قريتي قبل 34 سنة


المجلس الـــــعــــــــام للمواضيع التي ليس لها تصنيف معين

 
قديم 30-07-2007, 03:00 PM
  #1
صابر الأديب
عضو نشيط
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 279
صابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really nice
افتراضي قريتي قبل 34 سنة

من الأعمال المسندة إلى صغار الأطفال آنذاك رعي البهم ( صغار الغنم ) في الأماكن التي بجوار البيت ، وتفقّد الغنم بعد عودتها من الرعي في المساء ، وإدخال المواشي إلى مأواها ( الريش وهي أكثر من غرفة ].
وكان أسعد الأوقات عندي عندما أجلس مستمعا إلى الخرافات والأقاويل القصصية التي كانت تبدع في إلقائها على مسمعي جدّتي رحمها الله وأمّي أمدّ الله في عمرها .
ومن أشهر القصص قصة ما يُسمّى بـ ( السعلية ) وهي حكاية نادرة لا يقوم ببطولتها إلا الجنّ والعياذ بالله ، ولكن نسعد بسماعها لأن بيتنا كان خاليا تماما من كل وسائل الإعلام كالراديو مثلا . كما أن من أمتع الجلسات عندي عندما أتمدد على الأرض واضعا رأسي في حجر والدتي لتقوم بقتل ( القمل وبيضه المسمي النمش من رأسي ) ويطلق على تلك العملية ( القصّاع ) .
كان القمل منتشرا بيننا انتشارا لا نظير له ، فمن المستحيل أن تجد إنسانا لا يوجد في رأسه أو بداخل ملابسه قمل . كان مستوى النظافة رديئا جدا نظرا لانعدام وسائلها مثل ( أدوات النظافة والمطهرات والملابس الجديدة وأماكن السباحة كدورات المياه ...... ) .
كان كل مجموعة من أهل القرية يجلسون قبيل غروب الشمس وأحيانا بعد طلوعها في مكان دافيء يطلق عليه ( المُشرّق ) حيث يتجاذبون أطراف الحديث ويتناقلون أخبار الموتى وأماكن نزول المطر ومواعيد الزراعة وغير ذلك.
ما زال بيتنا متواضعا في وسائله في ذلك الحين ، فما زلنا آنذاك نشرب الماء في القدح ( المصنوع محليا من الخشب ) ونحلب الغنم في إناء يطلق عليه ( المدرة ) وهو مصنوع من الخشب ، كذلك ما زلنا نضع الحليب في إناء ذي غطاء مصنوع من الآجر يطلق عليه ( المحلبة ) .
يُجمع حليب الغنم في الليل بعد الحلْبة الأولى وفي الصباح بعد إجراء الحلْبة الثانية في ذلك الإناء( المحلبة ) ويضاف عليه من لبن اليوم السابق ليساعد في عملية الترويب ، وعندما يصبح الحليب متخثرا تقوم أمي بنقله بعناية إلى إناء مأخوذ من نبات يطلق عليه ( القرع ) حيث يكيّف منه ما يُسمّى ( بالدبية ) . وتُلفّ الدبية بخيوط من الحبال [ شبكة حبال ] ثم تعلق في سقف غرفة ، خاصة سقف المسقف ( المطبخ ) ويكون ارتفاع الدبية عن الأرض بقدر يجعلها في متناول يد الإنسان الجالس . تبدأ أمي بتحريك الدبية ( دفعا إلى الأمام ثم إلى الخلف ) وهذا ما يُسمّى بــ ( الهزّان أو الهزّ ) وتستمر في تلك العملية مدة ساعة أو أكثر بصفة متواصلة . بعد أن تتأكد من أن الزبدة أصبحت أكثر تخثرا تُفرغ الحليب ثانية في المحلبة وتقوم بجمع الدهون المتخثرة ، ويطلق على تلك العملية ( الحثّار ) ويطلق على الزبدة المجمعة ( الهزّة ) والهزّة قد تزن 300 جرام فأكثر تقريبا . يصبح الحليب بعد سحب الزبدة منه لبنا وتقوم بتبخيره وذلك بإلقاء قبضة من الطحين على حصى أبيض ساخن جدا يطلق عليه ( مروة ) طبعا يتصاعد دخان الدقيق المحروق بصورة