من مقالات الدكتور / عبدالله الوهابي


المجلس الـــــعــــــــام للمواضيع التي ليس لها تصنيف معين

 
قديم 09-03-2006, 09:32 PM
  #1
عبدالله الوهابي
مراقب سابق
تاريخ التسجيل: Apr 2005
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 5,988
عبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond reputeعبدالله الوهابي has a reputation beyond repute
افتراضي من مقالات الدكتور / عبدالله الوهابي

وجوب التثبت في الأخبار ، وعدم نقل الشائعات والأكاذيب
من المعلوم أنَّ زمان الفتن زمان خطير يكثر فيه القيل والقال ، ويحمَل الكلام فيه على غير محاملِه ، ويكثر الجدال ، ويحرص فيه على نقل الأخبار ، وإشاعة الأقوال ، ويتصدر مَنْ حقُّهم التأخر ، وتنطق فيه الرويبضة ، وفي زمان هذا حاله ينبغي للمسلم العاقل أن يلتزم أوامر الله -سبحانه وتعالى- بكل قوَّةٍ ودقة ، ولا يجاوزها ، ففي لزومها النجاة ، وفي مفارقتها الهلَكَة.
ومن ذلك وجوب التثبت عند سماع الأخبار والأقوال ، وعدم العجلة في الحكم على الأخبار حتى يتبين له ثبوتها ، ثم بعد ذلك يقوم فيها بما أمر الله –سبحانه وتعالى- ، وهذا أمر واجبٌ على المسلم في حياته كلها ؛ في رخائه وشدته ، لكنه في وقت الفتنة آكد لما يترتب على ذلك من أمور عظام.
قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بِنَبأ فتبَيَّنُوا أن تُصِيبوا قَوماً بِجَهالةِ فَتُصبحوا على ما فعلتم نادمين }.
قال ابن كثير - رحمه الله- : "يأمر تعالى بالتثبت في خبرِ الفاسق ليحتاط له ، لئلا يحكم بقوله فيكون في نفس الأمر كاذباً أو مخطئاً ، فيكون الحاكم بقوله قد اقتفى وراءه . وقد نهى الله عن اتباع سبيل المفسدين".
وقد جعل العلماء - رحمه الله- هذه الآية وما جاء في معناها قاعدةً ، وبُنِيَ عليها علمُ الرجال والجرح والتعديل ؛ الذي حفظ الله به دينه ، وسنة نبيه  ، والذي اختصت به الأمة الإسلامية من بين الأمم التي أضاعت ما أوحاه الله لأنبيائه ، وحرَّفته ، وبدّلَته ، وأدخلت فيه ما ليس منه ، بقصد أو بدون قصد ، حتى لم يبق في أيديهم شيء يوثقُ به مما أوحاه الله لأنبيائه –عليهم السلام-.
وهذا دليل على أهمية التثبت والتبيُّن عند سماع الأخبار والروايات ولا سيَّما وقت الفتن ، وكم سبَّبَ عدم التثبت من فتنٍ ومصائب على الأمةِ لا زالت تعاني منها حتى يومنا هذا .
وقال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً}.
قال ابن كثير - رحمه الله- :" في هذه الآية إنكارٌ على من يبادر إلى الأمور قبل تحقُّقِها فيخبر بها ، ويفشيها ، وينشرها ، وقد لا يكون لها صحة".
فهذه الآية توجبُ التثبُّتَ والتبيُّنَ عند سماعِ الأخبار ، وتُنكِر – كما ذكر ابن كثير- على من بَادَرُ وسارَعَ في نقلها ونشرها قبل أن يتحققَ من صحتها ، وأرشدت كذلك إلى أمر آخر مهم ؛ وهو أن الأخبار إنما تنقل إلى أولي الأمر من العلماءِ والأمراءِ ، ولا تنقَلُ إلى عامَّةِ الناس لأن النقلَ إلى عامة الناس لا فائدة فيه ، وإنما الفائدة في نقله إلى أهل الحلِّ والعقدِ الذين يحسنون فهم الأمور ،واستنباط المصالح منها ، ولديهم القدرة على درء المفاسد.
وقد ذ كر ابن كثير - رحمه الله- عدَّةَ رواياتٍ تحذِّرُ من العجلةِ وعدم التثبت منها: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي  قال: " كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكلِّ ما سمع "
وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه- : أنَّ رسول الله  نهى عن قيل وقال. قال ابن كثير -رحمه الله- : "أي الذي يكثر من الحديث عمَّا يقول الناسُ من غيرِ تثبُّتٍ ، ولا تدبُّرٍ ، ولا تبيُّنٍ.
ثم ذكـر ابن كثير - رحمه الله- قوله  : " بئس مطية الرجل زعموا "
