( من صـور التدبر لكـتاب الله تعالى _1 ) علـى طريق الـتربية


المجلس الـــــعــــــــام للمواضيع التي ليس لها تصنيف معين

 
قديم 19-10-2006, 05:12 PM
  #1
سعد بن حسين
عضو فعال
 الصورة الرمزية سعد بن حسين
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 470
سعد بن حسين will become famous soon enoughسعد بن حسين will become famous soon enough
افتراضي ( من صـور التدبر لكـتاب الله تعالى _1 ) علـى طريق الـتربية

( من صـور التدبر لكـتاب الله تعالى _1 ) علـى طريق الـتربية

بسم الله الرحمن الرحيم ..
وفي خاتمة الشهر الكريم دعوة للعيش مع آيات من كتاب الله ، نتدارسها ونتأملها
ونحاول أن نخرج منها بدروس تنفعنا عند ربنا ، وتزيدنا قربا منه ، وتعلقا به سبحانه ...

= = =
قال الله تعالى :
( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى ...)
وقال تعالى :
(وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ....)
إن في قصص الأنبياء عليهم السلام من الدروس والعبر والعظات والدرر
الشيء الكثير ، لمن أحسن الغوص فيها ، والعيش معها ، وتدبر مضامينها ،
وتقليب مشاهدها .. وكل تلك الدروس والعبر والعظات ،
تصب لصالح تكميل الشخصية الإسلامية التي يحبها الله ، ويرضى عنها ،
ويصنع بها ومنها أعاجيب تبهر الدنيا ، وتبني الحياة ..

وهذه محاولة للعيش مع بعض قصص القرآن الكريم ، لنركز الضوء
في كل قصة على درس واحد فقط ، وإلا فكل قصة من تلك القصص حافلة بالدروس والعبر ..
ونعيش اليوم مع مشهد واحد من قصة إبراهيم عليه السلام لننظر الثمرة
ونستخرج الدرس ، ونأخذ العبرة ..

لاحظ الآية الآتية وتأملها جيدا ثم تابع .. قال تعالى :
(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)
(75) سورة الأنعام
وبعد ثلاث آيات وفي نفس السورة قال الله فيما يحيكه من قول إبراهيم عليه السلام :
(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)
(79) سورة الأنعام
إن تأمل هاتين الآيتين وتدبرهما ، وإمعان النظر فيهما ، يثمر لنا
الخروج بدرس كبير ، يقفز بالواحد منا إلى ذرا عالية وراقية في السير إلى الله سبحانه ..
حين تتوجه بقلبك كله ، وعقلك وفكرك وبصرك إلى آفاق السموات والأرض ،
متأملاً متفكراً ، مقلبا النظر في عجائبها وآياتها ،
فإن ثمرة هذا التأمل الواعي :

أن تتولد في قلبك بذور اليقين حتى تنمو شجرة يانعة ،
طالما أنت تلازم هذا الميدان ، فتتعهدها بمواصلة الذكر والفكر ،
وتحريك أوتار القلب بمحبة الله سبحانه وتعظيمه ..

إن مقام اليقين من ذروة المقامات في دين الله سبحانه ، وعنه يتولد ثمرات كثيرة عظيمة ،
حتى قال علماؤنا :
إن ذرة يقين في قلب إنسان مع قليل عمل ، توازي جبال من الأعمال والطاعات مع فقدان اليقين !
كأن الآية الثانية تشير إلى أن إبراهيم عليه السلام حين أدمن النظر
في عجائب السماوات والأرض ، لم يعد قلبه يلتفت إلا إلى الله وحده ،
ولا شيء سواه ، ومن هنا قال :
( إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ..
أو هو تعليم لنا نحن لنسلك هذا الطريق ،وإلا فقلب إبراهيم كان نقيا شفافا صافيا ..
إن من امتلأ قلبه بحضور ربه سبحانه ، لم يكد يرى غير ربه جل في علاه ..
فكيف إذن يمكن أن يتسلل إلى مثل هذا القلب صورة من صور الشرك ،
وهو لا يرى بقلبه سوى ربه العظيم جل جلاله !؟

ومن هنا يتجلى لهذا القلب حقيقة توحيد الله سبحانه ، ويمتلئ بهذه الحقيقة ،
فلا يرى إلا يد الله تدير أقدار هذا الكون كله ، علوه وسفله ،
غير أنه لا ينسب الشر إليه سبحانه ،
أما الخير فقليله وكثيره ، ودقه وجله فمن الله وحده ، لا يشاركه في ذلك أحد ..

وعن هذه الثمرة العظيمة تتوالد ثمرات متتابعة ، تأتي في مقدمتها وعلى رأسها :
تحصيل اليقين بالله ، وبموعود الله ، وهذه الأخرى حين تنمو وتصبح شجرة ،
تتوالد عنها ثمرات أخرى كثيرة ،
وهكذا لا يزال النور في هذا القلب يتضاعف ويربو ويعظم ..

