عبد الله سعيد القحطاني
لما يسود في ذهن الطالب بأن هذا المشوار الذي سيقضيه في دراسته من أجل الله عز وجل ومن أجل نفع دينه وأمته وأنه رجل المستقبل ، وأنه اللبنة الأساسية التي ستعتمد عليها هذه الأمة، وأنه ورجل المواقف ، فإنه يبدأ يضع له أهداف سامية ثم بعد ذلك يترجمها إلى جد وعمل يواجه ألم فراق الأهل ، وشدة عناء التخصص ، وحب الراحة والكسل …
ولهذا أحببت بأن أهمس في أذن كل طالب مستجد بعض الهمسات ، من أجل أن يكون على دراية بما قد يعتريه من خلال مشواره الدراسي .فأقول مستعينا بالله .
*** الطالب الجديد ... ينبغي أن يجدد نيته في طلب العلم سواء كان ذلك في العلوم الشرعية ، أو في العلوم الطبيعية والإدارية والتقنية ، فلا يكون اختياره للتخصص من أجل حظٍ من حظوظ الدنيا ولا من أجل المباهاة والتفاخر ، وإنما يكون ذلك لله ومن أجل الله ، وعندما يجدد الطالب هذه النية فهو في عبادة لله عز وجل يجد أجرها في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون " والإخلاص مع ما فيه من تصحيح العمل، وإقبال صاحبه عليه وتحقق الأجر والثواب له، فهو أمر قلبي لا يكلف صاحبه مزيداً من الجهد ، فلو عقدت مقارنة بين طالبين : هذا مخلص لله وهذا غير مخلص ، فكلهم سوف يحصل على الشهادة والمزايا المالية التي يحصل عليها الآخر.
والطالب الذي يستحضر النية الصالحة، منذ أن يخرج من منزله إلى أن يعود إليه وهو في عمل صالح ، فهو داخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم :"من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة" وكل ما يصيبه من تعب ومن جهد في الاستذكار والامتحانات فهو مأجور عليه[1]" ...
*** الطالب الجديد ... ينبغي أن لا يستقبل نصائح الكسالى التي تدعو للكسل والتسويف سواء كان ذلك في برنامجه الدراسي أو برنامجه الحياتي
فلا تصحب أخا الجهل وإياك وإياه *** فكم من جاهل أردى حليمًا حين وافاه
*** الطالب الجديد ... ينبغي أن يحرص على حضور كل المحاضرات في كليته ، فلا يغيب عنها إلا بعذر تقبله نفسه الجادة ـ ولا يستغل الغياب المسموح له في الكلية ـ لأنه يحرص على العلم والفائدة ، ويحرص على الفهم والتدوين ، وضبط النفس والاهتمام بالوقت ...
*** الطالب الجديد ... ينبغي أن يجتهد ويبذل ويسأل منذ أول أيام الدراسة ، فلا تكون أول أيامه غياب وسهر، ونوم وسفر ، بل يبدأ بطرق أبواب النجاح من أو ل يوم في دراسته ...
ياأيها الطالب ...الله الله ... في المستويات الأولى في كليتك ـ لأنها هي أساس نجاحك بعد الله عز وجل ، وسر تفوقك وسعادتك
أيها الطالب الجديد ... كان هناك طلاب نجباء في مرحلة الثانوية حصلوا على نسب عالية ... وما إن انفردوا بسياراتهم - ومسكنهم - وصاحبوا أصحاب الهمم السافلة إلا وبدأ مؤشر الفشل من أول مستوياتهم ـ حتى وقعوا في فخ الإنذارات من كلياتهم ، وبعد ذلك طردوا، وخسروا ثمرة أيام شبابهم ...
ومن طلب العلوم بغير كدٍّ *** سيدركها إذا شاب الغراب
*** الطالب الجديد ... لا يكون فريسة في بداية وأثناء دراسته للنوم لأنه أساس الفشل ، ومحور الرسوب ، وزادٌ للوم ... وليس ذلك على الإطلاق ...
وإنما أولا: عن صلاة الفجر وصلاة العصر خاصة ، لأنها تأتي غالباً بعد نوم ، والصلوات الباقية عامة ... فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول(من صلى البردين دخل الجنة ) رواه البخاري .
وقال عليه الصلاة والسلام بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه .
وثانيا:عن المحاضرات في الكلية فلا يتعود الطالب على كثرة السهر ، وحب الراحة ، والتلذذ بطعم النوم ، من أجل أن لا يخسر دينه وديناه وآخرته ...
قال يحي بن أبي كثير: لا ينال العلم براحة الجسم.
*** الطالب الجديد ... لابد أن يستعين بأهل الخبرة في تخصصه بعد الله ، فلا يتأفف ولا يكسل عن السؤال والاستفسار ، وخصوصا من الطلاب المجتهدين الذين لهم قصب السبق في التخصص ، فيسأل عن الدكتور أو المحاضر وعن طريقة اختباراته وعن مذكراته وعن طريقة التعامل معه ، ويسأل عن المادة التي يدرسها ، وعن طريقة مذاكرتها وعن الملخصات التي تساعد في فهمها ، ويسأل عن طريقة حسابه للمعدل التراكمي ويسأل عن كل ما يحتاجه في دراسته ، حتى يسهل له ذلك الوصول إلى ما يريد بكل يسر وسهولة .
