة والأفراد والدول من زلازل ومحن وكوارث وفتن حتى الأفراد والأسر والعوائل فإن مرد ذلك إلى الظلم في غالب الأحيان وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ أَهْلَكْنَـٰهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ [الكهف: 59]، وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود: 102].
معاشر المسلمين:
كيف يجرأ بعد هذا ظالم على ظلم الناس في أنفسهم وأعراضهم ودمائهم وأموالهم وهو يتلو مثل هذه الآيات ويسمعها.
فيا أيها الظالم:
اتق الله قبل أن تظلم أحدًا في قليل أو كثير أو صغير أو كبير، وتذكر تلك المواقف التي تقفها في الدنيا والآخرة، فأول تلك المواقف يوم تجد جزاء ظلمك معجلاً، دعوة مظلوم مجلجلة في الآفاق واخترقت السبع الطباق وجاءت إلى الجبار فأقسم جل جلاله لأنصرن صاحبها ولو بعد حين. فحاق بك النكال والعذاب بسبب تلك الدعوة وسبب الظلم، قال : ((ثلاثة لا ترد دعوتهم...)) ومنهم ((ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين)) رواه الترمذي.
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرًا فالظلم آخره يأتيك بالنـدم
نامت عيونك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
دعوة المظلوم تصيبك في نفسك ومالك وولدك، دعوة مظلوم تقلب صحتك سقمًا, دعوة مظلوم تقلب سعادتك شقاء، دعوة مظلوم تجعلك بعد العز والغنى ذليلاً حقيرًا فقيرًا. والله على كل شيء قدير.
وثمة موقف آخر يوم تبلغ الروح الحلقوم، يوم تعالج سكرات الموت وكرباته وَلَوْ تَرَى إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِى غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلَـئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقّ وَكُنتُمْ عَنْ ءايَـٰتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ [الأنعام: 93] فأين النصير والمعين وأين الرفيق فلا أحد ينجيك إلا الله.
وموقف ثالث في القبر فهل علمت أن ظالمًا يفرش له قبره في فراش من جهنم ويغطى بغطاء من جهنم فيما تصعد روحه فتوصد أبواب السماء دونها فترد إلى سجين وأسفل سافلين، ويفرش لها فراش من النار يقول الحق تبارك وتعالى: لَهُم مّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذٰلِكَ نَجْزِى ٱلظَّـٰلِمِينَ [الأعراف: 41] نعم وكذلك نجزي الظالمين يَوْمَ يَغْشَـٰهُمُ ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [العنكبوت: 55].
ثم مع هذا كله فإن هذا ليس بشيء بالنسبة إلى ما ينتظرك أيها الظالم في جهنم بعد البعث والنشور نسأل الله السلامة والعافية.
فهل فكرت عبد الله في وقوفك أمام الجبار وسؤاله لك عن هذه المظالم فهل ستعتذر أم هل ستنتصر أم هل ستفتدي نفسك أم ستطلب الرجعة إلى دار الدنيا لتتخلص من المظالم، فكل ذلك محال وبعيد.
ثم لماذا تظلم عباد الله؟ أهي قدرتك وقوتك؟ فسوف يسلط الله عليك من هو أقدر منك، أم هي عزتك ومالك وجاهك؟ فكل ذلك صائر إلى الذل والهوان، أم هو إمهال الله لك وإغراقه عليك النعم فتذكر ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار .
فاتق الله وأقلع عن ظلم المسلمين وكف عن التعدي عليهم في أموالهم وأعراضهم ودمائهم قبل أن تلقى الله بهذا الظلم الشنيع.
وللحديث بقية نكمله في خطبة الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
اتقوا الله عباد الله واحذروا الظلم بجميع صوره وأشكاله، ومن أعظم الظلم وأشنعه وأفظعه هو تجاوز العبد تجاه ربه جل جلاله، وذلك أن يشرك بربه غيره وأن يجعل الإنسان لله ندًا وهو خلقه يقول سبحانه: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13].
وكذلك من الظلم التعدي في حدود الله وانتهاك محارمه يقول سبحانه: تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ [البقرة: 229].
أبعد الله عني وعنكم الظلم بجميع أشكاله وصوره.

