تجارة الرقيق في اوائل القرن التاسع عشر في الحجاز


المجلس الـــــعــــــــام للمواضيع التي ليس لها تصنيف معين

إضافة رد
قديم 29-10-2012, 01:24 AM
  #11
يحي البشري
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 757
يحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond repute
افتراضي رد: تجارة الرقيق في اوائل القرن التاسع عشر في الحجاز

وتُظهر وثائق الخارجية البريطانيّة، ان بولارد انتظر عاماً كاملاً قبل ان يتبنى النبرة الضارية ضد اقتناء الحجازيين للعبيد.. يعود ذلك لموقف الشريف حسين المتعنّت ازاء توقيع الاتفاقية البريطانية-الحجازية الذي كان يتطور بشكل طردي.

كان الشريف حسين، يشعر بابتزاز البريطانيين له في تسييسهم لموضوع الرقيق على اراضيه. واضطر الحسين الى مواجهة ما لمس بأنه استغلال سياسي لموضوع الرقيق من قبل البريطانيين، بتسييس مُضاد.

وفي حادثة شهيرة، أمر فوراً باعتاق عبد سوداني فقط حينما كان بائعه المتورط سوداني آخر يحمل الرعويّة البريطانية، يريد بذلك خلق انطباع للبريطانيين بأن ممن يمارس تجارة العبيد أيضا ممن ينضوون تحت رعويتهم، وان ذلك لا يقف على رعايا الحجاز. [42]

ولربما نجح الشريف في خلق ذلك الانطباع، حد ان القنصل بولارد في رسالة منه الى رمزي ماكدونالد، وزير الخارجية البريطاني(ورئيس الوزراء البريطاني فيما بعد) في الحادي عشر من يونيو 1924، أقرّ بأن الرعايا البريطانيون من هنود مكة يمارسون بيع وشراء العبيد في مكة وجدة مثل الرعايا الحجازيين تماماً، وهو يستأذن منه استدعائهم جميعا من مكة فرداً فرداً للتبيّن ما ان كان من يعمل في دورهم عبيد ارقاء حقاً ام مجرد عمال أحرار يعملون بالأجرة.

بولارد اقترح بدوره ان تمنح التابعيات الحجازية، للمطالبين بها من المهاجرين الهنود القدامى في مكة، دون ندم او تردد، كونهم قد استعرقوا في الحجاز بما يكفي، وانصهروا في تركيبة المجتمع الحجازي حتى انهم باتوا يمارسون أغاليظهم الاجتماعية ذاتها، بحسب تعبيره. [43]

وبدأ الحسين، مع معاندة البريطانيين له في مطالبه بتسويات عادلة في كل من سورية وفلسطين، بالتعنت ازاء قبول القنصليات الأجنبية لأي لاجئين من العبيد.

وفي احد المراسلات بين حكومتيّ الحجاز والخارجية البريطانية كانت تعترض الأخيرة على الرسوم الجمركية المفروضة على العبيد في ميناء جدة، فجاء الرد في جهة أخرى تماماً حول ضرورة تقديم تسوية عادلة في سورية ضد الانتداب الفرنسي. [44]

وخفت نشاط لجوء العبيد الفاريّن من ملاّكهم الى القنصليات الأجنبية، لتعنت السلطات الحجازية ازاء ذلك.
يحي البشري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 29-10-2012, 01:25 AM
  #12
يحي البشري
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 757
يحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond repute
افتراضي رد: تجارة الرقيق في اوائل القرن التاسع عشر في الحجاز

كن في الخامس من اغسطس 1924م لجأت امرأة تدعى “مؤمنة” مع ابنتها الصغيرة وهي من اهل السودان الانجليزية الى دار الاعتماد البريطاني (القنصلية) في جدة تطلب تحريرها وترحيلها الى وطنها – خارقة بذلك السكون الطويل. ومؤمنة كانت قد وصلت الى مكة قبل عام عن طريق بائعها في جدة محمد باعقومة وهو سوداني. فارسل بولارد الى الشريف حسين في مكة في 13 اغسطس لاصدار اوامره الى قائم مقامه في جدة لتحريرها. [45]

باعقومة كان قد فلت من الاعتقال في جيبوتي الفرنسية وعاد الى جدة من جديد حيث قبض عليه في قضية بيع امرأة اخرى حتى ان القنصل البريطاني عبر عن استيائه من تراخي الفرنسيين عن ضبط سواحلهم في رسالة امعتاض وجّهها الى القنصل المؤقت الفرنسي في جدة السيد كلال وهو من اصل جزائري. فارسلت الخارجية الفرنسية من باريس رسالة الى السفير البريطاني في باريس في 23 سبتمبر 1924م للتفاهم المشترك حول التعاون بين قنصلية البلدين في جدة للحد من تجارة العبيد. [46]

كان الحسين في أواخر عهده حاسماً في منع قبول القنصليّات الأجنبية في جدة لأي حالة لجوء من الرقيق، مع وعود صارمة منه بملاحقة المهربّين. ونحن كلما اقتربنا من لحظة تنحي الحسين عن العرش ورحيله الى المنفى نلمس ازدياد حساسيته ازاء القضايا “السيادية”. يقول بولارد الذي عاصر آخر ستة عشر شهراً للشريف حسين وهو في العرش، كمعتمد قنصلي في جدة: “طيلة ستة عشر شهراً قبل تنحي الشريف حسين، فقط امرأة واحدة لجأت للقنصلية بطفلها [وهي مؤمنة السودانية] – البقية كانوا يرتعبون من الحسين ومن قبضته الحديدية وكانوا لايجرؤون على الاقتراب منا”. [47]

واخذت قضية اختطاف فتاتين جاويّتين مسيحيتين وتهريبهما لمكة أبعاداً دولية. الفتاتان كانتا في طريقهما الروتيني لأحد جزائر ارخبيل الملايو، لكن سمساراً حضرمياً اعترض طريقهما واختطفهما الى سنغافورة ومنها الى مكة، حيث بيعتا بمقابل 500 جنيه استرليني للفتاة، لندرة الجاريات الجاوّيات آنذاك وشدة الطلب عليهن. ووصلت الفتاتان، كما تشير وثائق الخارجية البريطانية، الى نفر من آل شيبي، وان كنّا لا نعلم بالبيع ام بالاهداء – وآل الشيبي من اقدم عائلات مكة وأكثرها وجاهة بعد عائلة الشريف. وحينما وصل الأمر للسفارة الهولندية اخطرت بدورها فؤاد الخطيب، وزير الخارجية الحجازي، الذي اصيب بانهيار عصبي جرّاء ذلك الخبر، كونه يأتي في وقت حرج على الدبلوماسية الحجازية التي كانت تواجه خطراً حدودياً عسكرياً محدقاً يشي بزوال دولتها. ومرر الخطيب الخبر بطريقته للشريف حسين، وكان الخطيب يريد تخفيض الخسائر الدولية، فاستشاط الشريف غضباً واعتذر بحرارة للهولنديين وامر باطلاق الفتاتين وبتوبيخ المتورط من آل الشيبي بشكل معلن وصارم، لرغبته في اظهار ان عدالته تنسحب على الجميع. [48]