*** الطالب الجديد ... لابد أن يطور مهاراته وطاقاته ، وذلك من خلال المشاركة في الأنشطة التي تساعده على التطور الذاتي والمعرفي في أروقة الكلية أو خارجها ، لأن الأمة لا تريد دكتورا أو مهندسا أو مدرساً أو مهنيا أو مدربا فقط ، الأمة تريد أن يكون الطالب كألف رجل سواء كان ذلك في إيمانه أو تقواه ، أو ثقافته وبراعته ، أو في دعوته ونشاطه ، أو في اهتماماته وتطلعاته ...
والناس ألف منهم كواحد ٌ *** وواحدٌ كالألف إن أمرٌ عنى[2]
*** الطالب الجديد ... لا يجدُرُ بأن يتخذ قراراته الفردية في دراسته بدون استشارة لأهل الخبرة والتخصص سواء كان ذلك في التحويل من قسم إلى قسم آخر ، أو من خلال حذف الترم في حال حصول طارئ أو قصور في الدراسة ، أو من خلال لا قدر الله عدم الرغبة في إكمال الدراسة ، أوفي إنزال المقررات في الأترام الصيفية ، وما خاب من استشار ، ومن استبدَّ برأيه هلك .
*** الطالب الجديد ... ينبغي إذا سكن بعيدا عن أهله أن يرفض وجود الفضائيات في غرفته أو شقته ويضع البديل مكان ذلك من قنوات المجد المتهيئة الآن ، أو جهاز حاسوب أو ما يكون بديلاً نافعا لذلك عند وقت الفراغ .
*** الطالب الجديد ... يحاول أن يتصرف تصرفا سليما في مكافأته ، فلا يسرف ولا يغرق في الكماليات التي يستطيع أن يستغني عنها ، لأن المكافأة إن وجدت من الكلية فهي لا تكفي الطالب إلا إذا أحسن التصرف معها ( وإلا سيغرق في الديون )
*** الطالب الجديد ... ينبغي أن لا يخضع للهتافات التي تدعوا إلى اليأس والقنوط ، ولا ينصت للهمسات التي توحي بترك الدراسة أو المذاكرة أو الحضور ، بل لديه همه تناطح السحاب ، ولديه وعي يقوده إلى التمييز بين النافع والضار ، ولديه عزيمة تدكدك شهوات النفس وآفاته .
*** الطالب الجديد ... لا بد أن يعود نفسه على أن يحضر قبل المحاضرة وقبل الاختبار بعشر دقائق ، من أجل أن يهيئ حاله ويحجز مقعدة ، ويراجع درسه ، ويقرب من لوحة الشرح ، لأنه إذا اعتاد على ذلك فسوف يتخلص من الآفات التي يتعرض لها بعض الطلاب في التعامل مع المحاضرات الدراسية .
*** الطالب الجديد ... عندما يمر بظروف صعبه في العيش أو إخفاق في مادة من المواد ، فعليه أن يصبر وأن يجد و يجتهد ولا يجعل العقبات التي يمر بها مفتاحاً لليأس وعدم الرغبة في إكمال الدراسة ، فإن الشدائد والمصاعب التي تمر على الطلاب في دراستهم تزول ، ويذهب أثرها عندما يأخذ الطالب شهادته من كليته " والحكيم من يبتهج بالمصائب ، ليقطف منها الفوائد[3] " .
*** الطالب الجديد ... لابد أن يربي نفسه تربية جادة ، سواء كان ذلك في الجوانب الإيمانية ، أو الجوانب العلمية ، أو الجوانب العقلية ، أو الجوانب الاجتماعية ، أو الجوانب النفسية ، أو الجوانب الدعوية ، أو الجوانب الخلقية والسلوكية ، وهذه الأمور لا تأخذ وقتا محددا ، بل يأتي ذلك بالتعلم وترتيب الوقت . فمثلا في الجانب الإيماني : لو أخذنا مثالا على ذلك في المراقبة لله عز وجل فينمي الإنسان في نفسه رقابة الله والخوف منه ، فعندما يهتم بذلك ، ستجد أن النتائج بعد شهر نتائج إيجابية وعندما يستمر الطالب على تربية هذا الجانب في نفسه فترة بعد فترة ، فإنه يعزز هذا الجانب في نفسه ، وعند ذلك يشعر الطالب بأن الله هو المطلع عليه ، وأن أي عمل يعمله لابد أن يستحضر رقابة الله عز وجل .
*** الطالب الجديد ... إذا كان يملك سيارة ، فكما قيل الحكيم أمير نفسه ، وتعامل الطالب مع سيارته هو المعيار الأساسي في تحديد سلوكه وأخلاقه ومستقبله ...