كثيفة وتقوم بوضع فوّهة إناء المحلبة الفارغة فوق الدخان المتصاعد فتغيّر تلك الرائحة الزكيّة رائحة الإناء ثم تسكب اللبن في المحلبة فيأخذ مذاق اللبن من رائحة الدقيق المحروق ، فيصبح اللبن أنسب وأطيب مذاقا وتسمى عملية التبخير تلك ( بالكبّا ) . قد يُشرب اللبن كالماء أو يُغمس فيه خبز أو عصيدة أو ما شابه ذلك من الوجبات اللذيذة . أما الزبدة فبعد أربع ليال تقريبا ، وبعد أن تجمع كمية منها تجري أمي عملية تسمى ( المحيح ) وهي عملية تذويب الزبدة على النار بإضافة دقيق منثور على حصى ( مروة ) ساخنة تقذفها في إناء الزبدة الذي يغلي فينتج ما يُسمّى بـ (الرضيفة ). والحجر ( الحصى )المستخدمةيطلق عليها ( حيد الرضيفة ) .
تريق والدتي السمن في إناء خاص به ليتجمّد لاحقا في ذلك الإناء ويُدّخر ، أما مصير الرضيفة فتصنع خبزا ثم تعركه ( تفركه ) ونأكل الخبز المفروك وذلك بغمس اللقمة المأخوذة منه في الرضيفة ، وتكون تلك الوجبة طعاما شهيا يطلق عليها ( برّ وسمن ) ويتم تناول تلك الوجبة عادة خلال العشاء فقط ، وإناء الرضيفة الجاهزة للأكل يسمى ( النّحَت ) وهو مصنوع من الأحجار ذات اللون الأسود .
أحيانا تقوم والدتي بجمع السمن في إناء مصنوع من جلد الماعز الصغير يطلق عليه ( العكّة ) وقد يضاف إلى ذلك الوعاء عصير التمر المحمّى على النار ليقفل الثقوب ويسمى ( بالرباب ) وتعتبر العكّة حافظة جيدة للسمن ، وقد تصل مدة الحفظ إلى عدة سنوات ، والنوع الكبير من العكك يطلق عليه ( الظرف ) والظرف قد يتّسع لأكثر من عشرين لترا تقريبا من السمن . وبالمناسبة إذا طالت فترة ادّخار السمن وحفظه يتغيّر طعمه بيد أنه لا يتسبب في تسميم آكله ويسمى ذلك السمن الآسن تقريبا بـ ( القميط ).
أنا أتحدث عن حال بعض بيوتات أهل القرية لأن بعض الأسر وهي قليلة أصبحت تملك القدور والكاسات والصواني المعدنية ، كما أن بعضها تستخدم إناء آخر لخضّ اللبن يسمى ( الشكوة ) وهو عبارة عن جلد ماعز مدبوغ .
أعددتُ هذا الموضوع لنتبارى في رحاب ماضينا العريق الذي افتقدته ، ونستريح من هموم الرياضة بعد إنتهاء كأس أمم آسيا .
__________________
[poem font="Arial,4,white,bold,normal" bkcolor="firebrick" bkimage="" border="none,1," type=2 line=0 align=center use=sp]أُحٍـبُّ مـن الإخـوانٍ كـلَّ مُـواَتـي=وكلَّ غضيضٍ الطرفٍ عن عثَراتي
يـوافقُنـي فـي كــلٍّ أمـرِِِِِ أُرٍيـده=ويـحـفـظـني حيّـاً وبـعـد مـماتي
فـمَـن لـي بهذا ؟ليت أَني أصبتـُهُ= َـقَـاسـمتُـه مـا لـي مـن الحـسنـات
تصفّحـتُ إخوانــي فـكـان أقلُّـهـُـم=علـى كثـرةٍ الإخــوان أهـلُ ثٍقَـاتـي[/poem]

التعديل الأخير تم بواسطة صابر الأديب ; 30-07-2007 الساعة 03:08 PM
صابر الأديب غير متواجد حالياً  
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ناصر أحمد البحري - أبو جندل (الحارس الشخصي السابق لأسامة بن لادن) -1- طارق القويفل المجلس الـــــعــــــــام 16 15-09-2007 01:39 PM
مناسك الحج و العمرة اللبيب مجلس الإسلام والحياة 6 28-04-2007 02:39 PM


الساعة الآن 10:07 PM

ملصقات الأسماء

ستيكر شيت ورقي

طباعة ستيكرات - ستيكر

ستيكر دائري

ستيكر قص على الحدود