ومن هنا ..
فهاتان الآيتان تضعان يد المتدبر لهما على الطريق المختصر لتحصيل
أهم أسس بناء الشخصية المسلمة المتكاملة :
أولهما : تقرير قضية التوحيد بما لا يدع مجالا لأي صورة من صور الشرك
يمكن أن تتسلل إلى هذا القلب الذي أشرق نور ربه عليه .
والأساس الثاني : هو تحصيل اليقين الذي هو ركيزة أساسية في هذا البناء الشامخ ، الذي يباهي به الله ملائكة السماء ..!

وإذن فأنت ترى أن الطريق واضح وميسور لكل من كان له قلب ، أو ألقى السمع وهو شهيد ..!
نعم لا نشك أن هناك طرقاً أخرى قد تتحصل من خلالها هذه الثمرات ،
ولكن هذا الطريق _ والله أعلم _ هو أيسرها وأوضحها ، وأقربها ، وأقواها أثراً ..
ومن هنا حفل القرآن الكريم بمساحة كبيرة فيه للفت الأنظار إلى هذه القضية .
إن كتاب الكون الرائع مفتوح أمام ناظريك ليل نهار ، وصباح مساء ، فلا تكن من الغافلين ..!
لقد بان لك الطريق ، ولاح لك العَلَم ، وتجلت لك نار المعرفة ،
ولم يبقَ إلا أن تشمر لعلك تستوقد جذوة من نار ، تضيء لك جوانب قلبك
، فتشرق زواياه ، ثم ينضح هذا النور على سيماك
( ...سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ..)
ويترجم في أخلاقك وسلوكياتك ، وأنت تمضي على خطى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ،
ذلك أن أنوار اليقين تحملك حملاً على قوة الإقبال على الله سبحانه ، بكل صورة يحبها ويرضاها ..
ومن ثم تمشي بين الناس ومعك نورك ، يتجلى لكل ذي عينين يبصر !
(أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ..)
(122) سورة الأنعام
ويلاحظ أن هذه الآية الأخيرة أيضا واردة في نفس السورة ، فتأمل ..!
وعوداً على بدء ،
نسوق إليك لطيفة ذكرها بعض العلماء رحمهم الله _ مع تصرف في العبارة _ قال رحمه الله :
ألم تر كيف أن إبراهيم قال :
( إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)
وأنت مأمور في كل صلاة تقوم لها بين يدي الله ، أن تقول :
( وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ..)
إلى آخر الدعاء .. والحديث أخرجه مسلم
انظر كيف أنك تعيد نفس كلمات أبيك إبراهيم عليه السلام ،
ولكن ترى هل حقا وجهت وجهك للذي فطر السماوات والأرض ، كما فعل إبراهيم الخليل !!؟
أما أنك تبدأ صلاتك بالكذب مع الله سبحانه ،
فلسانك يدور بهذه الكلمات ، وقلبك متوجه إلى غير الله !؟

وشيء آخر :
لعل في الجمع بين الآيات السابقة مع هذا الدعاء في الصلاة ،
دلالةٌ لك على الطريق الذي يجعلك صادقا حين تكرر هذه الكلمات في صلاتك .
بمعنى :
أن عليك أن ( تدمن ) تقليب نظرك في آفاق السماوات والأرض ،
متأملاً متدبراً ، حتى يمتلئ قلبك بنور من نور السماوات والأرض ،
وعندها ستجد نفسك تقول ما تقول في دعاء الاستفتاح بنكهة جديدة ، وطعم مختلف ، ومذاق خاص ..!!

ويومها تكون جدير بأن تردد في انتشاء :
(قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)
(58) سورة يونس
نعم والله !
إن مَن حصل هذه المعاني واستقرت في قلبه ، وذاق شيئا من حلاوتها ، لهي خير مما يجمعون ..!
نسأل الله سبحانه بكرمه وجوده أن يمن علينا بذلك ، حتى نعيش معه وله وبه ..
اللهم آمين .
- -
وأخيراً ..
إن أحسنا فيما عرضنا فذلك فضل الله وحده ، فله الحمد كله ..
وأن كانت الأخرى ، فإني استغفر الله أولاً ، وأعتذر إليكم ثانياً .
.
__________________
ـــــــــــ التوقيع ــــــــــــ
أخوكم في الله / سعد بن حسين الشهري
سعد بن حسين غير متواجد حالياً  
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فتاوى السحر والعين للامام ابن باز رحمه الله تعالى ابو اسامة مجلس الإسلام والحياة 11 26-03-2008 12:23 AM
وصف النبي (صلى الله عليه وسلام)وصفاته. ذيب المعادي مجلس النبي صلى الله عليه وسلم 26 09-02-2008 04:31 PM
كيف يستقبل قلبك رمضان أبو ريم مجلس الإسلام والحياة 3 15-09-2007 12:39 PM
الوصف الكامل لرسول الله الفرحان مجلس الإسلام والحياة 1 06-03-2006 09:53 PM
الوصف الكامل لرسول الله صلى الله عليه وسلم قلت وطلت مجلس الإسلام والحياة 1 05-10-2005 12:05 AM


الساعة الآن 08:25 AM

ملصقات الأسماء

ستيكر شيت ورقي

طباعة ستيكرات - ستيكر

ستيكر دائري

ستيكر قص على الحدود