رفقاً بالقوارير الطلاق والتعدد .. من المخطئ ؟
الإسلام أباحه ولكنه يرفض أن يجعله امتداداً لشهوات بعض الرجال في التمتع والتسلط :
كاد لبها يطير وأوشك رأسها أن ينفجر , وطاش عقلها وهي تصيح وتولول بغير شعور تطلب الطلاق " طلقني .. طلقني فهي لا تدري ما تفعل ولا ما تعمل وهي ترى يومها الذي حسبته يوم عرس لها فأصبحت من يومها تعد الساعات وتحصي الدقائق والثواني وهي تمر كدهر طويل فتجهزت بأحسن وأجمل ما تتجهز به امرأة لإستقبال زوجها وحبيبها العائد من سفر بعيد بعد غياب طويل وانتظرته على أحر من الجمر ولكن ها هي ليتلها تتحول إلى مأتم كبير وها هي فرحتها بقدوم المسافر الغائب تتبدل وتذهب أدراج الرياح وذلك حين ألقى إليها الزوج الحبيب قنبلة من صنع يديه ! لقد تزوجت .
سامحيني :
لم يصبر عليها ولو تلك الليلة , بل لم يحسن اختيار أوقاته فيمهد لكلمته تلك طريقاً سهلاً معبداً يصل إلى قبل القلب من الزوجة بيسر وأمان دون خسران أو حرمان ولم يجد فن الزواج والحياة الزوجية وما جبلت عليه نفوس النساء من حب الزوج والغيرة عليه حتى من الهواء !! وزوجته المسكينة هي التي تدفع ثمن هذا التصرف غير الحكيم سواء من فرحتها بقدومه والتي طارت وتبددت ومن صحتها وعمرها فلربما ماتت من المفاجأة بالسكتة القلبية فيتحول الحبيب إلى قاتل ولو بالخطأ .
هياج وغضب :
لقد دفعها دفعاً – بسوء تصرفه وعدم تريثه – لأن تطلب الطلاق – وفي لحظة مرت كالبرق سادها هياج وغضب ,وثورة وعصبية , صاحت فيه .." طلقني .. طلقني .. لا أريد العيش معك .. لا أريدك .. لا أحبك طلقني .. لو كنت رجلاً أفعلها .
إنها كلمات مثيرة نطقت بها تلك الزوجة وهي في حالة أشبه باللاوعي ولولا لطف الله وعنايته لطاش عقل ا لزوج هو الآخر ولم يتمالك نفسه فغار لرجولته وانتقم لها ناطقاً تلك الكلمة التي هي أبغض الحلال عند الله , أنت طالق , وبعدها يتغير كل شيء من حوله البيت الزوجة الأسرة الأولاد ..
إنه موقف وكلمة تنقلب معهما موازين الأسرة , وتميل بهما شجرة المحبة بريح الشقاق التي لا تلبث أن تتحول إلى عواصف عاتية تقذف بالحب والمودة في أرض الأشواك التي تجرح كل من يحول الاقتراب منها.
حـرب بيـن حبيبيـن :
موقف وكلمة يصبح الأطفال بعدهما وكأنهم أسرى حرب في معركة كبرى ولكنها حرب بين حبيبين وتلك مصيبة عظمى وفي ظني أنه كان باستطاعة الزوج بقليل من الصبر والحكمة , والدهاء والحنكة ولين الجانب واختيار الوقت المناسب لإعلام زوجته بذلك الأمر كان يمكن تخطي حدوث هذه النتائج التي أعقبتها تلك المفاجأة وربما أثرته على نفسها وفضلت حاجته على حاجتها وباركت خطاه .
