ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


مجلس الإسلام والحياة يهتم هذا القسم بجميع مايتعلق بديننا الحنيف

إضافة رد
قديم 09-03-2012, 10:45 AM
  #231
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

مشكور اخي منبع الطيب وتقبل الله منك

سلاح المؤمن

الخطبة الأولى

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده



يتقلب الناس في دنياهم بين أيام الفرح والسرور, وأيام الشدة والبلاء, وتمر بهم سنين ينعمون فيها بطيب العيش, ورغد المعيشة, وتعصف بهم أخرى عجاف, يتجرعون فيها الغصص أو يكتوون بنار البُعد والحرمان.

وفي كلا الحالين لا يزال المؤمن بخير ما تعلق قلبه بربه ومولاه, وثمة عبادة هي صلة العبد بربه, وهي أنس قلبه, وراحة نفسه.

في زمان الحضارة والتقدم, في كل يوم يسمع العالم باختراع جديد, أو اكتشاف فريد في عالم الأسلحة, على تراب الأرض, أو في فضاء السماء الرحب, أو وسط أمواج البحر, وإن السلاح هو عتاد الأمم الذي تقاتل به أعداءها, فمقياس القوة والضعف في عُرف العالم اليوم بما تملك تلك الأمة أو الدولة من أسلحة أو عتاد.

ولكن ثمة سلاح لا تصنعه مصانع الغرب أو الشرق, إنه أقوى من كل سلاح مهما بلغت قوته ودقته, والعجيب في هذا السلاح أنه عزيز لا يملكه إلا صنف واحد من الناس, لا يملكه إلا أنتم, نعم, أنتم أيها المؤمنون الموحدون, إنه سلاح رباني, سلاح الأنبياء والأتقياء على مرّ العصور.

سلاح نجى الله به نوحًا عليه السلام فأغرق قومه بالطوفان, ونجى الله به موسى عليه السلام من الطاغية فرعون, نجى الله به صالحًا, وأهلك ثمود, وأذل عادًا وأظهر هودَ عليه السلام, وأعز محمدًا في مواطن كثيرة.

سلاح حارب به رسول الله وأصحابه أعتى قوتين في ذلك الوقت: قوة الفرس, وقوة الروم, فانقلبوا صاغرين مبهورين، كيف استطاع أولئك العرب العزَّل أن يتفوقوا عليهم وهم من هم, في القوة والمنعة, ولا يزال ذلكم السلاح هو سيف الصالحين المخبتين مع تعاقب الأزمان وتغير الأحوال.

تلكم العبادة وذلك السلاح هو الدعاء.

أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((الدعاء هو العبادة)) ثم قرأ: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين [غافر: 60] .

وليعلم أن للدعاء أدابًا عظيمة حريٌ بمن جمعها أن يستجاب له, فمنها:

أولاً: أن يترصد لدعائه الأوقات الشريفة كيوم عرفة من السنة, ورمضان من الشهور, ويوم الجمعة من الأسبوع, ووقت السحر من ساعات الليل, وبين الآذان والإقامة وغيرها.

روى الترمذي وأبو داود وأحمد في مسنده ـ وحسنه ابن حجر ـ أن أنسًا رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((الدعاء لا يرد بين الآذان والإقامة))
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه قال: وهي ساعة خفيفة)) رواه البخاري ومسلم
ولهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له, ومن يسألني فأعطيه, ومن يستغفرني فأغفر له)) [رواه البخاري ومسلم].

ثانيًا: أن يغتنم الأحوال الشريفة كحال الزحف, وعند نزول الغيث, وعند إفطار الصائم, وحالة السجود, وفي حال السفر.

أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)) [رواه مسلم ].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما ـ في حديث طويل وفيه ـ قال عليه الصلاة والسلام: ((فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل, وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء فقمِنٌ أن يستجاب لكم)) رواه مسلم, أي حقيق وجدير أن يستجاب لكم.

وأخرج أبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة الوالد, ودعوة المسافر, ودعوة المظلوم)) [رواه احمد والترمذي].

وأخرج الترمذي وحسنه وابن ماجه والطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((ثلاث لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر, والإمام العادل, ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين)) [رواه الترمذي واحمد وابن ماجه].

ثالثًا: أن يدعو مستقبلاً القبلة رافعًا يديه مع خفض الصوت بين المخافتة والجهر, وأن لا يتكلف السجع في الدعاء, فإنَّ حال الداعي ينبغي أن يكون حال متضرع, والتكلف لا يناسب, قال تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون [البقرة: 186].

ذكر ابن حجر عن بعض الصحابة في معنى قوله تعالى: ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً [الإسراء: 110] أي لا ترفع صوتك في دعائك فتذكر ذنوبك فتُعير بها.

وقال ابن عباس رضي الله عنهما كما عند البخاري: "فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه, فإني عهدت رسول الله وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب[رواه البخاري]".

رابعًا: الإخلاص في الدعاء والتضرع والخشوع والرغبة والرهبة, وأن يجزم الدعاء ويوقن بالإجابة ويصدق رجاؤه فيه.

قال تعالى: إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدًا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرونتتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقونفلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون [السجدة: 14 ـ 16].

أخرج الترمذي والحاكم وقال: حديث مستقيم الإسناد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة, واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه)) [رواه الترمذي والحاكم ح وأحمد قال الهيثمي: وإسناده حسن ].

وروى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة, ولا يقولن اللهم: إن شئت فأعطني فإنه لا مستكره له)) [رواه البخاري].

قال ابن بطال: ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة, ولا يقنط من الرحمة, فإنه يدعو كريمًا, وقديمًا قيل: ادعوا بلسان الذلة والافتقار لا بلسان الفصاحة والإنطلاق.

خامسًا: أن يلح في الدعاء ويكون ثلاثًا ولا يستبطئ الإجابة, قال تعالى: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض [النمل: 62].

أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل, يقول: دعوت فلم يستجب لي)) [رواه البخاري ومسلم].

قال الداودي ـ رحمه الله ـ : على الداعي أن يجتهد ويلح ولا يقل: إن شئت، كالمستثني, ولكن دعاء البائس الفقير.

سادسًا: أن يفتتح الدعاء ويختمه بذكر الله تعالى والصلاة على النبي ثم يبدأ بالسؤال.

قال سبحانه: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها [الأعراف: 180].

أخرج النسائي وابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله جالسًا يعني ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد وتشهد دعا فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت, المنان, بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام, يا حي يا قيوم إني أسألك, فقال النبي لأصحابه: ((تدرون بم دعا؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم, قال: ((والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى)) [رواه الترمذي ح والنسائي وابن ماجه ].

وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن رسول الله كان يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل ((اللهم لك الحمد, أنت نور السموات والأرض, ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض, ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن, وأنت الحق ووعدك الحق, وقولك الحق, ولقاؤك حق, والجنة حق، والنار حق, والساعة حق, اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت, وإليك أنبت, وبك خاصمت, وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت, وأسررت وأعلنت, أنت إلهي لا إله إلا أنت))
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك )[رواه الترمذي].

قال أبو سليمان الداراني ـ رحمه الله ـ: من أراد أن يسأل الله حاجة, فليبدأ بالصلاة على النبي ثم يسأل حاجته ثم يختم بالصلاة على النبي فإن الله عز وجل يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما.

سابعًا: التوبة ورد المظالم والإقبال على الله عز وجل بكنه الهمة, وهو الأدب الباطن، وهو الأصل في الإجابة تحري أكل الحلال, كما قال الغزالي رحمه الله.

أخرج الطبراني والحاكم وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((من سره أن يستجاب له عند الكرب والشدائد فليكثر من الدعاء في الرخاء)) .

قال الأوزاعي ـ رحمه الله ـ : خرج الناس يستسقون فقام فيهم بلال بن سعد, فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: (يا معشر من حضر: ألستم مقرين بالإساءة؟, قالوا: بلى, فقال: اللهم إنا سمعناك تقول: ما على المحسنين من سبيل [التوبة: 91]. وقد أقررنا بالإساءة فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا, اللهم اغفر لنا, وارحمنا واسقنا), فرفع يديه ورفعوا أيديهم فسُقوا.

وقال سفيان الثوري: "بلغني أن بني إسرائيل قحطوا سبع سنين حتى أكلوا الميتة من المزابل وأكلوا الأطفال, وكانوا كذلك يخرجون إلى الجبال يبكون ويتضرعون فأوحى الله إلى أنبيائهم عليهم السلام: لو مشيتم إليَّ بأقدامكم حتى تَحْفَى ركبكم وتبلغ أيديكم عنان السماء وتكل ألسنتكم من الدعاء فإني لا أجيب لكم داعيًا, ولا أرحم لك باكيًا حتى تردوا المظالم إلى أهلها, ففعلوا فمطروا من يومهم". والتوجيه النبوي يقول: ((أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة)) [رواه الطبراني].


الخطبة الثانية

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده



أيها المؤمنون:

الدعاء من أعظم العبادات, فيه يتجلى الإخلاص والخشوع, ويظهر صدق الإيمان, وتتمحص القلوب, وهو المقياس الحقيقي للتوحيد, ففي كلامٍ لشيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: إذا أردت أن تعرف صدق توحيدك فانظر في دعائك.

أخرج الطبراني وأبو يعلى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إن أعجز الناس من عجز عن الدعاء, وأبخل الناس من يبخل بالسلام...))

وأنت أيها المبارك مأجور في دعائك, موعود بالإجابة.

أخرج الترمذي وأبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه بدعوة أن يردهما صفرًا ليس فيهما شيء)).

واخرج الترمذي ـ وقال: حسن صحيح غريب ـ عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها, أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم)) فقال رجل من القوم: إذا نكثر قال: ((الله أكثر)) . فبكلٍ أنت غانم رابح, مأجور مشكور.

والدعاء كريم على الله, عظيمٌ قدره عنده سبحانه, أخرج الترمذي والبخاري في الأدب المفرد والطبراني والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء)) .

واسمع إلى النداء الرباني, فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي, يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي, يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة)) [رواه الترمذي].

الله أكبر, ولا إله إلا الله, إذن فابشروا وأقبلوا، وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة, انطرحوا بين يديه, وارفعوا حاجاتكم برداء الذل والمسكنة, ومرغوا الأنوف والجباه, واهتفوا باسمه فثم السعادة والأمان.