قال ابن كثير - رحمه الله- : "ويُذكَر هاهنا حديث عمر -رضي الله عنه- المتفَقِ عليه حين بلغه أنّ رسول الله  طلَّقَ نساءه ، فجاء من منْزله حتى دخل المسجد فوجد الناسَ يقولون ذلك فلم يصبِر حتى استأذن على رسول الله  فاستفهمه : أطلقت نساءك؟ قال: (لا) فقلت: الله أكبر ...الحديث .
وعند مسلم: فقلت : أطلَّقتهنَّ؟ فقال: (لا). فقمتُ على باب المسجد فناديتُ بأعلى صوتي : لم يطلِّق رسول الله  نساءه . ونزلت الآية.
قال عمر -رضي الله عنه-: أنا استنبطت ذلك الأمر.
وقال السعدي -رحمه الله- : "هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق ، وأنَّه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمورِ المهمَّة ،والمصالح العامة ما يتعلَّقُ بالأمن ، وسرور المؤمنين ، أو بالخوف الذي فيه مصيبةٌ عليهم ؛ أن يتثبَّتوا ، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر.
بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم ؛ أهل الرأي ، والعلم ، والنصح ، والعقل ، والرزانة ؛ الذين يعرفون الأمور ، ويعرفون المصالِحَ وضدَّها.
فإذا رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطاً للمؤمنين ، وسروراً لهم ، وتَحَرُّزاً من أعدائهم ؛ فعلوا ذلك .
وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة ، أو فيه مصلحة ولكن مضرَّته تزيد على مصلحته لم يذيعوه ولهذا قال: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة ،وعلومهم الرشيدة.
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي: أنه إذا حصل بحث في أمرٍ من الأمور ، ينبغي أن يولَّى من هو أهل لذلك ، ويجعل إلى أهله ، ولا يتقدم بين أيديهم ، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ .
وفيه النهي عن العجلة والتسَرُّع لنشر الأمور من حين سماعها ، والأمر بالتأمل قبل الكلام ، والنظر فيه ، هل هو مصلحة فيقدم عليه الإنسان؟ أم لا ، فيحجم عنه؟".
فانظر – رعاك الله وحماك من الفتن ما ظهر منها وما بطن- هذا العلاج الرباني وقتَ وقوع الفتن ، وذلك بالصبر ، والتثبتِ ، وعدم العجلةِ ، فإن في ذلك السلامةَ من الفتنِ ، كما في النصوصِ السابقة.
وانظر إلى فهم عمر - رضي الله عنه- ، وتثبته ، وكيف سلَّمَه الله من هذه الفتنة بسبب التثبت في الأخبارِ.
وقد ابتليت الأمة الإسلامية اليوم بأقوام لا همَّ لهم إلا البحثَ عن الأخبارِ ؛ صحيحها وسقيمها ، ونشرَ هذه الأخبار على الأمة ؛ مسلِمِها وكافرها ، دون رَوِيَّةٍ ، وتثبتٍ ، ودون النظرِ في عواقب الأمور ، ودون معرفةٍ للمصالح والمفاسد المترتبة على نشر هذه الأخبار بل يظنونَ – للأسف الشديد - أنهم بنشرِهم لهذه الأخبارِ الظنِّيَّةِ ؛ يرفعون من علوم الأمة ، وثقافتِها ، وفقهها بواقعِها! ، وما دروا أنَّ في نشر هذه الأخبار تثبيطاً للأمةِ ، وزرعاً للشكِّ واليأسِ في قلوب الناشئةِ ، وعوام الأمة ، واستهانةً بأولياء أمور الأمة ، وعلمائها .
فالواجب بعد هذا الحرصُ الشديد في نقل الأخبارِ ، وأن لا تنقلَ هذه الأخبارُ إلا لأولياء الأمور ، وأهل الحلِّ والعقد والعلمِ ، والتثبُّتُ في ذلك ، وعدمُ تحميلِ الخبر ما لا يحتمله ، وعدمُ إشغال الناشئة وعوام المسلمين بما لا فائدة لهم به ، ولا قدرة لهم على تحمُّلِه ومعالجته.
ومن عجيب حال الأمة اليومَ أنَّ هؤلاء النقلةِ للأخبار ، المبادِرِين في نشرها ؛ لا يميِّزون بين ناقلي الأخبار ، فتراهم يروون خبراً عن مجلَّةٍ كافرةٍ ، أو إذاعةٍ في دولة كافرة ؛ يهودية أو نصرانية ، ويجعلون هذا الخبرَ يقينياً ، ويبنون عليه مسائل خطيرةٍ ، تتعلَّق بمصالح الأمة ، وما دروا أنَّ الكافر لا يصلحُ أنْ يكونَ مصدراً للأخبار الصحيحةِ ، وأنَّ هؤلاء الكفَّارَ إنما نشروا مثل هذه الأخبارِ لضربِ الأمةِ بعضها ببعضٍ ، ولإشاعة الوهَنِ والخوفِ والشكِّ في الأمة .
فلا يجوز بعد هذا قبول الأخبار إلا من الثقات العدولِ ، ثم بعد هذا ينظرُ في نشره حسب المصالحِ والمفاسدِ ، بعد الرجوع إلى أولياء الأمور ، وعلماء الأمة ، وأهل الحل والعقد فيها.
