الخريف..يتحاور ..مع ..الربيع
الخريف يتحاور ..مع ..الربيع
( خواطر سياحيه ) بقلم : سعد ابو حيمد
عند ما يبد أ تسا قط ورق الا شجار ( وبالا خص المثمرة ) وحين تهوى مبتعدة عن فروعها واغصا نها , ثم تهبط الى اديم الا رض , لتذوب مع ذراتها , حينشذ نشعر ونحس , بان الخريف قد وصل وحل , وبالطبع سيتبعه الشتا ء , وذلك حسب دورة كونية مقدرة ومقررةمن فبل رب الكون , .جاء الخريف وبعده الشتاء , جا ءا ليمنحا قدرا من الخلود والراحة , للا شجاربعدالجهد الذى ادته , فى تنمية الثمار و ايضا تغذية وتربية الاوراق , وذلك خلا ل دورة الربيع والصيف الما ضيان , لذا فستبقى الا شجار عارية وكأ نها الا شباح ,وفى حالة انتظار لحلول الربيع ليبعث فيها دورة الحياة من جديد – وبا ذن الله –ورغم تلك الحالة , التى تشبه الجفاف , فا نها - الا شجار – تحتفظ بالحياة الكامنة فى جذورها وسيقانها وفروعها .....وها قد رحل الخريف ومعه الشتا ء , وبعده جاء الربيع ,مندفعا ومنطلقا بحيويته وعنفوانه , جاء ليتسلم المهمة من سلفيه , الخريف والشتاء , وراح الربيع ينفث ويضخ رحيقه فى اصول وفروع الا شجار ,التى كانت قد اخذت قسطا من الراحة ة , واصبحت متشوقة ومنتظرة قدومه , وبدت الحياة تسرى فى جذور وفروع الا شجار , وانطلقت البراعم فى التسابق والتزاحم , براعم الثمار وبراعم نشر الاوراق , وظهر بعد ذلك رونق الا شجار ونظارتها باديان للعيان ,و يبقى الربيع يوالى ويعتنى بالا شجار وثمارها , حتى ياتيه رديفه الصيف , ليكمل رسالته وليسام الثما ر للمستثمرين ...وهكذا دواليك , خريف وشتاء , يتبعه ربيع وصيف , دورة كونية الهية تسير فى نظام وترتيب دقيقين ..
كانت تلك الصور الخيالية , تدور فى خلد ذلك الا نسان , الذى كان يجلس فى ظل شجرة باسقة وارفة الظلال , والتى تعتلى سفح تلة وتشرف على منبسط مديد اخضر , وقد اعتاد هذا الا نسان , ان يتنزه كل اصيل نهار فى هذا المكان, كانت تلك الصور التى دارت فى خياله , قد تفاعلت مع فكره وذهنه , ونتج عن ذلك سؤال فيه بعض الغرابة , يقول السؤال : الا يمكن ان يلتقى الخريف مع الربيع ؟ ويحتمعان فى كيان واحد ؟ فالخريف , بما يملك من سابق خبرة وتجارب , والربيع بحيويته , واستعداده لخوض الحياة ,أ ليس فى هذا الا ند ماج كفا ءة وميزة ؟ وخطر ببال هذا الا نسان فكرة , وشجعه عليها , وجود صخرة قرب الشجرة ,ولها جانب منبسط ومتساو ى , فا راد ان يخرج ذلك السؤال من خاطره , ويكتبه على وجه الصخرة , فلعل احد المارة يراه ويجيب عليه , ولكن مادة الكتابة كانت تعوزه , وتلفت حوله , ولفت نظره بقا يا نار كانت قد اوقدت سا بقا , واستخلص منها بعض قطع الفحم , وكتب السؤال , ثم غادر المكان , بعد ان كتب اسما مستعارا بتوفيع " الخريف "
فى صباح اليوم التالى , كان هناك راعية تجول حول قطيع من الغنم وترعاه , وقد وصلت هذه الراعيه الى تلك الشجرة , للا ستراحة وتناول الطعام , وعند مغادرتها للشجرة لفت نظرها , تلك الكتابة الموجودة على الصخرة , ودنت منها , ثم قر أ تها ,وحلت بها الدهشة , كيف لهذا السائل ان يخطر بباله هذا التصور؟
وكتبت على الصخرة نفسها , تقول : بالطبع لن يلتقى الخريف و الربيع اذ ان لكل منهما , نظام يسير عليه الفصول , وليس لا حد ان يغير ذلك الا هو – الله – وبالطبع ليس على الله عسير , اما ان كنت ايها السائل , توحى او ترمز الى شأ ن آ خر فا ن لكل مقام مقال .. التوقيع " الراعيه "
فى اليوم التالى وعند الا صيل , جاء ذلك الا نسان , الذى رمز لا سمه "الخريف "جاء لموقع تنزهه , وقد فوجىء بوجود كتابة الى جانب كتابته , وبقدر ما سره وجود الا جابة , فقد علته الدهشة تجاه من كتب , وتحت رمز " الراعيه "لا ن فى الا جابة , تعبير يتجاوز , ما يمكن ان تحسنه راعية , اذ من فطنتها , انها أ لمحت وتنبأ ت بان وراء السؤال ما يخفيه , و.كتب رده , يقول : ادرى بان للكون نظام يسيره رب الكون , غير اننى لجأ ت الى لغتنا العربية , وميدا نها الفسيح , والذى يجيز ويبيح لنا الكثير من المصطلحات , ومنها التورية والا ستعارة والتشبيه , وذلك حين نتحدث عن امر لا نريد الا فصاح عنه , وهذا ما سلكته , ولقد كان لفطنتك وذكائك , ان يتنبه ويشير الى ما وراء السؤال , الا مر الذى جعلنى اكشف لك اوراقى , يا ايتها الرا عية " لا ننى اتوقع , انك مثقفة , وان لديك استعدادا للحوار حول ( فكرة ) الخريف والربيع فهل تمضين معى فى هذا الشأ ن ؟ اقصد الحوار ؟ ..التوقيع ..الخريف
ولا نها – الراعية – ليست فى الحقيقة راعية محترفة , بل هى راعية هاوية او مضطرة ,وانها تجد فى نفسها مقدرة على الحوار الجاد ..فقد كتبت تقول : لا مانع لدى من الدخول فى الحوار , فالحوار -كما اعتقد-صفة من صغات الوعى والمعرفة , لا سيما حين يكون الحوار ذا طابع ادبى وثقافى , وحتى اجتما عى , ومن طبيعة الحوار ان يؤدى الى تلا قح الافكار وتمازج المفا هيم , وعنها ربما يحدث الا ثراء والفائدة .. التوقيع .. الراعيه