الدعاء ولا تنسوني من دعوة
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 30-09-2011, 09:18 AM
  #8
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

الظلم (2)
الخطبة الاولى

اللهم لك الحمد كله، ولك الشكر كله، وإليك يرجع الأمر كله، علانيته وسره، فأهلٌ أنت أن تُحمَد، وأهلٌ أنت أن تُعبد، وأنت على كل شيء قدير. لك الحمد كل الحمد لا مبدأٌ له ولا منتهى والله بالحمد أعلم. اشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله فهي وصية الله للأولين والآخرين وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّـٰكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ .
عباد الله:
نستكمل وإياكم الحديث عن الظلم وصوره وأشكاله ولا نزال نسمع في كل حين عن صور أليمة من الظلم تقع بين المسلمين، وظلم تضج منه الأرض والسماء ويقع بين من؟ بين المسلم والمسلم، بين الأخ وأخيه المسلم، والنبي يقول: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)) رواه مسلم.
ومن صور الظلم: ظلم الجار لجاره فيؤذي الجار جاره ويظلمه في معاشه ويظلمه بتسليط الأغاني والأصوات المزعجة عليه ويظلمه بمعاكسات أولاده لبناته وغير ذلك مما يجري بين الجار وجاره، مع أنه قد جاء الوعيد الشديد في ذلك يقول النبي : ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن)) قيل: يا رسول الله لقد خاب وخسر، من هذا؟ قال: ((الذي لا يأمن جاره بوائقه)) رواه البخاري.
أي لا يستكمل الإيمان، والبوائق هي الشرور والغوائل. ومن أبشع صور الظلم ظلم ذوي القربى، وأسأل القضاة في المحاكم لتقف على الحقيقة المرة فيما يجري بين الأقارب بل بين الأخ وأخيه على شبر من الأرض أو حفنة قليلة من المال، والأقارب الذين هم أولى الناس بنصرة بعضهم البعض إلا أنهم وبسبب ما فتح الله على الناس من الدنيا تسلل الداء إلى نفوسهم فانقطعت المودات وانفصمت العلاقات وتسلط القريب على قريبه إلا من رحم الله، أقلق نهاره وأسهر ليله وبدل سعادته همًا، وصحته سقمًا، ويسره عسرًا، حتى وصل الأمر والعياذ بالله بسبب كيد شياطين الإنس والجن أن بعض الأقارب قد سلط على أقاربه السحرة فيبقى القريب يتجرع ألم الحياة وغصصها إلى أن يهلك أو يكتب الله له الشفاء والعافية.
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند
أما يتق الله أولئك، أما كان الأولى أن ينصر أخاه ويقف معه وقت الشدائد والمحن.
ومن صور الظلم الشنيعة ذلك الأب المسكين الذي يبكي بدمع الدم حرقة ولوعة، من ظلم من؟ من ظلم أقرب الناس إليه من ظلم من رباه وخرج من صلبه، من ظلم من أنفق عليه وسهر من أجله وتعب من أجل راحته حتى رآه رجلاً جلدًا يمشي على الأرض قويًا، وعندما أصبح خصمًا عنيدًا لوالده يضربه ويشتمه ويلعنه في حياته قبل مماته.
فوا عجبًا لمن ربيت طفلاً ألقمه بأطراف البناني
أعلمـه الرمايـة كل يوم فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي فلما قال قافية هجاني
وفي القصة التي في سندها ضعف أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نظر إلى رجل ملوي اليد فقال له: ما بال يدك ملوية؟ قال إن أبي كان مشركًا وكان كثير المال فسألته شيئًا من ماله فامتنع فلويت يده وانتزعت من ماله ما أردت، فدعا علي في شعر قاله، قال فأصبحت يا أمير المؤمنين ملوي اليد فقال عمر الله أكبر هذا دعاء آبائكم في الجاهلية فكيف في الإسلام.
ومن صور الظلم عباد الله عضل البنات عن الزواج فبعض الآباء يمنع بناته من أغلى وأعز شيء تمتلكه من الحب الحلال الذي أباحه الإسلام فيمنعها من الحياة السعيدة والحنان والأمومة وهمه الأكبر هو جمع الأموال والاستيلاء على رواتب بناته بالقوة والقهر، وكم هي القصص المأساوية في هذا المجال.
ومن صور الظلم ما يحصل من بعض الأزواج لزوجاتهم، وله صور ومظاهر شتى، فمن ذلك حينما يرغب الزوج بمفارقة زوجته التي يكرهها فإنه لا يسرحها بإحسان، ولكنه يلجأ إلى تنغيص حياتها بشتى الطرق والوسائل لكي تفدي نفسها والله تعالى يقول: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنّسَاء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ [النساء: 19].
ومن المعددين من يميل إلى إحدى زوجاته فيحيف على الأخرى ويضر بها، يقول صلى الله عليه وسلم ((من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل )).
فاتق الله تعالى أيها الزوج وعليك أن تمسك بمعروف أو تسرح بإحسان وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ ٱللَّهُ كُلاًّ مّن سَعَتِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ وٰسِعاً حَكِيماً [النساء: 130].
ومن صور الظلم المؤلمة ما يقع من أرباب العمال على عمالهم، فهؤلاء الضعفة الذين تعاقدت معهم أوف عهدك معهم ولا تستغل ضعفهم وغربتهم، ولا تنتهز عجزهم فإن من عمل ذلك فإن الله توعده أن يكون هو خصمه يوم القيامة، فاتق الله وأعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه، ولا تمنعه حقه وتبخسه راتبه حتى وإن قل.
وإن مثل هذا الظلم هو ما دفع بعض العمالة إلى السرقة أو قتل كفيله أو الزنا بمحارمه، أو قتل الأسرة بكاملها كما نسمع في وسائل الإعلام، بل بعضهم يصل به الحال إلى أن يقتل نفسه فيأتي ذلك العامل المسكين من بلاده الفقيرة وقد باع ما يملك حتى وصل إلى هذه البلاد المباركة، ويفاجأ بالظلم المرير والبخس للحقوق فيصل به الأمر إلى الانتحار عياذًا بالله تعالى.
فمن المسئول عن هذا؟ إنه أنت أيها الظالم، يا من بخستهم حقوقهم فاتق الله تعالى فيمن تحت كفالتك من العمالة، وأعلم أن الله تعالى يمهل وأن الأيام دول، فيوم لك ويوم عليك، فأعط كل ذي حق حقه، واتق الله تعالى وأقلع عن ظلم المسلمين وظلم العباد، وكف عن التعدي عليهم في أموالهم وأعراضهم ودمائهم قبل أن تلقى الله بهذا الظلم الشنيع، فتندم في ساعة لا ينفع فيها الندم. يقول صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)) رواه البخاري.
فاللهم إنا نعوذ بك من الظلم، اللهم نعوذ بك من الظلم، اللهم لا تجعلنا من القوم الظالمين ولا مع القوم الظالمين.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.