ومن أعظم الشواهد على تطبيق السلفِ - رحمهم الله - لهذه القاعدةِ العظيمة وقتَ الفتن :
ما رواه البخاري - رحمه الله - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كنت أقرئ رجالاً من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف فبينما أنا في منْزلِهِ بِمِنى ، وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها ، إذ رجع إلي عبد الرحمن فقال : لو رأيت رجلاً أتى أميرَ المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلاناً؟ فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة ، فتمَّتْ ، فغضب عمرُ ، ثم قال: إني - إن شاء الله - لقائم العشيةَ في الناس ، فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم ، قال عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين ، لا تفعل ، فإنَّ الموسمَ يجمع رَعاعَ الناس وغوغاءَهم ، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس ، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالةً يطيُّرها عنك كل مطيِّر ، وأن لا يعوها ، وأن لا يضعوها على مواضعها ، فأمهِل حتى تقدم المدينة ، فإنها دار الهجرة والسنة ، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس ، فتقول ما قلتَ متمكناً ، فيعي أهلُ العلم مقالتَك ، ويضعونها على مواضعها.
فقال عمر - رضي الله عنه - : والله - إن شاء الله - لأَقُومنَّ بذلك أوَّلَ مقامٍ أقومُه بالمدينة...الحديث.
ففي هذه القصة العظيمة بيانُ فقهِ الصحابة - رضي الله عنهم - ، وحرصُهم على سلامة الأمة من الفتن ، وذلك بحفظ الأمور العظام عن العوام والرَّعاعِ ؛ لأنهم لا قدرةَ لهم على حلِّها ، ولا فهمها ، بل ربَّما أدى علمهم بها إلى الفتن .
ولذلك أشار عبد الرحمن بن عوفٍ - رضي الله عنه - على عمرَ - رضي الله عنه - أن يحفظَ ما يريد قولَهُ عن عامة الناسِ ، ويخصَّ به أهل الفقه والشرف حتى يعوا مقالته ويضعوها على مواضعها ، واستيعاب عمر - رضي الله عنه - لذلك ، فلمَّا رجعَ المدينة ذكر ما أراده للناسِ .
وبهذا الفقه العظيم صار الصحابةُ - رضي الله عنهم- أماناً للأمة من الفتن ، فلمَّا ماتوا أصاب الأمة ما أصابهم.
والملاحظ الآن عكس هذا تماماً ، فإن كثيراً ممن يزعم الإصلاح في هذا الزمان يتكلَّمُ بكل شيء في كلِّ مكانٍ دونَ تمييزٍ ، ودون نظرٍ لعواقب الأمور، فما يكاد أحدهم يسمع خبراً ولا سيَّما الأخبارَ المتعلقةَ بمصالح الأمةِ ، وأحوالِ أولياء الأمور إلا وطار به ، ينشره في كل مجالٍ متاحٍ عن طريق الإنترنت ، وعن طريق الإذاعة أو عن طريق القنوات الفضائية ، وحتى عن طريق المجالس ، ففي أيِّ مكانٍ يهذي به ، دون أدنى تثبُّتٍ ، أو نظرٍ ، وما درى كم يفسد هذا الخبر على الأمةِ من أمورٍ! -ولا سيَّما إذا عرفتَ أن أعداء الأمة يتربصون بها الدوائر ، ويفرحون بمثل هذه الأخبارِ- حتى أوقعوا الناس في الحيرة والدهشةِ واليأس والقنوط ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وبهذا تعرف أهميَّة التثبتِ ، وحفظِ الأخبار ، ونقلِها إلى أهل الحلِّ والعقد دون سائر الناس ، بعد التأكدِ من صحتها . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 000
__________________
عبدالله الوهابي غير متواجد حالياً  
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
معلومات شاملة أبو ريم مجلس الإسلام والحياة 10 28-08-2008 07:14 AM
الاخطبوط الشيعي في العالم؟؟ ادخل ولن تندم ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 12 18-07-2008 04:21 AM
مختصر أصول العشائر العربية العراقية قحطان المجلس الـــــعــــــــام 15 17-11-2007 02:14 PM
موسوعة الصقور اللبيب مجلس الباديه والرحلات 3 26-02-2007 01:17 AM


الساعة الآن 10:02 AM

سناب المشاهير