عند ما قر أ الخريف اجابة ورد الراعية , تملكه اعجاب منقطع النظير , بوعى وفهم –من تدعى انها راعية – بل يثقا فتها وعقلها , وداخله شك با ن لا تكون هذه را عية حقيقية , وانها ربما – لا مر ما – قصدت ان تتوارى خلف هذا الا سم , لتحتفظ بسرها وشخصيتها ..وكتب يقول : اولا اشكرك على استجابتك للحوار فا نا من هوات الحوار ..ثانيا ..لقد ادهشنى بل اعجبنى ,قولك واجابتك , ولم اتخيل ان راعية ستحسن .. القول , كما احسنتيه ...فمن انت يا راعيه ؟ ليتنى استطيع التعرف عليك ..ثالثا ..بما انك قبلت المشاركة فى الحوار , فد عينا نخرج من موقع التورية والتشبيه , الى شىء من الوضوح , وذلك يدعونى لا ن اخاطبك بصفة اخرى , وان كان اسم الراعية اسم جميل وخيالى الا اننى سا دعوك بالرمز الذى سيمضى معنا فى الحوار , وهو " الربيع " ويقابله فى الحوار" الخريف " فهل تتقبلين هذا الاسم " الرمز" ؟..التوقيع.. الخريف ...
.وترددت الراعية حينما قرأ ت السؤال ( من انت ) الذى ربما يعنى الا ستدراج , فمن يدرى من هو هذا ..الخريف ..ولا نها قد وعدت بالدخول فى الحوار , فعليها ان تفى بوعدها , وهذا امر لا بأ س يه , وحدثت نفسها ..ليس فى سيرتى ومسيرتى ما يمنع , او يخل عند ما اكشفها .لا نسان يبدو من خطابه الا تزان , وكتبت تقول : ايها الا نسان – او الخريف كما احببت ان تسمى نفسك –لقد طلبت الحوار معى , فا جبتك بالا يجاب , ولكن يبدو انك قد وضعتنى فى مكانة اكبرمنى , وتوقعت – انت – اننى املك ما لا امتلك , من معرفة وثقافة , ومن هذا المنطلق والتصور , اظفيت على اطراءا ربما لا استحقه , ثم طرحت على استفهاما ( من اتت ) وهذا استفهام عميق ووا سع , قد لا يتسع له نطا ق حوارنا هذا , لكن لثقتى , بك وللوهلة الا ولى , وللا نطباع الذى حل فى مخيلتى جراء حوارك وخطابك الرزين والمستقيم ,فا ننى سوف اجيبك انطلا قا من ثقتى بنفسى وسيرتى , سوف اروى لك لقطات مقتضبة من اهم سيرتى ومسيرتى , ..انا فتاة عربية مسلمة , فى العقد الثالث من عمرى , تربيت فى بيت اسرة متواضعة , تمتهن , الفلا حة وتعيش من روافد الا رض , اسكن مع اسرتى فى قرية تقع فى محيط زراعى , يسوده عادات وتقاليد الفلا حين النقية البسيطة , تعلمت فى قريتى علوم لم تكن لتلبى طموحى , لكنها انا رت اما مى الطريق , ومنها وبها اكتسبت المزيد من المعرفة ودروس الحباة , وكان لا بد لى من ان استثمر معرفتى وجهدى , لا ننى واسرتى بحاجة الى ذلك , دخلت سوق العمل , شركة خاصة ذات امكا نيات كبيرة , واندمجت فى خضم العمل بجهد واخلا ص , وعند تقدمى وفهمى لبعض مما رسات الشركة , تبين لى انها تخالف عقيدتى ومنهجى , وعندما لا حظ احد زملا ئى فى العمل استنكارى لما يحدث , خاطبنى بقوله يا زميلتى ان كنت حريصة على مورد رزقك , فاننى انصحك بان تغضى النظر عما يحدث , فذالك ليس من مسئوليتك بل مسئولية غيرك , وشكرته قائلة من يسكت عن الغش والخطأ شيطان اخرس , تركت الشركة وفشلت تجربتى الا ولى , وذلك بدافع من منهجى , وتجربة اخرى , باشرت العمل فى مدرسة خاصة كمعلمة , وكان عملا جيدا ادخل على نفسى الراحة , غير ان امورا حدثت واقضت مضجعى , تنا فست النساء ودس بعضهن لبعض , واصبحت البيئة عير منا سبة لى , فغادرت المدرسة حتى دون الحصول على بعض مستحقاتى ,.. تجربة ثالثة ..اتيحت لى فرصة اخرى , وظننت انها نهاية المطاف , لا نقا ذى من فشل التجربتين السابقتين ,ولعلها تكون محط آ مالى واستقرارى .(.تزوجت ) ..فقد جاء احدهم , وفرش لنا الا رض و ردا وزهورا , كان بليغا فى الخطاب , فقد تحدث واغرق فى الوعود والا مانى , فشعرت ان باب السماء قد انفرج امامى وان فشلى مرتين قد جاء من سيمحو آ ثارهما , وابحرت سفينة علا قتنا , وشيئا فشيئا بد أ ت الا مور تتغير وتتلون , وظهر ان باطنه يختلف عن ظا هره , وكان اهم امر احدث الخلاف , هو التبا ين الا خلا قى بينى وبينه , ودون المضى فى الخلاف والنزاع , سلمته كل مطالبه الما دية ونجوت بنفسى ..وهكذا .كان هذا هو الفشل الثالث فى حياتى ..وعدت الى اسرتى , والدىكبير السن ومعلول الصحة , ووالدتى الدؤب المجاهدة فى خدمة الا سرة , وخلوت الى نفسى اسأ لها , لم كل هذا الفشل والتعثر ؟ وكان السؤال الواقعى والحقيقي , لا بد ان يكون الى ربى , فا نا لم ارتكب اثما , وما اهملت واجبا , بل قمت بكل الوا جبات الدينبة والدنيوية , فما اسباب تعثرى وفشلى , ؟ لقد سمعت مضمون حديث يقول ان المؤ منين اشد بلوى , وذلك لا ختبار صبرهم واحتسابهم ..
