قصتي مع الجفري ح6


مجلس الإسلام والحياة يهتم هذا القسم بجميع مايتعلق بديننا الحنيف

 
قديم 20-05-2006, 12:25 AM
  #1
حراليدين
عضو فعال
 الصورة الرمزية حراليدين
تاريخ التسجيل: Jan 2005
الدولة: بوظبي ( دار زايد -رحمه الله -)
المشاركات: 592
حراليدين is just really niceحراليدين is just really niceحراليدين is just really niceحراليدين is just really nice
Lightbulb قصتي مع الجفري ح6

السلام عليكم

ايها الاحبة ،،

عذرا عذرا على التاخير و هاكم الحلقة السادسة (قبل الاخيرة ) و الله الموفق






الحلقة السادسة:
نادي منادي الحج، أن هلموا إلى البلد الحرام، أن تعالوا إلى البيت العتيق، حيث الأمن والأمان، حيث الطهر والإيمان. لقد كان فؤادي يرجف كلما ارتحل يوماً مودعاً، وجد آخر مقبلاً، يبشر بأن آن أوان الحج، وحان وقت أداء الركن العظيم. بعد تردد شديد، أعلمت والدي أني أنوي الذهاب إلى الحج، فوافق من فوره وأمدني
بالمال الذي أحتاج إليه، فجزاه الله عني خيراً، ورفع منزلته، وغفر ذنبه، إنه جواد كريم.
هاهي القوافل تستعد للسير إلى مكة، وأنا لا زلت حائراً في شأن الحملة التي سأذهب معها. هل أحج برفقة الجفري أم لا؟ كنت شديد الحيرة، صليت الإستخارة أكثر من مرة، وطالت حيرتي وكاد أن يذهب الحج فأغدو بلا حج. مضت القوافل وبقيت وحدي فلم أجد بداً من اللحاق بحملة الجفري. لحقت بهم براً إلى مكة وهناك
اتصلت بهم وأرسلوا لي مندوباً ليأخذني إلى مقر المبيت في منى. ما أعظم تلك الأحاسيس التي لا تنسى، فقد كان للإيمان هديلٌ لا يهدأ، وللأشواق حرارةٌ لا تنطفئ. وصلت مكة وأنا أحضن هواءها وسماءها، أتأمل جبالها وأوديتها، فإذا بها ليست كباقي الأرض، بل أسمى وأعلى، أرفع وأعز. كل شيء في تلك الأرض
مخبتٌ لله، حتى غصون الأشجار، وصخور تلك الجبال الشاهقات. سبحان من جعل ذلك البلد مهبطاً للوحي ومناراً للهدى، هوى للأفئدة وعلاجاً لضيقيّ الصدور.
وصلنا إلى منى ورأيت جموعاً من الناس ينزلون من الحافلات متوجهين إلى المخيم، كانت إحدى الحافلات تقل الجفري، فرأيته وسلمت عليه، ثم دخلنا. بدأ النداء علينا واحداً تلو الآخر لأخذ الفراش والوسادة والغطاء. جمعت حاجياتي وذهبت إلى آخر المخيم، فكانت لي إحدى زواياه. هيأت مكاني ورتبته ثم خرجت
لأنظر لعلي أجدُ أحداً أعرفه، فما إن خرجت حتى وجدت خلقاً كثيراً ممن كنت اجتمع بهم في الجامعة أو في الموالد. كانت أكبر المفاجآت بالنسبة لي هي أني وجدت ذلك الرجل صاحب الكرامات والكشوفات الذي زارانا في الجامعة، فسلم عليّ بحرارة وأخذ يضمني وأنا في الحقيقة مليء بالغيظ. جلست أتأمله وكيف
ينخدع به الفتيان، ويفتنون بحركاته التي هي أشبه بحركات مشعوذٍ مبتدأ، فكنت أتحسس عقلي وأسأل نفسي أين كان في ذلك اليوم الذي مرر علينا خديعته. أحس الرجل بأن شيئاً ما تغير، فأنا لا أستطيع أن أخفي تلك التعابير من وجهي، فسألني: ماذا بك؟ هل أنت متضايق من شيء؟ أتريد أن نجلس سوياً لنتحدث؟
قلت: لا، ليس بي شيء. لكني أشعر بتعب الرحلة فأنا قطعت شرق المملكة إلى غربها براً. مضى لشأنه ثم عاد وأنا برفقة بعض الشباب، فناداني وسحبني بعيداً عنهم، ثم أعطاني ورقة. قلت: ما هذه؟
قال: لا تفتحها الآن. افتحها عندما تعود إلى الدمام.
قلت: ولم؟
قال: اسمع، هذه الورقة تجعلك ترى النبي صلى الله عليه وسلم يقضة.
