السادسة:
يكثر بين أفراد القبيلة عمل حسن مشروع أمر به الإسلام وهو إعانة المحتاج وإغاثة الملهوف ومساعدة المتزوج والقريب وغير ذلك مما يثلج الصدر ويبعث السرور ولكن للأسف الشديد أني ذات مرة سمعت من أحدهم يقول (والله إني أدفعها وأنا حنِقٌ عليه) وهذا لا ينبغي أن يكون بيننا بل إنك تعطيه ليس من مالك بل هو من مال الله الذي أعطاك كما في الآية {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } (النور33) فلو أجزلت العطية لعظمت المثوبة وزاد الأجر، وإنما بُخْل المستطيع هو بسبب ضعف توكله على ربه ومولاه، واعتقاده أن هذا المال من جهده وعناه وليس هناك توفيق من الإله، وهو بذلك قد أخطأ في اعتقاده وحاد عن جادة صوابه..
وسمعت أيضا أحد كبار السن يقول نعطيهم (أجر وجميل) أو يقول رافعاً بها صوته (هنا لكم كذا وكذا من المال) وكأنه يمنّ عليهم بالعطية والله تعالى يقول: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }(البقرة262) وليس كل من أعطى محتاجاً أو ساعد ملهوفاً أو أنفق من ماله قليلاً كان أو كثيرا ليس بشرط أن يُقبل منه ذلك الإنفاق بل قد يكون عليه وِزرٌ في نفقته إذا لم يخلص في النفقة لله والفيصل هنا هو النية ولو تدبرنا الحديث هذا لأخذ كل منا حذرهُ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كما في الحديث {وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ المَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ؟ قالَ: بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ: فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ؟ قَالَ: كُنْتُ أصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقَ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: كَذَبْتَ. وَتَقُولُ المَلَائِكَةُ لَه: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللَّهُ: بَلْ إِنَّما أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ}...ثم ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ رُكبَتي فَقَالَ: «يا أَبا هُرَيْرَةَ أُولٰئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِم النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ( رواه ابن حبان.)
نعم قد يقول أحدهم هنا لك كذا وكذا ليبين للآخذ ولكن كما قلت قد يريد بها بعضهم المنة أو الرياء – عافانا الله وإياكم- فلنحذر أشد الحذر من تعب بلا فائدة أو تعب ووِزر وضياع مال، بل من الواجب أن نتصدق ونتعاون ونسعى في الخير لوجه الله كما يقول سبحانه وتعالى {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً } (الإنسان9) فلا ننتظر من الآخرين رد الجميل والجزاء على المعروف . فهل سننتبه لهذه النقطة المهمة ؟ أملي ذاك والله الموفق
يتبع إن شاء الله
التعديل الأخير تم بواسطة القلم ; 24-01-2006 الساعة 06:11 PM