مشرف مجلس التربية والتعليم
تاريخ التسجيل: Jul 2006
الدولة: نجد
المشاركات: 8,288
السلوك الإسلامي والصحة ... لايفوتك ! ستخرج بفائدة
السلوك الإسلامي والصحة
أثر الإسلام وتعاليمه فى الحفاظ على
صحة الفرد والمجتمع
للدكتور أحمد شوقي الفنجري
الكويت
العلاقة بين الدين والصحة:
يختلف الإسلام عن غيره من الأديان في أنه جاء للدين والدنيا معاً ... وأنه لم يأت فقط لتعليم الناس شئون الآخرة ولكنه أيضاً جاء لإقامة مجتمع مثالي على ظهر الأرض فانزل من السماء مباشرة كافة التعاليم لإدارة شئون هذا المجتمع فمنها تعاليم فى نظام الحكم وأخرى فى العلاقات الاجتماعية وأخرى فى النظام الاقتصادي وأخرى فى النظام الصحي...
اما الهدف من هذه التعاليم الصحية... فهو خلق المجتمع الصحي المنيع ضد الأمراض سواء منها المتوطنة أو الوافدة... وخلق الفرد السليم البدن والعقل... القادر على فهم الرسالة... وعلى تنفيذها..ثم على حملها وأدائها إلى البشرية كلها .
وهذه نبذة موجزة عن تعاليم الإسلام في المجالات الصحية ومدى فعاليتها في تحقيق هذا الهدف...
أولاً: النظافة والطهارة والوضوء:
لقد أمر الإسلام بالنظافة واعتبرها من الإيمان فنص على نظافة الناس في أجسامهم وملابسهم وعاداتهم... وعلى نظافة الشوارع والبيوت ونظافة الطعام والشراب ونظافة الشواطئ وموارد المياه... ولن تكفينا هذه العجالة لسرد كافة تعاليم الإسلام في النظافة ولسوف نوجز هنا بعض هذه المجالات :
1- نظافة الجسم فقد أمر الإسلام (بالغسل) أي الاستحمام... لثلاثة وعشرين سبباً (1) منها سبعة موجبة وستة عشرة مستحبة
2- في نظافة الأيدي : يقول r ("اغسل يديك قبل الأكل وبعده " (2) ويقول أيضا إذا قام أحدكم من نومه فليغسل يديه فلا يدري أحدكم أين باتت يداه " (3)
3- وكذلك نص على نظافة الرأس والأقدام وسائر الأطراف .
4- ونص على نظافة الثوب وأناقته "أحسنوا رداءكم وأصلحوا ركابكم (4) ".
5- ونص على نظافة الشراب والطعام فأمر بتغطية الآنية من الغبار والذباب (غطوا الإناء وأوكوا السقاء).
6- و نص على نظافة المساكن (نظفوا أفنيتكم ودوركم وعلى نظافة الشوارع (أن تميط الأذى عن الطريق لك ، صدقة) .
7- وأخيراً نص على نظافة مصادر المياه: كالآبار والأنهار وعلى نظافة شواطئها فمنع التبول أو التغوط فيها اتقوا الملاعن الثلاث التغوط في الموارد وفي الظل وفى الطريق الناس .
ويفضل مبدأ النظافة العامة الذي جاء به الإسلام... والذي إذا طبق في مجتمع القرن العشرين تطبيقاً سليما... نستطيع أن نقضي على أمراض النزلات المعوية... وأمراض التسمم الغذائي وأن نقضي على الحشرات الضارة كالذباب والصراصير وغيرها.
ثانياً : تعاليم الإسلام في مكافحة الأوبئة:
ذكرنا دور النظافة في مكافحة الأوبئة والآن نذكر تعاليم الإسلام عند حدوث الوباء:
أ- فقد أمر الإسلام بعزل المريض المعدي. وقال الرسول r في ذلك: ألا يورد ممرض على مصح أي لا يختلط المريض بمرض معد بغيره من الأصحاء فينقل إليهم العدوى .
2- كما نص على مبدأ الحجر الصحي للمرضى الذين لا يرجى شفاؤهم كالمجزومين (أجعك بينك وبين المجذوم قدر رمح أو رمحين) .
3- ونص الإسلام على قواعد التعامل مع الأوبئة كالكوليرا والطاعون والجدري إذا به معتم بالوباء بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه) .