قلت: وكيف ذلك؟
قال: عندما تكون في غرفتك خالياً بنفسك، تنظف وتتطيب، ونظف غرفتك ثم طيبها هي الأخرى. بعد ذلك، قم بفتح جزء يسير من النافذة، وافرش السجادة التي اعتدت أن تصلي فيها واجلس عليها بعد أن تطفئ الأنوار وردد الدعاء الذي في الورقة. عندها ترى النبي صلى الله عليه وسلم بقدر إيمانك.
قلت: ماذا يعني بقدر إيماني؟
قال: إذا كان إيمانك عالياً فسوف تراه على هيئته وأما إن كان إيمانك غير ذلك فإنك سوف ترى نوره فقط.
أخذتها، ومضيت إلى فراشي لأستريح قليلاً من عناء السفر وتعب الرحلة. لم استطع النوم في تلك الأجواء الإيمانية فأنا أحس أني لوحدي في هذا المخيم بل في منى كلها، لا أشعر بأي كائن حولي، حتى الورقة التي أعطاني إياها لم تكن لتشد انتباهي بل لقد هممت بتمزيقها ثم تراجعت لأحتفظ بها كدليل على سذاجة القوم وقلة عقولهم.
نادوا علينا بالغداء، تغديت وجلست معهم قليلاً ثم تفرق كلٌ وشأنه، فذهبت لأقابل الجفري وكان في خيمته الخاصه لا يُسمح بالدخول إليه فيها لأي أحد. طلبت من الشخص الواقف عند بابه أن يأذن لي بمقابلته، فأبى. قلت له: ادخل عليه واخبره أن فلان يريد لقاءه على انفراد. دخل عليه ثم عاد وقال لي: تفضل. دخلت
عليه وسلمت ثم جلست. قلت: أرجو أن لا أكون قد أزعجتك. قال: لا. وأنا أشهد أن من طبعه التواضع والبشاشة في وجوه الناس خصوصاً أمثالي الذين يحاول الجفري وغيره أن يحُوّلوا انتمائهم إلى الصوفية المبتدعة. تجاذبنا أطراف الحديث حول رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقضة والأدلة القائمة على ذلك
واستنباطات العلماء. كان يحاول أن يقول لي بطريقة غير مباشرة أني أقدم العقل على النقل في هذه المسألة، وأنا أحاول أن أُقدر للعقل قدره الذي جعله الله لنا وأمضاه لنا في الشرع. لم يطل النقاش فلم يكن الوقت ملائماً لذلك فاستأذنت وخرجت من عنده.
بعد أيام كان موعد اللقاء الكبير الذي ينتظره القوم، فقد أتى الناس من كل مكان بعد العشاء ليستمعوا إلى تلك المحاضرة التي سيلقيها الجفري ولكن بعد إلقاء عدد من الكلمات والأناشيد المُصاحبَة بالدف. تجمع الناس وكانت الخيمة ممتلئة بطريقة لم أعهدها من قبل، فأنت لا تكاد تجلس إلا محصوراً من شدة الزحام. بدأ
بعض المحاضرين الذين أتوا من مصر بإلقاء بعض الكلمات والمدائح في الجفري، ثم جاء وقت النشيد. كان الكل طرباً منصتاً لتلك الكلمات التي ما خلت من الشرك، فقد بدأت وقتها أميز بين الطالح والصالح منها. تقدم احدهم لإنشاد كلمات من تأليفه فكانت أردى بضائع الأدب الذي سمعته في حياتي، وأقبح الأوصاف
المبتذلة التي مرت عليّ، لم أكن وحدي مستاءً منها، بل الحق أن كثيراً ممن حولي كان لغطهم قد كثر جرّاء ما يتلفظ به ذلك السفيه الأحمق. لقد كان ينشد مادحاً فاطمة بنت أشرف الخلق بكلمات ما سمع ولن يسمع الدهر أشد وقاحةً منها. لقد كان ينهق بموالٍ مزعج للأذان، مُغلفٍ للقلوب. كان يصف جسدها الشريف ثم
يأتي على باقي أنحاء جسدها ويمدح صدرها ويولول (يمول) بقوله وصدرها... وجسدها...
لم أحتمل ذلك الهراء، والقول الفاحش في بنت أشرف خلق الله كلهم، فوقفت بين الجمع لأكثر من دقيقة كنت فيها متردداً بأن أذهب فأصفع هذا الوقح على وجهه أمام الناس وأُخرس لسانه وكان الجفري ينظر إليّ وأنا أنظر إليه والشرر يتطاير من عينيّ، فقررت الخروج غاضباً أشد ما يكون الغضب على بشر قط. توجهت إلى