أعوذ بالله من الشيطان الرحيم: إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمينادعوا ربكم تضرعًا وخفية إنه لا يحب المعتدينولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفًا وطمعًا إن رحمت الله قريب من المحسنين [الأعراف: 54 ـ 56].
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 15-03-2012, 10:37 AM
  #232
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

الصلاة الصلاة

الخطبة الأولى

الحمد لله ...........

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو ذر رضي الله عنه يحدث أن رسول الله قال: ((فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطِسْتٍ من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا فأفرغه في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا، فلما جئت إلى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء: افتح، قال: من هذا؟ قال: جبريل، قال: هل معك أحد؟ قال: نعم معي محمد ، فقال: أرسل إليه؟ قال: نعم، فلما فتح علَونا السماء الدنيا فإذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة، إذا نظر قِبَل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح، قال: قلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا آدم وهذه الأسودة عن يمينه وشماله نسم بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر عن شماله بكى. ثم عُرِجَ بي إلى السماء الثانية فقال لخازنها: افتح، فقال له خازنها مثل ما قاله الأول ففتح، قال أنس: فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم، ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال أنس: فلما مر جبريل والنبي بإدريس قال: مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح، فقلت: من هذا؟ قال: إدريس. ثم مررت بموسى فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح، فقلت: من هذا؟ قال: هذا موسى. ثم مررت بعيسى فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح، قلت: من هذا؟ قال: هذا عيسى. ثم مررت بإبراهيم فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت: من هذا؟ قال: هذا إبراهيم. قال النبي : ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام، ففرض الله على أمتي خمسين صلاة، فرجعت بذلك حتى مررت على موسى عليه السلام فقال: ما فرض الله على أمتك؟ قلت: فرض خمسين صلاة، قال موسى: فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فرجعت فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى قلت: وضع شطرها، فقال: ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فرجعت فوضع شطرها، فرجعت إليه فقال: ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعته فقال: هي خمس وهي خمسون لا يبدّل القول لديّ، فرجعت إلى موسى فقال: ارجع إلى ربك، قلت: قد استحييت من ربي. ثم انْطُلِقَ بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى، فغشيها ألوان لا أدري ما هي. ثم أُدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها من المسك)) رواه البخاري في صحيحه.

في هذا المقام الشريف وفوق تلك السموات وبين أولئك الكرام من الأنبياء والملائكة عليهم السلام فرضت هذه الشعيرةُ العظيمة التي اختصها الله من دون غيرها بذلك، فلم ينزل بفرضيتها ملك من السماء، بل عرج بالنبي إلى السماء ليتلقى الأمر بها من الله تعالى مباشرة، فأي منزلة تلك؟! وأي شأن ذاك لهذه الصلاة؟! ولذا كانت أولَ عمل يحاسب عليه العبد يوم القيامة، ولا غرابة حينئذ أن يقول عنها: ((وجعلت قرة عيني في الصلاة)).

أيها الإخوة المؤمنون، إن مما يبين عن مكانة الصلاة ومنزلتها أنها ذكرت في القرآن الكريم في خمسة وستين موضعًا، منها قوله تعالى في وصف المتقين: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة [البقرة:3]، وقوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ [فاطر:29].

وفي السنة قد تضافرت الأحاديث في شأنها، فقد ذكرت في مائة وثمانية وسبعين حديثًا، منها قوله : ((اعلم أنك لا تسجد لله سجدة إلا رفع الله لك بها درجة وحط عنك بها خطيئة))، وقال : ((إن العبد إذا قام يصلي أتي بذنوبه كلها فوضعت على رأسه وعاتقه، فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه))، بل تأمل قوله : ((تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود؛ حرّم الله على النار أن تأكل أثر السجود)). والصلاة من أحب الأعمال إلى الله عز وجل وأثقلها في موازيين العبد يوم القيامة، قال : ((صلاة في إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين)).

أيها المؤمنون، كم نقع في الذنوب، كم نقارف من الآثام، كم نضيع من الطاعات، ولكن من رحمة الله تعالى أن الصلاة تغسلها وتمحوها، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((تحترقون تحترقون ـ أي: تقعون في الهلاك بسبب الذنوب الكثيرة ـ فإذا صليتم الصبح غسَلَتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا))، وذات يوم خرج النبي في الشتاء وورق الأشجار يتهافت، فأخذ بغصن من شجرة وقال: ((يا أبا ذر، إن العبد المسلم ليصلي الصلاة يريد بها وجه الله فتهافت عنه ذنوبه كما يتهافت هذا الورق عن هذه الشجرة)).

أيها المؤمنون، إن دقائق العمر وساعات الحياة ثمينة، والرابح فيها من عمرها بالطاعة قبل عدم الاستطاعة، ووالله إن أعظم ما يفقده أهل القبور ويتمنونه هذه الصلاة، مرّ النبي يومًا بقبر فقال: ((من صاحب هذا القبر؟)) فقالوا: فلان، فقال: ((ركعتان أحب إلى هذا من بقية دنياكم)).

إن مَن فقه هذا الأمر عَلِم شأن الصلاة وعظَّم قدرَها عند الله وعظُم عنده أمر الآخرة فسعى إليها ووصل ليله بنهاره في طلب مبتغاه، وتأمل أحوال السلف الذين قدروا هذا الأمر حق قدره:

فهذا عدي بن حاتم رضي الله عنه يقول: "ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا متوضئ"، ومسروق بن الأجدع يقول: "ما بقي شيء يرغب فيه إلا أن تعفر وجوهنا في التراب، وما آسى على شيء إلا على السجود لله تعالى"، وكان زين العابدين علي بن الحسين يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات، بل كان حرصهم على الصلاة يفوق الوصف، يقول سعيد بن المسيب: "ما فاتتني الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة"، بل يقول: "ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد"، ولقد قال إبراهيم بن يزيد: "إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه"، بل بلغ من حرصهم على شهود الجماعة أن أحدهم وهو في سياق الموت يذهب به إلى المسجد، سمع عامر بن عبد الله بن الزبير المؤذن وهو يجود بنفسه فقال: "خذوا بيدي"، فقيل: إنك عليل فقال: "أسمع داعي الله فلا أجيبه؟! فأخذوا بيده فدخل مع الإمام في المغرب فركع ركعة ثم مات.

فاتقوا الله عباد الله، واعرفوا عِظَمَ قدر الصلاة، واحرصوا عليها رحمني الله وإياكم، وأكثروا من التوبة والاستغفار، فإن الله يحب التوابين والمستغفرين والمنيبين.







الخطبة الثانية


الحمد لله، عَظُمَ شأنه، ودام سلطانه، أحمده سبحانه وأشكره، عم امتنانه، وجَزَلَ إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، به علا منار الإسلام وارتفع بنيانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فإن من أخطر الأمور التي تساهل فيها طائفة من الناس ترك الصلاة والتهاون فيها وتأخيرها عن وقتها، وتلك عياذًا بالله دلالة الخسران والبوار وتشبه بالمنافقين الفجار الذين قال الله عنهم: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى [النساء:142]، وقال: وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى [التوبة:54]، وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59]، ولما ذكر الله تعالى أهل النار أخبر عن سبب عذابهم فقال: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر:42، 43].

وقال عبادة بن الصامت : أوصاني خليلي رسول الله بسبع خصال، وذكر منها: ((ولا تتركوا الصلاة، فمن تركها متعمدًا فقد خرج من الملة))، وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : ((بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة))، وعن عبد الله بن عباس قال: لما قام بصري ـ أي: ذهب ـ قيل: نداويك وتدع الصلاة أيامًا، قال: لا، إن رسول الله قال: ((من ترك الصلاة لقي الله وهو عليه غضبان)).

ولقد هم النبي أن يحرّق بيوت المتخلّفين عن الصلاة لولا ما فيها من النساء والذرية، وجاء في حديث الرؤيا الطويل من رواية سمرة بن جندب أن رسول الله قال: ((وإنا أتينا على رجل مضطجع وآخر قائم عليه بالصخرة فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ها هنا، فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصحّ رأسه كما كان، ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى، وحين سئل عن هذا قيل له: هو الرجل يأخذ بالقرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة)).

وقال علي بن أبي طالب : (من ترك صلاة واحدة متعمدًا فقد برئ من الله وبرئ الله منه)، وقال ابن مسعود : (من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف).

قال ابن القيم رحمه الله: "لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدًا من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر، وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة، وقد كان عمر بن الخطاب يكتب إلى الآفاق: إن أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ولا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، والصلاة أول فروض الإسلام، وهي آخر ما يفقد من الدين، فهي أول الإسلام وآخره، فإذا ذهب أوله وآخره فقد ذهب جميعه" اهـ.

وكم يأسى ويحزن المؤمن حين يرى فئامًا من المسلمين تضيق بهم أماكن اللهو واللعب وتغصُّ بكثرة من يفد إليها من كل حدب وصوب، بينما تهجر بيوت الله التي قال الله فيها: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [النور:36]، ولو أعطي هؤلاء شيئًا من حطام هذه الدنيا ليشهدوا الصلاة لما تخلّف عنها أحد ولم تكد تسعهم المساجد والجوامع على كثرتها، وفي الحديث: ((والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم. والذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم أنه يجد عِرقًا سمينًا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء)).

نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب. اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة...

__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 29-03-2012, 06:56 AM
  #233
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تسليماً.

قالت أم هشام بنت الحارث بن النعمان: ما حفظت (ق) إلا منْ في رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مما يخطب بها على المنبر.

عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت لقد كان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا سنتين أو سنة وبعض سنة وما أخذت (ق والقرآن المجيد) إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس.
فإحياءا لهذه السنة سنخطب بما خطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم
ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)
بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2)
أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)
قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4)
بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ (5)
أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6)
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7)
تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ (8)
وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9)
وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ (10)
رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11)
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12)
وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13)
وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14)
أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15)
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)
إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)
مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)
وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19)
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20)
وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21)
لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)
وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23)
أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24)
مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ (25)
الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26)
قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27)
قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28)
مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29)
يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (30)
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31)
هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32)
مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33)
ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34)
لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)

سمعتم كلام ربنا جل في علاه واستغفرالله لي ولكم فاتسغفروه انه هو الغفور الرحيم

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ (36)
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)
وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (38)
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39)
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)
وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (41)
يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42)
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43)
يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44)
نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ (45)

اللهم اعز الاسلام والمسلمين.............. الدعاء
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 27-04-2012, 10:45 AM
  #234
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

الاهتمام بتربية فلذات الاكباد

الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تسليماً.