4- وأخيراً شجع على كل وسيلة للوقاية من الوباء كالتطعيم فقد سئل الرسول عن محاولة الوقاية من المرض بالأدوية هل يمنع ذلك من قدر الله؟ فقال (بل هي من قدر الله).
ثالثاً: علم التغذية في الإسلام:
لقد اهتم الإسلام بغذاء المسلم من ثلاث نواح فبين له أولاً الأغذية المحرمة لضررها وبين ا" الأغذية الحلال وشجع عليها وأخيراً نظم له عادات الغذاء ومواعيده.
أ- الأغذية المحرمة:
يقول تعالى (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما كل السبع إلا ما ذكيتم ا) ".
وكل واحد من هذه المحرمات له حكمة علمية لا يجادل فيها أحد... وربما كان هناك جدل علمي حول أضرار لحم الخنزير والأمراض التي يمكن أن ينقلها إلى الإنسان بسبب قذارته وعاداته في طعامه... حيث يدعي البعض أن الخنزير أصبح في أوروبا يربى في حظائر نظيفة وتحت طبي فهل أمكن حقاً تجنب كل الأمراض أم أن هناك أمراضا لا يمكن تلافيها مثل زيادة الكلسترول في لحمه عن أي لحم آخر...؟ وتعرضه للتركيتا والسالمونيلا أكثر أي حيوان آخر… وغير ذلك كثير.
وقد حرم الإسلام الخمر أيضاً... قليلها... وكثيرها.،.. وضرر الخمر لا يختلف فيه اثنان... وربما كان الضرر الأخلاقي و المعنوي أخطر من الضرر الجسمي.
ب- الأغذية الحلال :
الإسلام دين الفطرة.. والأصل في تعاليمه الإباحة لكل الأطعمة إلا ما كان فيه ضرر كما ذكرنا... ولكن هناك أغذية يشجع الإسلام عليها لفائدتها للجسم... من ذلك لحم البر والبحر... والعسل والحليب... فقد جاء ذكر هذه المأكولات في القرآن من باب التشجيع لا الأمر.
والإسلام يعارض المذاهب النباتية التي تمنع أكل اللحوم لأسباب دينية ويعتبر ذلك تحريم ما أحل الله والحكمة في ذلك أن جسم الإنسان لا يستطيع أن يعيش سليما على النباتات وحدها لأن أمعاء الإنسان قصيرة عن أمعاء الحيوانات آكلة العشب. فهي لا تستطيع أخذ ما يكفيها من البروتينيات عن طريق الوجبة النباتية.
جـ - تنظيم الغذاء كما وتوقيتا :
- فقد نص الإسلام على عدم الإسراف في الطعام ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه ويقول تعالى:وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين .
- كما فرض الإسلام نظاماً للصوم لمدة شهر كل عام وليس هناك مجال للشك في فوائد الصوم الصحية والنفسية.
- وفي نفس الوقت فقد عارض الإسلام المذاهب التي تدعو إلى الزهد في الطعام أو كثرة الصيام إلى حد الضعف... فقال r لا صام من صام الدهر وقال أيضاً: " فى كل لقمة يتناولها المسلم صدقة).
رابعاً: التربية البدنية:
لقد أهتم الإسلام بالرياضة والتربية البدنية... لكي يخلق جيلاً قوي البدن قادراً على مشقة الحرب والجهاد وعلى مقاومة الأمراض فأمر المسلمين أن يعلموا أولادهم الرماية والسباحة وركوب الخيل، وفي ذلك يقول r علموا أولا الكم الرماية ومروهم فليثبوا على الخيل وثباً " ويقولr الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرمي ) وإذا كانت هذه أنواع الرياضة المعروفة على عهد الرسول r فمعنى ذلك تشجيع جميع أنواع الرياضة المعروفة في عصرنا.
خامساً : الصحة الجنسية في الإسلام :
تعتبر العلا قات الجنسية من أهم الأمور التي تؤثر في حياة الإنسان وبناء المجتمع... وبعض العلماء والباحثين يرون ان جميع تصر فات الإنسان وسلوكياته... يسيطر عليها عامل الجنس .
ومن هنا فإن الإسلام في معالجته لمشاكل الجنس لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وطرقها ووضع لها تنظيما ثابتاً ودقيقاً .