وبعد تنازل الشريف حسين، ورحيله الى المنفى، تقاطر العبيد الى مبنى القنصلية البريطانية في جدة طلباً للعتق والترحيل الى بلادهم الأصلية. يؤكد بولارد في وثيقته التي حررها من 16 صفحة الى وزير الخارجية البريطاني: “لحظة رحيل الحسين الى منفاه بميناء العقبة تقاطر العبيد على القنصلية البريطانية، مع أقلية ارترية لجأت للقنصلية الايطالية”. [49]

وفي الثامن عشر من ديسمبر 1924م حررت القنصلية البريطانية فردين لجئا اليها، بعثتهما الى ارتريا عبر جيبوتي، وكانا: بشير (واسمه الحقيقي ارصوره) عمره 12 سنة، ومالكه السابق: الشريف عبدالله مهنّا، وفرج (واسمه الحقيقي عنبر عبدالله) من اهل الفاشر في الطرف البريطاني-المصري ومالكه السابق: احمد الصبحي من عربان قبيلة حرب، وقد وصل الى سواكن في 25 ديسمبر 1924م، بعد عشرين عاما قضاها في إسار العبودية. [50]

واذا كان الشريف حسين، في آخر سنواته، قد تعامل مع دعاوي اطلاق العبيد ولجوءهم للقنصليات الأجنبية بجدة بحساسية شديدة، فاننا نلمس في المقابل نبرة اعتذارية من افراد طاقمه الوزاري والاداري المقرب.

ونلاحظ وجود محاولات نبيلة من فؤاد باشا الخطيب وزير خارجية الحجاز، وعبدالملك الخطيب سفير (مُعتمد) الحجاز بمصر، وناجي الأصيل، سفير (مندوب) الحجاز في لندن، وأبناء الحسين؛ علي وفيصل وعبدالله، لطي ملف الرق في الحجاز.. لكن جهودهم بعثرتها أولويات أخرى منها القضية الحدودية مع ابن سعود وشبح الحرب الذي كان يخيّم على الأجواء، وتضعضع الاوضاع الأمنية في نواحي القبائل الحجازية الساخطة على سلطة الهاشميين خارج المدن المركزية، وتأجيل توقيع الاتفاقيات بين البريطانيين والحكومة العربية الهاشمية في الحجاز نتيجة تصلّب الحسين حول بعض البنود التي كان يراها تخدش سيادته على الاراضي العربية وتخل بوعوده لأهالي فلسطين وسورية.

وفي اغسطس 1924م تورطت امرأة مكيّة في قضية تهريب للرقيق تناولتها الصحافة الدولية بشئ من الاثارة. كانت تلك السيّدة المكيّة تمكث في جاوى، عند احد عائلاتها المحلية الميسورة التي استعانت بها لتعليم بناتها اللغة العربية وتعاليم الإسلام، وحينما همّت للعودة لمكة طلبت منها العائلة ان تصطحب معها احدى بناتها لتقضي فريضة الحج معها، لكن السيدة عند وصولها الى مكة ادعت ان الفتاة من أملاكها وعاملتها على هذا الاساس. ووصل اخو الفتاة المختطَفة للحج، وحاول سراً تهريبها لكن السلطات اوقفته في بحرة (في الطريق بين مكة وجدة) واعادت الفتاة لمنزل سيدتها التي تمسّكت بها.

كانت صحيفة الديلي كرونكل البريطانية قد نشرت في السادس من نوفمبر 1924م، عبر مراسلها الجديد في البحر الأحمر – ومقره السويس، مستر جورج رينويك، تقريراً لافتاً تحت عنوان ساخط: “رعايا بريطانيون عبيداً للعرب” .. كشف فيه عن ممارسات الخطف التي تجري في الاراضي البريطانية في آسيا وافريقيا لعبيد يُباعون في الجزيرة العربية. وذهب التقرير الى ان تلك التجارة انما “تحظى بتشجيع ملكي من الحسين.. حيث ان احد وزراء حكومته يملك وحده 14 عبداً.. بل ان الحسين، نفسه، وهو في طريقه الى منفاه اصطحب معه عبيده الأفارقة”.

وارسل السيّد ناجي الأصيل الى السيد ماليت في الخارجية البريطانية، رسالة يعبّر فيها عن استيائه عما قرأه في صحيفة الدايلي كرونكل عن تجارة العبيد في الحجاز.. مؤكداً موقفه الشخصي المناهض لتجارة العبيد ومعلنا ترحيبه للتعاون مع وزير الخارجية الجديد في اضافة بند في اتفاقية الحجاز وبريطانيا تُبطل ممارسة العبودية. [51]

لكن مكة كانت اثناء ذلك قد سقطت في يد جيوش الإخوان ضداً على حكامها الهاشميين الذين تراجعوا الى حصون جدة. وتواصلت القنصلية الهولندية مع الخارجية السعودية وممثلها آنذاك الشيخ فؤاد حمزة، الذي كان يواجه امتحانه الدولي الأول في قضية الرقيق الحجازي، فوافق على الفور على اطلاق سراح الفتاة الجاويّة لكنه امر بتسوية لمصاريف سكن ومعيشة الفتاة في مكة تُدفع لسيّدتها.

وفي عام 1924 صعد نجما: المنشي احسان الله وهو مسؤول قنصلية بريطانيا في مكة، والسيد يوسف خان من وجهاء مكة من أصول هندية، وكانا يقاومان، بكل استنارة، ممارسة الرق في مكة.

ومع انتقال الحكومة الهاشمية من مكة الى جدة، وانتقال العرش من الحسين الى ابنه علي، بدأت مساعي بولارد لملاحقة ملاّك العبيد في الحجاز تأخذُ أبعاداً دولية.