عن أنس قال: قال رسول الله : ((إن الله سائل كل راع عما استرعاه: أحفظ ذلك أم ضيعه؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته)) رواه النسائي وابن حبان.

أيها الإخوة المسلمون، شباب اليوم هم رجال الغد وأمل المستقبل، وهم ثروة البلاد، وهم عدتها وعتادها وجنودها ورجالها. وإذا أردنا أن يكون أولادنا قرة لعيوننا وبهجة لقلوبنا فلا بد أن نرعاهم رعاية خاصة ونعطيهم كل اهتمامنا ونجعلهم أكبر همنا، فهم اليوم أمانة في أعناقنا، وغدا نسأل عنهم يوم القيامة؛ ولذلك نجد أن أمنية عباد الرحمن هي أن يرزقهم الله بذرية طيبة، يقول الله جل وعلا: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74].

ولا يمكن للولد أن يكون قرة عين لأبيه إلا حينما ينشِّئه على الدين، ويحافظ عليه، ويحسن تربيته، ويتابعه في كل مرحلة من مراحل حياته، لا يتخلى عنه بأي حال من الأحوال. فالطفل يولد على الفطرة السليمة كما أخبرنا المصطفى عليه السلام، ولكن قد يأتيه الخلل من داخل البيت أو من خارجه، فيتحول الطفل من الفطرة السليمة إلى الانحراف المدمر.

نعم قد يبدأ انحراف الأولاد من البيت؛ لأن بعض البيوت ـ وللأسف ـ تدمر أخلاق الطفل؛ لأن بعض الآباء والأمهات جعلوا أولادهم آخر ما يفكرون فيه، فالأب مشغول والأم لاهية والبيت تدخل فيه المنكرات ولا أحد يدري, الخدم يعبثون في البيوت ويقومون بأعمال مشينة أمام الأولاد، فتنغرس هذه الأخلاق السيئة في ذهن الطفل الصغير الذي لا يميز، فتصبح جزء من سلوكه وأخلاقه. فنحن حينما نرى صبيّا يتسكع في الشوارع أو يدخن أو يأتي المنكرات أو يجهل دينه فلا تتعجبوا من الطفل، بل تعجبوا من ولي الأمر الذي وصلت به الغفلة والإهمال إلى هذا الحد وهو لا يدري عن ولده شيئا.

إهمال الأولاد ـ أيها الإخوة ـ يعرضهم إلى الضياع والانحراف, وأسوأ أنواع الإهمال حينما يعتمد الوالدان على الخدم في تربية أولادهم, فالخادمة هي التي ترضع الولد، وهي التي تطعمه، وهي التي تحمله وتحتضنه، وهي التي تنام معه، وهي التي تغسله وتنظفه، وهي التي تصنع له كل شيء إلى درجة أنه لم يبق للأم دور في حياة ولدها. هنا تتحطم نفسية الطفل؛ لأنه فقد أهم شيء بالنسبة له وهو حنان الأم وعطفها.

فترة الطفولة هي من أهم مراحل التربية والتعليم، ومع ذلك ضاعت حياة الطفل؛ لأنه قضى طفولته وهو يتنقل من خادمة إلى خادمة؛ ولذلك إذا أردنا أولادًا صالحين يكونون رحمة لنا في الدنيا ويشفعون لنا في الآخرة علينا أن نحرص على تربيتهم منذ الصغر. وأول شيء نبدأ به هو أن نعتمد على الله، ندعوه ونتوسل إليه بأن يرزقنا أولادًا صالحين، يقول الله سبحانه: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ [آل عمران:38].

ومن الأشياء التي تعين على صلاح الأبناء أن يجلس ولي الأمر مع أولاده يسمع منهم، ويكلمهم ويتقرب إليهم ويرشدهم إلى ما فيه الخير، ويحذرهم من الشر، ويشعرهم بعطفه واهتمامه، ويفتح لهم صدره، أما أن ينشغل الأب عن أبنائه فلا يراهم ولا يرونه فهذا خطأ كبير.

ومن الأمور المهمة أن يغرس الوالدان الإيمان في نفوس أولادهم، الإيمان بالله واليوم الآخر، والإيمان بالرسل واحترامهم، والإيمان بالقرآن والعمل به، وهكذا يتعلم أصول الدين.

وأيضا لا بد وأن نعوّده على الصلاة منذ الصغر، ندعوه إلى الصلاة بالحكمة واللين، ونرغبه بالصلاة ونشجعه عليها، ونتابعه في صلاته كما نتابعه في دراسته بل وأكثر من ذلك، فالنبي أرشدنا إلى ذلك، فعن عبد الله بن عمرو قال: قال النبي : ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع)) رواه أحمد وأبو داود والحاكم.

ومن الأشياء المهمة في التربية أن يكون الوالدان قدوة حسنة لأولادهما؛ لأن الطفل أول ما ينظر ينظر إلى والديه، فعليهم أن لا يظهروا أمام أولادهم إلا بما يليق، ولا يأمر الوالد أولاده بشيء ويخالفه، ولا ينهى عن شيء ويأتيه. ولا بد للوالدين أن يغرسا في أولادهم الأخلاق الحميدة، كالصدق والوفاء والكرم والعفة واحترام المواعيد، فالصدق أساس الأخلاق وهو يهدي إلى البر، والكذب أساس الفجور وهو يهدي إلى النار.

ومن الأمور المهمة أن يتعرف الوالدان على أصدقاء أولادهم، فالطيور على أشكالها تقع، فمن صاحب الأخيار كان منهم، ومن صاحب الأشرار صار منهم. فعلينا أن نشجع أولادنا على مصاحبة الأخيار، ونحذرهم من رفقة السوء، عن أبي هريرة قال: قال النبي : ((الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)) رواه أبو داود والترمذي، وعن أبي هريرة قال: قال النبي : ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) رواه البخاري في الأدب المفرد ومسلم.






الخطبة الثانية
الحمدلله .....................

إخوة الإسلام، ومن لم يتعب في تربية أبنائه وهم صغار سوف يتعب معهم إذا كبروا وانحرفوا، ومن زرع في البداية خيرا سوف يحصد خيرا في النهاية.

جاء رجل إلى عمر بن الخطاب يشكو إليه عقوق ولده، فأمر عمر بإحضار الولد، وأنّبَ عمر الولد لعقوقه لأبيه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على أبيه؟! قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب ـ أي:القرآن ـ، قال الولد: يا أمير المؤمنين، إن أبي لم يفعل شيئا من ذلك؛ أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جعلا، ولم يعلمني من الكتاب حرفا واحدا، فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت تشكو عقوق ابنك وقد عققته من قبل أن يعقَّك، وأسأت إليه من قبل أن يسيء إليك.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].

__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 13-06-2012, 11:12 PM
  #235
عائض بن علوان
عضو
تاريخ التسجيل: Jun 2012
المشاركات: 51
عائض بن علوان is on a distinguished road
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

جزاك الله خير على ماقدمته والله لايحرمك الاجر والمثوبه والله لايهينك والله يعطيك العافيه
دمتم في حفظ الله ورعايته


عائض بن علوان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 14-06-2012, 06:21 AM
  #236
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تسليماً.
أما بعد:

أيها المؤمنون :فقد أعظم لله تعالى المنة على البشرية عنما بعث محمدا صلى لله عليه وسلم ،وبدأ الرسول بالدعوة إلى لله ولكن دعاة الضلالة والجاهلية .

ولو رجعنا إلى بدايته مع قومه لرأينا صورة من صور الصراع بين الحق والباطل ، متمثلا بموقف قريش من دعوة محمد ورأينا الأحداث تتلاحق ، والاضطهاد الوثني يزداد عنفاً وشراسة ، ويزيده فتكا وإيلاما وفاة سندين بشريين للرسول ، هما : زوجه خديجة وعمه أبو طالب ، كما لم يستجب له أحد في رحلته إلى الطائف، وكأن إرادة الله كانت تعِد من وراء الظلام الدامس بالفجر القادم الذي لا ريب فيه: ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله .

في هذا الفترة جاءت حادثة الإسراء والمعراج تثبيتا لرسول الله على طريق الدعوة ، وتكريما في أعقاب سنين طويلة من العمل والدعوة ، رفعه الله إلى قلب السماوات وأطلعه على جوانب الإعجاز الإلهي الباهر في الكون الكبير .

سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى الأقصا الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير . ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذا يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى .

ويقصد بالإسراء : تلك الرحلة العجيبة التي بدأت من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالمقدس ، ويقصد بالمعراج ما جاء بعدها من ارتفاع في أطباق السماوات حتى الوصول إلى مستوى تنقطع عنده علوم الخلائق ولا يعرف حقيقته أحد ثم العودة إلى المسجد الحرام ، في ليلة واحدة في ساعة واحدة ، ليري الله نبيه بعض آياته: لنريه من آياتنا الكبرى .

هذه الرحلة التي اختلف فيها الناس بين مصدق ومكذب ومؤمن وجاحد ، ومؤمن بالبعض وكافر ببعض ، لقد كانت رحلة بالروح والجسد معا ، وكذب بها بعض الناس لأنهم أرادوا أن تجول عقولهم العاجزة القاصية في كل شيء ، حتى في أمور الغيب ، فإن هذا العقل البشري لا يستطيع أن يحيط بكل ما في هذا الكون من أسرار ، وحسب العقل أن يقف مؤمناً أمام هذه الرحلة التي طوى لله فيها لنبيه الزمان والمكان ليريه من آياته الكبرى .

وقد حدث النبي عن رحلته تلك بالحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري وغيره بينما أنا في الحطيم إذا أتاني آت ، فشق ما بين هذه وهذه ، ثم استخرج قلبي ثم أتيت بإناء أو طشت من ذهب مملوءة إيماناً فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد ، ثم أتيت بالبراق ، يضع خطوه عند أقصا طرفه فحملت عليه ، فانطلق بي جبريل حتى أتيت بيت المقدس ثم دخلت فصليت فيه بالأنبياء ركعتين ، ثم صعد بي جبريل إلى السماء الدنيا ، فاستفتح جبريل واستأذن ومعه رسول الله وصعد في السماوات العلى ورأى آدم عليه السلام ويحي وعيسى ويوسف وأدريس وهارون وموسى وإبراهيم . . كل منهم يستقبل الرسول بقوله : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، وفي طريقه قبل العروج أتاه جبريل بإناء من خمر وإناء من اللبن ، فاختار اللبن ، فقال جبريل : أصبت الفطرة . ثم علا حتى جاء سدرة المنتهى (ودنا الجبار رب العزة فتدلى ) ، حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى الله إليه فيما يوحي خمسين صلاة على أمته في اليوم والليلة وطلب التخفيف من ربه ، بعد إشارة موسى عليه السلام ، فقال : يا رب خفف عنا ، فإن أمتي لا تستطيع هذا. . . فقال الجبار تبارك وتعالى : يا محمد ، إنه لا يبدل خمسون في أم الكتاب ، فكل حسنة بعشر أمثالها ، فهي خمسون في أم الكتاب ، وهي خمس عليك .

