بسم الله الرحمن الرحيم
كرة اللهب التي دحرجتها صحيفة يولاندس بوستن الدنمركية فأثارت سخط واستياء المسلمين ، أشعلت غضب العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه ، وباتت تهدد بحرق أي محاولات لتقارب الديني ، وبنسف كل دعوة لحوار حضاري مسئول ومتزن.. وهي دعوات أطلقت رداً على فلسفة " صدام الحضارات " التي هندسها صمويل هنتجتون وفرانسيس فوكوياما ، واختاروا الإسلام والمسلمين عدواً مؤكداً للغرب وحضارته بدل الشيوعية التي سقت فانفرطت عقد دولها كمسبحة انقطع خيطها فجأة ، فتشتت حياتها في كل اتجاه ، وفرّت شعوبها فرارها من المجذوم في كل صوب.
هذه الكرة التي ظلت منذ دحرجتها تكبر يوماً بعد يوم ، فيزداد العالم الإسلامي غضباً على غضب حتى بات بأركانه الأربعة كقنبلة غضب انفجرت في وجه العالم فتصاعد دخانها الذي انبعث من إعلام وسفارات وقنصليات وممثليات دبلوماسية محروقة كانت في حقيقتها ( عبثاً ) بعود الثقاب لم يقدر اللاعب به حجم النار التي سيشعلها ، ولا تصور مدى الحريق الذي يمكن أن يخلفه.
إن للحرية التي اتخذتها تلك الصحيفة ومن نشت تلك الرسوم المسيئة بعدها ذريعة لفعلتها تلك.. حدوداً مهما أدعوا غير ذلك.
فحرية الإعلام والرأي والتعبير في الغرب لها خطوط حمراء غير مرئية لا يجرؤ على تجاوزها أي إعلامي أو أي وسيلة إعلامية مهما كان حجمها.
وقد كان أول اختبار لصدقية حرية التعبير لدى أجهزة الإعلام التي تطاولت على الرسول الكريم – صلى الله عليه وآله وسلم – هو رفضها نشر ما يشكك في تسمية اليهود بـ ( الهولوكوست ) أي المحارق التي أحرقت فيها ألمانيا النازية ملايين اليهود ، إذ سقط فيها كل الفرسان الذين تغنوا بحرية التعبير في الغرب ورفضوا الاعتذار بكبرياء قائلين ( أن لا أحد فوق النقد والاستهزاء عندهم ) فإذا بهم يتساقطون واحداً وراء الآخر في أول جولة عن خيولهم المنهكة وحجتهم التي بدت أوهن من خيط عنكبوت..!
أما نحن فيجب علينا الصمود المتعقل.. فإحراق السفارات وأي نوع من الاعتداء سيتخذ حجة علينا ودليلاً على صفة العنف التي يحاولون جاهدين إلصاقها فينا ، فوق أنها لا تجدي فتيلاً قياساً بحملات المقاطعة الاقتصادية التي ارتعدت لها فرائصهم بعد أن مسَّت في أجسادهم عرقاً حساساً فالاقتصاد نقطة ضعفهم والمقاطعة سلاحنا الفتاك.
هذا إلى جانب إبداء الغضب والرفض بشكل سلمي وهادئ في مسيرات هادرة ، ومذكرات تسلّم بشكل حضاري وعقلاني ، وإعلام موضوعي يدعمه العاقلون من علماء ومفكرين.
كل هذا لا يعفي دور منظمة المؤتمر الإسلامي في الإصرار على تبني إقرار ميثاق في الأمم المتحدة يمنع التعرض والاستهزاء واحتقار الديانات – كل الديانات – ورموزها ومقدساتها ، فسبع وخمسون دولة مسلمة يمكنها أن تلوي يد الغرب إن هي أرادت ، أو امتلكت الشجاعة لفعل ذلك..!
13-05-2008, 06:59 PM
صدامنا والحوار..كيف يكون
تعليمات المشاركة
المواضيع المتشابهه
العرض الشجري