ا- فقد اهتم الإسلام بالثقافة والتربية الجنسية في أسلوب إعجازي مهذب يشرح للإنسان العلاقة الجنسية وتكوين الجنين.
" ألم يك نطفة من مني يمنى... ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى " .
فهذه الآيات إشارة إلى أن منى الرجل هو الذي يحمل عوامل الذكورة أو الأنوثة في الجنين. ويتحدث القرآن عن تكوين المنى:-
" خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب " ثم يشرح كيف يتطور الجنين من نطفة ثم علقة ثم مضغة وهكذا
2- أيضاً أهتم الإسلام بتعليم الإنسان كيف يتزوج ويبني أسرته فشجع على الزواج المبكر وبين كيفية اختيار الزوجة ونظم العلاقة الزوجية وبين ظروف الانفصال والطلاق وشروطه.
3- كذلك شرح الإسلام العلاقة الجنسية السليمة بين الزوجين وكيف يرضي كل منهما الآخر جنسياً حتى تستقيم الحياة الزوجية فعن جابر أن رسول الله r نهى عن المواقعة قبل المداعبة " (المطالب العالية) ويقول الرسولr (إذا جامع) أحدكم أهله فليصدقها... ثم إذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها (19)
4- وحرم الإسلام اللواط وإتيان المرأة من الدبر لما يسببه من أمراض.
5- وأمر بختان الذكور ولم يأمر بختان الإناث وكرهه.
6- وحرم الإسلام الزنا وفتح أبواب النكاح في الحلال كتعدد الزوجات.
7- واهتم الإسلام بالنظافة الجنسية فأمر بالاستنجاء بعد الغائط وحرم المباضعة أثناء الحيض وأمر بالطهارة بعد المباشرة... وأسر المرأة علاوة على الغسل بعد الحيض! أن تطهر أعضاءها وتغسلها.
سادسا: الإسلام والصحة النفسية:
يعتبر التوتر العصبي من أخطر المشاكل في القرن العشرين وخاصة في دول أوروبا. فكثيراً ما نسمع عن أصحاب ملايين انتحروا... وعن آباء أو أمهات أصيبوا بلوثة عائلية مفاجئة فاقتلوا أولادهم وأزواجهم وكل أهلهم.
وفي أخف الحالات هناك الملايين من البحر الذين يعيشون على المهدئات والمسكنات والمنومات لكي يستطيعوا ممارسة حياتهم اليومية... ولا يرجع ذلك إلى الأسباب البدائية المعروفة كالفقر أو المرض أو الجهل . فهذه الشعوب تتمتع بالرخاء الزائد وبأعلى نسبة من العلم والصحة..، ولكن السبب هو ما يسمى ا!لآن بالتوتر الحضاري وقد أجرى، الكثير من الدراسات حول أسبابه.... وأجمعت الآراء على أنها تتلخص فى الآتي :
طغيان المادية الفراغ الروحي والعقائدي- انعدام الدافع الأخلاقي والوازع الديني - انعدام التراحم والتعاون في المجتمع الحديث- الرخاء الزائد دون هدف إنساني ضجة المدينة...
هذه هي خلاصة عشرات التقارير التي أجرتها اللجان العلمية التي شكلت لمعرفة أسباب العنف والتوتر الحضاري في المجتمع الغربي .
وظاهر أن العلاج الحقيقي لكل هذه العوامل هو الدين، والدين الإسلامي بالذات، فالمجتمع الإسلامي هو الوحيد الذي تتلاحم في شئون الدين مع الدنيا والحياة الدنيا مع الآخرة.وإذا طبق الإسلام في عصرنا الحاضر تطبيقاً سليما عن فهم ودراسة ، وعلم لقضينا على جميع أسباب التوترـ الحضاري.
- فالمجتمع الإسلامي يقوم على المحبة والتعاون والأمان والتراحم بين الناس.
- والمجتمع الإسلامي يخلو من أسباب التوتر وبؤر الفساد كالخمر والقمار والزنا والمخدرات.
- والمجتمع الإسلامي يرفض اليأس والقنوط والانتحار ويحث على الصبر والإيمان والجهاد حتى النصر .
ومثل هذه التعاليم ومثل هذا المجتمع لا يمكن أن تظهر فيه أسباب التوتر الحضاري...
