
عـــــــــــودة إلـــــى شــــــــــئ من المــــاضــــــــــــي
عــــــودة إلى شــــــئ من الماضـــــــي
ماذا يجري لو عاد بنا الزمن إلى الوراء خمسين سنه أو مائة سنه أو أكثر ؟ هل ممكن أن نتحمل واقع ذلك الزمن؟
هل كان من الممكن أن ندبر أمورنا ؟ نحن أبناء هذا الجيل وأبناءنا الذين ولدوا في المستشفيات ودخلوا الروضات
وشربوا النيدو ونحن وأبناءنا مسكنا الريموت أكثر مما مسكنا المسابيح !!
هل يمكن أن نقوم بأدوارنا على خير قيام ؟
أرجوا التفكير قليلاً ..
هل كنا سنتحمل السكن في بيوت الشعر خلال شهور الصيف والشتاء القارص والشرب من الوقران ومن الساقية
(العادة) ومن الفراش الذين يقومون بحفرها ورفع جوانبها حتى يتجمع فيها مياه الإمطار الفراش الذي أذا ركدت
مياها بعد الإمطار وأصبح صافياً وأخذت الرياح تحركه قليلاً والحشايش مخضره على الجوانب مما تكون مناظر
طبيعية خلابة. ورعي الابل والأغنام والمشي ورآها حفاة على الحصى والرمل المحرقة 0
لا..ولاتنسى المغازي والصباح وثأر فلان ودم علان وفلتان وربما تروح فيها وتقتل وأنت معفي وتروح ضحية
طلب ثأر واحد من الأقارب .
واحتمال أن تأتيك طلقه طائشة في وسط معركة وتنزل من التعداد وتقل قوة الأسرة قبل أن يكون لك فعل
أو حتى لو تذكر بفعل يخلد لك هذا أذا كنت بدوياً.
أما أذا كنت(قروي) فالموقف أصعب وأكثر مراره فالخيارات كلها متعبه وتهد الحيل :-
القرية ومتاعبها :
الزراعه يقوم أولاً بالحرث على الابل أو البقر أو الحمير على أن يقتاد هذه الحيوانات أحد الأبناء أو البنات
أو النساء ورأس الهرم وراء هذه الحيوانات ممسك بيده اليسار الشرع ( المحراث ) وبيده اليمنى العرقه ويقوم
يذرا القمح وهو يرد تلك المقوله (( أذر لنا ولشابرين والطير النافرين )) (( ذليل ليلة الحناذير يظل لها قواطير))
وغيرها وإذا أنتهى رأس الهرم من الحرث والمذرا يقوم بكمها بواسطة خشبه طولها 2م وعرضها 30سم
(مستطيلة الشكل ) حيث يقوم بركوب على هذه الخشبه وتلك الحيوانات تسحبه ويصحب هذا العمل مواويل تذهل السامعين وتملا أفاق تلك القريه وناسه.
ومن ثم تأتي عملية التقصيب وهي(( طريقه هندسيه جدا عكس الخرايط التي تخططها الأمانات الآن على ورق
مقاس 80سم x70سم لتخطيط المدن التي شوارعها تشكي الازدحام بل مزرعة مساحتها يقارب من 400م2
إلى 1500م2 )) يقوم بتخطيط المزرعه بقدمه أولاً ثم يقوم بعملية التقصيب على التخطيط الذي رسمه وهذا العمل
يقوم بتوزيع المياه على المزرعة بتساوي . ولها مسميات عديدة منها الفلج والشطي والروبه والعادة ( الساقية)
الذي يجري فيها الماء ويقوم بتوزيعها على هذه المسميات .
ولا ننسى تلك البئر وما عليها من العجل والرشا والدلو والسواري والزنده والذيب وهو الذي يمسك العجلة
ويربط الرشا في الكتب الذي يضع على البعير أو الثور ويجرها إلى أسفل المنحى فتصب الدلو في الحوض
الذي يخرج منه الماء إلى الساقية المؤدية إلى المزرعة ولهذه المزارع تسميات عديدة منها (( الجربة . الموضع . الحبله ... الخ)).
كما أن صاحب هذه البئر يقال له بأنه شاعر حكمه حيث يأتي بحكم أثناء تغنيه مثلاً :
[poem=font="Simplified Arabic,5,darkred,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,medium,gray" type=4 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
(( عمالها ما يرقد الليل كله = احسب أنش يا ثريا مسير وعوادي
اثرش يا ثريا سنين طوالي = عسى وبارق خريف يسقي البلاد الى الزنودي
سقاها من الوسمي وزود ربيع =................................... الخ )).[/poem]
ويتطور بهم الحال ويأتي ماطور المغربي والعبيري ويصحبها أحداث مولمه نتيجة مايحدث من الغرق وذلك لطلوع والنزول في الآبار لتشغيلها.
ومن ثم تأتي مكينه البلاكستون والسير والطربه والمواسير والمراوح والشفاط ولن يشغلها من كان في مدينه
وأن فعل يمكن تنفجر كبده !!!!!!
وتعال الله لا يحملنا أكثر من جهدنا أذا كان ذلك المذرا الذي قام به رأس الهرم ذرة (الذرة الصفراء) أي موسم
الذرة الذي في الشتاء من يوم تطلع المطيان تعلن حالة الطوارئ والاستنفار وتدق صافرات الإنذار ويبدأ التهئو والاستعداد وتنص المظلات (العشش) في الأماكن المرتفعة والقريبة من هذه المزرعة وإذا ما كان هناك أماكن
مرتفعه ترفع هذه المظلات حتى تكشف هذه المزرعة . وتبدأ ساعة الانطلاقة من بعد صلاة الفجر وحماية هذه
المزرعة من الطير والحماة مسلحين بما يسمى :
المضافة ــ وهي التي يضع بها الحجر ومن ثم يقوم بلفها كأنه طائرة هلكبتر ومن ثم ترك أحد أطرافها وتسديد
تلك الحجر إلى المكان المخطط لها أن تقع فيه.