وقد رويت أحاديث كثيرة عما رأى رسول الله من صور شتى لأجزية الصالحين والطالحين كأولئك الذين لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم ، أولئك الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ، وكذلك جزاء آكلي الربا وجزاء الزناة وآكلي أموال اليتامى ظلما .

وفي صبيحة اليوم التالي غدا رسول الله على قريش ، فأخبرهم الخبر ، فقال أكثر الناس هذا والله الأمر العجب ، والله إن العير لتطرد شهرا من مكة إلى الشام مدبرة وشهرا مقبلة ، أفيذهب محمد ذلك في ليلة واحدة ويرجع إلى مكة ؟ وذهب الناس إلى أبي بكر يخبروه بما قال صاحبه فقال : والله لئن كان قاله لقد صدق ، فما يعجبكم في ذلك ؟ فوا الله إنه ليخبرني أن الخبر يأتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه !!.

بهذا أبعد مما تعجبون منه ، وأقبل على رسول الله وسأله : يا نبي الله أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس ؟ قال نعم ، قال يا نبي الله فصفه لي ، قال فرفع لي بيت المقدس حتى نظرت إليه ، ثم راح يصفه لأبي بكر وأبو بكر يقول : صدقت أشهد أنك رسول الله ، حتى إذا الرسول صلى لله عليه وسلم من وصفه ، التفت إلى صاحبه وقال : أنت يا أبا بكر الصديق .

وفي الإسراء والمعراج أيها الاخوة : نلمح أواصر القربى بين الأنبياء كلهم الذين أمرنا الله بالإيمان بهم جميعا وهم الذي بادلوا النبي التحيات والدعوات قائلين : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح .

وفي ليلة الإسراء والمعراج تأكدت الصفة الأولى لهذا الدين وهي أنه دين الفطرة ، وقد قال جبريل للرسول عندما شرب اللبن : هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك .

وفي الإسراء والمعراج تأكدت الطهارة والصلة بالله في فريضة الصلوات الخمس .

وفي ليلة الإسراء والمعراج ثم ذلك الربط بين أفراد الأمة المسلمة كلها عبر الرباط ما بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى رسول الله .

وفي الإسراء والمعراج رأى النبي ورأى المؤمنين طرفا من آيات الله الكبرى في ملكوت السماوات والأرض جعلهم يؤمنون بقدرة الله تعالى ، وبذلك تبين إيمان الصادقين وغير الصادقين ، وصدق الله العظيم إذ يقول: ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون .

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض . . . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وبعد :

إن خير الكلام كلام الله . . . وإن هدي النبي الحث على صلاة الجماعة وتأكيد وجوبها وبيان فضلها .

فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : (( صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وسوقه خمسا وعشرين ضعفا ، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا صلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة ، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه مادام في مصلاه ما لم يحدث ، تقول : اللهم صل عليه اللهم ارحمه ، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة )) .

ولما أتى رجل أعمى إلى النبي يقول : يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فرخص له النبي أن يصلي في بيته ولما ولى دعاه فقال هل تسمع النداء في الصلاة ؟ قال: نعم قال : فأجب .

وفي حديث أبي الدرداء قال سمعت رسول الله يقول: (( ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان ، فعليكم بالجماعة ، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية )).

وقال : ((من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر)).

فالصلاة جماعة في المساجد فرض لا يجوز التخلف عنها إلا لعذر يجوز معه ترك الجماعة والجمعة .

فحافظوا أيها المسلمون على هذه الصلوات تنالوا الأجر والثواب وتخالفوا المنافقين الذين لا يعتادون المساجد ولا يرفعونها بذكر الله وبالصلاة .



__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 25-06-2012, 02:25 PM
  #237
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

شعبان وفضائله

شهر شعبان وفضائله


نحمد الله تبارك وتعالى على أن مد في أعمارنا وأنعم علينا حتى أظلنا شهر شعبان ، ذلك الشهر الكريم الذي أحاطه الله عز وجل بشهرين عظيمين هما : شهر رجب الحرام ، وشهر رمضان المبارك ، وقد قيل أن شعبان سمي بهذا الاسم لأنهم كانوا يتشعبون في الغارات بعد أن يخرج شهر رجب الحرام أو لتشعبهم في طلب الماء ، والأول أولى وأرجح .

وشهر شعبان من الأشهر القليلة التي يهتم بها المسلمون الآن ، أما سلفنا الصالح فكانوا يهتمون به .. بصومه وقراءة القرآن وغير ذلك من أعمال رمضان ، اقتداءً برسول الله صلي الله عليه وسلم ، و باعتباره مدخلا لشهر رمضان ، ثم درج الخلف على الاهتمام فيه ببدع ما أنزل الله بها من سلطان ، خاصة في ليلة النصف من شعبان ، فيخصونها بقيام واحتفالات بزعمهم انها ليلة الاسراء والمعراج
فينبغي للمسلم ـ شكرا لنعمة الله عليه ــ اغتنام تلك الأيام الفاضلة والأوقات الشريفة ، بالأعمال الصالحة ، وأن يضع في ميزان أعماله اليوم ، ما يسره أن يراه فيه غدا ، "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً..."( آل عمران) مخلصا لله تبارك وتعالى ، متأسيا فيها برسول الله صلي الله عليه وسلم
فما هو هديه صلي الله عليه وسلم فى هذا الشهر ؟
هديه صلي الله عليه وسلم فى صيام شعبان :
عَنْ أُمُّنَا عائشة رضي الله عنها قالت : " مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم فِي شَـهْرٍ أَكْثَرَ صـِيَامًا مِنْهُ فِي شـَعْبَانَ كَانَ يَصُومُهُ إِلا قَلِيلا بَلْ كَانَ يَصُـومُهُ كُلَّهُ" والمعنى أنه صلي الله عليه وسلم كان يكثر من الصوم تطوعا فى شعبان وغيِرِه , وكان صيامه في شعبان أكثر من أى شـهر فى العام خلاف رمضان طبعا ، بل إنه فى بعض السنوات كان يصوم شعبان كله ، فقد أخرج الإمام أحمد رضي الله عنه فى مسنده عن أم سلمة رضي الله عنهاعن النبي صلي الله عليه وسلم : " أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنْ السَّنَةِ شَهْرًا تَامًّا يُعْلَمُ إِلا شَعْبَانَ يَصِلُ بِهِ رَمَضَان "


وأخرج أيضا الإمام مسلم عن أبى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : " لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فِي الشَّهْرِ مِنْ السَّنَةِ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ وَكَانَ يَقُولُ خُذُوا مِنْ الأعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَلَّ حَتَّى تَمَلُّوا وَكَانَ يَقُولُ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ قَلَّ "
وحديث أبي سلمة هذا يبين أن المراد في حديث أم سلمة رضي الله عنها أنه صلي الله عليه وسلم لم يكن يصوم من السنة شهرا تاما ــ غير رمضان ــ إلا شعبان ، كان يصومه كلَّه يصله برمضان فى بعض السنوات ، وفى بعضها الآخر يصومه إلا قليلا
وذلك رحمة بأمته ، حتى لا يظنوا أن صيام شعبان فرض عليهم ، ولذلك ختم صلي الله عليه وسلم الحديث بقوله : " خُذُوا مِنْ الأعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَلَّ حَتَّى تَمَلُّوا وَكَانَ يَقُولُ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ قَلّ".
ففي الحديث إشارة إلى أن صيامه صلي الله عليه وسلم لا ينبغي أن يتأسى به فيه إلا من أطاق ما كان يُطيق , وأن من أجهد نفسه في شيء من العبادة خُشي عليه أن يمل فيفضي إلى تركه , والمداومة على العبادة وإن قلت أولى من جهد النفس في كثرتها إذا انقطعت , فالقليل الدائم أفضل من الكثير المنقطع " فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَلَّ حَتَّى تَمَلُّوا "
والإملال هو استثقال النفس من الشيء ونفورها عنه بعد محبته ، وقيل إن معناه أن الله لا يمل أبدا وإن مللتم .. ولو مللتم ، وقيل معناه أن الله لا يمل من الثواب ما لم تملوا من العمل ، أي لا يقطع الإقبال عليكم بالإحسان " حَتَّى تَمَلُّوا "في عبادته.

فـ " خُذُوا مِنْ الأعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَلَّ حَتَّى تَمَلُّوا ..."والمعنى والله أعلم : اعملوا حسب وسعكم وطاقتكم , فإن الله تعالى لا يعرض عنكم إعراض الملول ولا ينقص ثواب أعمالكم ما بقي لكم نشاط ، فإذا فترتم فاقعدوا ؛ فإنكم إذا مللتم من العبادة وأتيتم بها على فتور كانت معاملة الله معكم حينئذ معاملة الملول.
وقيل المراد بقولها : " كَانَ يَصُـومُهُ كُلَّهُ " أنه كان يصوم من أوله تارة ، ومن آخره تارة أخرى ، ومن أثنائه طورا ، فلا يخلى شيئا منه من صيام ، ولا يخص بعضه بصيام دون بعض , وأصحاب هذا الرأى يؤيدونه برواية عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله عنها عند مسلم ولفظه : " وَمَا رَأَيْتُهُ صَامَ شَهْرًا كَامِلا مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ إِلا أَنْ يَكُونَ رَمَضَانَ "( رواه مسلم)
الحكمة في إكثاره صلي الله عليه وسلممن صوم شعبان :
اختلف في الحكمة في إكثاره صلي الله عليه وسلم من صوم شعبان وقد ورد على لسان أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنه قال : " قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ قَالَ ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ"( رواه النسائي)
ففى هذا الحديث بَيّنَ رسول الله صلي الله عليه وسلم الحكمة من إكثاره من الصيام فى شعبان فذكر لذلك أمرين :
الأمر الأول : أن شعبان شهر يغفل الناس عن فضله ؛ لأنه يقع بين رجب وهو شهر حرام يعرفه كل الناس ، وبين رمضان وفضله يعرفه الخاص والعام ، ومن هنا جاءت غفلة الناس عن فضل شعبان ، فيقَصِّرُون فى العبادة فيه ، رغم أنه عند الله عظيم ، فالرسول صلي الله عليه وسلم يصومه ليعبد الله فى زمن يغفل الناس عن العبادة فيه .
ومعلوم أن العبادة في وقت غفلة الناس يحبها الله تعالى ويثيب عليها أكثر من غيرها ؛ ولهذا كان ذكر الله تعالى في الأسواق وقت اللغط والبيع والشراء له اجر عظيم ، وكانت الصلاة في جوف الليل حين ينام الناس أفضل ألصلوات بعد الفرائض ، وكذلك كان الصبر في الجهاد حين انهزام الأصحاب له أجر عظيم ، ومنه الصدقة مع قلة الزاد، ومن هذا الباب كذلك أن للمتمسك بدينه في زمان الصبر أجر خمسين من الصحابة ومثل هذا كثير.