الخطبة الثانية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
اتقوا الله عباد الله واحذروا الظلم بجميع صوره وأشكاله، ومن أعظم الظلم وأشنعه وأفظعه هو تجاوز العبد تجاه ربه جل جلاله، وذلك أن يشرك بربه غيره وأن يجعل الإنسان لله ندًا وهو خلقه يقول سبحانه: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13].
وكذلك من الظلم التعدي في حدود الله وانتهاك محارمه يقول سبحانه: تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ [البقرة: 229].
أبعد الله عني وعنكم الظلم بجميع أشكاله وصوره.
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-10-2011, 08:40 PM
  #9
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

نواقض لا اله الا الله

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله : ألا وإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد : أيها الناس: اتقوا ربكم وحاسبوا أنفسكم
أما بعد: يقول الله -جل وعز-، فيمن أكرمهم بدخول الجنة: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [(25-28) سورة الطور].
أيها المسلمون: معلوم، أن أغلى ما لدى المسلم، وأعز ما لديه، دينه، دينه الذي أكرمه الله به، دينه الذي به صار لهذا الإنسان قيمة، وإلا فما الفرق بينه وبين بقية الحيوانات: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [(96) سورة مريم] لكن بأي شرط - الذين آمنوا وعملوا الصالحات - ويقول تعالى عن أولئك الذين أكرمهم سبحانه في الآخرة، ممن تمسك بدينه، حتى أتاه اليقين، غير مُبدّل ولا مغير {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [(28) سورة النحل].
أيها المسلمون: إن قيمة إكرام الله للعبد بالدين، ورفعه به قيمته، أن يخاف المؤمن على دينه، خوفاً يدفع به إلى أن يحافظ عليه، ويصونه مما يناقض أصله كلياً، أو يخدشه وينقصه فهل هذا معمول به بيننا أيها الأحبة، أن نخاف على عقيدتنا وديننا من أن يناله شيء أكثر مما نخاف أن ينال شيء لممتلكاتنا وأموالنا قال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -، كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاء الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر قال: ((نعم، وفيه دخن، قلت وما دخنه، قال قوم يهدون بغير هدى، تعرف منهم وتنكر، قلت فهل بعد ذلك الخير من شر، قال نعم، دعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت يا رسول الله، صفهم لنا، قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك، قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت فإن لم يكن جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)) [رواه البخاري ومسلم]. المقصود: لزوم الدين، والثبات عليه، مهما اختلفت الفتن وقست الظروف. قال البخاري - رحمه الله -: باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر، قال وقال ابن أبي مليكة، أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلهم يخاف النفاق على نفسه.
أيها الأحبة: إذا كان هذا شأن الصحابة، يخاف الواحد منهم من النفاق على نفسه، والآخر يسأل عن الشر مخافة أن يدركه، فما بالنا نحن، يتصرف الواحد منا وكأنه ضامن للجنة، يسير في هذه الدنيا وكأنه من أهل الجنة.
عباد الله: إن هناك أموراً عظيمة، يُخشى ويُخاف على الإيمان منها، الواحدة منها تناقض أصل الإيمان، وتعرض صاحبها للذل والهوان والصغار بل للخزي والعار والنار، نبه عليها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - تعالى، فقال: اعلم أن نواقض الإسلام عشرة، ومعنى نواقض، أنها تنقض أصل الإيمان، وصاحبها يعد خارجاً من الإسلام بالكلية، وداخلاً في الكفر بالكلية، نعوذ بالله من الخذلان: قال: اعلم أن نواقض الإسلام عشرة: الأول: الشرك في عبادة الله، قال الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا} [(116) سورة النساء] وقال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [(72) سورة المائدة].
الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم كفر إجماعاً.
الثالث: من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر.
الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر.
الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو عمل به كفر.
