
الصبر على المكاره ومدح التثبت وذم الجزع
قد مدح الله تعالى الصبر في مواضع كثيرة , وأمر به , وجعل أكثر الخيرات مضافة للصبر , وأثنى على فاعله , وأخبر
انه سبحانه وتعالى معه مناصرا له ومؤيدا , وحث على عدم الجزع والعياذ بالله .
قال تعالى : [ يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ] . ( البقرة - 153).
والنتيجة : [ إن الله مع الصابرين ] . ( البقرة - 153 ).
وقال تعالى : [ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ] . (الزمر - 10).
وقال تعالى : [ فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ] . (الأحقاف - 35).
والأدلة في ذلك كثيرة ..
وقد روي عن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال : " النصر في الصبر " .
وقوله صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه : " بالصبر يتوقع الفرج " .
وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها , إلا حط الله بها من خطاياه " .
وقال صلى الله عليه وسلم : " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا احب قوما ابتلاهم , فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط " .
قال الأشعث بن قيس : دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فوجدته قد أثر فيه صبره على العبادة الشديدة ليلاً ونهاراًَ فقلت : يا أمير المؤمنين : إلى كم تصبر على مكابدة هذه الشدة ؟ فقال :
اصبر على مضض الإدلاج في الســــحر :::::::::: وفي الرواح إلى الطاعات في البــكر
إني رأيت وفي الأيـــــــــــام تجربـــة :::::::::: للصبر عاقبـــــــــة محمــــــــودة الأثـر
وقل من جد في أمــــــــــــر يؤمـــلــه :::::::::: واستــــصحب الصــــبر إلا فــاز بالظفر
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : احفظوا عني خمسا . اثنتين واثنتين وواحدة . لا يخافن أحدكم إلا ذنبه , ولا يرج إلا ربه . ولا يستحي أحد منكم إذا سئل عن شئ وهو لا يعلم أن يقول لا أعلم , واعلموا أن الصبر من الأمور بمنزلة الرأس من الجسد فإذا فارق الرأس الجسد , فسد الجسد , وإذا فارق الصبر الأمور فسدت الأمور . وأيما رجل حبسه السلطان ظلما , فمات في حبسه فهو بإذن الله شهيد .فإن ضربه فمات فهو بإذن الله شهيد .
ومن أحسن الشعر الذي جاء في ذلك :
وإذا مسـّـك الزمـــان بضــــــر:::: عظمت دونــــــه الخطوب وجلّـت
وأتت بعده نوائـب أخــــــرى:::: سئمت نفسك الحيــــاة ومــــلـت
فاصطبر وانتظر بلوغ الأماني ::: فــــــــــالرزايا إذا توالــت تولـّت
وإذا أوهنت قـــــــواك وجلت ::: كشفت عنك جمـــــــلة وتخلــــت
وقال القائل ولله دره :
الدهر أدّبني والصبــــــــــــر رباني ::: والفـــــــــــوت أقنعني واليأس أغناني
وحنكــــــــتني من الأيام تجربــــــة ::: حتى نهيت الـــــــذي قد كان ينهــــاني
وقال بعضهم :
إذا ما أتاك الدهر يوما بنكبة ::: فافرغ لها صبرا ووسع لها صــدرا
فإن تصاريف الزمان عجيبــة ::: فيوما ترى يسرا ويوما ترى عسرا
وقال أحدهم :
ما أحسن الصبر في الدنيا وأجمله ::: عند الإله وأنجاه من الجــــزع
من شدّ بالصبر كفّــاً عند مؤلمـــــة ::: ألوت يداه بحبل غير منقطـــع
وقال آخر :
هي المقادير تجري في أعنــّــتها ::: فاصبر فليس لها صبر ٌ على حال
يوماً تريك خسيـس الأصل تـــرفعه ::: إلى العلاء ويوما ً تخفض العالي
وقال آخر :
عســـى الهم الذي أمسيت فيــــه ::: يكون وراءه فــــــــــرج قـــــــــريب
فيـــــــأمن خائف ويغاث عـــــان ::: ويأتي أهـــــــــله النـــــائي الغريـب
.................................................. .................................................. ........
والسلام عليكم ورحمة الله .... ولحديثنا بقية إن كان في أعمارنا الفانية بقية ....
.................................................. .................................................. ........