ومع بدايات حصار جدة ارسل بولارد رسالة الى الحاكم المدني لولاية البحر الاحمر هاويل اسك، في 20 يناير 1925م، يخبره انه لن يقوم باستقبال اي من العبيد اللاجئين الى دار القنصلية على الفور كونه لايريد ان تمتلأ القنصلية بالعبيد الفارين في وقت حرب مما سيعقد المساعي الدبلوماسية، لكنه في المقابل سيتقيد بما نصت عليه اتفاقية بروكسل الأخيرة في الغاء الرق، باعتاقهم واطلاقهم احراراً في جدة – ولكنه اعترف بعدم جدوى ذلك كون العبيد المعاتيق يعودون الى ملاكهم السابقين تحينا لأفضل فرصة لترك الحجاز الـى بلادنهم الأصليّة. [52]

واعلن بولارد بأن اول مسألة سيفاتح فيها ابن سعود عند سقوط جدة هي حثّه على الغاء العبودية. لكن بولارد اعترف بضعف موقفه التفاوضي، كون التقارير الصادرة مؤخرا من جنوب افريقيا تفيد بمهازل يقيمها ابناء جلدته البيض ضداً على السود، لكنه قرر انه سيركّز علـى قضية الغاء الرق في الحجاز من منطلقات انسانية صرفة لا مُسيّسة. [53]

وكان بولارد يتنبأ بسقوط جدة الحتمي في يد جيش الاخوان، وهو لم يكن يخفي بغضه للعائلة الهاشمية في الحجاز. [54]

واعترف بولارد بأن الملك الجديد علي بن الحسين، كان نظرياً اكثر تحررا وانفتاحا من والده، وبانه ضد تجارة العبيد.

وكان علي، قد استهل ولايته الدستورية على ما تبقى من اراضي الحجاز، باعطاء وعود للقنصلية البريطانية تقضي بتحرير كل الرق الموجودين في الحجاز، وإبطال تجارة العبيد ومعاقبة ممارسيها، حال انتهاء الأزمة القائمة واسترداد سلطاته لعافيتها. ثم اصدر قراراً نافذاً من حكومة الحجاز الدستورية يمنح العبيد حق الجوء للقنصلية البريطانية من جديد، خلاف التصلّب الذي ابداه والده. [55]

ومع مارس 1925م واشتداد أزمة حصار جدة، لجأت بعض عوائل الحجاز الميسورة الى مصر طلباً للسلامة واعلاناً للحياد. وارسل بولارد القنصل البريطاني في جدة الى المعتمد السامي البريطاني بالقاهرة في العاشر من ابريل يناشده بايقاف كل من يصطحب عبيده معه وبأن يرغمه بقوة القانون على اطلاق سراحهم.

كان الفارون من الحجاز يذهبون الى موانئ مصر والسودان كمجموعات عائلية تضم عشرين فرداً في المعدّل يرافقها خدم شخصيّون يدخلون مصر بجوازات “خدم” – لكن بولارد كان يصّر على ان هؤلاء رقيق تم شراؤهم.

واخبر القنصل الهولندي في جدة، بولارد، بأن المطوّف الحجازي المعروف، السيّد محمد نور جوخدار يصطحب معه جارية جاوية اسمها “موار” اعيد تسميتها بنعيمة وانها تعمل عنده كجارية، وأن نور جوخدار في طريقه للسويس مع عائلته. فطالب بولارد من حاكم السويس تعقبّه ومعاقبته. [56]

وفي رد من حاكم السويس في الثاني والعشرين من ابريل 1925م الى قنصلية جدة.. أفاد بانه جرى تعقب الشيخ محمد نور جوخدار وتحديد مقر اقامته بفندق الحميدية بالسويس حيث كان يقطن مؤقتاً كلاجئ سياسي مع عائلته وخدمه ومن ضمنهم نعيمة، منذ الخامس من مارس 1925م قادمين علـى متن الباخرة الايطالية إلتريسو. لكنهم وجدوا بعد اجراء التحقيقات سلامة موقفه، ورضا نعيمة التام بأوضاعها.

وأقرّ الشيخ الجوخدار في سير التحقيقات، بأنه اشترى نعيمة كجارية قبل عامين، من تاجر الحبوب الجدّاوي مصطفى اسلام مقابل خمسين جنيه استرليني، ثم منحها حريتها، وقام بتوظيفها لديه للخدمة المنزلية بناء على طلبها ومقابل راتب شهري قوامه 3 ريالات مجيدية، وانه لا يعرف والديها وان كان يظن انهما يقطنان في جاوى. واقرّت نعيمة، وهي شابة في الخامسة والعشرين، بأن اسمها الفِعلي موار، وانها ولدت في جزر الهند الهولندية وانها حينما كانت في الخامسة اختطفت عبر امرأة اسمها رحمة وهي التي قامت بتهريبها الى مكة حيث مكثت معها اثني عشر عاما ثم بيعت لأخت الشريف حسين التي باعتها بدورها للتاجر مصطفى إسلام ومنه لمحمد نور جوخدار. وان اسم والدها محمد طاهر من بوقس، وهو من رعايا هولندا. وان ابن مالكها السابق كان يتسرى بها. أما محمد نور جوخدار فقد اعتقها لوجه الله وان معاملته لها انسانية ونبيلة. وأكدّت بانها حرة بشكل تام وانها لا تريد ان ترفع اي دعوى وانها ترغب في الاستمرار كعاملة مع بيت جوخدار. [57]

وأرسل بولارد الى مُفوّض الشرطة في بومباي في 29 يونيو 1925م يطالبه بتعقب أسرة الحاج عبدالله علي رضا، قائمقام جدة، ووكيل شركتيّ البواخر: ترنر مورسون وخطوط ناسا للملاحة البحرية في جدة – التي رحلت بحراً الى بومباي، يرافقها سودانيتان وامرأة يمنية اسمها “صفرار”، وحبشيّان هما: ريحان وتحسين – يعتقد بولارد بأنهم رقيق. كما طالب بولارد في ذات الرسالة بتشديد الرقابة على عوائل التجار الحجازيين القادمين الى كراتشي وبومباي هرباً من الحرب العامة، وضرورة التأكد من ان مرافقيهم الافارقة مجرد خدم يعملون مقابل أجرة متفق عليها لا رقيق.

وفي رد من شرطة بومباي في 26 اغسطس 1925م أفادت بتحرّيها الواقعة، لكنها برأت ساحة عائلة علي رضا كون الجوازات التي حملها الخمسة المذكورون تشير الى ان وظائفهم “عمال منزل” والى اقرارهم الشخصي بذلك، كما أكد مأمور الشرطة الى صعوبة اثبات عكس ذلك في اي محكمة هندية. [58]

وحاول سكرتير المستعمرات في سنغافورة ملاحقة تاجر الأخشاب الشهير ومتعدد الجنسيات السيّد ابراهيم عمر السقاف على خلفية بلاغات من شرطة بنانغ حول تهريبه لفتيات صينيات صغيرات من سنغافورة الى مكة.