السادس: من استهزأ بشيء من دين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو ثوابه أو عقابه كفر، والدليل قوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ} [(65-66) سورة التوبة].
السابع: السحر ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر والدليل قوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} [(102) سورة البقرة].
الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [(51) سورة المائدة].
التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى - عليه السلام - فهو كافر.
العاشر: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} [(22) سورة السجدة]، ثم قال - رحمه الله -: ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره.
أيها المسلمون: ثم هذه بعض التعليقات اليسيرة، على بعض هذه النواقض بما يتيسر له المقام، ولأهمية الموضوع وخطورته، ولطوله أيضاً، فربما يؤجل بعض منها، لمناسبة قادمة.
أيها المسلمون: أما الأول فواضح نقضه لأصل الإيمان، الشرك في عبادة الله، وهل بعث الأنبياء والرسل إلا لمحاربة الشرك وتحقيق التوحيد. كما استمرت دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكم بذل - عليه الصلاة والسلام - من الجهد والمعاناة، وكم لاقى من الأذى والحرب والمقاومة، في سبيل محو الشرك وقبله إخوانه من أنبياء الله ورسله، ثم لو تأملنا بعد ذلك في الجهود التي بذلها العلماء الأجلاء على مر العصور وما كتبوا وما ألفوا حول هذه القضية الخطيرة، لرأينا عجباً، ألوف المجلدات والكتب سطرت منذ القديم حتى يومنا هذا، تحذيراً للأمة من عواقبه الوخيمة، فهذه كتب شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم جلها في مقاومة الشرك ونشر التوحيد، والرد على بدع وشركيات زمانهم، ومن قبلهم ما كتبه الإمام أحمد والشافعي وغيرهم، وبعدهم كتب ورسائل أئمة الدعوة، كلها لمقاومة الشرك.وما يزال الأمر يحتاج إلى مزيد، وما يزال الشرك منتشراً بين الناس وإليك بعض صوره في هذا الزمان: من صور الشرك: الغلو في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - بما قد يفضي إلى عبادته من دون الله، وإنه ليحصل من هذا عند من يحتفلون بالموالد، فيلقى من القصائد والأشعار والمدح والثناء عليه إلى درجة الغلو والشرك.قال - صلى الله عليه وسلم - كما عند البخاري: ((لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله)). ومن صور الشرك: تعظيم القبور والاعتقاد بالمقبورين فيها، إما بجلب نفع أو دفع ضر، وبعض هذه القبور تصبح مزارات ويذبح عندها القرابين، وتقدم لها الصدقات، وكل هذا شرك صريح لا شك فيه، وأكثر من يعتقد بالقبور هم الرافضة والصوفية، بل ربما اعتقدوا بأن زيارة هذه القبور أعظم من حج بيت الله الحرام. ومن صور الشرك: السفر إلى أماكن بقصد التقرب إلى الله والعبادة فيها غير المساجد الثلاثة، وهذا أمر أصبح ينظم له الآن، من قبل بعض مكاتب السفر، فيذهب أفواج إلى أماكن معينة في الشام لأجل مزارات وقبور معينة، وكانت في السابق تذهب هذه القوافل للعراق.
وهذا شرك لا جدال فيه لأنه تعظيم لبقعة لم تُعظم في الشرع وشد للرحال إليها. ومن صور الشرك: شرك الطاعة: وهو أن يطاع طائفة من الناس ويسمع كلامهم ويُنفذ أوامرهم ولو كان طاعتهم تعارض وتخالف طاعة الله ورسوله فهؤلاء يكونون قد أشركوا مع الله طاعة شخص، أو فئة، أو جهة أو هيئة على حساب طاعة الله قال الله تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ} [(31) سورة التوبة].
أيها المسلمون: ومع ما كتب وألف في هذا الجانب، فإن الأمة، مازالت بحاجة إلى المزيد، خصوصاً في تلك الصور الجديدة التي لم تكن معروفة قديماً، والتي اتخذها الناس أرباباً من دون الله، عليها يوالون ويعادون، ومن أجلها يحبون ويبغضون، إنها أصنام وأوثان القومية والوطنية والدولة، وغيرها حتى أصبحت هذه المعبودات هي التي تملك قلوب أصحابها ومشاعرهم وولاءهم، فبذكرها يهتفون، وباسمها ينشدون، وفي سبيلها يقاتلون ويقتلون. فينبغي لعلماء هذا العصر أن يكتبوا ويؤلفوا ويبينوا للناس شرك زمانهم، كما كتب أسلافهم عن الذبح لغير الله والنذر لغير الله والاستسقاء بالأنواء.
