|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أوه، أحقاً مرت أشهر على آخر كلمات سطرتها في هذا المنتدى المبارك، إنه زحف الأيام الرهيب، وقطار العمر الذي يجري سريعاً فاللهم رحماك فاللهم رحماك.وعوداً على ما كنت حدثت به نفسي، وأقحمت فيه غيري من قصة ذاك الشيخ الهرم،الذي وعظني كل عضو فيه، وخاطب مني الضمير الغافل المستتر جوازاً. أقول: فبعفوية تامة: أهداني تلك الابتسامة العجيبة، والتي أشعرتني بأهمية العاطفة الحانية في تعاملنا مع الناس، وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إذ قال : (وتبسمك في وجه أخيك صدقه)، فما بال البعض يعجز عن هذا الخلق السامي، بل ويبدو محياه كأنما أحيط بالأغلال وصفد بالسلاسل، قد نزل أعلاه على أسفله، وكور كالعمامة، وتزاحم حاجباه، وقربت أرنبة أنفه من شفتيه، وغارت عيناه، وتوقفت حركة أهدابه، تكاد أسنانه أن تتحطم من شدة الضغط عليها، يدخل الرعب في قلب من يقابله، فنعوذ بالله من كل جعظري جواظ. أقول لما أبصرت تلك الابتسامة الهادئة؛ لفت انتباهي فراغ ذاك الثغر من ساكنيه، وقلة مبانيه، وضعف من بقي في فيه!!!، لكن تطاير من بين ركامها كلمات حزينة، وأنوار خافته، مذكرة بما مر بها من أنس وحبور، كذاك الدهر ذو صرف يدور. لكن ما بقي خالداً في أعماقها مؤثراً في وجدانها هي تلك الوحدة والتلاحم، والتناصر والترابط، التي كانت بالأمس تجمعهم،،، فقد عاشوا تحت سقف واحد، همومهم واحدة، وأشواقهم متقاربة، تراهم كالبنيان المرصوص في منظر بهيج يسر الأصدقاء، ويوقع الهيبة في قلوب الأعداء. فالتفرق والاختلاف شر وأي شر، يوهن القوى، ويورث الإحن والأحقاد، فاجعل من شقاق أخيك واختلافك معه -حتى وإن احتدم- كمقلة العين إذا اشتكت، وزاد أذاها واشتدت لأواها، زاد برك وإحسانك إليها، وليس لك إلا هذا السبيل، فلا يعقل أن يفقأ المرء عينيه؟!. ذكرتني تلك الأسنان وهي في مقدمة الفم، ومواجهة الجمهور؛ بأهمية الصبر والحكمة عند مقابلة الناس، وضرورة اللين مع الآخرين؛ فهذه الريح العاصف تحطم دوح الشجر، ويسلم منها ضعيف النبات لأنه لين وينثني. وأيضاً شتان بين من يبذل وقته للناس ويسدي لهم المعروف مع ما يكابد منهم من أهوال عظام، وبين من توارى بين الجدر، في ضعف وخور، ولا يبذل لغيره ما سأل وإن قل وصغر، وصدق من قال: قومٌ هم الرأس إذ حسّادهم ذنبٌ ... ومن يُمثّلُ بين الرأْس والذنب!!. ثم بعد ذلك كرت علي بحقيقة طالما تناسيتها وغفلت عنها فذكرتني بقولها أرأيت كيف كنا وأين صرنا؟ فبعد الاجتماع مع الأحباب وصحبة الأتراب، رحل كل واحد منا بهدوء، فحلت لوعة الفراق، وكاد التلف حزناً أن يحلق من بقي بمن رحل لولا أن الله لطف ورحم. وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا. فلما تفرقنا كأني ومالكاً ...... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا. وعشنا بخير في الحياة وقبلنا ... أصاب المنايا رهط كسرى وتبعا. اللهم إنا نسألك يقينا صادقاً، وقلباً سليماً، ونسألك يا الله صدق التوكل عليك، وحسن الظن بك يا رب العالمين. |
وعودا على صاحبي النصوح ....
