رسا ئل العشاق
من : رسائل العشاق ( 1)
تمهيد
هي صدفة وليست موعدا ,, بدوي صحراوي يغادر الصحراء : إلى بلاد المطر ذهب البدوي : فارس : مغلفا بذكائه وفطنته وتقاليده أيضا ,, جاء إلى لبنان يطلب العلم , دخل الجامعة وتقبل المتغيرات التي واجهته بكل سلوك يتناسب مع خلفيته ومكوناته ,, واجه بالصدفة أ يضا , أحد الطلاب العرب الذي يسبقه في الجامعة بسنتين وإ سمه :حمدان , وقد سر فارس بهذا الزميل الذي إتخذه صديقا له , وبهذا الصديق تعرف فارس .على مجتمع الجامعة ذكورا وإ ناثا , وفي مناسبة خاصة أخذه صديقه إلى منزل أسرة لبنانية ( مسيحية )حيث كانت الأ سرة على موعد لإ ستضافة الصديقين حمدان و فارس ,, استقبلتهم الأ سرة بالحفاوة والتكريم , وقد عرفهم حمدان على صديقه فارس وقال: إن فارس قد امضى جانبا من حياته في البادية ثم استوطن المدينة را غبا في التعليم, وها هو قد أ ختار لبنان ليطلب العلم في جا معاته , وهنا تلقفه شباب الأ سرة - وهم فتى وفتاتين – ورا حو يمطرونه سؤالات عن البادية والصحراء , واجابهم بكل لباقة وذكاء , وقد بهرهم , وكان أكثر من أعجب بل واستغرب إجابات هذا البدوي هي احدى الفتاتين ( ميري ) وهي أيضا طالبة طب في نفس الجامعة , وتمضي الا يام بل والسنون , وتتوثق العلاقة ويزداد التوافق والتقارب إلى العلاقة الإ جتماعية ( الزواج ) , ومع ذلك فلكل من فارس و ميري التي أصبح إ سمها (مريم الإ سم الإ سلامي - كما اراد لها فارس ) لكل منهما مشكلاته وعوائقه , فارس خلفه أسرته وعشيرته التي تمنع بشدة الزواج من خارج الغشيرة , أما مريم فإن عشيرتها النصرانية ستثور وتندد غير أن لدى النصارى ها مش من الحرية التي تمنح الفرد صلا حية قراراته الشخصية
و ينهي فا رس دراسته ويصبح طبيبا , ويعود إلى بلاده , ويفشل فارس وأم فارس في إ قناع أي فارس , وقد إشتد غضب : ظافر الغساني - والد فارس - حين علم أن من يريد الزواج منها نصرانية , وقال لفارس : أجنبية ونصرانية ؟ من فعلها قبلك يا فارس ,, وحين أرا دفارس أ ن يذكره بأ ن الرسول (ص) قد فعلها , قال والده : ذلك رسول وله مبرراته , وخير فارس بين أهله وعشيرته وبين تلك النصرانية
وهنا أحبط بفارس وأ صابه الحزن واليأ س ,, وعندها أراد فارس أن يخبر مريم - وبصدق- بما حدث , ولينقل إليها : ألمه وأمله وكتب الرسالة التالية
إليك يا اااا مريم أدفع بألمي وأملي ,, ومن داخل الحصار , الذي إ رتضيته لنفسي , ,ومن وراء الأ سوار, التي تحيط بي ,, ومن خلال الوثاق , والخناق , الذي يضغط على مشاعري ,, من ميدان هزيمتي ,, ومن معركة إ ستسلا مي , التي لم تكن إلا لأ مر الله أولا , ولطاعة والدي وعشيرتي ثا نيا ,, من هذا الموقع,الذي أراده الله لي ,, مثلما , أراد وقدر سفري إلى لبنان , وقضى أيضا بأ ن ألتقي بمن تتوافق مع , أفكاري وتلبي مشا عري وعواطفي , وتبلغ آ مالي و طمو حاتي لمستقبل أسري ناجح ومتكافىء ,, إليك : يا اامريم ,, الفتا ة النصرانية : التي خالط مشا عرها الدينية ومضات وملا مح إسلامية ساورتها من خلا ل لقا آ تنا وحوارنا الطويل ,فرضيت وقبلت وصدقت وأ خلصت لمسلم وافد , ورغم كل العوائق ,, إليك يا اامريم النصرنية التي صدقت وأخلصت , إليك أنقل الأ لم والصدمة التي واجهتها مع والدي وعشيرتي : ( وقبل أن أقص عليك العوائق والإ شكالات التي عا نيتها ,, اؤكد وأصر على موقفي وتمسكي بالعهد مهما طال الأمد )