يا سيدى الخريف هذا , جانب من سيرتى او من " انا ", واعتذر عن الا طالة , و استأ ذنك عن ا تمام بقية حديثى – والذى سيكون حول الا مر الذى اظنك تريد الحديث عنه , والذى ايضا ربما يكون مجال , استغراب ومغا رقة لديك , اذكيف لفتاة لديها جانب من المعرفة , ؟ ان تتحول الى راعية , ؟ - استأ نف طلب الا ذن - , واعدك بان اروى لك الحدث فى الرسالة القادمة - , ..وقبل الا نتهاء , اوافقك على مخاطبتى بالصفة ( الربيع ) هذه الصفة الها دئة اللطيفة , وسوف اخاطبك بالاسم الذى اخترته لنفسك –الخريف - ..... التوقيع .. الربيع
قرأ الخريف ما كتبته الربيع عن جانب من حياتها , وقد هاله ما حدث لها من تعثر وفشل , وكتب يقول : ايها الربيع ..لقد كانت تجربة , حفتها الكرامة وغلفها الشرف , لم يكن ما حدث لك تعثرا او فشلا , بل كا ن نجا حا مكررا , تستحقين عليه الا شادة والثناء , فقد ارتفع بك صفاء العقيدة ونقاء المسلك , وحماك من ان تغرقى فى الريبة والخداع , مما جعلك - وانت بحاجة للعمل – تغادرين تلك الشركة المشبوهة , وحين تخلصت ايضا , من مجتمع النساء الغارقات فى المكر والد سائس , وكان نجاتك من شريك السوء اكبر نجاح تحقق لك , انها ياربيع ملحمة رسمت بها طريقا وصورا للفتاة المسلمة الصالحة , .. يا ربيع ..لا تأ س على نفسك ولا تظنى , ان ذلك عقا با لك , بل انه كما ذكرت بلا ءا واختبارا لا يمانك وصبرك , لقد استمتعت بالا طلا ع على سيرتك وكفاحك الناجح وليس الفاشل , وتمنيت لو اتممت رواية التجربة الرابعة – الراعيه –لا ننى متشوق لمعرفتها , اذ لا بد ان تكون – وان كانت غريبة – الا انها مثالية وفيها شجاعة وقوة ارادة ... التوقيع .. الخريف
شعرت الربع بعد قرا ئتها لما كتبه الخريف , وما جاء به من الا طراء , شعرت بالراحة النفسية ,وحل بها الهدوء والغبطة , فقد وجدت من اراح وخفف عنها وطأ ة ذلك الفشل المتكرر , بل من فهم مواقفها وتصرفها ....وكتبت .تقول : احمد الله الذى اوجد من انقذنى ورفع من فدرى ,وحقيقة شعرت با ن با ب السماء قد فتح امامى , و ان الله قد سمع واستجاب لندائى الصامت الصادق , وبعث لى من يزيل عنى عناء ذلك الهم والفشل ,..ان لك الشكر ياسيدى الخريف , فقد ترجمت فشلى وحيرتى , الى نجاح , وتعمقت فى فهم مواقفى وتصرفاتى , ..سيدى الخريف وعدتك بان احدثك عن تجربتى الرابعة ( الراعيه ) فها انا اشرع فيها ...,عقب فشل تجربتى الثالثة , عدت الى بيت اسرتى المتواضع ,وفى قريتى ذات الطابع الزراعى عدت والهم يطا ردنى , والخوف يقلقنى من التجربة الرابعة , وانغمس فكرى وذهنى فيما على ان اعمل , واىعمل اتجه اليه , فظروفى تحتم قيامى باى عمل يأ تينى منه مورد , ذلك اننى الوحيدة فى اسرتى القادر على العمل , فوالدى ظروفه الصحية لا تمكنه من العمل , والدتى الدؤب المجاهدة , قد اثقل كا هلها العمل فى مزرعتنا الصغيرة , وفى خضم ذلك الكا بوس الفكرى , استعرضت وفكرت بكل ما يمكن ان اقوم به , و خطر ببالى فكرة غريبة , فقد كانت والدتى تربى قليلا من الغنم , كنوع من تنويع الدخل , ولها خبرة فى الا ستفادة من منتجاتها , وكنت فى صغرى قد عشت و تعايشت مع الغنم و وجودها ومشا هدتها ,وكنت احيا نا اذهب معها ومع والدتى للبرارى خارج القرية لنرعى الغنم من النبا تات البرية , هنا حدثت نفسى ..