فنسأل الله جل وعز أن يعصمنا وإياكم من مضلات الفتن ومن نواقض الدين، ومن الشرك كله، كبيره وصغيره، دقيقه وجليله، إنه سميع قريب مجيب.
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله..
أما بعد: ومن الأمور التي نبه عليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، - رحمه الله - قوله: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم كفر إجماعاً. إن دعوة الأموات، ودعوة الغائبين والاستشفاع بهم، وسؤالهم الشفاعة، وطلب النفع منهم أو الضر، كفر بواح، جاء فيه قول الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [(5-6) سورة الأحقاف] وقول الله تعالى: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [(117) سورة المؤمنون] {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ} [(40) سورة سبأ].
ومما نبه عليه الإمام إيضاً قوله: من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر.
أيها المسلمون: إن كثرة انتشار الكفار بيننا، وكثرة وجود الكفرة في كل مكان، الشوارع والأسواق، بل وحتى البيوت، ومخالطتهم للنساء والأطفال ناهيك عن صور الكفرة والمشركين مما تبثه وسائل الإعلام المرئية، وتنقل للناس واقع حياتهم اليومية، فأصبح الناس يتفرجون على أشكال الكفار، ولباسهم وعاداتهم، حتى أصبحت من الأمور العادية جداً، ولا غرابة، أضف إلى ذلك الاحتكاك اليومي بهم، إما بعمل أو معاملة. وقد قيل - كثرة الإمساس يذهب الإحساس ما بالك إذا صاحب ذلك كله حسن معاملة من الكافر، أو التزام بمواعيد، أو وفاء بعهد لا شك بأن هذا يهز عقيدة المهتزين.
إن تكفير الكافر من أصول عقيدتنا، فلنتق الله أيها الأحبة، ولنحذر فالأمر جد خطير، إنها ليست قضية إثم ومعصية بل قضية خروج من الدين أو بقاء فيه، فمن لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر.
ومما نبه على الإمام أيضاً قوله: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين قال الله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [(51) سورة المائدة]. لقد حذر الله نبيه من موالاة الكافرين والمشركين والركون إليهم فقال تعالى له: {فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ} [(86) سورة القصص] فعدّ العلماء موادّاة أعداء الله من نواقض الإسلام قال الله تعالى: {وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [(106) سورة النحل].
أيها المسلمون: إن المسلم الذي يُخاف عليه أن يقع في هذا الناقض أكثر من غيره هو ذلك الشخص الذي له تعاملات مع الكفار وهذا على مستوى الأفراد فبمرور الزمن يحصل نوع مودة، وموالاة، فينطبق عليه قول الله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [(51) سورة المائدة].وإليك هذا المثال: وهو مجرد مثال: هناك من أصحاب رؤوس الأموال الضخمة من له علاقات تجارية من تجار مثله كفرة، تفتح شركات كبرى، أو معاملات مالية ضخمة إما باستيراد أو بتصدير فيحصل بينهم العلاقات والمودّات، خصوصاً إذا صارت الأرباح بالملايين، فيحصل الميل القلبي، وبعدها تكون المظاهرة لهذا المشرك واضحة، فمثل هذا الصنف من الناس على خطر عظيم، ما بالك إذا أضيف له الشق الثاني، مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين كأن تكون هذا التجارة، التي بينهم مثلاً أو هذا الاستيراد مما له ضرر بالمسلمين كأن يكون ضرراً في أخلاقهم، أو ضرراً في دينهم وعقيدتهم وهناك أشياء كثيرة كما نعلم تدخل بلدان المسلمين تفسدهم تضر بدينهم، فتبدأ القضية بتجارة ثم تنتهي بخروج من الملة، ثم خلود في نار جهنم والعياذ بالله. هذا على مستوى الأفراد، فكيف يكون الأمر لو كانت المظاهرة للمشركين والكفار على مستوى الأمة، ومعاونتهم على المسلمين يصل ضررها للأمة أجمع ولأجيال وأجيال.
كأن تكون هذه المظاهرة وهذه الولاءات لليهود أو للنصارى، وفيها تعاون على مسلمين إما بأراضيهم أو شعوبهم، أو بتصدير نتنهم وزبالات أخلاقهم، وقذارات سلوكياتهم ونشرها بين أبناء وبنات المسلمين.
فكل هذه الصور وغيرها قبل أن تعد خيانة في حق الأمة، اعلم أخي المسلم أنها ناقض من نواقض الدين، وكفر مخرج من الملة.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك.
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 19-10-2011, 04:18 PM
  #10
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