الأمر الثانى : أن شهر شعبان ترفع فيه أعمال العباد ـ طول السنة - إلى الله فأحب أن ترفع إليه أعمالى وأنا صائم ،. قيل ما معنى هذا مع أنه ثبت في الصحيحين أن الله عز وجل يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل ، قال السندى فى شرحه لسـنن النسائى: يحتمل أمران :
أحدهما : أن أعمال العباد تعرض على الله تعالى كل يوم ، ثم تعرض عليه أعمال الجمعة (الاسبوع) في كل اثنين وخميس ، ثم تعرض عليه أعمال السنة في شعبان ، فتعرض عرضا بعد عرض ، ولكل عرض حكمة يُطْلع الله سبحانه وتعالي عليها من يشاء من خلقه ، أو يستأثر بها عنده ، مع أنه تعالى لا يخفى عليه من أعمالهم خافية
ثانيهما : أن المراد أنها تعرض في اليوم تفصيلا ثم في الجمعة جملة أو بالعكس .
فكان النبى صلي الله عليه وسلم يكـثر من الصيام فيه ، لتكون أعماله حين ترفع محلا للعفو والمغفرة ، فالصـوم لا مثل له وهو جُـنَّة "وقاية " من عذاب الله ، وقد أجزل الله ثواب الصائمين ، وجعل لهم فرحة عند لقائه عز وجل.
وأورد أهل العلم فائدة ثالثة : في الصيام في شعبان وهي توطين النفس وتهيئتها للصيام ؛ لتكون مستعدة لصيام رمضان ، سهلا عليها أداؤه . فهو كالتمرين على الصيام
ولازال هناك بعض الفوائد نذكرها بإذن الله تعالى في الخطبة الثانية أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مبارك فيه كما ينبغي لجلال وجه الله ولعظيم سلطانه
وأصلي واسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
عباد الله نكمل بعض الفوائد
الفائدة الرابعة : في الصيام في شعبان وهي أنه يعقبه رمضان وصومه مفترض , وليس فى رمضان مجال لصوم التطوع ، فكان يكثر من الصوم في شعبان تعويضا عما يفوته من التطوع في أيام رمضان .
وقيل الحكمة : هى أن صوم شعبان بالنسـبة لرمضان مثل السنن الرواتب بالنسبة للصلوات المكتوبة ، ويكون كأنه تقدمة لشهر رمضان ، أي كأنه سُـنَّة قبلية لشهر رمضان ، ولذلك سن الصيام فى شهر شعبان ، وسن الصيام ستة أيام بعد رمضان من شهر شوال كالراتبة قبل المكتوبة وبعدها.
فينبغي للمسلم أن يبادر باغتنام الأيام الفاضلة ، وخاصة في هذا الزمان الذي نعيشه ــ زمان الفتن والعياذ بالله ــ حيث انقلبت الموازين ، وتبدلت المعايير ،وغير ذلك كثير مما لا يخفى على أحد، إنه زمان الفتن التي حذرنا منها النبى صلي الله عليه وسلم حين قَالَ : " بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا"

فمن جماع ما سبق دليل على فضل الصوم في شعبان ؛ ولهذا كان يكثرصلي الله عليه وسلم من الصيام فيه ، ولاشك أن الغرض من ذلك أن تقتدى به أمته صلي الله عليه وسلم وها نحن قد جاءتنا الفرصة الكبيرة والمنحة الجليلة ، وأنعم الله علينا بمجيء شهر شعبان الذي اهتم به سلفنا الصالح اهتماما عظيما ؛ إذ هو كالمقدمة لشهر رمضان المبارك ؛ولذلك كانوا يقضونه كله في أعمال رمضان كالصيام وقراءة القرآن وغيرها من العبادات ليحصل التأهب والاستعداد لتلقي رمضان وتروض النفوس بذلك على طاعة الرحمن.

عباد الله صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه
الدعاااااااااااااء
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 25-06-2012, 02:35 PM
  #238
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

الاسراء والمعراج

الخطبة الأولى

الحمد لله، عَظُمَ شأنه، ودام سلطانه، أحمده سبحانه وأشكره، عم امتنانه، وجَزَلَ إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، به علا منار الإسلام وارتفع بنيانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



أما بعد: أيها المؤمنون، حادثة الإسراء والمعراج لنبينا محمد تواترت بها الروايات عن خمسٍ وعشرين صحابيًا نقلوها عن نبيهم ، وإنها نعمة انفرد بها ، وتكريم خصه الله تعالى به من بين سائر رسله وأنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وجاء هذا التكريم للنبي الكريم ونال هذه المنحة من مولاه بعد أن بلغت الدعوة أصعب مراحلها وأقسى أيامها، ووصلت عداوة المناوئين له الذروة في إلحاق الأذى به وأصحابه حتى كاد الأمر يتجاوز قوة احتماله.

عمُّه الذي كان يحميه ويدافع عنه مات، وزوجته الرؤوم خديجة رضي الله عنها التي كانت تواسيه وتسلّيه وتسرّي عنه ماتت، ففقد الحماية وفقد المؤانسة والقوم في طغيانهم يعمهون، فتحتم عليه البحث عن بدائل؛ فذهب إلى الطائف يعرض دعوته على ثقيف، إلا أن الرد جاء قاسيًا ومؤيِّسًا؛ رفضوا دعوته، وطردوه، وأغروا به سفهاءهم، وعاد طريدًا وحيدًا إلى بلدٍ أُخرج منها، ليقبل عليها خائفًا يترقب، ولم يستطع دخول مكة إلا بجوار رجل كافر هو المطعم بن عدي.

في هذه الأثناء وجو الدعوة ملبدٌ بسحبٍ من الأذى كثيفة وعلاماتُ وقرائن قحط الإجابة بادية على أهل مكة، هنا تفيض رحمة الله على عبده وأحبِّ خلقه إليه وأفضل الأنبياء كافة، تأتي منحة الإسراء والمعراج، وكان ذلك في السنة الثانية عشرة من البعثة.

جاء في الصحيحين أن النبي كان في بيته، فجاءه جبريل عليه السلام، فأخذه إلى المسجد الحرام، وفي الحجر ـ وهو جزء من الكعبة ـ فرج صدره، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئٍ حكمة وإيمانًا فأفرغه في صدره، ثم أطبقه، ثم أسرى به إلى بيت المقدس على البراق، وهناك صلى بالأنبياء، ثم عرج به إلى السماء الدنيا، وتنقل من سماءٍ إلى التي تليها، وأثناء تنقله في السماوات التقى بالأنبياء: آدم في السماء الدنيا، وعيسى ويحيى بن زكريا في السماء الثانية، ويوسف في السماء الثالثة، وإدريس في الرابعة، وهارون في الخامسة، وموسى في السادسة، وإبراهيم في السابعة عليهم الصلاة والسلام، وسمع صريف أقلام الملائكة، وهناك فرض الله عليه خمسين صلاة في اليوم والليلة، فراجع ربه بمشورة من أخيه موسى عليه السلام حتى خُففت إلى خمس صلوات. ثم انطلق به جبريل حتى انتهى إلى سدرة المنتهى، وهي شجرة عظيمة جدًا فوق السماء السابعة، ينتهي إليها ما يعرج من الأرض، وينزل إليها ما ينزل من الله تعالى من الوحي وغيره.

أيها المؤمنون، لئن كان الرسول منح معراجًا في جسده وروحه إلى السماء وكشف الله له معاينة كثير من الآيات وعجائب الأرض والسماوات، فإن غيره من المسلمين لهم أيضًا حظ من هذا المعراج كلَّ يوم خمس مرات، لكنه معراج بالروح فقط، إنها الصلوات الخمس؛ يقف المسلم فيها بين يدي ربه. أخرج الإمام أحمد والترمذي بسند صحيح عن النبي قال: ((إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن))، فذكر منها: ((وآمركم بالصلاة، فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده ما لم يلتفت، فإذا صليتم فلا تلتفتوا))، وفي صحيح مسلم أن النبي كان يقول في ركوعه: ((خشع لك سمعي وبصري، ومخي وعظمي، وما استقلت به قدمي))، وفي صحيح مسلم أيضًا أن النبي قال: ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد))، ولا زال نبينا يأمر بالصلاة ويعلمها أصحابه حتى كانت آخر وصاياه قبل أن يفارق الدنيا، فقد أوصى الناس فقال: ((الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم)) كرر ذلك مرارًا. رواه البخاري.

إذا وقفت ـ أيها المسلم ـ بين يدي مولاك في الصلاة فتحقق أنه سبحانه مقبل بوجهه عليك، يسمعك ويراك، فاعبده بالإحسان كأنك تراه، ولا تلتفت عنه بعينك أو قلبك فينصرف وجهه عنك، تفكر وتدبر أن الصلاة شرعت وفرضت على نبينا حين عرج به إلى السماء، وتذكر أن الله تعالى خالقُ الدنيا والآخرة وما فيها، وعالم الغيب والشهادة، وأنه على كل شيء قدير، فاعرج بنفسك لمولاها، وأشغلها بتملقه ودعائه؛ لأن النفس لا بد أن تنشغل، فالصلاة أقوال وأفعال، فللأقوال معنى، وللأفعال مغزى، ولا تحرم نفسك من فيوضات الجليل الرحيم سبحانه ونعمه التي أودعها في الصلاة، ومن أعظمها وأجلها المناجاة بينك وبين السميع البصير وأنت تقرأ سورة الفاتحة، ليست الصلاة طقوسًا ولا حركاتٍ آلية لا يعقل لها معنى، وإنما هي مدرسة تربي المؤمنين على أنبل معاني الخير والحب والفضيلة في زحمة الحياة وصخبها وشرورها. إنها معراج الروح إلى الله تعالى في اليوم خمس مرات.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة: 45، 46].