وكذلك كان على تلك الزوجة أن تتلقى ذلك الأمر بالصبر والاحتساب وإذا أتى اللوم والعتاب فبعيداً عن عيون الأطفال وإن كان زوجها قد جانب الصواب في طريقة إبلاغها فما هكذا تؤخذ الأمور بل بالحكمة والتروي والتصبر وبالحوار والتفاهم تحل المشكلات وما دام هذا الزوج بحدود الله وشرعه قائماً فلا خوف إنما الخوف من أن يظلمها وفي كل الأحوال فليس أمام المرأة إلا الصبر والاحتساب والمطالبة بحقها كما يريد الله نعم ذلك لأن المرأة المسلمة بشرع الله مطمئنة وبحكمته وعدله سبحانه في إباحة التعدد مؤقنة وإن كان هناك شيء في نفسها فهو من تصرف بعض الرجال وفهمنهم الخاطئ لمفهوم التعدد وعدم معرفتهم تبعاته المنوطة به وسوء تطبيقهم له بقصد أو بدون قصد .
فترى البعض يعدد دون ترتيب الألويات وتقسيم الأدوار , ودون النظر لحقوق الأولاد .
مع الجهل بحقوق الزوجة من الدعم والنفقة والعدل المادي والمعنوي والنفسي يعدد ولو أدى ذلك لهدم بيته الأول ولو ضحى بأم أولاده ورفيقه دربه وشريكة كفاحه وبعضهم يعدد نكاية في زوجته الأولى فيذرها كالمعلقة , وثالث يحلو له أن يهدد دائما بأنه سيتزوج بأخرى وكأن الله تعالى جعل التعدد عقوبة للمرأة لا صيانة لها تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً
صـورة قاتمـــة :
كل ذلك أساء الصورة ووسمها بالظلم والإسلام من الظلم برئ فلقد أعطى بعض الرجال بهذا العمل صورة قائمة للتعدد وأحاطوها بمياه عكرة يصطاد فيها المغرضون والمناوئون لشريعة الإسلام , على كان هناك صور أخرى طيبة لأناس طبقوا شريعة الله في ذلك فها هو رجل يتزوج من امرأة أرملة ليكفلها , وآخر يتزوج من أم لأيتام ليضم أيتامها إليه , وآخر يتزوج ممن فاتها قطار الزواج ليعفها ويحصنها مع فهمهم الواعي لمعنى التعدد وما يتبعه من حقوق ومسؤوليات .
لكن برغم ذلك الجانب المشرق يبقى أثر الصور المشوهة واضحا مما يسئ للمسلمين ويكون ثغرة لأعداء هذا الدين وينفر الكثيرات من الفتيات من مشروع الزواج العظيم .
إن الإسلام لم يحرم التعدد : ولكنه حرم الضرر " لا ضرر ولا ضرار " والرجل الراعي لبيت الزوجية القائم عليه لا يتخذ من الزواج بثانية وسيلة لتهديد زوجته كلما غدا أو راح كما أنه لا يجعل منه سبيلاً لإظهار نقصها أو إشعارها بالتطلع لغيرها فيهملها وينسى أو إشعارها بالتطلع لغيرها فيهملها وينس فضلها ولا يذكر إلا مساوئها فيكون كمن رزقه الله من زوجته أولاداً من بنين وبنات شموساً وأقماراً يملئون العين ويبهجون النفس ويشرحون الخاطر والفؤاد من رآهم سبح بحمد الواحد الخلاق , أما هي فقد حباها الله بجمال رباني تتربع ملكة على عرشه لكن هي كغيرها من النساء اللاتي لسان حالهن يقول :
كان نجماً بسماي لكنه أفل ..
كان قمراً في مساي لكنه رحل !
وصاحبنا يبحث عن الكمال , والكمال لله تعالى وحده .. ويذرها كالمعلقة وهي تدعوه على استحياء ... أين حقي عليك بالله عليك ؟
ليس لي بعد الله إلاك .. أنا في حاجة إليك .
صبــر جميــل :
أبعد هذا العمر وهذه السنين يفكر الزوج في ( الأنا ) ويهجر أم أولاده , لا هي زوجة فتأنس به ولا هي مطلقة فتنكح غيره , وهي من عاشت معه على المر قبل الحلو .