المقراح ــ وهو يطلق صوت يذعر تلك العصافير ويرهبها .
وفي قرب المغرب يقومون بحرق الكفرات تحت الطلح لطرد تلك العصافير ويقومون بتحديرها عن المزارع بتعاون
مع أهل المزارع الاخرى وهكذا ما يقارب شهرين ونصف . أما الزراعه في باقي الفصول فأخف قليل مافيها حماية
طير والله يستر لا يأتي جراد ويقضي على الجهد كله .
هذا ولم تنتهي المعاناة يأتي الصريم وتكسير مطيان ألذره أذا كانت ذره ويأتي هنا التكافل الاجتماعي بين
أفراد هذه القرية حيث يقومون بمساعدة بعضهم لبعض رجال ونساء (فزاعه) والتحميل إلى الجرين والرصف
وهناك أعمال وإجراءات شاقه في عزل حبة القمح عن القشرة وحراسة الأعلاف من لصوص في الليل .
((ليس كواقعنا اليوم تشتري صحبة البعيد وتكره القريب)) .
ناهيك عن بقية الإعمال حيال أشجار الرمان والنخل والتين وغيرها واحتمال أن تطيح من فوق أحدى هذه الأشجار وتنكسر رقبتك.
لا ولاننسى الأغنام في الصباح الباكر تقوم النساء بحلبها ورضع بهمها ومن ثم عزل ألبهم عن أمهاته ومن ثم
تسريحها براعي والرعاة هم من يجيدون الدندنة والمنكوس من بعد العصر والعودة في المغرب ومن ثم تقوم
عملية الحلب ورضع ألبهم والعد وتفقد الحلال .
ثم يأتي دور النساء في تنقية ذلك القمح وطحنه لإعداد الطعام لإفراد الاسره ولضيف وللمناسبات
ولا ننسى ما يقوم به النساء من الذهاب إلى جمع الحطب لتستخدمه في طهي الطعام أو شب النار للقهوة
وتعال ناظر والنساء ذاهبات إلى الآبار لغسيل الملابس حاملات صحون تلك الملابس فوق رئسهن
ولا ننسى ما يقومون به حيال تزين البيوت حيث يذهبون إلى أماكن تواجد البياض (وهومادة مشابه لنورة)
ومن ثم ملج البيوت بطين أولا ومن ثم البياض هذا من الداخل ثم التعريج إلى الدرايش وهي الشبابيك وعمل
لها برواز من البياض وهي تردد ((صهرت بيتي بياضه ياقبلة الله ينظافه)) ثم يأتي دور الزخارف التشكيلية
بالإصباغ وتزين المجالس والفرف والدرج بها (( هذه الزخارف التشكيليه تضاهي معارض الفنون التشكليه )).
((النساء اليوم تنازلت عن جميع هذه الأدوار إلى الرجال لا وهناك من ينادى بتحرير المرأة كيف مدري !!!!!!)).
يجب أن نعترف فالماضي ليس بذاك الجمال الذي نتوقعه وسنجد أن كبارنا ممن عاشوه يقولون ذلك بصدق
رغم أن يتحسرون عليه بنوع من حنين ولكنهم يحمدون الله على ما هم فيه ولا يتمنون عودة الماضي .
لا لم تكن البداوة جلسات ناعمة على غدير مع رزنه ومزنه وإذا ناديتها قلت (( يابنت الاجواد)) أو (( سمعنا من
القصيد يا مناحي )).
ولا القرية كانت مجرد هواء نقي وماء على ضفاف العوايد (السواقي ) ومحاصيل طازجة بصراحة.
نحمد الله تعالى أنا عشنا في هذا الزمن ولم نضطر للعيش في زمن خياراته صعبه وظروفه عسيرة وإذا كان
أجدادنا يتقنون الغزو والغرس وغير ذلك من أعمال فنحن لا نقل مراجلاً عنهم ولسنا أقل فائدة وأنا أتحدى
أي واحد منهم مثلاً أن يحرز الأرقام التي يحرزها ولدي الصغير في ألبلي ستيشن !! أو أن يبرمج جهاز الجوال!!
أو أن يلعب لعبة السوليتير !!
والســـــــــــــــــــلام عليكم,,,,
__________________
[frame="7 80"]
[poem font="Simplified Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,medium,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
[poem font="Simplified Arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,medium,gray" type=4 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
بسم الله اللي ماغره خط الاقلامـي= اجال وارزاق كل الخلـق قسمهـا
منه واليه الامـر لوطالـت ايامـي= عساه روحي من التعذيب يرحمهـا
غرقان في وسط بحر اذنوب واثامي= اخفيتهـا عالبشـر والله يعلمـهـا
غرتني النفس والشيطان واحلامـي= وفرطت في سالف الايام واعظمهـا
وغفلت عن حفرة ليمـت قدامـي =اكبر عيالي على راسـي يهدمهـا [/poem][/poem]
[/frame]
التعديل الأخير تم بواسطة سعيد بن مسعود آل مهدي ; 06-03-2007 الساعة 06:05 AM