مكاني، أخذت سجادتي ومصحفي وخرجت مسرعاً أركض نحو جبل منى وأنا أبكي كالطفل الذي فقد أمه وأهله وعشيرته كلهم. أخذت أصعد الجبل حتى وصلت إلى مكان لا يصل إليه. فرشت سجادتي على تلك الأرض الصخرية ووضعت المصحف جانباً وأخذت أبكي بكاءً شديداً. أصابتني نوبة من البكاء لم أعهدها
على نفسي من قبل أبداً. جلست على تلك الحال حتى هدأت نفسي ففتحت المصحف وأخذت أقرأ فيه حتى انتصف الليل. فرجعت للمخيم ولم اكلم أحداً قط، وأويت إلى فراشي فنمت.
طلع الصباح فقابلت الجفري في غرفته الخاصة، ولا أذكر هل هو الذي استدعاني إليه أم أنا الذي ذهبت للقاءه. كان قد رآني ذهبت مغضباً من مجلسه الليلة السابقة فسألني: هل حضرت المحاضرة ليلة أمس.
قلت: لا.
قال: لقد فاتك الإبتهال (الدعاء الذي يُختم به المجلس) ليلة البارحة. لماذا لم تحضر؟
قلت: أنت تعلم سبب انصرافي.
قال: لماذا؟
قلت: قلت لك أنت تعرف ما الذي دعاني إلى الخروج من مجلسك.
قال: أتقصد ذلك النشيد وتلك الكلمات التي ألقيت في السيدة فاطمة.
قلت: ألم أقل لك أنك تعرف.
قال: لكن يا سيد هذا محب جديد لآل البيت، وما أردنا أن نوقفه هكذا أمام الناس فنحرجه فيذهب عنا ولا يعود.
قلت: أوا تجاملون في عرض بنت أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم. لقد كان سؤالي عليه بمثابة المفاجأة فلم يكن يتوقع أن أكون جريئاً معه هكذا.
قال: أنا أقدر غضبك وغيرتك، لكن الأمر كما شرحت لك.
قلت: إن كنت لا تبالي في عرض بنت أشرف الخلق، فلا تنسى أنها جدتك.
قال: يا سيد اعلم أن ما حدث خطأ لكن....
قاطعته قائلاً: أنت هنا بمثابة داعية أو عالم عند أولئك الناس الذين حضروا بالأمس وسكوتك هو إقرار لكلام الرجل.
لم أنتظر رده فسلمت وخرجت.
فلتزلزل جبال منى ولتدك جبال الأرض قاطبة ًإذا كان عرض الزهراء محل مجاملة لضيف جديد... ألا فلتسقط السماء كِسفاً على قومٍ أهانوا عرض نبيهم وادعوا محبته زوراً وبهتاناً... ولتمور البحار موراً موراً.. ألا فلتنخلع القلوب، ولتتفطر الأكباد، ولتذرف الأعين حجارةً حمراء... ألا فلتتفجر الدماء في العروق... ألا
فلتتحرق الأرض بمن فيها على مثل أولئك القوم.. كان ذلك اليوم آخر عهدي بالجفري، وياله من ختام!!!
مضت باقي أيام وأنا لا أكل معهم ولا أجالسهم قط. كل ما أفعله النوم في فراشي، ولو استطعت إلى غير ذلك سبيلاً لفعلت. كنت لا آتي إلا آخر الليل، وأخرج في الصباح الباكر حتى انتهى الموسم وعاد كلٌ من حيث أتى.
عندما عدت إلى الدمام، قابلني صاحبي ورأى مني تغيراً شديداً فلم أخفي عليه ما حصل بل واجهته، أخذ يبرر فلم أجعله يكمل، إذ أن الأمر حساس إلى درجة عالية. كان يحاول معي من فترة إلى أخرى أن أذهب معه إلى المولد حتى أيس من ذلك، فلم يعد يسألني الذهاب معه.
يتبع......... الحلقة السابعة و الاخيرة
__________________
[frame="7 88"]قال شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله - : و لعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا و كان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته[/frame]
حراليدين غير متواجد حالياً  
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:11 AM

ملصقات الأسماء

ستيكر شيت ورقي

طباعة ستيكرات - ستيكر

ستيكر دائري

ستيكر قص على الحدود