فصبراً أيتها الزوجة صبراً لقد أفل نجمك لكنه سيظهر بسماء أخرى وخفت نور شمسك لكنه سيسطع في أرض أخرى فصبر جميل وأنتن أيتها الزوجات كن حكيمات عاقلات أدفعن السيئة بالحسنة قمن بحقوق الأزواج تعاملن مع الله أرحم الراحمين الحكم العدل فوضن أموركن الله وطالبين بحقوقكن الشرعية ليل نهار واحذرن الكفر بآيات الله فإن الله أباح التعدد وقيده بشروط فلا عذر لكن مع القيام بهذه الشروط ولكن في رقاب أزواجكن حقوق الميثاق الغليظ فاصبرن صبراً جميلاً .
وأنتم أيها الأزواج ألا فلتكونوا أوفياء واقدروا أم العيال حق قدرها وأعلموا أن المسلم مطلوب منه دائما أن يخطو إلى الأمام وسعد من سار وخطا , والأسعد منه من سار على الدرب السوي وعمل حساباً لكل خطوة يخطوها وحساب نفسه قبل أن يحاسب ، ونظر إلى الحقوق نظرة شمول وعدل فأعطى قبل أن يأخذ وضعي من أجل غيره قبل أن يطلب تضحية من غيره وكان مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر .
إقرأوا سيرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الزوج الوفي العادل الرحيم , واعرفوا منه حقوق الزوجات فقوموا به قبل أن يأتي يوم ليس هناك إلا الحسنات والسيئات فإنما العلم يكون قبل العمل ولا يكن فقه الرجل أن لا له أباح له التعدد دون معرفة ما عليه من حقوق وواجبات .
حقـــوق ثقيلــة :
وهانذا أسوق إليكم ما ذكره الشيخ الغزالي – يرحمه الله – في فقه التعدد يقول الشيخ مع المبررات الكثيرة للتعدد فإن الإسلام الذي أباحه رفض رفضاً باتاً أن يجعله امتداداً للشهوات بعض الرجال وميلهم إلى مزيد من التمتع والتسلط فالغرم على قدر الغنم والمتع الميسرة تتبعها حقوق ثقيلة ومن ثم فلابد عند التعدد من تيقن العدالة التي تحرسه أما إذا ظلم الرجل نفسه أو أولاده أو زوجاته فلا تعدد هناك .
الذي يعدد يجب أن يكون قادراً على النفقة اللازمة , وإذا كان الشارع يعتبر العجز عن النفقة عذراً عند الاقتران بواحدة فهو من باب ألوى مانع عن الزواج بما فوقها وكثرة الأولاد تتبع عادة كثرة الزوجات والإسلام يوجب رعاية العدل مع الأولاد في ا لتربية والتكريم ووسائل المعيشة مهما اختلفت أمهاتهم فعلى الأب المكثر أن يحذر عقبى الميل عن الهوى وكذلك يوجب الإسلام العدل مع الزوجات " أن الله سائل كل امرئ عما استرعاه حفظ ذلك أم ضيعه " تلك حدود العمل الذي قرنه الله بالتعدد فمن استطاع النهوض بأعبائها فليتزوج مثنى وثلاث ورباع وإلا فليكتف بقرينته الفذة .
{ فإن خفتم إلا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى إلا تعولوا }..... إلى أن قال فضيلته على أنه من المؤسف حقاً أن يهدم العوام هذه الحدود ويتجهوا إلى التعدد دون وعي لمعني التعدد المفروض بل تلبية لنداء الشهوة ولو أدى إلى الاقتيات والجور الصارخ فالرجل يعجز عن نفقة نفسه ثم هو يسعى إلى الزواج وقد يعجز عن رعاية واحدة ثم هو يبحث عن غيرها وقد يحيف على بعض أولاده في التعليم وفي توزيع الثروة تمشياً مع هواه وقد يتزوج الأخرى ليهجر الأولى ويذرها كالمعلقة.. انتهى كلامه رحمه الله .
ألا فلتتقوا الله أيها الأزواج وقوموا بأداء الحقوق والزموا العدل ترشدون.. قال صلى الله عليه وسلم " من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما على الأخرى جـاء يوم القيامة واحد شقيه مائل " ( الترمذي )
ورفقـاً بالقواريـر أن تنكسـر