وقــــفـــــات ... تــــربــــويــــة ( 1 )
(1)
من القضايا المهمة التي ينبغي على المربي العناية بها في شخصية المتربي
تعزيز وتقوية الجانب الإرادي العملي لديه فعلا وتركا ، فغرس الدافعية الذاتية لتحصيل
الخير والسعي إليه والصبر عليه ، وترك الشر والشهوات والصبر عنها
فما بلغ المعالي من بلغ ، ولا سقط في الرذائل من سقط ، إلا من هذا الباب
و( على قدر أهل العزم تأتي العزائم ).
(2)
كثير من الناس يتورطون مع أبنائهم إذا كبروا ، بحيث أنهم لا ينفكون عن كثير من الأشياء التي
اعتادوها ، ويجدون صعوبة في انتقالهم عنها ، وما ذاك إلا بإهمالهم في بداية نشأتهم بدعوى
صغر السن ، بينما نجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول لحفيده الحسن وهو لم يتجاوز السنتين
وقد جعل في فيه تمرة من تمر الصدقة " كخ كخ " ثم قال: أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة!
(3)
إن من أهم سمات المربي الناجح كثرة دعائه لله تعالى وصدق الالتجاء إليه في صلاح من يربيهم فلا
هادي لمن أضل الله ، ولا مضل لمن هدى ، ولا خاذل لمن وفق ، ولا موفق لمن خذل
فهذا نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدعو لابن عباس بقوله:
" اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " وإبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ يدعو الله له ولذريته ، فيقول
{ رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء }
(4)
التربية على التوحيد الخالص من أولى أولويات المربي البصير ، فما أصاب شباب الأمة
من وهن ..
وضعف ..
وتبعية ..
وتقليد ..
وترك للواجبات ..
ووقوع في المحرمات ..
وغير ذلك إلا من ضعف التوحيد ، فذل من ذل ، ورضي بالهوان من رضي ، وتراجع من تراجع عن
مسلمات وثوابت من تراجع ، يقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
( فكلما ازداد القلب حبا لله ازداد له عبودية وكلما ازداد له عبودية ازداد له حبا وحرية عما سواه ).
فمن أوجب واجبات الآباء والمربين العناية بالعقيدة الصحيحة وغرسها وتعظيم الله تعالى وتوحيده في
نفوس الناشئة وذلك منذ نعومة الأظفار بأسلوب سهل وميسر والحذر مما يعكرها ويتأكد الأمر في زمن
كثرة الشبهات وغلبت الشهوات والله المستعان ، فالسنوات الأولى للطفل كالقاعدة الأساسية للبناء حيث
تشير الدراسات أن ذكاء الطفل يسير بسرعة عالية جدا بين 2ـ 5 وبعد عامين تنخفض النسبة بسبب عدم
استثمار الذكاء لتصل إلى10% فقط ، ويعتقد خبراء التربية أن50% من المكتسبات الذهنية عند المراهق
اكتسبها من السنوات الأربع الأولى من حياته ، ولينتبه المربي من سلبية قد تنقلب إلى إيجابية
ففي بعض الأحيان يكون الفارق العمري بين المربي والمتربي في مصلحة العملية التربوية ، حيث تزداد
درجة الاستعداد للقبول والتلقي مع ازدياد الفارق العمري
كما قد تزول العديد من الآفات العمرية بين الطرفين.
(5)
قال الإمام أحمد بن حنبل: سمعت الإمام ابن عيينة يقول: قال رجل للإمام الحافظ مالك بن مغول:
[ اتق الله ] فوضع خده بالأرض
إذا ذل المربي وخضع لربه ورجع إليه ولم تأخذه العزة بالإثم ، يظن كثير من المعلمين أن اعترافهم
بالخطأ أمام تلامذتهم ورجوعهم عنه ، أن ذلك انتقاص للذات وفقدان للثقة أمام طلابهم..
وذلك وهم!! فالحقيقة أن الطلاب يقدرون المعلم الذي يتراجع عن خطأه ويعدون ذلك منه شجاعة
أدبية عظيمة! وفي نفس الوقت فيه تربية لهم على الاعتراف بالخطأ والرجوع عنه والصدق مع
النفس ومع الآخرين.
15-06-2010, 08:32 AM
تعليمات المشاركة
العرض العادي