سابعاً: الأسلوب العقائدي في التربية الصحية :
لقد نجحت العقائد على مر العصور في تغيير ـ حياة الإنسان تغييراً جذرياً فكان لها فعل السحر وأتت بما يشبه المعجزات في فترة قياسية: بالعقائد توحدت شعوب متنافرة متفرقة وبالعقائد بعثت النهضة والقوة في شعوب كانت خاملة متخلفة .
العقائد المعروفة أربعة.-
العقيدة الدينية : كاليهودية والمسيحية والإسلام .
ثم العقيدة العنصرية. كالنازية والفاشية والصهيونية.
ثم العقيدة الاقتصادية: كالشيوعية والرأسمالية .
ثم أخيراً العقيدة الوطنية.
ولا شك أن أقوى العقائد جميعاً كانت دائما العقيدة الدينية لأنها لا ترتبط بالحياة الدنيا وحدها ولكمن أيضاً بالحياة الأخرى .
مما يجعل معتنقها أشد تقبلا لأوامرها وتضحية في سبيلها وتقيداً ويعتبر الإسلام أصدق وأقوى مثل على التأثير إلى العقائدي فى حياة الشعوب والأفراد، لأنه العقيدة الوحيدة التي نزلت منذ اللحظة الأولى فكراً وتطبيقاً وتشريعا وتنفيذا ودينا ودولة فى آن واحد...
وقد استطاعت تعاليم الإسلام في سنوات قليلة أن تغير كل شيء حياة عرب الجزيرة البدو الرحل، وأن تجعل من هؤلاء الجهلة المتنافرين أعظم أمة عرفها التاريخ في شتى نواحي الحياة.
اجتماعيا : أصبحوا مثلاً أعلى للوحدة والتعاون والتراحم وحسن الخلق .
وعسكرياً: اصبحوا مثلاً أعلى للشجاعة والانضباط العسكر ي وعبقرية التخطيط الحربي.
واقتصادياً: أصبحوا من أغنى الأمم وأكثرها عدالة فى التوزيع حتى كانت أموال الصدقات لا تجد من يحتاج إليها من فقراء المسلمين فترد الى بيت المال .
وفى مجال العلم : أيضاً أصبحوا مقدمة عصرهم في كل علوم الدنيا كالطب والفلك والمعمار الخ...
و ذا كانت العقيدة الإسلامية قد فعلت بالناس كان هذه المعجزات فجعلتهم يبذلون أرواحهم ودماءهم وأموالهم رخيصة في سبيل نصرها فكيف تفعل بهم لو طبقت أوامرها في مجال الصحة العامة ونظافة البيئة !؟
لقد بينا في الفقرات السابقة أن تعاليم الإسلام لم تترك باباً واحداً من أبواب الطب الوقائي إلا ووضعت فيه قواعد واضحة وصريحة ومحددة، وما علينا إلا أن نطرح للناس تلك الأوامر والحكمة الطبية من ورائها ، وأن نذكرهم بوجوب اتباعها وبحرمة مخالفتها، ويومئذ سنحصل على نتائج مذهلة مكافحة الأمراض التي تفشت في شعوبنا.
- فلو عام المسلم أن إهمال نظافة جسمه وملابسه حرام ومخالف للدين، وأن إلقاء القمامة في الشوارع والبيوت حرام ومخالف لنص صريح وان تلويث الطريق بالنجاسة كالبول والبراز أو حتى بإلقاء عظم أو شوك فى طريق الناس .
حرام، وأن تلويث الشواطئ وموارد المياه كالآبار والأنهار حرام، وأن ترك الطعام مكشوفاً وعرضة للذباب والميكروبات مخالف للدين، وأن المسلم المؤمن بالله إذا مرض بمرض معد ! ولو كان الأنفلونزا فعليه أن يعتزل مجالس الناس حتى لا ينقل العدوة إلى المسلمين رحمة بهم. وإذا ظهر الوباء بأرضه وكان فيها فلا يفر منها حتى لل يكون حامل ميكروب فينقل العدوى إلى البلد الآخر... وأن المسلم المؤمن لا يزني ولا يتعاطى الخمر ولا المغيبات حفاظاً على صحته ودينه... كل هذا إلى جانب عشرات التعاليم الوقائية والصحية التي يأسر بها الإسلام لو نقلت الى الناس بأمانة وشرحت لهم عن طريق الإعلام الديني وكجزء لا يتجزأ من تعاليم الدين فسوف يكون لها فعل السحر في مكافحة عشرات الأمراض الوبائية التي تفتك بأمتنا الإسلامية.