لم لا اكون راعية , ونشترى مزيدا من الغنم لنحصل على مزيد من الا نتاج والدخل , وللوهلة الا ولى ترددت , فهى وان كانت مهنة لا حرام فيها ولا عيب , لكنها نبدو اما م الآ خرين تراجعا عن المكانة التى كنت احتلها فى القرية , واثناء تقليب الا مر فى خاطرى , تذكرت امرا ها ما , تذكرت ا ن خير البرية محمد ( ص ) كان را عيا فى بداياته , وقد قوى هذا الامرمن عزيمتى واختيارى , وبقى ان احسم الامر , فماهى الخطوة التالية ؟ .والدتى ..وهى المرجع والملا ذ لى بعد الله صا رحتها بقرارى هذا , وضحكت..وقليلا ما كانت تضحك , لان مسئولياتها الكثيرة , لا تدع لها مجالا للفرحة او الراحة , قالت والدتى بعد ان هدأ أ استغرابها , كيف يا ابنتى كيف يا (فلانه ) – لن اذكر اسمى الحقيقى , لا ن لهذا الا سم قصة اخرى , ستا تى لا حقا ومن المبكر ذكره – قالت والدتى كيف تصبحين راعية وقد عرفك اهل القرية موظفة ومعلمة وزوجة ؟ الا تدرين كيف ينظر العامة الى الراعية ؟ انهم يعتقدون انها الفتاة الجاهلة غير المتعلمة , اوابنة البادية التى تسكن البرارى وتشد وترحل , قلت لها : يا والدتى , ان الرعى ليس حراما ولا عيب , ما دام غايته كسب العيش الحلال , وانت تدركين كم تعا يشنا مع الغنم وأ لفناها , واستفدنا منها , لانك كنت ولا زلت , قادرة على الا ستفادة من منتجاتها , قلت لها الا تعلمين ان الر سول ( ص ) كان راعيا قبل ان يكلف بالرسالة , - ولم تكن هذه المعلومة قد وصلت اليها – قالت صحيح يا ابنتى ؟ قلت انه مؤكد وصحيح , قالت والدتى : ما دمت قد قررت ذلك , دعينى انا اذهب بالا غنام وارعا ها , فا نا اعلم منك با حوالها , قلت لها يا والدتى ان والدى يحتاج الى وجودك معه , وادارتك للمزرعة ستكون اكثر كفاءة منى ..وهكذا اصبحت راعية , واشترينا مزيدا من الغنم بما لدينا من مدخرات , تلك .. يا سيدى الخريف هى قصتلى حين صرت راعية , ولمزيد من المعلومات عنى كراعيه , فقد وجدت فيها متنفسا عقليا و ر وحيا , صاحبت فيها الحيوانات الطيبة الاليفة , وتفرغت للتفكير وانا فى الهواء الطلق , واكثرت من القراءة فى مختلف الثقافات , وخلا ف ذلك زاد دخلنا وتحسنت احوالنا الما دية , وكسب آ خر اكثر اهمية , والدى تحسنت احواله الصحية , بعد ان انفقنا عليه فى المستشفيات من ( سعة ) هذه تجربتى الرابعة , واظن ان الله قد وفقنى وجنبنى الفشل , يبقى عليك ..يا سيدى الخريف ان تلقى نظرة على تجربتىورايك فى التحربة وفكرتها , .. . الربيع .
.ترسخت فى ذهن الخريف شجاعة وصمود الفتاة – الربيع –وبلغ اعجابه بها وتجربتها الحد الا قصى من قوة الا رادة لديها ..وكتب يقول :تجربة رائعة وشجاعة نادرة , انها ملحمة فى سبيل الحياة الكريمة , نعم انها مهنة لا عيب ولا تحريم فيها , وكما قلت , كانت اول مهنة لخير البشرية , وكما قلت ايضا ..فقد نجحت الفكرة وزاد الدخل , وانتفع بها والدك المريض ,انه توفيق من الله و هداية , اما عن قصة الا سم وحجبك له , فلاضير عليك لك مطلق الحرية , ..فقط دعينا نمض فى حوارنا - ان اردت - ,غيبيا , كما هو الآ ن لا يرى احدنا الآ خر , فلك ذلك , سنتبادل حلقات الحوار من خلا ل الشجرةالمباركة , آ تى لها عند الا صيل وانت تا تين لها فى الصباح , والحوار الغيبى - كما اعتقد – فبه شفافية وفيه صدق ونفاء ..ونبقى فى حوارنا الغيبى الى حين ,و الى ما يريده الله , كما اود ان يتجه الحوار الى الفكرة الاولى ,- لقاء الرمزالخريف والربيع – فهل نحن متفقين على هذا المسار ؟ ..الخريف .