كان السيّد (الداتو) ابراهيم، اكبر ابناء السيّد عمر السقاف، يتحدر من عائلة حضرمية الأصل استعرقت بين مكة وسنغافورة، ولها اعمال تمتد على طول امتداد فضاء المحيط الهندي الكبير. والسقّاف على امتداد ثروته وجاهه كان محسناً كبيراً، ينشط في مجال تبني الفتيات الصينيات الفقيرات لتحسين شروط معيشتهن.

وفي 17 مايو 1924م، تابع سكرتير المستعمرات بلاغ اختطاف فتاتان صينيتان اسمهما مهجة ووهبة واعمارهن 16 و17 على التوالي، عبر السيد سالم بن شيخ السقاف، وثبت مع التحقيقات انهما كانتا ابنتان له وزوجه نور بنت طاهر السقاف بالتبني وانهما انتقلتا للعيش في قصر ابراهيم السقاف في المعابدة في مكة. وعبثاً حاول السكرتير اثبات انهما مسترقتان – الا انه عاد واعترف انه لا يملك اي دليل ادانة ضد السيد السقاف. [59]

وكان الصينيات مرغوبات للتسري عند العرب حيث تصل اسعارهن الى مائتي جنيه كما في عمريّ مهجة ووهبة.

وفي الثاني من يونيو 1925م ارسل القنصل بولارد من داخل سور جدة رسالة الى سلطان نجد، عبدالعزيز ال سعود يطلب منه تحرير مجموعة من الحجاج النيجيرين من رعايا بريطانيا الذين كانوا في طريقهم من المدينة الى جدة سيراً على الأقدام عندما أغارت عليهم جماعة من البدو وخطفتهم واستعملتهم كعبيد في ميناء القضيمة، وانهم محتجزون الآن في قصر بين رابغ وجدة في منطقة اسمها الخريبة [بئر مبيريك] من املاك شخص اسمه عبدالله. فابدى الطرف السعودي تعاوناً في ذلك.

وهربت “زهرة” من منزل آمنة بنت محمد الفضل في 23 يوليو 1925م ولجأت الى القنصلية البريطانية في جدة وطلبت اللجوء السياسي وارسالها الى وطنها السودان/فاشر. وقد ارسل المعتمد البريطاني رسالة بذلك في اليوم التالي الى الشيخ فؤاد الخطيب. [60]

وتسببت حادثة “زهرة” في احتجاج بعض الأهالي النافذين ضد تراخي حكومة الشريف علي.

وفي السادس والعشرين من اغسطس 1925م، في أوج حصار جدة، طلب الملك علي من نائب القنصل البريطاني المستر جوردان التوقف عن استقبال اللاجئين، غير انه وعد بابطال العبودية تماماً بعد انتهاء الحرب، بيد انه لا يريد اضعاف موقفه مع التجار والمحليين في الوقت الحالي. وارسل المستر جوردان، وكان اكثر تفهماً من بولارد لوجهة نظر الملك علي، الى القيادة البريطانية في السودان مؤكداً موقف الملك علي المناهض للعبودية، انما المشروط بنظرة واقعية. “الملك علي لا تروقه مظاهر العبودية المنتشرة، لكنه ايضا اقرّ بصعوبة الغاء ذلك بشكل قاطع لتجذّر الممارسة لقرون، فيما المسألة ينبغي مباشرتها برفق وتدريج، وانه نظرا لخصوصية المسألة، فانه يريد تجّنب اصدار اي قرارات قد تضعف من شعبيته اثناء الأزمة السياسية المندلعة .. لكنه وعد بالغاء الرقيق فور استقرار الحجاز وانجلاء أزمته”. [61]

لكن الخارجية البريطانية التي كانت قد رجّحت موقفها في الحرب لصالح ابن سعود، لم تعطي بالاً لمطالب الملك علي. وفي تلغرام من الخارجية البريطانية، الى نائب القنصل أبدت الخارجية عدم اقتناعها بالمبررات التي ساقها الملك علي، وأفادت بأن القنصلية يجب ان تستمر في استقبال اللاجئين وفي ارسالهم الـى ميناء سواكن بعد تحريرهم. [62]

وفي سبتمبر 1925م لجأ السوداني “بلال” الى القنصلية البريطانية هارباً من مالكه الشيخ دخيل الله، والأخير تاجر مواد غذائية بشارع قابل التجاري، فوضعت القنصلية بلال في احد البواخر الراحلة لسواكن، غير ان دخيل اتهم بلالاً بسرقة صندوق جواهر منه، فطالبت الخارجية الحجازية عبر فؤاد الخطيب باعادته من الباخرة للمثول امام قاضي المحكمة الشرعية، ولكن لمماطلة المحكمة، بعد احدى عشر يوماً، من اصدار اي حكم، قام جوردان بتحدي السلطات الحجازية وترحيله الى السودان.

وكتب جوردان في 14 سبتمبر شارحاً الى الخارجية البريطانية: “لقد اضحى من عادات ملاك العبيد اتهامهم بالسرقة عند فرارهم والحصول على احكام في صالحهم من المحكمة الشرعية، التي تنحاز دوما للملاّك”. [63]

كان ذلك التضعضع والارتباك المتصاعد من طرف القيادات والمؤسسات والأهالي كناية صريحة عن أفول عهد على الحجاز، وبداية عهد سياسي جديد.

في 21 ديسمبر 1925م سُلمت مفاتيح جدة سِلماً الى السلطان ابن سعود، وبعدها بأيام اُعلن عن تأسيس الكيان الجديد “مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها” وهو بداية العهد السعودي على كامل أراضي الحجاز.
يحي البشري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 29-10-2012, 01:26 AM
  #13
يحي البشري
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 757
يحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond repute
افتراضي رد: تجارة الرقيق في اوائل القرن التاسع عشر في الحجاز

الحجاز تحت الراية السعودية:

وتسارع نشاط الاعتاق بين اهالي مكة، وهناك من باع جواريه بنصف اسعارهن، حينما نزحوا الى جدة في جماعات قبيل دخول جيش الاخوان الى مكة. وهبط سعر الجاريات في دكة الرقيق في مكة من سبعين جنيهاً الى ثلاثين. [64]

وكان المطوفون يقنعون اغنياء الجاوا باعتاق العبيد المملوكين في مكة كونها مثل الصدقة الجارية. [65]

وتكرر هذا النمط قبيل سقوط جدة. ونلاحظ في نوفمبر 1925م في اوراق المحكمة الشرعية في جدة تسارع في نشاط اعتاق العبيد.