أقول بعد رده للسلام كنت أراه مطأطأ الرأس إلى الأرض يتأمل فيها- كمن ضاع في الترب خاتمه وهو يبحث عنه - : خُيل إلي أنه يتأمل فيها لوحة فنية جذبه إليها جمال ألوانها، وما فيها من روعة الذوق وسلامة التراكيب،،، وكانت تلك اللوحة هي لوحة ماضيه، وعمره وما جرى له فيه، وتلك السنوات الماضيات كيف مرت سراعا، هذا وكل لوحة تستطيع أن تغير في معالمها وتزيد وتنقص إلا لوحة العمر فليس لك إلا مجرد النظر بقلبك والرجوع بذكرياتك.... ثم ها هي طائرة عمره قد اقتربت لحظات هبوطها، ودقائق جثومها في مدارج المقابر وحدائق الأموات، يتمنى لو أن زمن الرحلة يطول لكنه لا يملك هذا القرار وليس إليه،ورغم طول هذه الرحلة إلا أنها عند نهايتها صارت في نظره كغفوة نعسان، أو كلمح بصر. طأطأ رأسه إلى الأرض وخفضه : وكأنه يقول لغيره: إنه لا أشرف و لا أعز من التواضع للحق والركون إليه، ومن تكبر على الحق وتجبر خسف به كما فعل بقارون –رأس المتكبرين- وليس بالضرورة أن يكون هذا الخسف حسياً بل كم رأينا من تكبر على الحق وخالفه بعد معرفته إياه فخسف به من قلوب الناس وأصبح كلامه كأدراج الرياح لا طعم له ولا لون... خفض رأسه وطأطأه إلى الأرض: وكأنه قد فهم سر قوله تعالى ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) فحرص على تفقد منزله الذي تحت الأرض وما أعد له من أثاث ومتاع وزاد فعما قريب سينتقل إليه فهل أحسن تهيئته؟ خفض رأسه وطأطأه إلى الأرض: وكأنه يشير إلى أن من أكثر تقليب الطرف فيما عند غيره زهد فيما هو فيه من نعم، ورجعت إليه تلك النظرات حسيرة كليلة، فاقنع بما آتاك الله (ولا تمدن عينيك إلى ما متعانا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا). ثم لما وقعت عيناي على تقاسيم وجهه لاحت لي أخاديد قد حفرت في بيداء جبينه: تحكي لي قصة الزمان، وكر الجديدان، وهول التجربة، وأن الإنسان في كبد ونصب، وأن الراحة الحقيقية هي كما قال الإمام أحمد - رحمه الله - عندما يضع المرء قدمه في الجنة... أخاديد كثيرة: تنوعت مجاريها وسالت أوديتها، ولم تضق بما غمرها من سيول الشدائد وفيضانات المصائب، بل استوعبتها وخرجت منها بدروس وعبر، ولم تعطل العمل وتتوقف عن الإنتاج، فالحياة مدرسة وتجارب، ومن كانت كل مشكلة تعوقه وتأخره، وتغلق مجاري قلبه وتشغله؛ فهذا من أكثر الناس فشلاً وهماً وغماً، وفي مكانه يراوح ولا يتقدم أبداً. وللحديث بقية إن شاء الله تعالى... |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
![]() |
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
BB code is متاحة
الابتسامات متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
رسائل حب ...رسائل إنسان | منصور العبدالله | ملتقى الكتاب والمؤلفين | 7 | 29-05-2008 06:10 PM |
حكم المسابقات عن طريق رسائل الجوال | مقبل السحيمي | مجلس الإسلام والحياة | 7 | 16-03-2008 05:13 PM |
رسائل دعوية عبر الجوال ... | صقر آل عابس | مجلس الإسلام والحياة | 10 | 18-09-2007 07:26 PM |
رسائل الخطأ في Windows شرحها وحلولها | عبدالله السحيمي | مجلس برامج الكمبيوتر و الأنترنت | 5 | 28-07-2007 03:44 AM |