بعد تسلم الربيغ لهذا الرد , وقر فى ذهنها تلك الا شارة الرمزية التى وردت فى بداية الحوار –لقاء الخريف والربيع – هنا توقعت ان الحوار سبكون له اتجا ها آخر , اتجا ها يتسم بالجدية والمو ضوعية .. وكتبت تقول : لقد دفع بى تشجيعك واشادتك , الى الاستمرار فى مهنتى , والتى قد اطورها وادخل عليها بعض ما يفيد ...وبشأ ن الحوار الغيبى ووسيلة التواصل ( الشجرة المبا ركة ) ان ذلك امر يؤكد قدرتك وتميز عقلك وشفافية سلوكك ونقاء سريرتك ...اما عن وسيلة التواصل , فا ننى اعرض عليك طريقة اخرى , فا نا قد ابتعت جهاز كمبيوتر , واود ان نودع الشجرة ونشكرها , على نقل تواصلنا فى الماضى , وان نحيل التواصل تواصلا آ ليا , وسوف اذكر لا خقا دليل الا تصال , واعتقد انه لن يصعب عليك التواصل الآ لى وانا متفقة معك على موا صلة الحوار .. وعن لقاء الخريف والربيع , ادرى منذ البداية , ما يعنيه الرمز , ان ذلك امر عميق المعنى , ولا بدله من حوار متعمق ايضا , ..التقاء الخريف والربيع , والشتاء فاصل بينهما , صحيح ومن المسلم به ,ان للخريف تجارب وممارسات وخبرات فى مجال الحياة , ..ولكن ما ذا عن الشتاء الفاصل , ما هو الحل والعلاج ؟.الا ترى ان الا مر يلزمه تروى وتمعن ووقفات تأ مل ؟.. التوقيع الربيع
وكتب الخريف ما هو الحل وما هو العلاج ؟ .ان العلاج ميسور , وذلك عند امعان النظر والتدبر الواعى , ان علاج الشتاء ايسر من علاج الصيف الذى ينتظره الربيع , الصيف بجوه وحره وتقلباته , اما علاج الشتاء فان الحكمة والخبرة والتعقل هى من ادوات العلاج ’, وقد نستعين بشىء من التطورات العلمية بما يدخل الدفء الى برودة الشتاء , ان نتاج الصيف وان بدا له بريق ونظا رة , الا انه لا يلبث حتى يخبو , وقليل منها ما ينجح ويبلغ موقع الخريف ..والخريف لا تعتريه الا نفعالا ت والتقلبات النى تعترى نتاج الصيف ..فما قولك ايها الربيع ؟... الخريف
وو قعت الربيع فى حيرة , وضاقت بها دائرة الحجج والردود , فهى مع قناعنها بما ورد من اقوال , فلا زال العرف والتقاليد والنظرة المحلية تسيطر على تفكيرها ..وكتبت ..تقول : اقدر كل ما ورد فى اقوالك من مبررات وحجج , ولكن ما ذا نعمل بالتقاليد المتأ صلة فى اعماقنا ؟.. ما هوالحل نحو الفارق الزمنى ؟ حين يكون كبيرا , ومع ان الا عمار بيد الله , فان سنة الحياة معترف بها , فما هى نتيجة الحساب ؟ .وكم هو محتنل ان تكون خسارة الطرف الآ خر ..وما ينطوى عليه الغيب وتقلباته .. " الربيع "
وبد أ موقف الربيع يميل الى التفكير والا معان , وان جاء ذكر ..حساب الربح والخسارة, كموقف دفاع غير صلب .. ..وكتب الخريف ..يقول : الا عراف والتقاليد , يمكن تحليلها وتبديدها , وذلك عند ما يجرى التفكير والتدبر , .اما حساب الربح والخسارة , فا ن هذه النظرية , لا تفتصر على الخريف فقط , وانما يمكن ان تصيب الصيف والربيع ايضا , .والربيع ليس بيده الخيار , والخيارقد لا يتوفر ..وكل الامور معرضة لتقلبات الغيب , غير ان هناك حا لا ت تقل فيها نسبة اخطار الغيب , ومنها :عوامل ..التفاهم والتوافق والتدارس والمصارحة والوضوح , وبالطبع الى جانب قوة العقيدة وسمو الا خلا ق .... " الخريف "
بعد عبارات الحكمة والتعقل طرأ تخفيف على التردد لدى الربيع ....وكتبت ..تقول : حكمتك ورجاحة عقلك وفهمك وما وردفى اقوالك من مفاهيم وآ راء منطقية , خاصة ما قلته حول الربح والخسارة , وكذلك حا لا ت وعوامل تخفيف اخطار المستقبل , ..هذا صحيح , ولكن كيف , كيف ومتى واين تجرى كل تلك العوامل ؟ .أ لا يلزمها بعض الوقت والحيز المناسب ؟ .انا مثلا لا اعرفك ولم اراك ولم ترنى انت , ولا اعرف من انت وكيف انت ؟..ومع ذلك انت تشير وتطلب التكامل , أليس فى هذا مجازفة ؟ او على الا قل تسرع ؟ ..هناك بعض العوامل , التى ربما يراها البعض اساسية وضرورية , منها مثلا الشكل , كيف وما ذا عنه , فلر بما يكون شكلى غير مناسب فى بعض الا حوال ...اما عن الصيف ونتاجه وتوقعك ان من طبيعتهم التقلبات والعصبية والغرور ..ربما يحدث ذلك , ولكنه الا ستثناء وليس القاعدة , .ولكنها هى الحالة الطبيعية فى التوافق , وهوما يتم فى الغالب , ومع ذلك لا امتنع عن قبول وبحث تفاصيل أ خرى , فقد يدبر الله امرا لا ندريه , ودعنى استعير احدى عباراتك ( مسير ومخير ) .... الربيع
لمس الخريف شيئا من تا ثير اقواله على موقف الربيع , مع انه تفهم بعض ما اوردته من ا راء وتحليلات ...وكتب .يقول : بالطبع انت على حق , كيف ومتى واين يحدث التفاهم ؟ .وعن قولك اننى متسرع , ومجازف , نعم اعترف , ولكن لى مبرراتى التى احتفظ بها لنفسى ..اما عن الشكل وانه اساسى عند البعض , فا نا لست من هذا البعض ..ان الذى يخا طبك هو عقلى وليس – مشبوب – العاطغة , وعقلى قد اقتنع بما عرف عن سيرتك وعقلك ومنطقك وافكارك ., اما الشكل الخارجى فهو ثانوى وغير اسا سى فى تقديرى ...بقى القول : ان هناك خطوة مهمة , ولا بد من الا قدام عليها , وهى التعارف والمواجهة , وان يقدم كل منا نفسه للآ خر , واترك لك امر تدبير ذلك وبالشكل الذى ترتضينه , وقبل هذا على ان اقدم لك نفسى وان اخرج من قوقعة الخريف .....
