كان لرجل اسمه البجادي أربع زوجات وكان يملك عبدا مقربا منه لدرجة كبيرة ويثق به ثقة عمياء لدرجة أنه يدخل على نساء عمه ويقضي حوائجهن أثناء غياب عمه ، ووقع المحظور فقد عشق العبد احدى زوجات عمه وهي بادلته العشق والغرام ، وظل سرهما محفوظا فترة طويلة لا يعلم به أحدا إلى أن جاء يوما من الأيام وجاء ضيوفا إلى البجادي فأرسل العبد ليحضر الطعام من داخل البيت ، وحين دخل العبد إلى المحرم وجد عمته تنتظره متبرجة وكانت قد مشطت شعرها بالحناء للتو فضمها لصدره بلهفة العاشق الولهان وذابت العمة بين أحضانه لبرهة من الزمن فبقي أثرا لضفائرها المحناة على العبد الذي لم ينتبه لذلك ، وعندما دخل على عمه حاملا الطعام شاهد عمه ذلك الأثر وعرف بأن العبد قد خانه فسكت حتى يتأكد من الأمر ، وبعد انصراف الضيوف أمر العبد أن يجهز الركايب وأن يرافقه للصيد في الغد ، وخرجا في اليوم التالي إلى مكان بعيد ثم قال البجادي لعبده : أعد لنا القهوة وأنا سوف أغفو قليلا وعندما تجهز القهوة أيقظني ، وتظاهر بالنوم في انتظار ما سيقوله العبد ، فانهمك العبد في اعداد القهوة وتذكر زوجة عمه ومدى اشتياقه لها فأنشد هذه الأبيات معتقدا أن عمه نائما حيث قال :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="sienna" bkimage="backgrounds/23.gif" border="solid,4,skyblue" type=2 line=0 align=center use=sp num="0,black"]
سقوى سقى الله ربع دار البجـادي = من مدلهـمٍ تالـي الليـل هطّـال
حيث ان فيها الغرو زين المقـادي = راعي خلاخيـل وشنفيـن وهـلال
وقذيلةٍ شقـرا بوسطـه تشـادي = زهر الربيع ليا انجلت عنه الأطلال
عصر الخميس اسقيت زهر الفوادي = من مبسمٍ راعيه ماهـوب زعّـال
كـلٍ نهـار العيـد بجـح وبـادي = على مظنة خاطـره طيّـب الفـال
وأنا تكسر عبرتـي فـي فـوادي = ما كنـي ألا واحـدٍ ربـط بحبـال[/poem]
فسمع البجادي ما قاله العبد وتأكد من خيانته وأن عشيقته هي احدى زوجاته الأربع لقوله (ربع دار البجادي) فقام إليه وقتله ثم تركه هناك وعاد إلى أهله وأخبرهم بأن العبد سيتأخر لعمل يقضيه ثم يأتي ، واحتار في معرفة أي من نسائه هي العشيقة فذهب إلى عجوز حكيمة من أقربائه وأخبرها بسره وطلب مشورتها ، فأشارت عليه بأن يحضر كمية من الحبوب ويوزعها على نسائه ويأمرهن بطحنها على الرحى التي عادة ما تجاوبها النساء بالغناء ويستمع لما يقلنه ، فأخذ بمشورتها وفعل ما اشارت به فسمع الأولى تغني في ولدها الصغير والثانية تغني في والدها والثالثة تغني في زوجها ولما استمع للرابعة فإذا هي تقول :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="sienna" bkimage="backgrounds/23.gif" border="solid,4,skyblue" type=2 line=0 align=center use=sp num="0,black"]
يا شيٍ بصندوق الحشا لـه زفيـريلو هو على جمر الغضا فاح وأطفـاه
يالعبد ويـش مريّضـك بالمسيـري = كنّـه يتلّـه واحـدٍ مــن مقـفـاه
عليـك شلّقنـا ثـيـاب الحـريـري = وشوك الهصير بروس الأقدام ناطـاه
يفوح مـن جيبـه سـواة الذريـري = عندي وكلٍ له مـع النـاس مشهـاه
واد الرمه من موق عينـي يسيـري = وراع الحليفة فجّر الزرع مـن مـاه
وأشوف رخةٍ تجتلـد فـي ضميـري = وعصيفـره قامـت ثلـوج المهبـاه
خانت ضميري ما صبرت عن عشيري = خانت ضميري خونة الدلـو لرشـاه
صبرت صبـرٍ مـا قـواه البعيـري = وأخفيت سدٍ مـا حـدٍ قبلـي أخفـاه
ولي قذلةٍ تشـدي جنـاح الغويـري = وأنا أشهد انهـا علـة العبـد ودواه[/poem]
فلما فرغت من قصيدتها عرف البجادي أنها هي عشيقة العبد لذكرها العبد في أبياتها ومدى تولع العبد في ضفائرها وقذلتها فطلقها وأرسلها لأهلها ، وفي رواية أخرى يقال أنه قتلها .
عن كتاب المتشابه من القصائد الشعبية