الخطبة الثانية


الحمد لله، استقرت حكمته سبحانه أن السعادة والنعيم والراحة لا يوصل إليها إلا على جسر المشقة والتعب، ولا يُدخل إليها إلا من باب المكاره والصبر وتحمل المشاق؛ ولأجل ذلك حفت الجنة بالمكاره والنارُ بالشهوات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، عبد ربه حق العبادة حتى كأنه يراه، وجُعلت قرة عينه في الصلاة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الحشر والتناد، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: أيها المؤمن، تذكر أنك عندما تريد أن تلقى مسؤولاً يفوقك بمنصبه تطلب المقابلة أولاً، فينظر في الطلب وموضوعه، ويحدّد الزمان والمكان، هذا إذا قُبل الطلب، وقد لا يقبل، أما مقابلة الحق سبحانه فهي بيد العبد زمانًا ومكانًا، لا ينهيها الله عز وجل حتى ينصرف العبد مختارًا. قال بكر بن عبد الله: يا ابن آدم، إذا شئت أن تدخل على مولاك بغير إذن وتكلمه بلا ترجمان دخلت عليه، قيل: وكيف ذلك؟ قال: تسبغ وضوءك، وتدخل محرابك، فإذا أنت قد دخلت على مولاك بغير إذن، فتكلمه بغير ترجمان.

معاشر المسلمين، يا أمة محمد ، تضافرت الروايات أن نبينا محمدًا صلى بالأنبياء إمامًا في بيت المقدس ليلة أسري به قبل عروجه إلى السماء، وجاء في خبر صححه الحافظ ابن كثير أنه صلى بهم بعد أن هبط من السماء؛ هبطوا معه تكريمًا له وتعظيمًا عند رجوعه من الحضرة الإلهية الجليلة، وإمامته الأنبياء دليل على جلالة قدره وعلو مرتبته وأنه أفضل الأنبياء وسيدهم، وهو دليل على دخول جميع الرسالات السماوية تحت رسالته، وانضواء الرسل كلهم بأقوامهم تحت لوائه، قال الله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ أي: بعد ذلك العهد والميثاق المؤكد بالشهادة من الله ومن رسله، فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ [آل عمران: 81، 82]، وهذا أبلغ بيان، ومن أقوى الأدلة على أن اليهود والنصارى وغيرهم من الأمم والأقوام الأخرى إن لم يتبعوا دين محمد ولم يؤمنوا به ويدخلوا فيه استحقوا الفسق الموجب للخلود في النار، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ [آل عمران: 85].

أيها المؤمنون، لئن كان الإسراء والمعراج تم للنبي روحًا وجسدًا إلا أن معرفة تلك الليلة وتحديدها ـ أي: ليلة الإسراء والمعراج ـ لم يرد في حديث صحيح مقبول عنه أهل العلم بالحديث. واحتفال كثير من المسلمين في الأقطار الإسلامية بذكرى تلك الليلة مخالف للشرع من وجهين:

الوجه الأول: لأن المحتفلين يجزمون بتعيين تلك الليلة في السابع والعشرين من شهر رجب، وهذا لم يثبت بنقل صحيح شرعًا كما تقدم.

الوجه الثاني: لو ثبت تعيين وتحديد ليلة الإسراء والمعراج لم يجز لمسلم أن يخصها بشيء من الاحتفالات؛ لأن النبي لم يحتفل بها ولم يخصها بشيء، ولو كان ذلك دينًا وفعله النبي لنقله الصحابة إلى من بعدهم ووصل إلينا، فإنهم نقلوا عن نبيهم كل شيء تحتاجه الأمة، ولم يفرطوا في شيء من الدين، بل هم رضي الله عنهم السابقون لكل خير وفضيلة.

فاتقوا الله عباد الله، ودعوا وتجنبوا ما يقصيكم عن ربكم ويبعدكم عن سنة نبيكم وإن فعل ذلك آباءٌ ومشايخ وفضلاء هم عندنا محل احترام ومحبة وتقدير، لكن دين الله تعالى أحب إلينا من كل أحد، وما مات محمد إلا وقد كَمُل الدين وتم، فإياكم ومحدثات الأمور. احرصوا على ما ينفعكم، واعرجوا بالأرواح إلى ربكم بكثرة الصلاة والمحافظة عليها، فإنك ـ يا ابن آدم ـ ما ركعت لله ركعة أو سجدت سجدة إلا ازددت بها من الله قربًا ومحبة.

اللهم حبب إلينا الإيمان...
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 26-07-2012, 06:19 PM
  #239
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

الخطبة الأولى
ان الحمد للــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه نحمده .....................

اوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل

أما بعد :-

قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .


فيا معشر الصائمين: صوموا اليوم عن شهوات الهوى لتدركوا عيد الفطر يوم اللقاء، لا يطولن عليكم الأمل باستبطاء الأجل، فإن معظم نهار الصيام قد ذهب، وعيد اللقاء قد اقترب.

أيها الصائمون:-

إن تمام الصوم وكماله، وكلكم يطلب ذلك، لا يتم إلا بستة أمور:-

الأول: غض البصر وكفه عن الإتساع في النظر إلى كل ما يحرم ويذم ويكره.

قال الله تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن .

وعن جرير بن عبدالله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فقال: ((اصرف بصرك)) رواه مسلم.

فحذار ثم حذار أخي الصائم من فضول النظر، فضلاً عن النظر إلى شيطان العصر، الذي أخذ بلب العاقل قبل الساذج. وهو التلفاز.

لا تجرح يا أخي صومك، ولا تنقص من أجرك فليس هذا عمل من يطلب لصيامه التمام والكمال.

ماذا يعرض التلفاز؟ يكفي ما فيه من فتن المارقات الماجنات، السافرات العاصيات.

يكفي ما يُثار من غرائز في صدور الرجال. نظرات خائنة، وغمزات جائعة، وتكشف وعري، وتفسخ بذئ، ونزول إلى درجة البهيمية.

لواحظنا تجنى ولا علم عندها وأنفسنا مأخـوذة بالجرائـر

ولم أر أغبى من نفوس عفائف تصدق أخبار العيون الفواجر

ومن كانت الأجفان حُجّاب قلبه أذِنّ على أحشائه بالفواقــر

ماذا جنيت يا أخي الصائم في إطلاق نظرك في الصور المعروضة، هل زادت حسناتك، هل زاد إيمانك، هل تعلمت علماً يقربك إلى الجنة ويباعدك عن النار؟

أظن الجواب هو عكس ذلك كله، وأنت أدرى بنفسك من غيرك بك.

اتعظ يا أخي ببعض أخبار من مضى، وإليك هذا الخبر، قال أبو الأديان: كنت مع استاذي أبي بكر الدقاق، فمّر حدث فنظرت إليه، فرآني أستاذي وأنا أنظر إليه، فقال: يا بني لتجدّن غِبها ولو بعد حين. يقول: فبقيت عشرين سنة وأنا أراعي الغِبّ، فنمت ليلة وأنا متفكر فيه، فأصبحت وقد نسيت القرآن كله.

فهل تريد يا أخي أن تجد حسرة هذه النظرات ولو بعد حين، فتفقد شيء من إيمانك أو حسنتاك عند لقاء ربك، والسبب النظر في التلفاز.

فقل للناظرين إلى المشتهى في ديارهم، هذا أنموذج من دار قرارهم، فإن استعجل أطفال الهوى لمآلهم، فعدهم قرب الرحيل إلى ديارهم، قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم.

الثاني: حفظ اللسان عن فضول الكلام والهذيان والخوض في الباطل والمراء والجدال والخصومة والكذب والنميمة والفحش والمراء والسب وبذاءة اللسان، والسخرية والإستهزاء. وإلزامه السكوت والصمت وشغله بذكر الله وتلاوة القرآن، فهذا صوم اللسان.

من أطلق عذبة اللسان، وأهمله وأرخى له العنان، سلك به الشيطان في كل ميدان، وساقه إلى شفا جرف هار، إلى أن يضطره إلى البوار، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم.

قال محمد بن واسع لمالك بن دينار: يا أبا يحيى حفظ اللسان أشد على الناس من حفظ الدينار والدرهم.

تدبر يا عبدالله في قول الله تعالى: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد .

الكلام أربعة أقسام: قسم هو ضرر محض، وقسم هو نفع محض، وقسم هو ضرر ومنفعة، وقسم ليس فيه ضرر ولا منفعة.

فأما الذي هو ضرر محض فلابد من السكوت عنه، وكذلك ما فيه ضرر ومنفعة.

وأما مالا منفعة فيه ولا ضرر فهو فضول، والإشتغال به تضييع زمان، وهو عين الخسران، فلا يبقى إلا القسم الرابع، وبذلك يكون سقط ثلاثة أرباع الكلام وبقي ربع، وهذا الربع فيه خطر إذ يمتزج بما فيه إثم من دقيق الرياء والتصنع، وتزكية النفس، وفضول الكلام، وفصل الخطاب قوله صلى الله عليه وسلم: ((من صمت نجا)).

روى البخاري في صحيحه حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: ((كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُـنّـة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم)).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر)).

من هو هذا الرجل؟ وماذا فعل؟

قيل هو الذي يفطر على حرام، أو من يفطر على لحوم الناس بالغيبة أو من لا يحفظ جوارحه عن الآثام.

أما الفرض فقد سقط عنه، والذمة برأت، فلا يعاقب عقاب ترك العبادة، بل يعاتب أشد عتاب، حيث لم يرغب فيما عند ربه من الثواب.

الأمر الثالث: لمن طلب تمام الصيام.

كف السمع عن الإصغاء إلى كل محرم ومكروه.

فكل ما حرم قوله، حرم الإصغاء إليه، ولذلك سوى الله عز وجل بين المستمع وآكل السحت فقال تعالى: سماعون للكذب أكّالون للسحت .

وقال عز وجل: لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت .

اذا لم يكن في السمع من تصاون وفي بصري غض وفي منطقي صمتُ

فحظي إذاً من صومي الجوع والظما فإن قلت إني صمت يومي فما صمتُ

فيا من أطلق أذنه لسماع أصوات المزامير، وأصوات الغناء، اتق الله تعالى في نفسك، واتق الله في صومك، فليس هذا هو صوم الصالحين، وليس هذا من يطلب تمام صومه وكماله.

الأمر الرابع: كف بقية الجوارح عن الآثام.

كف اليد والرجل عن المكاره، وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار، والحرام سُمّ مهلك للدين، والحلال دواء ينفع قليله، ويضر كثيره، وقصد الصوم تقليله.

الأمر الخامس: أن لايستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار، بحيث يمتلئ جوفه، فما من وعاء أبغض إلى الله عز وجل من بطن ملئ من حلال.

وكيف يستفاد من الصوم، قهر عدو الله وكسر الشهوة، إذا تدارك الصائم عند فطره ما فاته ضحوة نهاره، وربما يزيد عليه في ألوان الطعام حتى استمرت العادات بأن تدخر جميع الأطعمة لرمضان، فيؤكل من الأطعمة فيه مالا يؤكل في عدة أشهر.

ورقة القلب وصفاؤه إنما تكون بترك الشبع، قال الجنيد: يجعل أحدهم بينه وبين صدره مخلاة من الطعام، ويريد أن يجد حلاوة المناجاة.

من أكل كثيراً نام كثيراً، فخسر كثيراً، وفي كثرة النوم ضياع العمر وفوت التهجد، وإن تهجد لم يجد حلاوة العبادة.

الأمر السادس: أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقاً بين الخوف والرجاء. اذ ليس يدري أيقبل صومه فهو من المقربين، أو يرد عليه فهو من الممقوتين. وليكن كذلك في آخر كل عبادة يفرغ منها.

مرّ الحسن البصري بقوم وهم يضحكون فقا :

إن الله عزوجل جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه لطاعته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف قوم فخابوا، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون، وخاب فيه المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته.

نسأل الله جل وتعالى أن يرحمنا برحمته.



الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا طيبا مباركا فيه

أما بعد:

إن رمضان شهر الجود والإحسان، شهر الكرم والعطاء، فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأكرم الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان.

وكان جوده بجميع أنواع الجود، من بذل العلم والمال وبل نفسه لله تعالى في إظهار دينه وهداية عباده، وإيصال النفع إليهم بكل طريق، من إطعام جائعهم، ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم، و تحمل أثقالهم، ولم يزل صلى الله عليه وسلم على هذه الخصال الحميدة منذ نشأ.

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمداً يعطي عطاء من لايخشى الفقر. رواه مسلم.

يقول صفوان بن أمية: لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاني، وإنه لمن أبغض الناس إليّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليّ.

دخل النبي صلى الله عليه وسلم على بلال وعنده صُبْرة من تمر فقال: ((ما هذا يا بلال؟ قال: أعد ذلك لأضيافك، قال: أما تخشى أن يكون لك دخان في نار جهنم؟ أنفق بلال، ولا تخشى من ذي العرش إقلالاً)). يقول أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئاً لغد. نعم هكذا كان رسولنا صلى الله عليه وسلم.

تَعَوّدَ بسط الكف حتى لو أنه ثناها القبض لم تجبه أنامله

تراه إذا مـا جئتـه متهـللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله

هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله

ولو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بهـا فليتق الله ســائله

إن الصدقات في رمضان لها عدة خصوصيات:

منها شرف الزمان ومضاعفة أجر العامل فيه.

- ومنها إعانة الصائمين المحتاجين على طاعاتهم، فيستوجب المعين لهم مثل أجرهم. ولهذا فمن فطر صائماً كان له مثل أجره.

- ومنها أن شهر رمضان شهر يجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة، فمن جاد على عباد الله، جاد الله عليه بالعطاء والفضل، والجزاء من جنس العمل.

إن هناك علاقة خاصة بين الصيام والصدقة.

فهما من موجبات الجنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، قالوا: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن طيب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام)).

قال بعض السلف: الصلاة توصل صاحبها إلى نصف الطريق، والصيام يوصله إلى باب الملك والصدقة تأخذ بيده فتدخله على الملك.

الصيام جُنّـة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.

الصيام لابد أن يقع فيه خلل أو نقص، والصدقة تجبر النقص و الخلل، ولهذا وجب في أخر شهر رمضان زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو و الرفث.

الصيام والصدقة كفارات لعدد من الأشياء كالأيمان ومحظورات الإحرام وكفارة الوطء في نهار رمضان، بل إن الصوم أول مافرض كان بالتخيير بين الصيام والإطعام ،ثم نسخ ذلك وبقي الإطعام لمن يعجز عن الصيام لكبره.

فعليكم بالصدقة أيها الصائمون فهذا شهركم، خير الناس أنفعهم للناس.

الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، إن لله تعالى أقواماً يختصهم بالنعم لمنافع العباد ويقرّهم فيها ما بذلوها، فإذا منعوها، نزعها منهم، فحولها إلى غيرهم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((داووا مرضاكم بالصدقة)).

أما علمت يا أخي أن الصدقة تزيد في العمر. وتبقى لك بعد الممات.

يا أخي الصائم: ما قدر كسرة تعطيها، أو ماسمعت أن الرب يربيها، فيراها صاحبها كجبل أحد، أفيرغب عن مثل هذا أحد.

إن تطوعات البدن لا تتعدى المتطوع، لكن نفع الصدقة متعدد متنوع. من فطر صائم فله مثل أجره. و الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف، و الله يضاعف لمن يشاء.

فيا أيها الصائمون المؤمنون، هذا شهركم، و هذه فرصتكم، فمن لم يتصدق في رمضان فمتى يكون. و كيف ينسى المسلمون بعضهم بعضا.
عباد الله صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه........
الدعاء
ولا تنسون اخواننا في بورما وفي سوريا وفي اليمن
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 30-08-2012, 01:16 PM
  #240
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

العام الدراسي الجديد

الخطبة الأولى
الحمد لله، الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. واشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له يعلم ما كان وما يكون. وما تسرون وما تعلنون. واشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق المأمون، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون. وسلم تسليما كثيرا إلى يوم يبعثون.

عباد الله، انقضت الإجازة، وطويت فيها صحائف، ورحل فيها عن الدنيا من رحل، وولد فيها من ولد، وأطلّ على الدنيا خلالها جيل جديد وعمّر من عمرّ، وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [فاطر:11].

وإن المتأمل للمسافة التي بين امتحانات الفصل الماضي وبدء الدراسة في هذا الفصل الحالي وإن كانت قصيرة في عمر الزمن إلا أنها طويلة في حساب المكاسب والخسائر.

أجل، لقد غنم فيها قومٌ وخسر آخرون. وعملة الزمن تدور على الجميع، لكنهما لا يستويان، ذاك يطوي صفحات من الحسنات في الصالحات الباقيات، في خطوات تقربه إلى روضات الجنات، وذاك يعبَّ فيها من سجلات السيئات في الطالحات الموبقات، في استدراج يدنيه من دركات النار عياذًا بالله.
وليعُد كل منا بذاكرته إلى الوراء قليلاً، إلى بداية إجازته، وليحاسب نفسه: ماذا جنى؟ ماذا قدم؟ هل تقدم للخير أم تأخر؟ هل ازداد من الصالحات أم قصّر؟ تالله، لتسعدنَّ أقوام عندما تذكر أنها حفظت في إجازتها من القرآن جزءًا وقرأت شيئًا كثيرًا واستفادت علمًا عظيمًا ووصلت رحمًا وزارت بيته الحرام فأكثرت من طاعاته وصالحاته، وأقوام أخرى لا تذكر من صيفها إلا سهرًا وصخبًا، ليلها نهار، ونهارها ليل، غارقة في بحر شهوتها، منغمسة في نشوة سكرتها، ثم الحسرة والندامة في الدنيا قبل الآخرة، والآخرة أشد وأنكى.

إخواني في الله، ويوم غدٍ يوم بدء الدراسة، مشهَد حافل وملتقى هام، في هذا اليوم تستأنف رحلة العلم، وتبدأ مسيرة الفكر، وتفتح حصون العلم، وتهيأ قلاع المعرفة، يبرق فجر غد والناس أمامه أصناف، والمستقبلون له ألوان، بين محب وكاره، ومتقدم ومحجم، ومتفكر ومتحير، ومتفائل ومتشائم.

كم من محب لهذا اليوم يترقب قدومه بفارغ الشوق، وكم من كاره له يتمنّى لو أن بينه وبينه أمدًا بعيدًا. وإني بهذه المناسبة المهمة أوجه رسائل عدة، علها تكون نذر خير ورقاع إصلاح ومشاعل هداية تضيء لقائلها وسامعها الطريق، وتهدي جميعنا السبيل:

الرسالة الأولى إلى الطلاب والطالبات: أُخيّ يا رعاك الله، إنه ليتألم الفؤاد ويضيق العقلاء ذرعًا عندما نراك حزين القلب كسير النفس، لمه؟ لأن الدراسة غدًا. يا لله ألا ترى أمم الكفر شرقيها وغربيها تفاخر الأمم بصناعتها وتعلمها وأجيالها؟! وأنت تتبرم كثيرًا، وتعطي الدعة والكسل والراحة من وقتك شيئًا كبيرًا، قل لي بالله عليك: ماذا تتعلم في مدرستك؟ ألست تدرس كتاب الله وتتعلم توحيد خالقك وتتفقه في دينه وتقرأ شيئًا من تفسير خطابه وتسمع لطرف من سنة نبيه وغيرها من المواد والتجربة التي تبصرك في أمر دنياك؟! أأنت تكره هذا؟! لكنها الحقيقة يوم تغيرت النيات، وأصبح العلم لينال به الرتب وتستلم به الشهادات ويرتقى به في درجات الوظائف والمرتبات، أصبح العلم هنا ثقيلاً، وإلا أسلافنا طلبوه في حرّ الرمضاء وفي الليلة الظلماء، لحاف بعضهم من أديم السماء، وفراشه الغبراء، ومع ذلك لذته فيه لا توصف، ونهمهم منه لا ينتهي، لمه؟ لأنهم طلبوه لله، نعم لا لغيره، طلبوه ليكشفوا عن وجوههم أقنعة الجهل، ويخلعوا عن أكتافهم أردية الجهالات.
اسمع لأحدهم وهو يصفه، ولكأنه يصف لك ما أحسّه وهو ابن القيم رحمه الله إذ يقـول: "العلم هو حياة في القلوب ونور البصائر وشفاء الصدور ورياض العقول ولذة الأرواح وأنس المستوحشين ودليل المتحيرين، به يعرف الله ويُعبد ويُذكر ويوحّد ويحمد ويمجّد، به اهتدى إليه السالكون، ومن طريقه وصل إليه الواصلون، ومنه دخل عليه القاصدون، به تعرف الشرائع والأحكام وتمييز الحلال والحرام، وبه توصل الأرحام، وبه تعرف مراضي الحبيب، وبمعرفتها ومتابعتها يوصل إليه من قريب، هو الصاحب في الغربة والمحدث في الخلوة والأنيس في الوحشة والكاشف عن الشبهة، مذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وطلبه قربة، وبذله صدقة، ومدارسته تعدل الصيام والقيام، والحاجة إليه أعظم منها إلى الشراب والطعام" انتهى كلامه.
أخي يا رعاك الله، أبعد هذا تزهد في عظيم هذا شأنه وكبير هذا شيء من وزنه؟!
فالله الله، اطلب العلم بإخلاص وتجرّد، والله يسدّدك ويؤيدك، ومن ثم إن كنت تريد فهو عزيز المنال، يلزم أن تحسن فيه المقال، وأن تزين بأخلاق العلم، وأن ترتدي لبوس العلماء، كن صبورًا، ذا خلق رفيع، فلن ينال العلم مستكبر ولا أحمق، ولتعلم بل ليعلم الجميع أن الأمة والأجيال الناشئة إذا لم تقدر معلميها ومربيها فعلى الأمة السلام.