وقفت أ مام قومي و جاهدت ونافحت وكا فحت , قرأ ت لهم كل الحجج وقدمت لهم كل البراهين بصواب وعدالت مسيرتي ,,قلت لهم : إن مريم من أصول عربية - فذلك مهم لديهم – وقلت لهم : إنها " كتابية " وديننا الإ سلامي , لا يمنع الزواج من الكتابية ,, قالوا نصرانية وأ جنبية ,, قلت : إن رسولنا الكريم ( ص) قد تزوج نصرانية إ جنبية ,, قالوا : ذلك نبي وله مبرراته ,, وقلت لهم الكثير عن أ خلا قك وسلوكك ,, لكن التقاليد الصلبة قد تحطمت عليها حججي ومبرراتي ,, وقالوا : عليك الخيار بين أهلك وعشيرتك وبين الزواج من الخاؤج ,, يا اا مريم وبقيت أ عاني من إجهاد عقلي وفكري , وأ صبحت في موقف لا أ حسد عليه ,, أ مران ها مان في حياتي : علي أن أ تخلى عن أ حدهما ,, أ هلي وعشيرتي ,, أو تحطيم مشاعري و أ حلا مي ,, كان هذا هو الموقف يا اا مؤيم ,, و صد ر الحكم من والدي غفر الله له بأ ن أمتنع عن رغبتي , وأ ن أعصف بمشا عري , بل و قرر من غير قصد – سا محه الله - بأ ن أعزف وأمتنع عن الزواج بالمطلق ,, إذ ليس لي إلا إرادة واحدة ,وقد صدر الحكم ضدها ,, يا اامريم وعزلت نفسي في حقل من الهواجس والهموم , التي راخت تنهش نفسي وتضغط على مشاعري ,, يا مريم : ولكن نسمة إيمانية من تعاليم إ سلا منا الذي حدثتك عنه كثيرا ,, هذه المسة هونت علي وطيبت خاطري , فا الإ سلام يامريم قد نهانا عن اليأ س والقنوط ,, ويرشدنا بأ ن نحسن الظن بالله حين ندعوه ونرجوه لأن ييسر أمورنا ويهيء لنا مقاصدنا ,, لذا فأ نني بعد لجوئي ألى ر بي ,ساورني شعور وإ حساس بأ ن هناك قبس شمعة من الأ مل تضيء في ظلام القنوط ,, من يدري ؟ فلربما زاد ذلك القبس , ثم زاد وأ ضاء حتى أ صبح سرا جا منيرا يهدينا إلى ما قد ر الله لنا من إ ستجابة مو فقة لأ هدا فنا ,, قولي معي أ مين ,, و سلام من رب رحيم ,,,فارس
تسلمت مريم رسالة فارس ,, التي أ نعشتها بعد أ ن كانت سادرة في حزنها ويأ سها , ورغم نزعة الحزن واليأ س الذي لمسته في رسالة فا رس إلا إنها - الرسالة – قد أ شعرتها وكأ نها تتحدث مباشرة مع فارس , كما عمقت الصلة به وأ يضا سرها ذلك التفاؤل الذي ورد بنهاية رسالة فارس , وكتبت تقول : -
