
رد : يا باغي السعادة اقبل
كيف أعرف أني سعيـــد؟
من جمع ثلاثة كان سعيدا حقا: الشكر على النعم، والصبر
على الابتلاء والاستغفار من الذنوب.
قال ابن القيم:
"اذا أنعم عليه شكر، واذا ابتلي صبر، واذا اذنب استغفر، فان هذه الامور الثلاثة
عنوان سعادة العبد، وعلامة فلاحه في دنياه واخراه، ولا ينفك عبدا عنها ابدا"
واذا اطرقت مليا تحاسب نفسك على تقصيرها وتعظم زلاتها وتخشى من هفواتها
خوفا من باريها وتتغافل عما قدمت من محاسن بين يديها طعما في ثواب خالقها
فتلك امارة على نفس تطلب حياة سعيدة
قال ابن القيم:
"علامة السعـادة ان تكون حسنات العبد خلف ظهره، وسيئاته نصب عينيه،
وعلامة الشقاوة ان يجعل حسناته نصب عينيه، وسيئاته خلف ظهره"
فالسعيـد من اتقى خالقه وحسنت معاملته مع الخلق، وشكر النعم واستعملها في طاعته،
وتلقى البلاء بالصبر والاحتساب، وشرح الفؤاد يقينا منه بأن الله يطهره بذلك ويرفع درجاته
واستغفر ربه عن الخطايا وندم على الأوزار.
الاخلاص لله طريق السعادة
غنى العبد بطاعة ربه والأقبال عليه، واخلاص الأعمال لله أصل الـديـن وتاج العمـل
وهو عنوان الوقار، وسمو الهمة، ورجحان العقل، وطريق السعادة، ولا يتم امر
ولا تحصل بركة الا بصلاح القصد والنية، وقد امر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم
بالاخلاص في اكثر من آية
فقال له:
(فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) [الزمر:2]
وقال له:
(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّين) [الزمر:11]
وقال له:
(قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي) [الزمر:14]
فصلاح العمل من صلاح النية، وصلاح النية من صلاح القلب.
وأصل قبول الأعمال عند الله الاخلاص مع المتابعة
يقول ابن مسعود رضي الله عنه:
"لاينفع قول وعمل الا بنية ولا ينفع قول وعمل ونية الا بما وافق السنة".
والاخلاص عزيز في جانب العبادات
يقول ابن الجوزي:
"ما أقل من يعمل لله تعالى خالصا لأن أكثر الناس يحبون ظهور عباداتهم".
ويقول ابن رجب:
"الريا المحض لايكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة
الواجبة أو الحج وغيرهما من الأعمال الظاهرة او التي يتعدى نفعها، فان الاخلاص
فيها عزيز،
وهذا العمل لايشك مسلم أنه حابط وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة".
وقد افتتح بعض العلماء كالامام البخاري في صحيحه، والمقدسي في "عمدة الأحكام"
والبغوي في "شرح السنة" و "مصابيح السنة" ، والنووي في "الأربعين النوويه"_
مصنافتهم بحديث: (انما الأعمال بالنيات) اشارة منهم الى أهمية الاخلاص في الأعمال.
وسفيان الثوري يقول:
"ماعالجت شيئا أشد علي من نيتي، لأنها تتقلب علي".
والعمل من غير نية خالصة لوجه الله طاقة مهدرة، وجهد مبعثر، وهو مردود على صاحبه
والله تعالى غني حميد لايقبل من الاعمال الا ما كان خالصا له سبحانه.
يقول ابو امامه الباهلي رضي الله عنه:
"جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت رجلا غزا
يلتمس الأجر والذكر ماله؟ فقال رسول الله صلى عليه وسلم لا شـيء لـه.فأعادها
عليه ثلاث مرات ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: لا شـيء لـه. ثم قال:
ان الله لا يقبل من العمل الا ما كان له خالصا وابتغي به وجه الله"
-رواه ابو داود والنسائي-.
