عصامي "سراة عبيدة" !

سأل شاب طموح أحد المستثمرين الأثرياء عن مصدر ثروته الكبيرة، تنهد رجال الأعمال وقال: تلك قصة طويلة يا بني، عندما كنت في سنك عملت أغلب سني عمري وجل وقتي لأوفر القوت لي ولعائلتي وفي ذات يوم أعطاني أحدهم تفاحة، فكرت أن أبيعها لأتكسب رزقاً، جلست طوال اليوم أُلمّع التفاحة حتى ظهر شكلها جذابا وفي نهاية اليوم بعتها بدولار واحد! وفي اليوم التالي يا بني اشتريت بالدولار تفاحتين وظللت ألمعهما وبعتهما في نهاية اليوم بأربعة دولارات وفي نهاية الشهر كان لدي 50 دولاراً ولله الحمد .
فقال له الشاب معجبا به: ثم ماذا؟
أجاب الرجل: ـ توفي والدي رحمه الله ووسع عليه قبره وترك لي 10 ملايين دولار بدأت بها حياتي!.
ما ذكر في الأعلى جانبا من شخصية الرجل "العظامي" وهي التسمية النقيض لشخصية "العصامي" ويعرف "العظامي" بأنه الكائن الحي المتطفل الذي لا يستطيع العيش إلا بمساعدة الغير للنهوض به إلى مرتبة لا يستحقها على الإطلاق ومع ذلك فهو لا ينفك عن إزعاجك بسرد مآثر آبائه وأجداده ممن بليت عظامهم حتى يصل بك للجد السابع والثلاثين بعد المئة!و يعيش باقي دهره على ذكرهم وربما على تركتهم إن وجدت! ويسرد لك حديثه وهو متربعا على كرسيه الوثير دون أن يتحرك خطوة واحدة لطلب مجد شخصي له في ذلك اليوم ودون أن يفكر بما قال الحجاج يوما عندما قال:
إن الفتى من قال ها أنا ذا
ليس الفتى من قال كان أبي
أما العصامي فهو نسبة إلى عصام بن شَهبَر الذي تقول الأخبار التي رويت عنه إنه اعتمد على نفسه وجده واجتهاده والعهدة على الرواة فبلغ أعلى المراتب واقترب من بلاط الملك آنذاك حتى أصبح حاجب النعمان بن منذر دونما يد تمتد له من هنا أو من هناك، وحتى إن النابغة الذبياني الشاعر المعجب بشخصية عصام خلّد ذكره بأبيات جاء فيها:
نفس عصام سودت عصاما
وعلمته الكرّ والإقداما
حتى علا وجاوز الأقواما
ومن هذا المنطلق فقد نقلنا الزميل ـ محمد آل عطيف ـ في عدد يوم أمس إلى "سراة عبيدة" التي ستنظم ضمن فعاليات الصيف مسابقة أظنها الأولى من نوعها على مستوى السعودية إذا لم تكن في الوطن العربي على حد علمي وهي مسابقة لأفضل شاب عصامي هناك تمنح لمن يخوض تجربة العمل المهني الحر ويحقق نجاحاً لنفسه ومجتمعه. ولأنني أعرف أكثر من "عصامي" خرج من أرض الجنوب فإنني أرى أن لجنة التحكيم ستقف عاجزة عن اختيار فائز واحد من بين المشاركين الذين يصدق فيهم قول أبي العلاء المعري:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا
على ما كان عوده أبوه


للتعليق في موقع الجريدة على هذا المقال من هنا

http://www.alwatan.com.sa/news/write...5609&Rname=185