رفض عضو مجلس الشورى السعودي دكتور محمد بن عبد الله آل زلفة أمس إتمام مشروع زواج ابن شقيقه وفق العادات الدارجة حالياً من إقامة ليلة الزواج في إحدى القاعات أو قصور الأفراح وفضل أن تُقام وفق بعض العادات القديمة وارتأى أن يتم الاحتفال في قرية العروس "درامة" والواقعة في بلاد بني بشر محافظة سراة عبيدة تحت شجرة "التالقة" العتيقة والتي تُعد أكبر شجرة معمرة في منطقة عسير، وبدأ وصول ذوو العريس بعد صلاة الظهر حيث استقبلهم عائلة العروس واهل قريتها،و والقادمون يصدحون بأهازيج محلية تثني على رجال القرية المستضيفة وكرمهم وتمجد ماضيهم،وبعد أن خرج اثنان من أقارب العروس عن الصف ببضع خطوات وتوقفت أصوات القادمين،رددا مرحبااااااااااااااااً بكم، أرحبوا أرحبوا يا ضيفان، رد عليهم كبير أسرة آل زلفة نائب قرية المراغة بمحافظة أحد رفيدة الشيخ سعد بن عبدالله آل زلفة بقوله السلام عليكم فرد الدراميون وعليكم السلام قال الأول كيف أنتم،فرد نائب قرية درامية الشيخ محمد بن سعيد آل مساعد بقولهم عافيكم واضاف آل زلفة طيبين، قال آلر مساعد طاب الله فيك اقلطوا يا ضيفان.
يقول الدكتور آل زلفة: تختلف تقاليد الزفاف ومراسم الأعراس المتبعة بين بلد وأخر ومهما اختلفت هذه التقاليد والطقوس فإنها تصب بالتالي في قناة واحدة هي فرحة الأهل بزواج الابن أو الابنة وإتمام الزواج ضمن قوانين اجتماعية متوارثة تضفي الصفة الشرعية والرضا على قران شريكين متلازمين مدى الحياة .
إن الواقع التاريخي والجغرافي لمنطقة عسير ينعكس في التشابه الكبير لتفاصيل الاحتفالات للعرس في هذه المدن والقرى والهجر ولو أن هناك بعض الاختلافات الطفيفة وتطوي القرون ذكريات الماضي لتظهر في الحاضر فترة جديدة ذات طابع استقى ملامحه الحضارية لحركة التطور الاجتماعي الذي صاحب فترة ما بعد ظهور النفط في معظم أقطار الخليج العربي فهذه الاحتفالات تقرب من الأذهان الفرحة الكبيرة التي كانت تعم الأسرة والأقرباء رغم الحالة الاجتماعية والمالية للكثير من الأسر في ذلك الوقت .
وللزواج قديما في منطقة عسير عادات وتقاليد تميزه عن غيره لدى سائر المواطنين كما أن لكل قبيلة مميزاته وعاداته في الاحتفاء بالزواج.
ويلتقط الحديث الشيخ محمد آل مساعد فيقول: قديماً إذا ما وافق الأهل على الرجل أبلغوه موافقتهم وأخبروه أمام أهله بشرط عروسه سواء كان نقداً أو مواد عينية، فإذا لم يكن لها شيء من ذلك فيكتفي الأهل بالاتفاق معه وأهله على تفاصيل الزواج والتي غالبا كانت تتضمن مهر العروس وجهازها وهو عبارة أواني منزلية وعدد من مشغولات ومسوغات الفضة ،يتبع ذلك إقامة الزواج والذي كان يقام في نهار اليوم،إن كان الزواج في القرية فغالياً ما تُزف العروس إلى بيت زوجها ليتم الاحتفال النسائي بعد العصر وحتى مغرب ذلك اليوم ،يليه حفل العشاء للرجال والسهرة على أنغام الطبول بألوان شعبية منها القزوعي والخطوة والزحفة والدمة،وكان والد العروس ووالدتها وأشقائها وأعمامها ينتظرون كسوة الزواج والتي غالبا ما تكون قطع أقمشة وغتر أو أشمغة ومبالغ نقدية يقدمها والد العريس .
وفي ذلك المساء عادة جرت العادة أن يستلفي "يستقبل"من قدم العريس لهم معونات في زواجات سابقة ليردوا الجميل،وتصل في بعض الأحيان المبالغ المقدمة إلى خمسمائة ريال من الفرد الواحد مراعاة للعريس ووقوفاً معه، و المائتين تكفي.
وعن ما يقدم في حفلات الزواج أكد الشيخ سعد آل زلفة بقوله:يقدم للمعازيم من جانب أهل العريس بعد حضورهم للفرح بساعة أو ساعتين تقريبا "البداة"وهو عبارة عن أكلة شعبية تصنع من دقيق القمح وتقوم بصنعه نسوة القرية تضامنا مع أم العروس وكعرف يصنع من 8 إلى 10 بوادي" صحون كبيرة" ويضاف عليه السمن والعسل قبل التقديم ، ويقدم العشاء بعد ذلك بوقت متأخر نسبيا وهو عبارة عن كبسة اللحم والأرز كما هو معروف في سائر مناطق المملكة.
ويقول عم العروس محمد بن سعيد أبو جبهة:كسوة أبو العروس وعائلته من قبل العريس وذويه كانت من العادات المحببة ولم تكن تزيد عن بضع غتر وثياب، وكانت وجبة المبدى "أولى الوجبات" توزع على أفراد القرية النستضيفة لإذ يخرج النائب أو كبير القرية ويوزع بضع عصي ليقوم آخر من الضيوف بتوزيع جماعته إلى فروق يعطى لكل منهم عصاة تعود أصلاً لواحد من قبيلة المستضيفين ويأخذهم إلى منزله حيث البر والسمن .
محمد بن عوض بن حية يشير إلى أنه قديماً كان أهل العريس يبكرون صباحاً ومعهم عدة الطبخ حيث يذبحون الخراف أو ينحرون القعدان"صغار الإبل" ويعمدون إلى طبخها ريثما تصل وفود الضيوف.
ولفت عبدالرحمن بن سعيد أبو جبهة إلى أن العروس سابقاً كانت تمتطي ظهور الابل حيث تلقي خطبة مختصرة تشير فيها إلى ماقدمه أهلها لها طيلة فترة عيشها معهم وتستودعهم الله وتؤكد أنها ستكون خير من يمثل قريتها الأم لدى القرية التي ستعيش فيها ما تبقي من حياتها في كنف زوجها.