السابعة:
خرجنا اليوم من صلاة العصر وإذا بأحد المصلين يسلم علينا ويقول إذا أتاكم أحد بجوال مفقود فهو لي فقد فقدته في صلاة الظهر يوم الثلاثاء. قلنا له ما القصة؟ قال القصة عجيبة!!.يقول صاحبنا (ذهبت يوم الثلاثاء لدورات المياه في المسجد وعندما دخلت وضعت الكوت( الجاكيت) على الباب الخارجي للدورات وتوضأت وكان الجوال في الكوت ولما لبسته فقدت الجوال فبحثت عنه فلم أجده شككت في أنه مسروق فأخذت جوال أحد أصحابي وأرسلت منه رسالة تقول( ضع الشريحة تحت السطل مكان الكوت) فرد علي برسالة تقول ( يابن النيل اليوم الثلاثاء إلى يوم الخميس وتلقى الشريحة في الموقع) وعندما صليت العصر اليوم الخميس ذهبت للموقع وإذا بالشريحة مغلفة بورق وموضوعة تحت السطل ) أخذت الشريحة ووضعت مكانها ورقة تقول ( رجّع الجوال وضعه تحت السطل أو أعطه الإمام وإلا سوف أدعي عليك ) وهذه قصتي معه..) قلنا عسى الله أن يهديه ويرد إليك حقك.
ولما أردت الدخول لصلاة المغرب وإذا بالجوال الموضوع داخل كيس على درج الإمام حينها تذكرت مباشرة أخينا السوداني صاحب الجوال فلما كان بعد الصلاة إلتفت إليه وإذا هو رافع يديه ويلح في الدعاء قلت في نفسي قد استجاب الله دعاك . خرج صاحبنا السوداني إلى السطل وبحث تحته ولم يجده ثم عاد يريد محله الذي يعمل فيه، فمررت من حوله بالسيارة وقلت له اركب معي لأبلغك محلك، ركب وسألته عن الجوال؟ فقال لم أجده. قلت هل يئست منه؟ قال لا والله، وإني أدعوا الله وأنا موقن بالإجابة. قلت: هل دعوت عليه؟ قال لا . قلت أبشر بالجوال فلما رآه ضحك وقال: إن هذا السارق لا زال في قلبه خوف من الله. قلت عسى الله أن يهديه ولكن هذا درس لك فإن المال السائب يعلم السارق السرقة. حينها تذكرت قصة وهي (أن أحد الرعاة يقول في إحدى الليالي وجدت عند شبك الغنم سيارة قلت لصاحبها: ماذا تريد؟ قال: أريد أن أضع الغنم التي في سيارتي مع غنمك. قلت له: لا لن أسمح لك، إذهب بغنمك ولا تدخلها مع غنمي. وفي الحقيقة أن صاحب السيارة سرق من الراعي ولما رآه الراعي كذب عليه السارق بحيلته وأخذ الغنم والراعي لا يعلم أنها من غنمه.
في القصتين السابقتين شيء من الطرفة يعملها اللصوص، ومن الأمثلة المعروفة التي تنطبق على بعض اللصوص( السارق المزّاح إن حدٍ شافه والا راح) لكن هل ستعود هذه الأشياء لأهلها ؟ بلا شك فإن الله يراقبهم وسيرد لكل حق حقه يوم القيامة ، وستعود السرقة على السارق بالخزي والعار أمام أقاربه وإخوانه يوم القيامة بل أمام الناس أجمعين وينكشف أمره ويتضح غدره . إن العُملة يوم القيامة ليست بالريال أو بالدولار إنما هي والله بالحسنات التي يُعدل بين الناس بها يوم القيامة . ولقد حذرنا الشرع المطهر من السرقة ، فقد قال الله تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } المائدة38
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَعن الله السارقَ يَسرقُ البيضةَ فتقطعُ يده، ويسرقَ الحبلَ فتقطعُ يدهُ». قال الأعمش: كانوا يرَون أنه بيضُ الحديد، والحبلُ كانوا يرون أنه منها ما يَساوي دراهمَ. رواه البخاري
وعن عائشةَ رضيَ الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « وايمُ اللهِ لو أن فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقت لقطعَ محمدٌ يدها».رواه البخاري
ولو استدرجنا في حرمة السرقة وخطرها على الفرد والمجتمع لطال المقام ولكن ليُعلم أن (السارق لن تنفعه توبته إلا أن يرد ما سرقه ، فإن كان مفلسا تحلل من صاحب المال) كما ذكر ذلك الذهبي في كتابه كتاب الكبائر .
وما سرق السارق إلا بسبب ضعف توكله على ربه وعدم اقتناعه بما آتاه الله، لو كان والله متوكل على ربه ومولاه؛ لأتاه ماكتب له من المال عن طريق الحلال؛ ولكنه يستعجله عن طريق الحرام فيهلك ، وترد دعوته..
ولنتذكر المثل الذي يقول: يأكل الحر من عضده ولا يسرق!!
فهل نعي ذلك أيه الإخوة؟وهل تقل السرقة في مجتمعنا كمسلمين؟
هذا أملنا والأمل موجود...
يتبع إن شاء الله
__________________
إن وجودَنا هنا في هذه الشبكة( اسمعوها جيدا) لنكون قدوة للقبائل في تعاوننا وتلاحمنا وتكاتفنا..لنكون قدوة للقبائل في كل أمر حميد في الشرع أو العُرف.