يتبع .. لمــا الـذي يــعصــمــك مــن الـــدجـــ( 15 )ــال ؟؟؟
أخي الحبيب:
سبق الحديث بعنوان
[ ما الذي يعصمك من الدجـــــ( 15 )ـال ]
وهذا الموضوع يرتبط به ، وذلك لأهميته وقد ذكرت موقف مؤمن آل فرعون
ومؤمن آل فرعون يعرف موسى أنه صادق ، ولم يجرب عليه كذبا ، لكنه تنزل مع القوم فقال
عن موسى { وإن يكن صادقا } فيما جاءكم به { يصبكم بعض الذي يعدكم } من العقوبة والعذاب
في الدنيا والآخرة ، ثم قال لهم
{ إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب }
فلو كان هذا الذي يزعم أن الله أرسله إليكم كاذبا كما تزعمون ، لكان أمره بينا واضحا في قوله
وعمله ، ظاهرا لكل أحد ، فالكذاب يُعرف في المجتمع بأقواله وأفعاله ، تكون كلها في غاية
الاختلاف والاضطراب ، وموسى بيننا نرى أمره سديدا ومنهجه مستقيما ، ولو كان من المسرفين
الكذابين لما هداه الله ، ولما أرشده إلى ما ترون من انتظام أمره وفعله ، فكيف تقابلونه على صدقه
بالتكذيب والأذى ، ومن هنا نستفيد أن أهل الصلاح والإيمان والصدق يعرفون الكاذب بقوله وفعله
فيجتنبونه ويتحاشون التعامل معه ، وفي المقابل تجدهم يشهدون للصادق بصدقه في قوله وفعله
وإن كان غائبا
أيها الأخ الحبيب: إن كان عند الكاذب بعض من الصدق في حديثه فلا بد من الصراع بين صدقه وبين
ما في قلبه من الكذب ، لذا يقول مالك بن دينار ـ رحمة الله ـ
" الصدق والكذب يعتركان في القلب حتى يخرج أحدهما الآخر ".
لا يــكـذب الـمــرء إلا مـن مـهـانـتـه <<<<< >>>>> أو فـعــلـة الــســوء أو مـن قـلـة الأدب
وقيل في منثور الحكم: من قل صدقه قل صديقه...
قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ " ما كان خلق أبغض إلى أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
من الكذب , ولقد كان الرجل يكذب عند رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـالكذبة فما يزال في
نفسه عليه حتى يعلم أن قد أحدث منها توبة "
وهذا دليل على جرم الكذب وفظاعته وخطورته ، فلا بد أن يعلم العبد المسلم أن الكذب من الأمور
المنافية للإيمان إذ هو مكيال المنافقين الذي يدور عليه جورهم وظلمهم وأكل أموال الناس حراما
بالباطل ، والسير بين الناس بالغيبة والنميمة والفتنة والتحريش والتهم ، حتى تنشحن القلوب بعضها
على بعض ، فيقع ما هو أكبر من الكذب ، كالحسد ، وسوء الظن ، والعداوة والبغضاء حتى توصل
هذه وتلك إلى ما هوأكبر ، كالقتل وسفك الدماء ، والخروج على الولاة والعلماء ، فلا يصبح مع مثل
هذا أمن ولا أمان لذا يظن بعض الناس أن الكذب أمر عادي وليس له أهمية ، ولا تأثير في المجتمع
بل له تأثير وله وقع سيء ، وحادثة الإفك أكبر دليل على وقع الكذب وتأثيره في الناس وفي المجتمع
أيها الأخ الحبيب: يقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
" يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب "
يعني تجد أقوال المؤمن وأفعاله وتصرفاته وجميع أحواله لما فطر عليه ، إلا هاتان الخصلتان:
الخيانة والكذب
لذا تجد الخائن والكاذب يفكر ويخطط ويرسم ، يقدم ويؤخر ، يأتي بها يمينا وشمالا ، حتى يخون
ويكذب ، بمعنى: أنه يتعلم ويكتسب مهارات وخبرات في الخيانة والكذب ، سئل
" أيكون المؤمن جبانا؟
فقال: نعم! فقيل له: أيكون المؤمن بخيلا؟
فقال: نعم! فقيل له: أيكون المؤمن كذابا؟
فقال:لا!
هذا هو المؤمن حقا لا يكذب ولا يخون ولا يغش ولا يخدع ، وبعض الناس يتظاهر ويتشكل ويلبس لباس
المؤمنين فإذا تعاملت معه ، أو احتككت به ، أو صار لك معه موقفا ما ، اتضح لك حقيقة اللباس
والتظاهر ، فإذا الفرق كبير والمسافة واسعة شاسعة ، والحقيقة واضحة وظهر لك الأمر الخفي
وبان لك حقيقة التظاهر وحلاوة اللسان ، لكن أمثال هؤلاء لا يخدع بهم أهل الإيمان والصدق والتقوى
فهم يعرفونهم بما عرفهم الله به ، قال الله ـ عز وجل ـ
{ أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله إضغانهم ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم
ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم }
وأعظم ما يفسر لك هذا الكلام العظيم ، ما ثبت عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ إذ يقول
" ما أسر عبد سريرة إلا أظهرها الله على لسانه وصفحات وجه "
نعم: هم يقلبون الأمور ويتفننون فيها بالكذب ، ولكن سرعان ما يخرج الله ما أسروا في أنفسهم
فيا من تخدع الناس بكذبك ، لا تظن أن الناس لا يعرفون هذا المرض الذي في قلبك ، إنه سيخرج بما
وصف لنا به عثمان ـ رضي الله عنه ـ والعجيب: أن كثيرا من الناس استرسل في الكذب ـ إلا من رحم الله ـ
بل إن بعضهم ليعتبره مندوحة وذكاء وفنا , قلب طرفك يمنه ويسره في واقع الناس لترى مظاهر
الكذب الصراح والمتفشي في كل الحالات ، يقول: أحدهم إذا ما تكذب اليوم ما تأكل عيش ، إذا ما تنوع
في الكذب ما تمشي أمورك ، وغير ذلك من الأقوال التي يندى لها الجبين ؛ وما يذكرني هذا إلا بقول
المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ، قالوا لكعب ـ رضي الله عنه ـ
اذهب لرسول الله وقدم له عذرا كما قدمنا وقد قبل منا
قال كعب فما زالوا بي حتى كدت أن أفعل
يقول أحد الكذابين اكذب وهات لك وحدة بيضاء أو زرقاء أو ..
ومثل هذا لا يفكر أبدا فيم يقول ويقترف ويختلق ، ولا يعلم أنه بقوله وبتعامل به إنما يهلك به نفسه
لا بد أن يعلم أمثال هؤلاء أنهم يتصفون ببعض ما يتصف به الدجال .
__________________
عــــش مـــع الـــقــرآن .... تــعــش الــــحــيــاة
التعديل الأخير تم بواسطة سعيد شايع ; 11-05-2010 الساعة 08:06 AM
11-05-2010, 07:42 AM
تعليمات المشاركة
المواضيع المتشابهه
العرض الشجري