واعتق السيّد علي بن عثمان شطا، الذي لجأ كباقي أهل مكة الى جدة عند دخول جيوش الاخوان، في 1925م، زهرة عبدالله التي كان قد اشتراها من محامي الملك حسين في مكة الشيخ عمر، واصدر لها حجة صادرة من محكمة جدة الشرعية، لكنها آثرت البقاء معه والعودة الى مكة مع آل شطا حينما تستقر الاوضاع فيها.
يحي البشري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 29-10-2012, 01:27 AM
  #14
يحي البشري
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 757
يحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond repute
افتراضي رد: تجارة الرقيق في اوائل القرن التاسع عشر في الحجاز

وتحرر كثير من العبيد بعد سفر اهل الحجاز ذعرا الـى موانئ مصر والسودان.

واعتق الشيخ احمد بن محمد سعيد تاج (اخو جمال وعبدالغني تاج الدين، وآل تاج الدين من اثرياء مكة الذين يتاجرون مع سنغافوره وبتافيا)، جاريته زهرة عبدالله السوداني وابنتها القاصر فريدة سالم، ودجد عبدالله من بتافيا وعبدالقاهر السوداني واثنتين أخرتين، كما تفيد صكوك المحكمة الشرعية.

وكان يمكن اتلاف الصكوك الشرعية او مصادرتها بكل سهولة. وبمقابل مبلغ بسيط من الرشوة كان يمكن اتلاف اي ارشيف في المحكمة الشرعية بجدة. [66]

ونشطت القنصلية البريطانية في ارسال المعاتيق الى بلدانهم. وفي رسالة من القنصل في 24 ديسمبر 1925م، الى السادة جلاتلي هنكي في جدة وكلاء الشركة الخديوية للملاحة، يطالبهم بتوفير تذاكر لنقل معاتيق الى سواكن: 26 شخص منهم: بخيتة ام مسعود، عبدالمولى بن سالم، عبدالله القصيمي، فرج لحياني، فرج الله، بلال، مبارك بن علي، ابراهيم تكروني وآخرون. [67]

ورحب ابن سعود في حوار مع القنصل البريطاني بجدة بالتشدد ازاء منع دخول العبيد الى الاراضي الحجازية ولكنه في المقابل اعتقد ان المنع يجب ان يجري بالتدريج كون اي خطوة استفزاز قد تؤلب ضده قبائل الحجاز التي لا تزال تعتمد على العبيد.

وأشار القنصل البريطاني للملك برصدهم لوكلاء نجديين ينشطون في تجارة العبيد في عمان والاطراف الشمالية من الخليج العربي وتوريدهم لنجد، وأبدى الملك تفهمه وتعاونه.

وفي رسالة من السير اورفالنت من الخارجية البريطانية الى القنصل البريطاني في جدة في 22 ابريل 1926م، أملى عليه سياسة بريطانيا الجديدة مع ابن سعود. وطالبه باستصدار قرارات منه بتشديد الحدود لمنع دخول العبيد المهربين للحجاز وعسير، اضافة الى منح القنصلية حق تحرير وتسفير من يلجأ اليها .. ثم كخطوة تالية اعلانه لالغاء العبيد مستعيناً ربما بفتوى من علماء مكة، وعلى نهج ما فعلت قبرص في قراراتها لالغاء الخدم المرغمين في 1879م.

على اثر رسالة اورفالنت قام جوردان نائب القنصل ببعث خطاب الى الملك عبدالعزيز في 11 مايو 1926م، بذلك الامر.
يحي البشري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 29-10-2012, 01:29 AM
  #15
يحي البشري
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 757
يحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond repute
افتراضي رد: تجارة الرقيق في اوائل القرن التاسع عشر في الحجاز

كانت سياسة ابن سعود هي عدم حرق المراحل والحرص على معاملة العبيد معاملة انسانية. [68]

وفي اول طلب رسمي للحكومة السعودية بالحجاز تقدم به نائب القنصل جوردان في 25 مايو 1926م، باعتاق المدعو عثمان موسى من اهل سواكن الذي اُختطف عام 1918م عبر الريّس عبدالخير بن الحسين، مالك السنبوك “خضرا” وبيع في ساحل ينبع لمازن بن عمر من اهل ينبع. وان عم عثمان: حسن عبدالفرج قد وصل ينبع لبحث سبل اعتاقه انما دون فائدة.

وجاء في جواب الملك عبدالعزيز بعد اربع ايام انه اصدر اوامره للسلطة المحلية في ينبع لتسليمه لعمه على الفور. [69]


جلالة الملك عبدالعزيز يوجّه باعتاق المدعو عثمان موسى من اهل سواكن الذي اُختطف وبيع في ساحل ينبع.

وتفيد احصائات القنصلية البريطانية انه خلال شهريّ سبتمبر واغسطس من عام 1926م تم تحرير 97 شخص عبر قنصلية جدة.
يحي البشري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 29-10-2012, 01:29 AM
  #16
يحي البشري
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 757
يحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond repute
افتراضي رد: تجارة الرقيق في اوائل القرن التاسع عشر في الحجاز

معاناة مزدوجة:

وليس كل من تحررهم القنصلية في جدة وتعيدهم الى ميناء سواكن تنتهي معاناتهم عند ذلك الحد.

واُعتق سعيد أمان واطلق سراحه واُعيد للسودان في السابق لكنه عاد ادراجه الى القنصلية البريطانية في جدة بعد ستة اشهر يطلب اللجوء مجدداً!

حين وصل سعيد الى سواكن، بعد تحريره في المرة الأولى، عمِل معاوناً للناخوذة احمد مبارك الجهني على متن السنبوك “خضرا” من املاك محمد البربري من اهل سواكن. وفي رحلة تحمِل شحنة فحم متجهة الى جدة وبدلا من العودة مباشرة الى بورتسودان كما كان مجدولاً، انعطف السنبوك الى رابغ لتحميل بضائع ليجري تصريفها في جدة وبورتسودان على التوالي. ولكنه في الطريق توقف في قرية الرويس على مقربة من جدة فركب منها مصادفة مالك سعيد الذي فرّ منه في السابق، واسمه حامد بن قريب الجدعاني ومعه ثلاث عُربان هم: ضيف الله وحميد وحمدان، وكلهم من الجداعين. وحينما رأى الجدعاني عبده السابق، قام بارشاء النوخذة بـ 6 جنيهات استرليني مقابل تمكينه من مصير سعيد، رغم اعتراض ركاب السنبوك. وقام الجدعاني ببيعه بعيد ذلك في مكة الى مالك جديد اسمه حسن أبو النجا، من اهل مكة،الذي فرّ سعيد منه بدوره من جديد الى دار القنصلية البريطانية التي وضعته للمرة الثانية في غضون ستة أشهر على متن الباخرة المنصورة التابعة للشركة الخديوية في طريق حريته الى بورتسودان. [70]
يحي البشري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 29-10-2012, 01:31 AM
  #17
يحي البشري
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 757
يحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond repute
افتراضي رد: تجارة الرقيق في اوائل القرن التاسع عشر في الحجاز

- أفارقة الحجاز:

وتوزع أفارقة مكة على جماعات اثنية منغلقة على نفسها منذ القرن الميلادي التاسع عشر، لكل جماعة منها شيوخها وشبكتها الاجتماعية الخاصة – تمركزت غالبيتها في منطقة البير المالح امام المنشيّة بحارة المسفلة او في حارة جرول. كان لكل جالية افريقية في مكة شيخها (كبيرها) الذي يفصل في خلافاتها بأحكام قضائية موازية، يعاضده نقيب مدجج بعصا، يقوم مقام السلطة التنفيذية.