مراقبة الله

الحمد لله، الحمد لله عالم السر والنجوى، المطلع على الضمائر وكل ما يخفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وعلى أصحابه، الذين يخشون ربهم بالغيب، وعلى كل من اتق الله وخشي الله بالغيب وراقبه حق مراقبته، إلى يوم الدين.


أما بعد:

أيها الإخوة المؤمنون: لقد أخبر الله سبحانه أنه مطلع على الخلائق، يعلم أحوالهم، ويشاهد أعمالهم، لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلكم ولا أكبر.

يقول سبحانه وتعالى: (( وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ))[يونس:61]، ويقول: (( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ))[الحديد:4]، ومفاد هذا الإخبار بجانب ما يقرره من علو الله تعالى على عباده ذاتاً وصفة وقدراً، وبجانب ما يقرره من شمول علمه تبارك وتعالى، وكمال علمه، واطلاعه تعالى على عباده، ومراقبته لهم، وهيمنته المطلقة عليهم، مفاده تعليم عباده بأن يستشعروا ذلكم حقيقة، بأن يستشعروا أن الله تعالى مطلع على أعمالهم، وحركاتهم، وسكناتهم، وأقوالهم، وأفعالهم، وما يقوم بقلوبهم، يقول تعالى: (( وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ))[الملك:13-14].

فاتقوا الله أيها الإخوة المؤمنون، واستشعروا إذا قمتم بين يديه استشعروا مراقبته استشعاراً عاماً، وخاصة إذا قمتم بين يديه، إذا قمتم بين يديه في عبادة ما، استشعروا مراقبته، وهيمنته، استشعروا ذلكم بحيث تقومون في تلك العبادة مقام الإحسان، الذي هو أرفع مراتب الدين التي بينها رسول الهدى عليه الصلاة والسلام في حديث جبريل الطويل، الذي سأله فيه عن الإسلام فبينه له، وعن الإيمان فبينه له، وعن الإحسان فقال عليه الصلاة والسلام: [ الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ].