ويقول عليه الصلاة والسلام قال الله عز وجل:
(أنا أغنى الشركاء عن الشرك; من عمل عملا اشرك معي فيه غيري تركته وشركه)
-راوه مسلم-
الواجب في الاسلام الاخلاص مع كثرة العمل
العبرة في الاسلام ليست بكثرة العمل فحسب; انما الواجب صحة الاخلاص لله وكثرة العمل
الموافق لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد جمع ربنا ذلك في قوله تعالى:
(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ
وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة:5]
فجمعت هذه الآيه الاخلاص واقامة الصلاة وايتاء الزكاة.
والعمل- وان كان كثيرا- مع فقد صحة المعتقد يورد صاحبه النار قال سبحانه:
(وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) [الفرقان:23]
وقال الفضيل بن عياض في قوله تعالى:
( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك:2]
قال: " اخلصه واصوبه قالوا: يا ابا علي، ما اخلصه واصوبه؟ فقال:
ان العمل اذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، واذا كان صوابا ولم يكن خالصا
لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص ان يكون لله والصواب ان يكون على السنة ماهي الأعمال التي اخلص فيها؟
بعض الناس يظن أن الاخلاص انما هو فقط في الصلاة وقراءة القرآن وأعمال العبادات الظاهرة
كالدعوة الى الله والانفاق، وهذا غيرصحيح،
فالاخلاص واجب في جميع العبادات حتى زيارة الجار وصلة الرحم وبر الوالدين،
فهذه مطلوب فيها الاخلاص، وهي من أجل العبادات،
وكل فعل يحبه الله ويرضاه واجب فيه اخلاص النية مهما كان العمل،
حتى في جانب المعاملات كالصدق في البيع والشراء وحسن معاملة الزوجة والاحتساب في اصلاح الأولاد وغيرها،
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله الا أجرت عليها حتى اللقمة تضعها في فيّ امرأتك) -متفق عليه-.
فكل أمر يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة فهو عبادة، وواجب فيها الاخلاص وان دق العملمـاهـو الاخـلاص
ضابط الاخلاص: أن تكون نيتك في هذا العمل لله لا تريد بها غير الله،
لا رياء ولا سمعة ولا رفعة ولا تزلفا عند أحد، ولا تترقب من الناس مدحا
ولا تخشى منهم قدحا، فاذا كانت نيتك لله وحده ولم تزين عملك من أجل البشر فأنت مخلص،
يقول الفضيل بن عياض:
"العمل لأجل الناس شرك وترك العمل لأجل الناس رياء والاخلاص أن يعافيك الله منهما".
فأخلص جميـع أعمالك له سبحانه ولا تتطلع لأحد، وأدخل نفسك في
قوله تعالى:
(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)
[الأنعام:162-163]
أثـــــر الإِخــــلاص
إِذا قوي الإِخلاص لله وحده في الأعمال ارتفع صاحبه إِلى أعالي الدرجات،
يقول أبو بكر بن عياش:
"ما سبقنا ابو بكر بكثير صلاة ولا صيام، ولكنه الإِيمان وقر في قلبه والنصح لخلقه".
وفي هذا يقول عبدالله بن المبارك;
"رب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية"
وبالعمل القليل مع الإِخلاص يتضاعف الثواب،
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إِلا الطيب فإِن الله
يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه*
حتى تكون مثل الجبل العظيم) -متفق عليه-
قال بن كثير:
في قوله تعالى : (وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
[البقرة:261]
قال أي بحسب إِخلاصه في عمله.
وإِذا قوي الإِإِخلاص وعظمت النية وأخفي العمل الصالح مما يشرع فيه الإِخفاء،
قرب العبد من ربه، وأظله تحت ظل عرشه،
يقول النبي صلى الله عليه وسلم
(سبعه يظلُّهُم اللَّهُ فِي ظِلِّهِ... وذكر منهم:
(ورجلٌ تصََّدقَ بِصدقَةٍ فأَخفاها حتى لا تعلم شمالهُ ما تنفق يمينهُ).
-متفق عليه-. يتبع.......يتبع........يتبع........يتبع..........ي تبع.......................