انا رجل خريفى !1واترك لك تقدير العمر , اسمى / صالح احمد المنصور , متعلم ..احوالى الما دية جيدة ..سبق لى المرور بتجارب اجتماعية ( زيجات ) لى مجموعة من البنين والبنات ..مهنتى تاجر وقبلها كنت موظفا , تجارتى لا تربطنى ولا تمنعنى من التمتع باو قاتى , فا نا كثير السفر للعمل والسياحة ..هذا انا با ختصار ..وكا ى انسان لى عيوبى ومميزاتى ...اما انت فقد علمت جوانب مهمة من سيرتك , ولم يبق الا الا فصاح عن اسمك ..وما مدى قبولك للتعارف الا وثق..
وهكذا علمت الربيع و تعرفت على ذلك الا نسان الغيبى , لكنه تعرف منقوص , فهى وهو لم يتقا بلا بعد . ..وكتبت تقول : احييك يا استاذ صالح , وها نحن بسبيل التعارف الا وثق , ويتلوه اللقاء ان شا ء الله ..اما عن الشأ ن الآ خر ( الرمز والمرموز اليه ) فا ن له حديث آخر , اى ان لكل حادث حديث ..وهناك بالطبع الكثير من الحديث حوله ,.بقى ان نتحدث عن ترتيب التعارف والتلا قى ..لقد اخبرت والداى بان هناك ضيف سيزورمنزلنا , وقد رحبا بزيارتك كثيرا , فما عليك الا ان تحدد الوقت المنا سب , وعنده ستصلك الا رشادات , التى سوف تهديك الى طريقنا ..وقبل ان اختم رسالتى هذه على ان افى بوعدى لك , حول الا سم الذى احمله , ..حين ولدت , اختلف وا لدا ي على الا سم , فوالدى يريد اسما قويا يتسم بالمنعة والثقة بالنفس , اما والدتى فتريد اسما هينا لينا طا بعه الرقة والا نوثة , وطال الجدل بينهما , واخيرا صمم والد ي اسما ظن انه سيرضيهما معا , وكان الا سم الذى اختاره ..هو : ( شا هينه ) ويعنى ( انثى الصقر ) ولا ن و الدتى غير مقتنعة بهذا الا سم فقد تصرفت بالا سم ( شا هينة ) واخذت منه نصفه الا خير ( ينه ) واضا فت اليه حرف اللا م ليصبح (لينه ) وهى صغيرة ( النخل ) وهكذا صار والدى ينا دينى شا هينه ووالدتى تدونى لينه ..تلك هى قصة الخصومة بين والدى ووالدتى حول اسمى , علما با ننى افضل الا سم الا خير ..لينه
اذن فقد تقرر ان يزور صالح منزل اسرة شاهينة , بعد ان تخلص كل منهما من الا سم الرمزى
وصل صالح احمد المصور , الى منزل / السيدعبد الرجمن معروف وا لد شا هينة , ولقى استقبالا حارا من والد وو الدة شاهينة ومعهم شا هينة نفسها , ..وتنفس كل من صالح وشاهينة الصعداء عند ما تم تعا رفهما والتقا ئهما , لا ول مرة , وشعر صالح بالا رتياح عقب هذا اللقاء والا ستقبال , وبعد الا ستراحة , اراد صالح ا ن يبد أ بالحديث مع والد شاهينة , فقال : ان قر يتكم ياسيد عبد الرحمن , على صغرها جميله وها دئة , ومريحة كما اعتثد ؟ وان العيش فيها مريح ايضا , أ ليس كذلك ؟ .واجابه عبد الرحمن بقوله : نحمد الله على هذا الحال مع راحة البال , واضاف : ان حياة الريف يا ا ستاذ صالح , ممتعة وطعم الزاد فيها لذيذ , لا نه .اولا : يا تى بعد الحاجة اليه , اى بعد العمل والتعب , .ثا نيا ..لا ن مصدره حلا ل , .قال صالح : صدقت يا ابا شا هينه . واضا ف : ان المد ينة بزحامها وضجيجها وحتى بكثرة مالها , مزعجة وغير مريحه , ..وهنا جاء دور شا هينه لتتحدث ..قالت : نحييك يا استاذ صالح ..ثم التفتت الى والدها وقالت هذا هو الا نسان الذى كان يخاطبنى بالغيب , وقد اخبرتك ووالدتى با خباره اولا باول , وردوالدها , لقد كانت رسائله طيبة و مستقيمه , ومؤدبه ..ثم عادت شاهينة للحديث مع صالح وقالت : فى الواقع يا استاذ صالح , ان عندى الكثير من علا ما ت الا ستفهام , التى سأ بحثها معك , فهل انت مستعد ؟ .قال صالح بكل تأ كيد ..واصلت شاهينة حد يثها وقالت : عند ما كتبت سؤالك الا ول على وجه الصخرة , هل كان فى ذهنك ذلك الا مر , الذى رمزت اليه ؟ ثم افصخت عنه اخيرا , وتوجهت سا عيا اليه ؟ .اقصد هل كنت جديا تفكر به وتسعى لتحقيقه ؟ .هذا هو السؤال الا ول والمهم , فما هو ردك ؟ ..وتوقف صالح لبعض الوقت قبل ان يرد , .يريد ان يستجمع وينتقى العبارات المناسبة للرد على السؤال غزير المعنى ..اذ انه فىالواقع , قد كتب ذلك السؤال , كفكرة خيالية تدورفى ذهنه , فا راد اخراجها فقط , وربما يتبنا ها لا حقا وليضعها ا, ضمن كتابة ادبية خيالية يشبع بها فكره وذهنه ...وتكلم صالح بعد ان استجمع واختار عبا راته وقال : يا شاهينة يا بنة الا سرة الطيبة ..ويا ذات الثقافة و الذكاء ....