فاستشعروا ذلكم أيها الإخوة، فإنه وأيم الله، من استشعر ذلكم من قلبه مخلصاً ومتبعاً عبد الله تعالى على الحقيقة، وخشيه، وخافه على الحقيقة، وقام بين يديه قيام الإحسان، بل ونعم بمناجاة ربه، بعبادته لربه، وأنس بها، والتذ بها، وكيف لا ينعم أيها الإخوة عبد قام هذا المقام، وهو يعلم أن عمله ذلكم يرضي الله سبحانه وتعالى، والله يحب منه، (( وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ))[الزمر:7]، فلا ينعم بعمله ذلكم، ويسر به، ويغتبط به من يعلم أن الله يراه، ويحب منه عمله ذلكم ويرضاه، من يعلم أنه قام مقام الإحسان، والله تعالى يقول: (( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ))[النحل:128]، كيف لا ينعم بذلكم ويسر به، ويزداد به أنساً وغبطة وتفاعلاً ورغبة، من يتصور أنه يقوم بين يدي الله، وأنه في ذلكم تتجلى في عمله المتابعة، المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مقامه مقام الإحسان، في مثل حاله، لما قام له أبو بكر رضي الله تعالى عنه وهما في الغار، في مهاجره الميمون، خرج هو وصاحبه أبو بكر واختفيا في غار ثور، فلحق بهما طلب قريش، حتى وصل الطلب سقف الغار، قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه: [ يا رسول الله! لو أبصر أحدهم موضع قدمه لأبصرنا، فقال عليه الصلاة والسلام: ما ظنك باثنين الله ثالثهما ].

في هذا يقول تعالى: (( إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ))[التوبة:40]، كيف لا يعمل ذلك ويسر به، من يطمع في نصر الله الذي هو فوق كل نصر وتأييد؟ من يطمع في جنة عرضها السماوات والأرض؟ من يطمع في جنة الخلد جنة الفردوس الأعلى، التي لأهلها فيها ما يعطي الله أهلها فيها، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، كيف لا؟ وهو يقوم مقام الإحسان، فذلك أي: استشعار المراقبة، مراقبة الله للعبد، حين يقوم في صلاته، يقوم مقام الإحسان، كيف لا؟ وقد وعد الله أولئكم بقوله: (( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ))[يونس:26]، والحسنى: هي الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله الكريم في الجنة.

(( لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ))[ق:35]، يقوله الحق تبارك وتعالى.

وقد فسر رسول الهدى عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي جاء في صحيح مسلم رحمه الله، فسر الزيادة في هاتين الآيتين، فسرها الزيادة التي يعطاها أهل الجنة بعد أن يحلوا منازلهم، فسرها بلذة النظر إلى وجه الله الكريم تعالى، وقد أوضح العلماء، أنها التفسير منه صلوات الله وسلامه عليه فيه توضيح للناس، بأن الجزاء من جنس العمل، فهو مناسب تمام المناسبة؛ لأن العبد لما كان في حياته، في عبادته، يقوم فيها بين يدي الله، مستشعراً أن الله يراه، وكأنه هو يرى الله، فحقق الله له تعالى لذة النظر إلى وجه الله تعالى حقيقة في جنة الفردوس، وفي هذا قول الله تبارك وتعالى: (( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ))[القيامة:22-23]، (( عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ ))[المطففين:23-26] في ذلك، في السعي في طلب هذا الأمر، (( فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ))[المطففين:26].

فاتقوا الله أيها الإخوة المؤمنون، اتقوا الله في نفوسكم، وفي أعمالكم الصالحة، قوموا فيها مقام الإحسان، اعبدوا الله وكأنكم ترونه، قوموا مقام الإحسان، مقام من آمن بالله وبقول الله: (( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ))[الشعراء:217-219].

اتقوا الله واعبدوا الله عبادة تكون سبباً لنجاتكم، وفوزكم بجنة عرضها السماوات والأرض، وسلامتكم من نار تلظى، قوموا بين يدي الله، مستشعرين مراقبة الله، يقول عليه الصلاة والسلام: [ إذا كان أحدكم في الصلاة فإن الله قبل وجه ]، وفي حديث آخر: [ فإنه يناجي ربه ].

أفلا يحسن بنا ونحن نستشعر هذا، ونتلوا الآيات التي تأمر بهذا في الصلاة، أن نقف هذا الموقف لنحظى بلذة النظر إلى وجه الله الكريم، يوم أن توافينا المنية التي كتبها الله علينا، يوم أن يقوم الناس من قبورهم، يوم أن ينقسموا قسمين:

قسم وفوداً على الله، (( تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ))[الأحزاب:44].

وقسم: يدعون إلى جهنم دعاء.

أقول قولي هذا، وأسأل الله بأسمائه الحسنى أن يثبتنا بقوله الثابت في الحياة الدنيا، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.


استغفروا الله لي ولكم، وللمؤمنين والمؤمنات، إنه تعالى غفور رحيم.


