الشيخ الفوزان: الزواج من المصاب بالإيدز
[frame="2 80"]
لجينيات - رسالة الإسلام ، متابعة: هدى الأنصاري ـ إعداد: زياد المشوخي
علَّق فضيلة الشيخ الدكتور عبد العزيز الفوزان المشرف العام على شبكة رسالة الإسلام على ما نشر مؤخراً في بعض الصحف المحلية حول قبول بعض النساء الزواج من أقارب لهن ثبت من خلال الفحص الطبي أنهم مصابون بمرض ( الإيدز)، بأنه من إلقاء النفس إلى التهلكة، الذي نهانا الله عنه بقوله: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (سورة البقرة: من الآية195)، وقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} (سورة النساء:من الآية29)، ولا سيما أن هذا المرض الخطير لا يعرف له علاج حتى الآن، كما أنه يؤدي إلى الوفاة في الغالب الأعم.
ورأى فضيلته أن هذا النوع من الزواج غير جائز، وأن إقدام المرأة على الزواج من رجل ثبت يقيناً من خلال الفحص الطبي أنه مصاب بهذا المرض الخطير القاتل والمعدي جناية على نفسها أولاً، ثم على الجنين الذي سينتقل إليه المرض غالباً.
وطالب الشيخ الفوزان الجهات القضائية المعنية بعقد الأنكحة أن تمنع مثل هذه العقود, كما أشار إلى أن الإلزام بالفحص قبل الزواج يمنح الطرفين اتخاذ القرار بالمضي في الزواج أو فسخه، وإن كان المضي في الزواج مقبولاً في الأمراض الوراثية ونحوها من الأمراض غير القاتلة، أو التي يمكن علاجها أو تلافي أضرارها، كأن يقدم الرجل على الزواج من امرأة لا تناسبه وراثياً ولكنهما ملتزمان بعدم الحمل، فهذه الأمور يمكن أن تحتمل ويمكن علاجها لكونها غير قاتلة, إلا أن مرض (الإيدز) وبوضعه الحالي إن ثبت طبيا أن الشخص مصاب به فلا يجوز الزواج منه, كما لا يجوز أيضاً للولي أن يرضى بذلك؛ لأن الضرر يلحق الأولياء وليس مقصوراً على الزوجة وحدها.
وقد نصَّ الفقهاء على أن للأولياء حقاً في منع زواج موليتهم، سواء كانت بنتاً أو أختاً أو قريبةً إذا كان في الزوج عيب يؤثر في الأسرة, كأن يكون الزوج مصاباً بالجذام أو البرص أو غيرهما من الأمراض التي يلحقهم بها العار جميعاً, وسيؤثر في ولد ابنتهم ولهم الحق في منعه, فكيف بمرض قاتل وثابت طبياً على مستوى العالم أنه من الأمراض الخطيرة القاتلة المعدية!
إنَّ على الأولياء منع البنت؛ لأنها قد تكون تعلقت به، أو قد تكون امرأة فيها نوع من السطحية والجهل والسذاجة ولا تحسب حساب العواقب، مؤكداً في الوقت ذاته أن هذا المنع لا ينافي التوكل على الله، فمن تمام التوكل على الله تجنب أسباب الهلاك, وعندما سأل الأعرابي النبي صلى الله عليه وسلم: أعقلها أم أتوكل؟ قال: "اعقلها وتوكل" أخرجه الترمذي وصححه.
كما أشار فضيلته إلى وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم بقوله: "لا يورد ممرض على مصح" وهو في حقيقته الحجر الصحي الذي يتفاخر به الغرب اليوم وكأنهم ابتدعوه, مذكراً أيضاً بوصيته عليه الصلاة والسلام إذا دخل الطاعون في بلد: "فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تفروا منه" أخرجه مسلم, فكيف تأتي المرأة هذا المصاب بهذا المرض القاتل المعدي لها ولولدها لو حملت؟! ومع ذلك تقول أنا أتوكل على الله! بل أصرح من هذا ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام - كما في مسند الإمام أحمد وغيره - أنه قال: "فر من المجذوم فرارك من الأسد".
وأوضح فضيلته أنه لا تعارض بين هذه الأحاديث وما في معناها، وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا طيرة"، فإن معناه: أن الإنسان إذا أُصيب بمرض فلا يقول: فلان نقل العدوى لي، أو لأني ذهبت لفلان أصابني المرض، أو لو أني لم أجلس مع فلان لسلمت من المرض، أو لو أني لم أفعل الشيء الفلاني ما أعداني، فإن لو تفتح عمل الشيطان، بل هو بقدر الله، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (سورة الحديد:22)، وقال عز وجل: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (سورة التغابن:11) .
ولذلك لما قال أعرابي: يا رسول الله، فما بال إبلي، تكون في الرمل كأنها الظباء، فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها فيجربها؟ فأجابه عليه الصلاة والسلام: "فمن أعدى الأول؟!" متفق عليه.[/frame]