هناك تعبير( عقد ى ) مربى كمسلم ملتزم , يقول : ان الا نسان ( مخير وليس مسير ) ويروى قول آ خر ,با ن الا نسا ن ( مسير وليس مخير ) وكلا القولين امرهما بيد الله , وحيث اننى لست ضليعا فى الصطلحات الدينية , فا ننى اتفق مع ارادة الله وتوجيهه , اقول هذا واقر بان ماكتب الله للا نسان , فلا بد من ان يلا قيه خيرا او غيره , ومن هذا المنطلق , فاننى حين اتيت الى هذا البلد , بل الى هذه القرية , فلا بد ان ذلك بتوجيه من الله , اذبعد وصولى الى هذه القرية , شعرت بالراحة النفسية و الهدو ء , وذلك حين رأ يت طبيعتها وطبيعة اهلها , لذالك ركنت اليها لا نا ل قسطا من الراحة والهدوء , الذى احسست به كما ذكرت , والذى انا بحاجة اليه , وذلك لان لى مشاغل تآ خذ من راحتى الكثير , وهنا ومع التما سى للراحة , فقد اعطيت جا نبا من راحتى وهدوئى الى مجال التآ مل والتفكير , وحتى القراءة وايضا الكتابة ,..وذلك اغترافا من مخزون , تجاربى وخبراتى ومما رساتى ,اتيت الى هذه القرية , وجعلت من برا مج راحتى , التنزه فى البرارى المحيطة ِ بالقرية , واثناء تنزهى لفت نظرى تلك الشجرة الباسقة ووارفة الظلال , وموقعها الذى يعتلى سفح تلة , وتشرف على مروج خضراء , واستحسنت الجلوس فى ظلها , وبالطبع وفى هذا الموقع الشاعرى , وفى حالة اخليت فيها خاطرى من مشاغلى , فقد تواردت على خاطرى كثير من التآ ملا ت وشوارد الا فكار , المنوعة ,ومنها تلك الخاطرة , التى بقيت تلح على خاطرى , وهى فكرة , الحوار بين – الخريف والربيع – والتى هى فى الواقع فكرة خيالية , غير انه يمكن تحويرها وتطبيقها على معان اخرى , خصوصا عند من يحسن فهم اللغة العربية , وحين تفا علت وتراكمت الفكرة فى ذهنى وفكرى , اردت ان اخرجها وان اكتبها على صفحة تلك الصخرة , المجاورة للشجرة , فى صيغة سؤال ..حقيقة هذا كل ما حدث , ولم يخطر ببالى , ان معنيا عميق الفهم , سوف يلتقطها , ويحللها ويكتشف ما وراء الرمز , ويتنبآ بما يعنيه , ..التفط هذا الا نسان او ( الراعية ) كما كتبت اسمها , وقد اجا بت - فى بداية اجا بتها – بالا ستنكار لمضمون السؤال الظا هرى ولكنها استدركت وتنبه ذكا ؤها لما وراء الرمز , ثم اشارت اليه برمزية ايضا ,.. واعترف بان من كتب تلك الا جابة قد استد رجنى للحوار , الذى كان ذهنى مهىء اليه , من هنا واجابة على استفهامك ..يا شاهينة , ومرة اخرى اعترف ..بان فكرة الحوار بين الخريف والربيع ..كانت فكرة خيالية , ..ولكن ..وارجو الا معان لما بعد ( لكن هذه ) و دعينا نعود ( ولمدى لحظة ) الى ذلك التعبير ( مخير ومسير ) والذى اشعر باننى مررت به , اذ حين اتيت الى هنا , كنت مسيرا ..ولكن ايضا مع اختيارى ,وقد كان للحوار الذى حدث حول الخريف و الربيع , كان له تأ ثير على واقعى وظروفى , وايضا سببا لتحول اتجاهى وتفكيرى عن الحالة التى كنت عليها عند كتابتى للسؤال على الصخرة , .فقد جعلنى الحوار اتجه واتذكر ما انا بحاجة اليه... ,فانا بحاجة الى من يتناغم مع ظروفى وواقعى , بل ميولى وهوا ياتى , واهمها القراءة والكتابة , وما عدا هذه الصفات , فا نه موجود ومتوفر ..عندها ..وعند هذه الحاجة ..فقط ..توجه تفكيرى الى ما افتقده , فهل يلام من يجد ضا ئعه ومفقوده , ويسعى للحصول عليه ؟ ...التفت صالح الى شا هينة وقال : هذه اجابتى على استفها مك .. ايتها الربيع ..استمعت شاهينة ووالديها الى اجابة صالح , المسهبة والبليغة , والتى لخصت كل ما كان يظمره ويفكر فيه ...وردت شا هينة على صالح بقولها : افضت واسهبت فى عرض اجابتك ..وكان قولا بليغا وشفافا , واعطى لنا صورة عن الا نسان المثالى , الذى لم يجد المكانة التى تليق به ..كان قولا فيه صدق وفيه نقاء طوية ..ولكن واستوقفها .صالح بقوله : ارجو ان لا يكون خلف هذه الكلمه ( لكن ) التى تعنى الا ستثناء والتعليل ,ما لا يتناسب مع هذه الا جواء المريحة والصريحة ..واستطردت شا هينة لتقول : لا ..لا ..تبتئس .فلا يوجد مستثى يقلل من مكانتك ومقدارك , فقط هناك امور لم تتضح بعد , اذ ان الجانب الذى رأ يناه وسمعناه , كان مضيئا ونا صعا , ولكنه لا يغنى عن بعض الجوانب الا خرى , لذا فا نه لا بد من مسافة نلتقط فيها الا نفاس , وندخل فى مجال التدبر والتأ مل..فا نت قد علمت بما مر بى من فشل وتعثر , الا مر الذى يتر اءا لى - وراء كل خطوة اخطوها – الخوف والوجل
ورد صالح بقوله : يبدو ان الماضى قد اوقع بذهنك ما لم تستطيعى التخلص منه ..لا .. يا شا هينة ..عليك ان تحسنى الظن وتثقى بالمستقبل , كما ان لك الحق ان تأ خذى مسافة للتفكير والتدبر , وان تفهمى كل التفاصيل ..نعم ان عندى التزا مات سابقة , لكنها التزا مات لا تربطنى , ولا تحد من حريتى وتصرفى , او ما انا ملتزم به , ادرى ان من طبيعة الجنس الا خر حب التملك والا نفراد بالملكية , لكننى اتوقع ان تكونى , استثنا ءا من تلك الصفة التى تسرى على معظم النساء , كما ان لنا فى الدين والتاريخ ايضا ما يمكن الا ستد لا ل به , سوف ادع لك فرصة للتدبر والتفكير ولتستجمعى ما يخطر ببالك من الا مور التى تهمك ,و ما تودين الا تزام لك به , ولن تجدى منى اى تحفظ ...