الخطبة الثانية


(( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ * يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ ))[سبأ:1-2]، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وعلى أصحابه، وعلى كل من دعا بدعوته، واستن بسنته، واقتفى أثره على يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله، اتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أن أقدامكم على النار، لا تقوى، وأن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم، وسيتخطى غيركم إليكم فخذوا حذركم.

عباد الله: لئن كان الطائع منا يحتاج إلى من يذكره بمراقبة الله له، وبمتابعة الله له، وبأن يوعظ بأن يقوم في عبادته مقام الإحسان الذي هو أعلى مراتب الدين، فما أحوج العاصي منا، ما أحوجه أيها الإخوة، أن يذكر حين يهم بسوء، حين يهم بسوء في قلبه، أن يذكر ويتذكر قول الله: (( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ))[ق:16]، يتذكر حين يهم بسوء، أو بأمر يضر المسلمين أو يضر نفسه، أن الله يعلم ما يقوم بقلبه، يتذكر حين يخطر في عصيانه، أو حين ينظر بعينيه إلى أمر محرم، أو للوسيلة إلى أمر محرم، قول الله: (( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ))[غافر:19]، يتذكر حين يقول قولاً لا يرضي الله، حين يقول قولاً يتزلف به أو يتقرب به من الغير، حين يقول قولاً فيه رد لمعروف، أو فيه هضم لمظلوم، يتذكر قول الله: (( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ))[ق:18].

فيا أخي العاصي وكلنا ذاك الرجل اتق الله، وراقب الله، واعلم أنك حينما تفكر بقلبك ويختلج في نفسك أمر محرم، يجب عليك أن تعلم أنك مراقب، وأنك متابع، متابع بمراقبة ومتابعة لا تغفل ولا تنام، ولكن الله يمهل ولا يغفل، فليتق الله الأخ المسلم وليعلم وليتذكر قول الله تبارك وتعالى: (( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ))[الفجر:14]، (( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ))[البروج:12]، فما أحوجنا، ما أحوج العصاة منا، أو من يتلبسون بعصيان أن يتذكروا دوماً مراقبة الله لهم، مراقبة من يملك الأرض التي يعصونه عليها، والسماء التي تضلهم، والرزق الذي اتخذوا منه وسيلة للعصيان، مراقبة الله، فليخشوا الله، وليحذروا سخطه، وليتذكروا أنهم إن غابوا عن الناس، وإن استخفوا من الناس، فإنهم أمام عين الله ورقابة الله التي لا تنام، فليتق الله العاصي، وليراقب الله، وليخش الله أن يفضحه إما في الدنيا، وإما أن ينشر له يوم القيامة لواء يقال: هذه غدرة فلان بن فلان.

فاتقوا الله أيها المؤمنون، وخافوا الله، واخشوا الله، وراقبوا الله، واتقوا الله لعلكم تفلحون.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك، وكرمك وفضلك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

اللهم ثبتنا بقولك الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، اللهم اجعلنا ممن يتعظون بمواعظك، وممن يقفون عند حدودك، وممن يراقبونك ويخشونك في السر والعلن يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا، ولا بما فعل السفهاء منا.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا يجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.


إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعضكم لعلكم تذكرون (( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ))[النحل:91].


ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أذكار, أدعية, خطب, خطبة الجمعة, صلاة الجمعة, إسلاميات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من يوقف هدردماءاهل السنه يامسلمين في ايران المجوسيه الرافضية الصفوية ؟؟ ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 10 29-04-2015 06:44 PM
إبن سبأ اليهودي مؤسس الديانة الشيعية ابو عائشة الطائي فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 2 20-12-2009 10:31 PM
غزوات حدثت في شهر الانتصارات في رمضان المناضل السليماني مجلس الإسلام والحياة 5 30-08-2009 06:27 AM
أرقـــــــام وإيمـــيــلاتــ الدكـــتـــور جــــــــابـــــر القحطاني وبعض الوصفاتـــ سعيد الجهيمي عالم الصحه والغذاء 12 20-03-2008 12:02 PM
فتاوى السحر والمس والعين مفرغا من شريط للعلامة ابن باز : اعداد بعض طلبة العلم ابو اسامة مجلس الإسلام والحياة 11 26-05-2007 01:52 PM


الساعة الآن 02:03 AM

ملصقات الأسماء

ستيكر شيت ورقي

طباعة ستيكرات - ستيكر

ستيكر دائري

ستيكر قص على الحدود