ونحن نعلم ان من شيوخ البرنو في مكة في العشرينات الميلادية من القرن الماضي الشيخ محمد فونتامي (أو: فولاني) والشيخ محمد جبركاني، فيما كان شيخ الفلاتة: الشيخ سمبو.

وساهم الرقيق من افريقيا الشرقية والسودان واثيوبيا وافريقيا الغربية (التكارنة) في اغناء التنوع الثقافي والإثني لمكة والحجاز.

ومنذ عام 1885م وصف المستشرق الهولندي سنوك هوروخرونيه ملامح الحياة الاجتماعية للجاليات الافريقية/المكيّة وكشف شيئاً من مظاهر ثقافتهم الفرعية الهجينة.

فهم يقومون باحتفالات شعبية اسبوعية تبدأ من ظهيرة يوم الخميس وتمتد الى تباشير صباح الجمعة. وكان لهم في مكة ما اسماه هوروخرونيه بـ”الاوركسترا الافارقية“: فيلعب الزنوج في مكة بآلة العود “الطنبورة” المكيّة، مرفقة بآلات الطبل، فيما يرتدي الراقصون أحزمة مشغولة بحوافر الغنم تُخرِج قرقعة أثناء الرقص والاحتكاك… ثم يرقصون رقصة المزمار البلدي. وبين دورات الجوش يحتسي لاعبو العصا من شراب محلي مُسكر يسمّى البوظة. ثم يعودون ادراجهم للعمل مع ظهيرة يوم الجمعة. [71]

ويقول هوروخرنيه: ومأكلهم متوفر ولابأس به. وهم بعد تحريرهم يسعى الفرد منهم للعمل بالأجرة كعمال بناء او سقائي مياه، الخ. فيما اغلبهم يفضلون البقاء تحت وصاية الأسر التي خدموا فيها خصوصا اذا قرروا الزواج.

ويتصدى الزنوج ذو المواهب الأكثر بروزاً للأعمال المنزلية او يعملون كأمناء متاجر ومحاسبي دكاكين تجارية.

ان اثرياء مكة يحبذون ملء منازلهم بالعبيد، وهؤلاء العبيد بدورهم يعيشون حياة مترفة مقارنة بغيرهم ويجري التعامل معهم كأفراد من العائلة. اما الكفؤين منهم فيتحولون تلقائياً الى مسيّري شئون التجارة للأسر التي يعملون فيها حتى يغدو “العبد” في كثير من الحالات مجرد لفظ خالٍ من اي مدلول.

وأغلب عبيد المنازل يجري اطلاق سراحهم حال تجاوزهم سن العشرين، نظراً لخوف ملاّكهم من استمرار اختلاطهم كبالغين مع نساء الأسرة وجواريها، ثم ان التحرير يبقي العلاقة مستمرة انما يمنح المّلاك فسحة من الثقة مع الأفراد المُحررين. [72]

ويتنافس المعاتيق مع الرجال المكيين في كافة مجالات الحياة بنديّة متساوية.

ولم تفرّق لوثة الاسترقاق بين أي طرف، كما انها لم تقف حكراً على اجناس الأفارقة والجاوى.

وارسل عيد بن سالم احد عُربان المدينة المنورة الذين تم أسرهم في احد معارك الاخوان وتم بيعهم، برسالة “نداء” بعثها في الحادي عشر من ابريل 1926م الى الوكيل القنصلي البريطاني في لنجا (على سواحل فارس) يخبره بملابسات اختطافه.

حينما حاصر جيش السلطان بن سعود المدينة كان عيد يخدم في حامية مدائن صالح ومع سقوطها تم تسليمه لجيش ابن سعود فنُفي الى قطر وهناك تملكه محمد بن فضال لمدة شهر ثم اخذه في قارب لثلاث اشهر بين جزر اللؤلؤ، وهناك حاول بيعه في جزيرة الشيخ (وهي جزيرة فارسية) لكنه هرب قبل ان يوقف في ساحل فارس ليعود ويمكث مع مالكه في نخيلو، حتى هروبه الثاني الان الى لنجا حيث يريد حسم امر حريته واثبات هويته. [73]

و خدم عيد بن سالم في جيش الشريف حسين النظامي منذ 1915م حين كان في سن الخامسة عشر، وأكدّ في رسالته الى انه شخصية معروفة يمكن ان يضمنها هؤلاء السادة من اعيان المدينة: الشريف شحات، والشريف ناصر، واسعد بن طاهر سنبل وعبدالمحسن بن طاهر سنبل. وان عمّه هو جمعة بن شليّه واخوه هو عايض بن سالم.

وسمّت وثائق الخارجية البريطانية، في مايو 1926م، في رسالة للكولونيل بريدو، المعتمد السياسي في الخليج، اسماء تجار نجديون وحساويون يتاجرون في تهريب العبيد من سواحل الامارات الى دواخل نجد: عجيل النجدي في دبي، ومحمد القفيدي في دبي والشارقة والبريمي، وبن عتيق في الشارقة وعجمان، وعبدالله الطويل في الشارقة، ومحمد بن عبدالله النصيبي في عجمان. [74]

ووقّعت حكومة الحجاز، تحت الادارة السعودية الجديدة، اتفاقية الغاء الرق في جنيف في سبتمبر 1926م.. لكن لحداثتها في الحجاز الذي كان يدخل مرحلة سياسية انتقالية، لم تعطى الاتفاقية اي عناية، فاُهملت.

وفي عام 1926م استخدمت حكومة التاج البريطاني اسطولها الرابض في مالطا لمراقبة تجارة العبيد في البحر الاحمر. كانت بريطانيا لا تزال تُحكم السيطرة على البحر الاحمر، الشريان الامبريالي الاكثر اهمية لها.