غادر صالح بيت الا سر ة بعد ما ترك عنه صورة واثرا طيبا ..
وبقيت شاهينة غارقة ومستغرقة فى التفكير , ولم يغب عنها ما مر بها من فشل , مرت بكل شىء وتوقفت كثيرا عند مهنتها ( الراعيه ) التى ادخلت على نفسها الراحة والكسب ايضا , ولكنها كأ مر أ ة شابة ومستقيمة , فا نه لا بد لها من موقع ثابت ومكين , تستطيع الا تكال عليه ( بعد الله ) فى مستقبلها , ثم وصل بها التفكير , الى ما هى فيه من حال واحوال , ..رجل خريفى جا ءت به الصدف , ويبدو من الظواهر الا ولية , انه رجل صالح , كما هو اسمه , ويتبين من سلوكه وحواره , انه موثوق ومتزن , ومع ذلك لم تنس شاهينة , تلك التجربة الفاشلة , التى مرت بها واغرقها فيها ذلك – الماكر – بالا مانى والوعود , ثم تبين فيما بعد , انها ليست الا سرا با , .لكنها عادت واستثنت صالح من ان يكون شبيها بذلك المخادع , ثم رجعت شا هينة بتفكيرها الجدى , الى وضعها مع صالح, رجل خريفى لم يفصح عن عمره , وترك التقدير لغيره , - ربما لذكا ءه - لكنه لا شك فوق الخمسين ودون الستين , ذلك ما بدى من مظهره وبنيته , وتابعت شا هينة تفكيرها , ...صالح رجل متزوج وله اولا د , لكن يبدو انه لم يكن مقتنعا بزواجه , بسبب الفارق الثقافى , كما تبين من قوله , لقد وعد بقبول اى تحفظ اوطلب اطلبه , لكن ما ذا عن الفارق العمرى , لقد قال صالح : عبارة خلخلت موقفى , وتوقفت عندها , قال : ان الا عمار بيد الله , فمن يعلم ومن يظمن الحياة , سواء لكبير السن اومتوسطه وحتى الصغير , وعادت شاهينة لتحدث نفسها ..انا امرأة شابة وبحاجة الى رجل كما هى سنة الحياة , ولكن ..ما هو ومن هو الرجل ؟ .وكيف يا تى ؟ .كيف ..اعرفه ؟ وهل كل رجل صادق فى كل ما يقول ؟ ..حقيقة لمست الصدق فى هذا الرجل - صالح - ولكن ما ذا عن ..ما سيقوله ا هل القرية ؟ لقد باعت نفسها لرجل كبير السن , ..سيقولون هذا وغيره , وذلك لا نهم ليسو ا مكانى , ولا يمرون بما امر به من ظروف , كما انهم لم يتعرفو ا على هذا الرجل , عن صدقه ..عن رزانته .عن عقله .عن فهمه وثقافته , ترى لو فهمو ا كل هذا عنه , فهل سيشفع له كل ذلك عندهم ؟ وان يتجاوزوا عن فارق السن ؟ وهل من سيلومنى ؟ له حالة كحالتى ؟ أ مر أ ة مرت بتعثر وفشل فى مسير ة حياتها , ولعل اهمها الزواج الفاشل , وهذا بالا خص ما ينظر اليه , بانه الفشل الحقيقى , أ مر أ ة مثلى ليس لها من يعولها , بعد رحيل والدها كبير السن ومعلول الصحة , وليس لها اخ اوقريب يحمل همها ويحميها , ..وبقيت شا هينة فى هذا الجو العميق من التفكير , وتعثر عليها الخيار , ولكنها عادت ولجأ ت الى ملجئها الحقيقى , لجأ ت الى ربها , ونادت بصوت مبحوح وصادق , يا رب افتح لى باب هدايتك , ووفقنى لما هو خير لى دين ودنيا , وختمت دعا ء ها هذا بأ دا ء ركعتى استخارة , طالبة فيها من ربها التوجيه بما يراه صالحا لها , وعقب فراغها من صلا تها , بدأ عليها الا رتياح , وشعرت بان الخيار الذى اختاره لها ربها , هو ذلك الرجل ..( صالح ) .. انتهى
بقلم : سعد محمد ابو حيمد و لمن يريد ويتكرم بالتعقيب اوالنقد على هذا العمل المتواضع و..اتشرف باى نقد او ملا حظة تصلنى
تلفون 2/6930700 تلى فاكس 6930900/2 جوال : 0504598277
ج 0504598277 ص ب 114982 جده 21383 8/11/1429
ارسلت فى 2/ 12/2008