{ بدلوا نعمة الله كفرا .. } (17)

أخي الحبيب
لقد كشف الله لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ
خيانة وغدر اليهود والنصارى ومكر المنافقين وبين له صفاتهم
وأثبت نبينا ـ عليه الصلاة والسلام ـ أسماء المنافقين عند حذيفة ـ رضي الله عنه ـ
فعلى العلماء والدعاة والمصلحين والعقلاء وكل حريص على أمن الناس ومصالحهم وسلامة
بلادهم أن يفضح من يحارب الفساد والبغي والظلم والعدوان ، وكل ما يفسد على المسلمين
أمنهم ومعيشتهم أو يصرفهم عن دينهم أو يلبس عليهم أو يسلب حقوقهم
نعم .. أخي .. تفضحهم وتبين فسادهم ومكرهم وخططهم بالمنهج الشرعي والطريقة السليمة
بين بالتي هي أحسن
تمنع وتحارب بما أوتيت من قوة وسلطان ومكانة وموعظة
وبأي طريقة ووسيلة تعينك وتسهل بها لمن لا يعلمون إفساد المفسدين ..
ولك أن تتأمل في قول الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ
" فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً ، وإن اخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً " رواه البخاري
فإن تركناهم وتوانينا في ذلك فإن الفساد لا يلبث أن يسـري في النفوس وينتقل بالعدوى من واحد إلى
غيره حتى يعم ، فيعسـر اقتلاعه ، ولذا قال الله ـ عز وجل ـ
{ فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم
واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون }
أفلا تكن واحدا من أولو بقية يستبقون لأنفسهم الخير عند الله , فينهون عن الفساد في الأرض
ويصدون الظالمين عن الظلم؟!
فما أخذ الله ذلك الظالم أو تلك القرى والمدن بعذاب الاستئصال الذي حل بهم إلا بسبب السكوت
والمداهنة والمجاراة لأهل الظلم والفساد ، والله ـ عز وجل ـ لا يأخذ القرى بالظلم إذا كان أهلها مصلحون
أي إذا كان للمصلحين من أهلها قدرة يصدون بها الظلم والفساد
إنما كان في هذه القرى قلة من المؤمنين لا نفوذ لهم ولا قوة , فأنجاهم الله ، وكان فيها كثرة
من المترفين وأتباعهم والخانعين لهم , فأهلك القرى بأهلها الظالمين ، وهذه الإشارة تكشف
عن سنة من سنن الله في الأمم ، فالمجتمع الذي يقع فيه الفساد ولا يقوم وينهض الصالحون والأخيار
لصده والوقوف أمامه وفضح أهله سيحل به عذاب الله تعالى
فأصحاب الدعوة ، والأمر والنهي والذين يريدون تطهير الأرض من الفساد الذي يصيبها بأيدي المفسدين
هم صمام الأمان للمجتمع وأمنه وأمانه . .
وهذا يبرز قيمة كفاح المكافحين , والواقفين للظلم والفساد بكل صوره . .
إنهم لا يؤدون واجبهم لربهم ولدينهم فحسب , إنما هم يحولون بهذا دون غضب الله عليهم
واستحقاق النكال والضياع ، وفي حديث السفينة ، قسم احتل أسفل السفينة ، وكانوا واهمين في
ظنهم أن لهم الحرية الكاملة في التصـرف في أرض السفينة وخرقها ، وأن هذا في نظرهم القاصر
لا يمس مصالح الذين فوقهم ، فقد غاب عنهم الفهم الصحيح لطبيعة عمل هذا الدين في تسيير دفة
الحياة الاجتماعية { أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا }
هنا ملمح لطيف: فموسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال { لتغرق أهلها } ولم يقل: تغرقنا
إنه لم يهتم بنفسه ولا بصاحبه فقط ، رغم أنهما كانا على ظهر السفينة ، وأنهما أصحاب مكانة عالية
إن من أخلاق الأنبياء الاهتمام بأوضاع الناس أكثر من اهتمامهم بأنفسهم ، ويراعون مصالح الناس
أكثر من مراعاتهم لمصالحهم ـ عليهم الصلاة والسلام ـ لقد رأى موسى أن الذي يفعله الخضـر فعلا منكرا
ولذا قال { لقد جئت شيئا إمرا } إن المعصية حين تشع في المجتمع فقد يستوجبون نزول العقوبة
لتذهب بالخيرات ، ولا تشيع الفاحشة إلا حين يغض المجتمع طرفه عنها
وكم قصـر الواحد منا في إعمار الأرض بسبب التقصير في جانب العبودية لله وتحقيق التوحيد
وبسبب الإقتداء بسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولقد كان للظالمين
{ الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا }
دورا كبيرا في ذلك وشواهد الماضي والحاضر ناطقة به ، كيف لا والله يقول
{ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ ..}
والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما سئل
" أنهلك وفينا الصالحون؟ قال نعم إذا كثر الخبث " أخرجه الشيخان
نعم إن الأمن حين يضطرب حبله لا يضطرب على الطالحين وحدهم
وإن الأسعار والعقار حين ترتفع فإنها تفوق طاقة الكثير ، لكنها بالنسبة للمترفين قد لا تمثل شيئا
وإن العدو حين يستبيح الحمى ويشوش الأفكار ، فإنه لا يستثنى أحداً وهكذا ...
وإذا كان أصحاب الأهواء والشهوات لا يبصـرون أكثر من مواقع أقدامهم ولا يعبأون بحاضر ولا مستقبل للمجتمع
فإن المجتمع يتحمل توابع ذلك كله ، والمسؤولية تجاه ما يقع لا تعني شخصا بعينه
ولكنها تعني الجميع ، فإن تركوا المفسدين والعابثين
" وما أرادوا هلكوا جميعاً ، وإن اخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا "
تأمل في قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ
" كلكم مسئول "
قد يكون الجرم الأكبر على من يستطيع التغيير ولا يغير
أو يتغافل عن المنكر وهو يراه أو يعلمه
والنجاة لا تكون إلا لمن كانوا ينهون عن الفساد في الأرض ، قال الله
{ فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن الفساد في الأرض
وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون }

__________________

عــــش مـــع الـــقــرآن .... تــعــش الــــحــيــاة

نعم اخوي سعيد النجاة لمن كانوا ينهون عن الفساد
نسأل الله ان نكون نحن وانتم ممن ينهى عن الفساد ويدعوا للخير

__________________

والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما سئل
" أنهلك وفينا الصالحون؟ قال نعم إذا كثر الخبث " أخرجه الشيخان


نعم شيخ سعيد سيعم البلاء في الأمم إذا لم يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويؤخذ على يد السفيه ويردع المعتدي ويؤخذ بحق المظلوم
هلكت كثير من الأمم بسبب كثرت المنكرات وانتشار الرذيلة والظلم والطغيان


طرح جميل وسلسلة رائعة وقيمة تستحق المتابعة

__________________

عــــش مـــع الـــقــرآن .... تــعــش الــــحــيــاة