لم يكن أكثر المساهمين تشاؤماً يعتقد أنه " سيتبخّر " أكثر من 70% من رأس ماله في غمضة عين ، ومشكلة الخسارة في الأسهم انك تفتح محفظتك وترى أموالك " تـُسرق " أمام عينك .. ريال .. ريال .. ولا تستطيع أن تعرف من هو " السارق " ، كم لا تستطيع كذلك أن تشتكيه ، لأنها " سرقة مشروعة " ..
وليت هذا " التبخـّر " اقتصر على الأموال فحسب ، بل طالها إلى الأحلام " وطيّر مندوبها " ، أما أحلام المساهمين ـ قبل الانهيار الكبير فقد كانت كبيرة ، و عريضة ، ومتعددة ، ويمكننا أن نصنّفها بحسب المراحل العمرية ، فالمراهقين كانوا يطمحون في أن يستبدلوا " الكامري " و " الربع " بـال " BMW " و " الهمر " عشان " يزمرون على ربعهم شويّ " ، والشباب كانت أحلامهم أن " يدخلوا القفص الذهبي " وأقول لهؤلاء " لاتضيق صدوركم .. يمكنها خيرة " !! ، وعلى طاري القفص الذهبي فقد أثبتت دراسة قام بها فريق من العلماء أن لونه يتغيّر بالتقادم ، أي أنه يكون ذهبياً في السنة الأولى ثم يتغيّر إلى اللون الفضي في السنة الثانية ، ويتغيّر في السنة الثالثة إلى اللون البرونزي ، أما في السنة الرابعة ومابعده فيصير " مصدي " هذا بالطبع في بنجلاديش أما في السعودية و الخليج فيظل بلونه الذهبي البراق ( دخلت علي المعزبة وصرّفتها ) .
أما الصنف الثالث فهو صنف المتزوجين حديثاً وحلم هؤلاء أن يبنوا لهم بيتاً يحميهم من لهيب الأجار الجائر ومن مطارد هالشياب لهم كل يوم " وين الأجار ، هات الأجار ، عجل والا قضّبناك الباب " ، ومن شدّة تفاؤل هذا الصنف أن " الرجّال قام يتهاوش مع حرمته " هو يقول نبي نفرش البيت وهي تقول لا نبي نسرمكه !! ولم يحصل لهم بيتاً أرضيته مفروشة ولا مسرمكه ولا حتى " مسمّته " !!
أما أخطر هذه الأصناف من حيث الأحلام فهم
" الشيّاب " وعلى طاري الشياب ما أدري ليش مايناسبهم إلا أسهم " الكهرب ونادك والراجحي " ، وتخيلوا شايب مساهم في " إميانتيت " أو " شمس " أو " المتطورة " .. " ماركب والا " ؟!!
نرجع لحلم الشياب وهو أنهم " يجددون شبابهم " ويا خذون " أم 18 " وبعضهم من زود " الفسقة " مارده إلا إنه متردد ما يدري ياخذ لبنانية وإلا سورية !! ويخاف يستعجل ويتحسّف !!
أما الحلم المشترك للجميع فهو " السفر في الصيفية " وكلما تضخّمت المحفظة ، كلما تضخّم طموح السفر .. اللي يصيّف في عفيف أصبح يطمح في جنيف ، واللي يصيّف في الدمام أصبح يطمح في أمستردام ، واللي يصيّف في البحرين صار يطمح في برلين ، ولكن بعد أن " طارت الأموال " وطارت معها الآمال ، أنصح كل واحد أنه " يصيّف عند المكيّف .. ويحمد الله على العافية " .
كما يمكننا أن نقسّم المساهمين من ناحية " الطبايع " إلى عدة أقسام .. هنالك المساهم " المطفوق " واللي من يوم يشم ريحة توصية " وهو طاب في السهم محيفرة " بكل راس ماله ، وإذا نزل شوي " طقته النفاضه " وطلع " يدوّر غيره " ، وفيه " الثقل " اللي مايسمع أي توصيه ولا يتّبعها الين " يحلف له اللي موصيه انه صادق " ويضمن له انه يعوّضه لو يخسر ، وفيه " الذروق الحريص " واللي من يوم يشتري في شركه وتطلع ريال " يبيع " وإذا نزلت ريال اشترى و " ابتل " ، وفيه " الذروق المتردد " واللي تجيه توصيات ولا يشتري وإذا ارتفع قال " يووووه " ليتي شاري .. وإذا نزل سهمه قال " يووووه ليتي بايع " ، وهذا تطير عليه الأرباح وهو " لاهي في هواجيسه " ، وفيه اللي " حظه دمار " إذا اشترى في شركه طاحت وإذا باع نسّبت " ترى مهوب أنا " ، هذا في ما يخص المساهمين أما المحللين الاقتصاديين فـ " سالفتهم طويلة "
كيف تصبح محلل اقتصادي في 5 دقائق
وتترزّز في العربية !!
1- قم بشراء غترة العطار واكوها جيداً ولا تنسَ أن تكثّر من النشا .
2- إشتر كبكات لمّاعة وقلم ويفضل أن يكونا نفس الماركة .
3- شقــّر الشنب شوي .
4- إذا ارتفع السوق فـقـل أن المؤشر إرتد وهذا ماكنا نتوقعه .
5- إذا هبط السوق قليلاً قل أن هذا جني أرباح طبيعي ، وإذا إزداد الهبوط قل أنه " يمر بتصحيح صحي كان السوق بحاجة إليه حتى يتنفس المؤشر " ، وإذا " محط " مرة قل أنه إنهيار متوقع بسبب ضعف الوعي لدى صغار المستثمرين .
6- كثــّر من الفلسفة وادعمها ببعض المصطلحات الاقتصادية ــ لتلخم المشاهد مثل " تجميع ، تصريف ، ماركت ، ارتداد وهمي ، قاب ، الشموع اليابانية ، .. الخ " وليس من الضروري أن تكون في مكانها الصحيح ، كل ماقلتَ كلمتين " إلفز " بينهن مصطلح .
و باختصار السوق لدينا لا يخضع لأي من المعايير ولا المقاييس التي تخضع لها الأسواق العالمية فيرفع مؤشرة تصريح ويهبط به شائعة ، فلو " اندعس طلي " على طريق القصيم لارتفعت المواشي .. ولو انقلب جمس جح على طريق الشرقية لهبطت الزراعيات .. وهكذا
يعني السوق بالضبط مثل الكثير من وزاراتنا ودوائرنا الحكومية يمشي " بالبركة " .
منقول