بر سالتك يا فارس بللت جفاف مشا عري ومسحت بلطف على أ حزاني ,, أيها الفارس الذي غزا كياني , و استولى على مشا عري ,, إليك يامن قهر قلبي وأ غلق كل مدا خله , إلا مدخلا واحدا , هوله وحده ,, إ ليك عيني اللتين لا تغيب عنهما على مدى الأ يام والليالي , ,لقد جعلتني أعيش حلما سبح بي في خيال ممتع ولذيذ ,, يا افارس : لماذا أتيت إلى لبنان وأستوليت على قلب فتاة نصرانية وأنت مسلم ؟؟ فما هى القوة ؟ وما هي المقدرة التي جعلتك تحجب عنها وا قعها ومجتمعها ؟ بل ودينها ؟ هل هو ذلك السلوك الإ نساني ؟ أ م الثقافة والذكاء والبلا غة في التعبير ؟ أم أنها تلك الجرعات ( الإ سلامية ) التي أرسلتها إلى ذهني ثم تغلغلت إلى فكري وأ ختلطت مع ديانتي ؟ والتي وقفت عندها طويلا ( في حالة تأ مل ) ,, أو لعله ( القدر) , ذلك التعبير الذي سمعك تردده أنت وصديقك حمدان ,, يا فارس ,, ما هي صفاتك ؟ أنت لست أبيض ولا أشقر ,, ولكنك تتحلى وتلبس لون القمح ( الذهبي ) أ ما ملا محك الهادئة الجذابة , فقد أبدعها وسواها خالقك ربك ,فبدت مريحة تشع طيبة ورجولة ,هذا أنت يا فارس , وهذ ا كله ,,, هو السلاح الذي ( لا يقتل ) ولكنه أ سرني و جعلني أستسلم , كفتاة نصرانية إلى شاب مسلم نادر المثال,, فلا يلومنني أحد علي ما فعلت ,,
يا فارس ,, : لقد غادرت لبنان ومعك كل مشاغري وأ مالي ,, أما بقية جوارحي فقد قمت بتغليفها بغلاف سميك , لا يمكن لأ حد أن ينتزعه أو يصل إليه , لأ ن ( الكود ) الرقم السري أنت وحدك من يملكه ,, يا اافارس إنني أ شاركك الحصار الذي رضيته لنفسك , رضيت به وا ستسلمت له ,, ليس جبنا منك , ولا عدم شجاعة ,, ولكنه الخلق السا مي والمو هبة الخلقية و الإ نسانية التي تتمتع بهما ,,فلقد أ قدمت على كسر وتحطيم عواطفك , من أ جل , طاعة وإ حترام وإ رضاء والدك ,, إنها قمة التضحية , تضحية في طاعة والدك التي هي أ يضا طاعة لربك ,, يا فارس : إنني رغم خسارتي بل فجيعتي سوف أبقى متضامنة معك روحيا وفكريا , ثم أعود إلى نفسي لأضمد جراحي الروحية والنفسية ,, وسوف أبقى منطوية على نفسي ,, ولولا مهنتي الطبية والتي نزفت في سبيلها فكري وعمري , والتي ألتزم نحوها بأ داء الواجب الوطني والإ نساني , لولا ذلك الإ لتزام ,لتوجهت إلى أي كنيسة وسلمت لها نفسي متطوعة في خدمة الله ورا غبة عن الدنيا ومبا هجها ,, أ بدا أبدا يا فارس لن أ فكر في رجل آ خر , لأ ن رؤيتي للحياة الزوجية تعني التمازج الروحي والفكري والإ نساني والخلقي -- وهو ما لقيته عند ك يا فارس – وليست فقط المتعة الجسدية ,, ياااافارس : لا أريد أن يتوقف حديثي معك ,, فهو يتدفق كاالسيل المنهمر ,,
يا فارس إن في ذهني وفكري ملحمة أو د تسطيرها وتسجيلها بالحروف على الورق , لتكون نسخة طبق الأ صل لما يختزنه ضميري , ولتكون أ يضا سجلا وثا ئقيا لمسيرتنا الشريفة الطاهرة , وتراثا نعود إليه كلما دق جرس الحنين إلى سيرتنا ,, يا فارس رغم فشلي وفجيعتي , فإ نني فخورة بك , و رغم حسرتي أيضا عليك ,فسوف تبقى في رؤيتي : الرجل المتفوق نعم المتفوق ,,. يا فارس رغم كل ذ لك فإ نني أتمنى لك حياة إ جتماعية موفقة , وأ رجو أن لا يؤثر فشلنا على مسيرتك ومهنتك , فأ نت طبيب متفوق , وبلادك بحاجة إليك , فعش حياتك ودع لي الحمل الثقيل ,, فوداعا ,, وآمين ,, أيضا على ريمتفاؤلك ,,, مريم أ