*** الطالب الجديد ... لا يكون فوضويا في أوقاته ، بل يكون مرتبا للأعمال حسب حاجة الزمن لكل عمل ، فهناك زمن للمذاكرة ، وزمن آخر لأنشطته ، وزمن آخر لأهله ، وزمن آخر لنفسه ، فلا يكون هذا الطالب أداة سهلة لمن أفرط في تضييع أوقاته وكثرة الرحلات والسهر الخلوات .
*** الطالب الجديد ... إذا عود نفسه على المذاكرة أول بأول ، وحرص على السؤال والمراجعة ، فإنه يكون أهدأ الطلاب بالاً أثناء الاختبارات وتكون أيام الاختبارات مجرد مراجعة لا تستهلك منه وقتاً ولا طاقه كما تستهلك من الطلاب الآخرين الذين يجتهدون ليلة الاختبار .
*** الطالب الجديد ... يحتاج أن يغير سلوكه ومواقفه وعواطفه السلبية التي كان يتأقلم معها في مرحلته الماضية ، لأنه بدأ يشعر بمسئوليته أمام الله عز وجل ، ويشعر بقيمة هذه الحياة ، وسار يفكر في إعداد مسار مستقبله بكل همة ووضوح ، وأصبح يشعر بأن الناس ينظرون إليه نظرة غير نظراتهم له في المرحلة الثانوية [4] .
*** الطالب الجديد ... ينبغي أن يسأل نفسه هذا السؤال " هل أنا في الكلية أم في الرابعة الثانوية؟
لقد درس طالب الكلية ثلاث سنوات على الأقل في المرحلة الثانوية ، ثم انتقل إلى الكلية ، فهل هو أصبح فعلياً طالب كلية ؟ أم أنه لا يزال في الرابعة الثانوية؟ لإن بعض الطلاب يعيش بعقلية طالب المرحلة الثانوية وتفكيره ، فلا يعدو انتقاله إلى مرحلة الكلية من أن يكون زيادة في رصيده الدراسي من السنوات[5] "
*** الطالب الجديد ... " ينبغي أن يكون له دور في فهم الحياة ؛ فلا يسوغ أن يكون مجرد إنساناً يعيش في المجتمع ويتطبع بما فيه ، ويحمل الأفكار السائدة أياً كانت هذه الأفكار ، بل لابد أن يرتقى إلى مرحلة أعلى ، فيسهم في فهم الحياة ، ويسهم في فهم المجتمع ، وفي تقويم الأفكار والعادات والتقاليد التي يراها في المجتمع ، وفي الحكم على صحتها وخطئها، ثم يسهم في التغير الإيجابي[6].
*** الطالب الجديد ... ينبغي أن لا يفتح لنفسه المجال في السمر الذي يقود إلى الإفراط ، وضياع المستقبل ، وضياع صلاة الفجر ، والغياب عن المحاضرات سواء كان ذلك في منزله أو عند زملائه .
*** الطالب الجديد ... ينبغي " أن ينتقي لروحه وقلبه وأخلاقه صاحباً يغذيها بأحسن الصفات ، وأجمل الآداب ، وأكمل العادات ، وأكرم الأخلاق ، ويتقي مرضى النفوس، ويتجنب ضعيفي الإيمان خوفا على دينه، وحفظاً لأخلاقه، أن يصيبها ما أصابهم
وصاحب تقيا عالما تنتفع به ***** فصحبة أهل الخير ترجى وتطلب
وإياك والفساد لا تصحبنّهم ***** فصحبتهم تعدي وذاك مجرب
واحذر مؤاخاة الدنيء فإنه **** يعدي كما يعدي الصحيح الأجرب
واختر صديقك واصطفيه تفاخرا **** إن القرين الى المقارن ينسب [7]"
هذه همسات بعثتها إليك أيها الطالب ، فإن رأيت صواباً فتمسك به وتعود عليه ، وإن رأيت غير ذلك فالتمس لي العذر ، وأبحث عن ما يسهم في نجاحك وتميزك ...
@@ ونحن في انتظار عطاءك لأمتك @@
وأسأل الله أن يوفقك ...
وأن يفتح عليك ...
وأن يسددك ...
وأن يجري الخير على يديك ...
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثير ...
أيها القارئ الكريم / ابذل في إيصال مضمون هذه الرسالة إلى أي طالب يلا يزال في بداية المشوار ، لأن البداية عند بعض الطلاب بداية مشوار الإنحراف عن الجادة ، وعن المثل التي ينبغى أن يتشبث بها 00 وهذه البداية أيها الداعية وأيها القارئ ينبغي أن يكون لك فيها سبلا متعددة تحمل في طياتها تكوين فردا حصيفا نابغا معطاء لأمته ، فالمرحلة التي ما بعد الثانوية توجيهها وترشيدها سهل جدا ، وذالك عندما نأخذ بأيديهم ، ونشاركهم همومهم 000000،
----------------------------------
assy_2005@hotmail.com
]