فمن طبيعة النفس البشرية أنها تستجيب للأوامر الدينية أكثر مما تستجيب للأوامر المدنية، وتلتزم بتعاليم السماء أكثر مما تلتزم بتعاليم البشر، فالعقيدة الدينية لهذا في النفس مكانة مقدسة تجعل الناس تطيع أوامر الدين لا خوفاً من النار والعقاب فحسب، ولكن عن محبة وتطوع وبنفس راضية ثم تقبل على تنفيذ هذه التعاليم بإخلاص وإتقان لأنها تشعران ذلك جزء من العبادة والتقرب إلى الله...
أما إذا كانت هذه الأوامر صادرة عن وزارة الصحة والتثقيف الصحي فلن يكون لها في نفوس الناس نفس الاستجابة والحماس، للتنفيذ والالتزام بها كما لو جاءتهم فى قالب عقائدي.
كيف أثمرت هذه التعاليم عندما طبقت ؟
إذا كان المسلمون اليوم يمرون بمرحلة تخلف صحي شديد فذلك قطعاً بسبب بعدهم عن تعاليم دينهم… وليس العيب في الدين نفسه فقد طبقت تعاليم الإسلام قروناً طويلة في عصور النهضة والحضارة الإسلامية فأثبتت هذه التعاليم مقدرتها على خلق المجتمع الصحي المثالي.
لقد كانت العواصم الإسلامية في عصور ازدهارها مثال النظافة والأناقة، كانت شوارعها ترصف بالحجارة وتكنس وتغسل كل يوم ليلاً بالفوانيس في وقت كانت شوارع أوروبا تضج بالقمامة والخنازير والحشرات...
وكان المسلم ينظر إليه كإنسان مثالي سابق لعصره... أنيق في ملبسه ومركبه وعاداته وطعامه..
وتذكر الدكتورة "سيجريد هونكة، في كتابها شمس العرب تطلع على أوروبا (21) أن الرحالة الأندلسي الطرطوسي في جولته في أوروبا كتب يصفهم "قد طالت لحاهم وشعورهم ولا يغسلون ملابسهم ولا يستحمون إلا مرة أو مرتين كل عام ".
وتدلنا مراجع التاريخ على أن المسلمين الأولين كانوا أطول عمراً مما هم عليه اليوم... وكان بعض من أصحاب الرسول r من المعمرين يخرج إلى الجهاد مع الجيش حتى القسطنطينية وهم في سن الستين أو السبعين... وذلك بسبب اتباعهم القواعد الصحية الإسلامية وبعدهم عن عوامل الفساد.
كذلك كانت الأوبئة الفتاكة والأمراض المعدية في العالم الإسلامي أقل بكثير منها في أوروبا في نفس المرحلة بل إن موجات الطاعون التي كانت تقضي على ربع سكان أوروبا كانت تنكسر حدتها عند حدود العالم الإسلامي... وفي هذا المجال يذق الطيب البريطاني "برنارد شو" في كتابه "حيرة الطيب " أن بريطانيا عندما استعمرت "جزر الساند يش " قد عملت بكل وسائل الضغط والإغراء علي تحويل سكانها من دين الإسلام إلى دين المسيحية حتى نجحت في ذلك ولكن كانت النتيجة هي انتشار الأمراض الفتاكة والأوبئة بينها وذلك كما يقول برنارد شو" بسبب بعدهم عن تعاليم الدين الإسلامي التي تقضي بالنظافة المطلقة في كل صغيرة وكبيرة إلى حد الأمر بقص الأظافر وتنظيف ماتحتها والعناية بدفن القلامات ".
الختام :
وختاماً نقول لو أن دولة واحدة في عصرنا الحاضر... وأقول دولة واحدة... قد طبقت تعاليم الإسلام الصحية عن فهـم عصري صحيح متنور لأصبحت هذه الدولة هي الأولى في العالم كله من حيث المستوى الصحي… ولأصبحت قدوة- لجميع دول العالم يقتدي بها... وصدق الله العظيم إذ يقول: " كنتم خير أمة أخرجت للناس " (23)... كنا... فمتى نصبح...؟