اجعل أمام ناظريك قول حبيبك : ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة))، واجعل في سويداء قلبك قول ربك وخالقك: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ [البقرة:282]، جدّ واجتهد، ولا يغرنك كثرة البطالين؛ فإن ابن عطاء الإسكندري يقول: "من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة".

الرسالة الثانية إلى المعلمين والمعلمات: إلى رعاة الجيل وأمنة التعليم ورواد العلم وسُلّم الرقي، أنتم بيت القصيد ومحط الركب، بين أيديكم عقول الناشئة وعدة المجتمع وأمله، عليكم تعقد الآمال، ولسنوات عدة تحط عندكم الرحال، نبيكم أكبر شأنكم وأعلى مقامكم، ألم يقل فيما صح من سنته: ((إن الله وملائكته ليصلون على معلم الناس الخير حتى النملة في جحرها))؟!

فجملوا عملكم بالإخلاص، فأجر الدنيا آت، وإلا فأجر الآخرة أعلى وأبقى. كم هدى الله بكم من ضال، وكم أنقذ بكم من عمى، وكم بصر بكم من جهل. أنتم مشاعل الهدى ومصابيح الدجى، كلاَّ ليس هذا خيالاً أو تلاعبًا بالأقوال، بل هو الحق ـ وربي ـ أقوله.

يُكدر الخاطر ويكسر الناظر عندما نراكم تتبرمون من الأجيال وتتضجرون من الناشئة، نسمع هنا وهناك بعض صيحاتكم أن الأجيال تغيرت، الملهيات كثيرة، لكن قولوا لي بربكم: ماذا ينفع تضجركم؟! وماذا يجدي تبرمكم؟! اليأس والقنوط سمة الكفار، إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ [يوسف:87]، ابذلوا ما تستطيعون، وقدموا ما تطيقون، زاحموا الشر الذي ترون، واعلموا أن الله يؤيدكم ويسددكم، والحق أبلج، والزبد جفاء.

اجتهدوا في تعليمكم، وضعوا رقابة الله دائمًا نصب أعينكم قبل رقابة البشر عليكم، ولا يكن شبح الامتحان همكم الوحيد. تخلقوا بالخلق الحسن، اصبروا وارحموا واعطفوا، فإن من المعلمين من تبقى ذكراه عاطرة في أذهان طلابه، ومنهم من لسان حال طلابه ومقالهم مستريح ومستراح منه. واعلموا أن الدارسين يسمعون بأعينهم أكثر من سماعهم بآذانهم، فالقدوة الحقة في الفعال قبل الأقوال
ارحموا هؤلاء النشئ فان الله عز وجل حينما وصف الخضر عليه السلام قال عز وجل آتيناه رحمة منا وعلمناه من لدنا علما
فقدم الرحمة على العلم على عكس مانراه من بعض المعلمين في هدا الزمن ايها المعلم قدم النصيحة حبب الطالب فيك حببه في مادتك علمه لمادا يتعلم اجعله يخلص لله في تعليمه اعطه الثقة في نفسه واعلم انك ستجني ماتعمله وتعلمه في يوم لا ينفع فيه مال ولابنون
.


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وعظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: وثمة رسالة ثالثة إلى الآباء وأولياء الأمور أقول فيها: معاشر الأولياء، أنتم شركاء للمدرسة في مسؤوليتها، وإننا نشكو مِن قِصر نظر بعض أولياء الأمور، تسأله عن ابنه فيبادرك أن قد أكمل الجوانبَ الفنية والوسائل الحاجية، فقد أمّن له الأدوات المدرسية، بل وبالغ فيها وأسرف وشكّل ولون، حتى إنك لتجد بين يدي الطلاب غرائب الأدوات مما لا حاجة لهم بها، بل وربما كسر قلوب الفقراء الذين لا يجدون ما يوفرون به هذه المتطلبات، وإني بهذه المناسبة لأدعوك عندما تذهب تشتري حاجيات أبنائك الدراسية أن تنظر إلى طفل أو ولد في عمر أبنائك، بل ولربما كان يدرس مع أبنائك في مدرسة واحدة، أبناؤك قد سعدوا بحقائبهم وأدواتهم، وهو حسير الطرف كسير النظر، فينظر إليهم وهو محروم مما في أيديهم، لمه؟ لفقره وقلة ما بيده، لذا فإن من تمام نعم الله أن قامت جمعية البر الخيرية في هذا البلد بمشروع جميل وعظيم ألا وهو الحقائب المدرسية، توزع على أبناء الفقراء، وفيها ما يحتاجونه من أدواتهم، فلا تحرمنّ نفسك المشاركة في الأجر، فقلَم يكتب به مِن صدقتك كفى به أجرًا كثيرًا.

ويأتي السؤال مرة أخرى للأولياء: هل تابعت أبناءك دراستهم؟ هل زرت مدارسهم وسألت عن حالهم؟ إن من الآباء من آخر عهده بالمدرسة تسجيل أبنائه فيها! هل اخترت جلساء ابنك؟ هل عرفت ذهابه وإيابه؟ اصحبه للمسجد ومجامع الخير، علمه مكارم الأخلاق، صوِّب خطأه واشكر صوابه، واعلم أن تربيتهم جهاد، وأعظم به من جهاد تؤجر عليه، علَّك إذا كنت في قبرك وحيدًا فريدًا تأتيك أنوار دعواتهم في ظلَم الليالي تنير لك قبرك، وتسعدك عند ربك.

وأما الرسالة الرابعة والأخيرة فأفردتها لعظمها وهي موجهة للجميع طلابًا كانوا أم معلمين أم آباء، أقول فيها: إن الأمة مقبلة على مستقبل مخيف، تتناوشه أطروحات غريبة ومطالب عجيبة، أهل الشرّ فيه أجلبوا بخيلهم ورجلهم على إفساد شباب الأمة بما أوتوا من قوة، ولست أقول هذا تشاؤمًا، بل والله إني متفائل، ولكن هذا الطوفان لا بد له من رجال، لذا فعلينا جميعًا أن نتكاتف لنحقّق الهدف الأسمى والمطلَب الأعلى من التعليم، ألا وهو العمل. فما قيمة العلم بلا عمل؟!

إن رسالة التعليم لا تعني في أهدافها أن يحمل الطلاب على عواتقهم كمًّا من المقررات طيلة فصل أو عام ثم يتخففون منها بأداء الامتحان، إن رسالة التعليم لم تبلغ غايتها إذا حفظ الطالب أو الطالبة نصوصًا في أهمية الصلاة وكيفيتها وشروطها وواجباتها وهو لا يصلي إلا قليلاً أو يصليها على غير ما تعلمها، إن رسالة التعليم لن تحقق هدفها إذا كان الطالب يقرأ في المدرسة موضوعًا في مادة المطالعة وغيرها عن الصدق وبعده بهنيهة يكذب على معلمه وزملائه، إن رسالة التعليم لن تحقق غايتها إذا كان الطالب في المدرسة يكتب موضوعًا في التعبير مثلاً عن الوالدين ويحليه ويجمله ثم هو يخرج من المدرسة ليرعد ويزبد على أمه ويعرض عن أمر أبيه. وهذا ـ والله ـ فِصام نكِد نعانيه في حياتنا، لكن التقصير من الأطراف كلها حاصل، فلا بد من تلافيه، المدرسة والمعلمون يسعون بالتوجيه والتربية بالأسلوب الأمثل، ويكونون قدوة في فعالهم قبل مقالهم، والآباء والأمهات يسعون لأن يكون البيت خالٍ من وسائل الانحراف وفساد الأخلاق، ويسعى للصحبة الصالحة لهم ما استطعنا لذلك سبيلاً، وقبل هذا وبعده دعاء ربّ العالمين والله يقول: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56].
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أذكار, أدعية, خطب, خطبة الجمعة, صلاة الجمعة, إسلاميات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من يوقف هدردماءاهل السنه يامسلمين في ايران المجوسيه الرافضية الصفوية ؟؟ ابومحمدالقحطاني فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 10 29-04-2015 06:44 PM
إبن سبأ اليهودي مؤسس الديانة الشيعية ابو عائشة الطائي فضائح وجرائم الروافض ضد أهل السنة 2 20-12-2009 10:31 PM
غزوات حدثت في شهر الانتصارات في رمضان المناضل السليماني مجلس الإسلام والحياة 5 30-08-2009 06:27 AM
أرقـــــــام وإيمـــيــلاتــ الدكـــتـــور جــــــــابـــــر القحطاني وبعض الوصفاتـــ سعيد الجهيمي عالم الصحه والغذاء 12 20-03-2008 12:02 PM
فتاوى السحر والمس والعين مفرغا من شريط للعلامة ابن باز : اعداد بعض طلبة العلم ابو اسامة مجلس الإسلام والحياة 11 26-05-2007 01:52 PM


الساعة الآن 09:24 AM

سناب المشاهير