ومخرت البارجة كورنفلاور (العنبر) القادمة من مالطا العباب بين عدن وجدة وبورتسودان. اما البارجة داهيلا (زهرة الأضاليا) تركت مالطا للبحر الاحمر في 1927م.. وآبت البارجة كليماتس (الياسمينة) من ميناء بورتسودان الى مالطا عبر جزر كمران اليمانية.

وكان متعهدو نقل العبيد بين ضفتي البحر الاحمر متى ما صادفوا بارجة حربية بريطانية، فانهم يوعزون في فورهم للعبيد بسرعة الاختباء، بعد ايهامهم بأن هؤلاء الرجال “البيض” انما هم من فصيل “أكلة لحوم بشر”. [75]

ومن سخرية الأقدار ان البارجة كورنفلاور التي كانت تُستخدم للتفتيش عن العبيد المهرّبين في سنابيك البحر الاحمر، كانت هي من تولى نقل الشريف علي بن الحسين، آخر ملوك الحجاز الهاشميين الى منفاه الأخير في 25 ديسمبر 1925م.

وفي مايو 1927م اعترفت بريطانيا رسمياً بالحكم السعودي لمملكة الحجاز ونجد. وأصبح السير اندرو رايان، ممثلها في قنصلية جدة، أول مسؤل دبلوماسي رفيع بعد التحولات السياسية الأخيرة وصعود ابن سعود على عرش الحجاز.

وتم توقيع الاتفاقية البريطانية-السعودية، فيما يعرف بـ”اتفاقية جدة“. وجاء في مادتها السابعة ان “يتعهد صاحب الجلالة ملك الحجاز ونجد وملحقاتها بأن يتعاون بكل مالديه من الوسائل مع صاحب الجلالة البريطانية في القضاء على الاتجار بالرقيق”.

لكن في السابع من يوليو 1927م قام السنبوك الشراعي “سلك الهوا”، الذي يملكه حاجي محمد، ويقوده الناخوذة محمد صالح الدنقلي، بنقل 75 عبد اثيوبي من أملاك التاجر احمد عمر، الذي جلبهم من جيبوتي، بالقرب من تاجورة، مورّداً اياهم الى موانئ زيلع (الصومال)، وأوبخ (جيبوتي) ومنها الى المخا (اليمن) ومن الأخيرة الى الحجاز بالتهريب. [76]

وقدرت الوثائق البريطانية انه في عام 1927م وحده تم تهريب ما بين ثلاثمائة الى اربعمائة عبد بين اثيوبيا وحدها الى موانئ الجزيرة العربية.

وكانت آلية تهريب العبيد الاثيوبيين تجري كالتالي:

يُخطَف العبيد الاثيوبيون وخاصة البنات الصغار من انحاء أديس أبابا الغربية: من جماعات كافا وولغا وبني شنقول (وهؤلاء مقرّهم غرب اثيوبيا وهي منطقة تتبع شيخ الخوجلي الذي كان يفرض رسوم ضريبية على تجار العبيد فيها) – وكلهم من اصول عرقية زنجية يُسَمون باللغة الأمهرية بجماعة الشنقيلة – وهم ليسوا حاميين مثل جماعات الجلاس، فالجالاس والأمهريين هم من يخطف العبيد الزنوج ويتاجر بهم – ثم يعبر العبيد المخطوفون في مسارات سريّة الى شمال اديس أبابا حيث اسواق العبيد في باتيس وداوا (مناطق تابعة للعيسى) ومنها يساقون الى تاجورة من خلال التُجار الدانقلة.

في تاجورة يجري تنظيم العبيد في جبل الغواد – ويفرض عليهم سلطان راهيتا ضرائب تجبى عبر شيوخ قبيلة العيسى الصومالية.. ثم يباع العبيد الى التجار العرب في جيبوتي مقابل 160 دولار للرأس. ثم لا يبعثون من موانئ تاجورة الرئيسية مباشرة توجساً من الرقابة البحرية، فيرحلون بدلا من ذلك الى رأس دمار حيث يفرض سلطانها المحلي ضريبة اضافية عليهم. وحينما تهب الرياح الجنوبية على البحر الأحمر بين شهري نوفمبر ومارس، تنشط السنابيك وترفد سواحل جيبوتي موانئ الجزيرة العربية بأسراب العبيد والجواري صغيرات السن.

وكان سلاطين الدناقلة في ساحل جيبوتي يتقنون صناعة النعل والسِكافة بشكل ماهر، لكنهم تورطوا الى جانب ذلك في تجارة وتسويق الجواري البغيضة. وكانت الحكومة الفرنسية في جيبوتي في فترة من الفترات تقاسم السلطان الدنقلي ارباحه من تجارة العبيد.

وتحمل السنابيك في البحر الأحمر الكثير من الحصى الصغير (الصابورة) التي تستعمل كثقل الموازنة، وكانت تستخدم لتقييد ايدي العبيد.
يحي البشري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 29-10-2012, 01:32 AM
  #18
يحي البشري
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 757
يحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond repute
افتراضي رد: تجارة الرقيق في اوائل القرن التاسع عشر في الحجاز

وفي الحجاز تكون اقرب الموانئ لهم: القنفذة والليث وراس الأسود جنوب جدة، ويرسون بأعداد أكثر في الاخير، ومنها يجري تهريبهم الى اسواق جدة. وتصل اسعارهم في جدة الى ستمائة دولار. ويباع أعداد منهم للسوق المحلي، وجزء آخر يشتريه حجّاج اسطنبول والقاهرة وينقلونهم معهم الى ديارهم. أما من يبقى يُعاد توزيعه الى المخا.

وفي هذه الفترة كانت قبيلة الزرانيق البحرية جنوب الحُديدة من اكثر القبائل استهلاكاً للعبيد في الجزيرة العربية.

ولا تقف طرق التهريب على ما سبق. ومن طرق تهريب العبيد الذين يجري شراؤهم بشكل فردي: رشوة القضاة في تاجورة بخمس او عشر دولارات مقابل ان يصك لهم ورق زواج مع الفتيات فيتم تهريبهن بأوراق رسمية. [77]

وفي الضفة البحرية المقابلة من الجزيرة العربية كان يُخطف صغار الهنود والبلوش لاستخدامهم في العمل في قوارب صيد اللؤلؤ بالبحرين والكويت. وفي 1928م كان عبدالله بن محمد دوار، في دبي، هو أكبر وكيل لبيع العبيد المجلوبين من كراتشي.
يحي البشري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 29-10-2012, 01:33 AM
  #19
يحي البشري
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 757
يحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond repute
افتراضي رد: تجارة الرقيق في اوائل القرن التاسع عشر في الحجاز

- سنابيك البحر الأحمر - المتاجرة في كل شئ:

كانت السنابيك في البحر الاحمر تنقل بين موانئ راس المدر وعدن والحديدة والمخا وجدة وعصب وجيبوتي – كل من السكر والتبغ والكيروسين (الجاز) والقهوة والحبوب والتمور، الى جانب العبيد. وترفرف على صواريها اعلام: مملكة الحجاز او ايطاليا اوالحكومة العربية او دولة الإمام.

وفي ميناء جزيرة بريم في مدخل باب المندب كان وكلاء تجارة العبيد: شيخ سعيد وهو وكيل السنبوك “متساهل” لمالكه محمد هادي في تاجورة، ينقل الخشب والفحم. وعبيد علوي الذي اقلع لاحقاً عن تهريب العبيد وبات يعمل في صيد الاسماك بالقرب من جزر كمران. وفي جيبوتي الشيخ ابراهيم صالح ومعه عشرون رجلاً مسلّحاً.

وكان يسيطر على ساحل تاجورة: الشيخ محمد قاسم الدنقلي والشيخ عبده داود الدنقلي.

وفي عام 1928م تنقّل وكيل بريطاني سري بين مقاهي جيبوتي المرصوصة على الميناء واعطانا صورة عن الحياة الاجتماعية لنواخذة السنابيك فيها.. وذكر من كبار النواخذة في حينه:

ابوخليل، وهو مالك وناخوذة سنبوك “صاح الله” في جيبوتي وعليه علم ايطالي.. ومثله محمد شحيم، وهو دنقلي، كان ناخوذة لأحد السفن الفرنسية لكنه يملك الان سنبوكاً اسمه “زاحف” وعليه علم عربي – وهو ينقل عبيد احيانا.. وعلوي حكمي وسنبوكه اسمه “الهبوب” وعلمه عربي.. وأحمد سيموح كان وكيلاً تجارياً في الميناء، يعمل لصالح الشيخ العيسى الثاني والشيخ ابوبكر الثالث وهما رجلان مُسلحان يعملان في تجارة السلاح والعبيد، يحتكران التجارة الذاهبة لميناء الطائف اليمني التاريخي (في حدود الحديدة وهو غير مدينة الطائف الحجازية)، عند رجل محلي هناك اسمه احمد فتياني وهو شيخ الطائف.

وهناك سنبوك “المايل” للناخوذة عمر سعيد الوحيش ويعمل مع تجار تاجورة وزعماء العفر (الدناقلة).
يحي البشري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 29-10-2012, 01:33 AM
  #20
يحي البشري
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 757
يحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond repute
افتراضي رد: تجارة الرقيق في اوائل القرن التاسع عشر في الحجاز

- الثلاثينات الميلادية .. انقلاب في الوعي وتبدل قيمي:

وتشير احصائات لجوء العبيد لدار الاعتماد البريطاني في جدة الى تناقصها الحاد بعد حصار جدة وصعود الفترة السعودية في الحجاز. ومن لجوء اربعين رجلاً وامرأة في عام 1926م الى دار القنصلية، لم يلجأ سوى سبع عشر رجلاً وامرأة في عام 1931م، بقي منهم خمسة في الحجاز بعد تحريرهم. وان لم تنتفي تجارة العبيد بعد، فإنها خفتت بشكل ملحوظ. [78]

وحملت الثلاثينات للحجاز – والتي سبقها عقدان دراميّان شهد فيهما الحجاز؛ انقلابين في دار الخلافة وثورة كبرى في مكة وحرباً عالمية وأخرى حدودية وفترتيّ حصار وجوائح وبائية وتمردات قبائلية شتّى – حملت، عكس كل ذلك، استقراراً مطلقاً، انتعش فيه الميناء، وتماسك فيه موسم الحج، فانفتح الأهليون بشكل هائل على العالم وروح العصر.

يقول بوند، السفير البريطاني في جدة في رسالة للخارجية البريطانية في السادس من مارس 1930م: “لقد تقلّصت نسبة العبيد في جدة في السنوات الأخيرة بشكل مطرد، هذا يعود الى كون كثير من التجار المعروفين انفتحوا على روح العصر وباتوا يمارسون أشكال تجارة اكثر عصرية وملائمة قانونيا وقطعوا مع الاشكال التقليدية”. [79]

وضعف ارسال العبيد المهربين الى الحجاز عبر ميناء جدة وموانئها القريبة كما سبق.. مقابل ازدياد نشاط التهريب عن طريق البر من بلاد الشحر والمكلا في اليمن.. او من يجري اختطافه او بيعه أصالة في موسم الحج. [80]

وسجّل شيخ الدلالّين، القيّم على دكة الرقيق بأطراف سوق سويقة، في مكة ألف عملية بيع في عام 1930م، لكنه عاد وسجّل مائة عملية بيع فقط بعد ثلاث سنوات في عام 1933م. وفي المدينة المنورة اُغلقت الدكّة، وخرجت عن الخدمة، حيث لم تسجّل سوى عشر عمليات بيع في عام 1933م. [81]

وشهدت الثلاثينات، اقتحاماً مُفاجئاً للتقنيات الحديثة (التكنولوجيا) – ما ادى الى انقلاب في الوعي وتبدل قيّمي حاد خصوصاً في ذهنيّة وعادات البادية الحجازية.

ان احد الاسباب الجوهرية لتقلّص استهلاك العبيد بشكل كاسح في البادية الحجازية، هو إدخال النقل بالسيارات في موسم الحج والغاء نظام “الكوشان” – وهي رسوم الطريق التي كان يدفعها الجمّالة للشريف كنوع من الضريبة المحليّة (ويدفع الأهليون، مُمثلون في طبقات المطوفين ضريبة مماثلة).

لقد ضرب ذلك التحوّل، الهيكل الاقتصادي للبادية الحجازية، خصوصاً لدى قبيلتيّ الحوازم والأحامدة، في صميمه وقوّض مراكز قوته وشبكة علاقاته القديمة.

وأدى انخفاض الطلب في النقل التقليدي على الجمال والشقادف الى تقليص الطلب بين شيوخ الجمّالة والمخرّجين للعبيد الذين كانوا يستعينون بهم سابقاً في اعباء وتجهيزات قوافل الحجيج وتسييرها.
يحي البشري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشرفين مقاليد الحكم.....((شاركنا)) علي بن حيان المجلس الـــــعــــــــام 3 17-05-2012 12:02 AM
فضائح الرافضه صوتيات ومرئيات ووثائق وكتب ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 25 07-03-2008 11:01 PM
((الحضارة العربية في الأندلس وأثرها على أوروبا)) مشاري بن نملان الحبابي المجلس الـــــعــــــــام 10 20-11-2007 11:04 AM


الساعة الآن 10:35 AM

سناب المشاهير