عرض مشاركة واحدة
قديم 29-10-2012, 01:20 AM
  #9
يحي البشري
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 757
يحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond reputeيحي البشري has a reputation beyond repute
افتراضي رد: تجارة الرقيق في اوائل القرن التاسع عشر في الحجاز


ومع ديسمبر 1921م عادت تجارة العبيد لسابق عهدها مع تراخي السلطات. ويفيد تقرير المايجور مارشال، قُنصل بريطانيا، الذي بعثه الى قيادة البحر الاحمر في بورسودان، بأنه لم تعد للحكومة الحجازية الهاشمية القُدرة على السيطرة على تجارة العبيد، ولا مُلاحقة المهربين، حد ان بعض رجال الجُمرك الفاسدين يُقدِمون بين فينة وأخرى على تلقي رسوم جمركيّة رسمية على شحنات العبيد، وآخرها شحنة قادمة من اليمن محمّلة بعشرين جارية حبشية – تماماً مثل الايام الخوالي قبل الدستور العثماني!

وبيع الشاب عثمان آدم -16 سنة- من قِبل آدم عبدالله البرناوي في جدة الذي كان قد احضره من سواكن للعمل معه ثم حينما تقاعس باعه بـ44 جنيهاً. وتم البيع بواسطة الشيخ محمد جبركاني احد شيوخ البرنو، فيما كان الدلّال الشيخ ادريس مالك الذي تحصّل على عمولة البيع ومقدارها أربع جنيهات.

كان من وجهاء الجاليات الافارقية المستقرّة في مكة من يتوسط ويعمل دلالاً في بيع العبيد المجلوبين من افريقية، وكثيراً ما كانوا يتخذون اساليب المراوغة والحيلة.

وفي موسم حج عام 1921م، اُختطف عبد مرافق لأحد ميسورات السودان وتدعى عيشة يوسف. اختطفه منها في جدة احمد محمد ابوبكر. وحين ارادت استعادته توسطت لدى شيخ البرنو في مكة محمد فونتامي الذي افادها بوفاة مالِك العبد، وان العبد اصبح من الآن ملكا للشريف ودفع لها تعويضا. وذهبت عيشة الى المدينة المنورة وتزوجت فيها، وحين عادت الى جدة وجدت عبدها السابق قد سُلّم من الفونتامي الى شيخ آخر للبرنو تمهيدا لبيعه لمصلحة الأول. [27]

وفي رسالة من نائب القنصل في جدة للقيادة في بورتسودان بتاريخ 10 يناير 1922م، تفيد بوصول اعداد كبيرة من الاطفال الاثيوبيين المخطوفين للحجاز، وبشكل يومي. ورُصد في الأول من يناير وصول 37 طفل، وفي الثاني من يناير 45 طفل، وفي الرابع من يناير 5 اطفال. وصلوا جميعا من ميناء تاجورة في الصومال الفرنسية (جيبوتي)، حيث تم شحنهم بالسنابيك الى ميدي في اليمن عبر شيخ ميناء ميدي الشيخ عبدالمطلق، وفي ميناء حبل عبر الشيخ سعيد بن مساعد، احد وسطاء تجار عبيد الدنقلة بين سواحل ارتريا وتجار الحجاز. [28]

وفي جدة كان يستقبل الاطفال المهربين السيد عبدالحميد ابن عبدالمطلوب بعد ان ترسو سنابيكهم في الرويس او جنوب جدة حيث مقبرة النصارى، خارج السور. وكان تهريب العبيد ممنوع رسميا لكن يجري غض البصر عنه مقابل رشوة مقدارها 3 جنيهات ونصف عن العبد. [29]

وفي الحالات القليلة التي يجري اخطار السلطات بالعمليات وتقوم بمداهمتها، يجري اعتقال المتورطين عبر شرطة جدة المحلية.

وكان شيوخ تجارة العبيد في ميناء تاجورة – وهي احد مقاطعات جيبوتي الست: علي احمد، حسن محمد، داود خنبشي وجرّات العبلي. [30]

وفزع الصحفي العربي/الامريكي أمين الريحاني ابان زيارته للحجاز وعسير في انحاء عام 1922م من تفشي داء العبودية.. فكتب وهو في تهامة تغلفه مشاعر الاحباط: “كنت أؤمل، على فرض وجود الرقيق والنخاسة، ان تكون الحكومة ناهضة للأمر متعقبة المجرمين، ساعية في محق هذه التجارة المستنكرة، الأثيمة، فوجدتها في الحجاز وعسير نائمة -وا اسفآه- او متناومة، او عاجزة. بل وجدت الحكومة أحيانا حليفة الرعاع”. [31]

والى جانب دكّة الرقيق في سويقة، كان هناك دكك للرقيق في كل من المدينة والطائف، وسوق للرقيق في جدة على بعد خمسين مترا من دار القنصلية البريطانية. فيما كان سوق عرد في تهامة احد اعظم اسواق الرقيق، وكان سوق ميدي مركزاً لتصدير العبيد الى عقبة اليمن والعسير وجدة. يقول امين الريحاني: “واذا اراد أحد السادة الأدارسة شراء جارية حسناء يجئ الى ميدي فلا تضل خطاه ومناه”.

ووجد الريحاني بشئ من الأسف، “ان في الحجاز من يحللون ويحبذون النخاسة ومنهم من يأسف انها غير مستمرة ويلعن المراقبة البريطانية”. [32]

وفي التاسع من مايو 1922م اخبر السير اوليفانت من الخارجية البريطانية الشريف حسين ان حكومة الملكة لن تدخل في اتفاقية ثنائية مع دولته ما لم تشدد القبضة ضد تجارة العبيد. [33]

وفي رسالة من قائد البارجة كورنفلاور الى الشريف الحسين في 22 يونيو 1922م، نجده يدعوه للتعاون في الغاء العبيد من جديد. [34]

الحسين ابدى امتعاضه من النظام الحالي للرق ولكنه كان يبرر بأنه كزعيم اسلامي يصعب عليه الغاء ما تجذر في الثقافة الاجتماعية للحجاز من شيوخ البادية وأعيان الحضر – فهو يكتفي بألا يُنكر ولا يؤيد. يقول المايجور مارشال، قنصل بريطانيا، انسجاماً مع تبريرات الحسين، بأنه يجب ان تكتفي حكومة بريطانيا بانتزاع ادانة أخلاقية من الحسين للرق.

واعتبر المايجور مارشال في رسالة الى الخارجية البريطانية في 29 مايو 1922م، انه ليس من الموضوعية الحكم الأخلاقي ضد الشريف ازاء ثقافة تجذرت في التربة الحجازية والعربية لقرون. [35]

وكان من الاوروبيين في جدة من تورط في تلك الممارسة. فالقنصل الايطالي استقدم عبدة من ارتريا، وطبيب هولندي معروف يقيم في جدة اشترى جارية حبشية في نوفمبر 1921م مقابل سبعين جنيهاً ذهبياً استرلينياً. [36]

وتعاونت السلطات المحلية في الحجاز مع الطلبات البريطانية لتحرير رعاياها – يعود ذلك لنشاط وزير خارجية الحجاز، الشيخ فؤاد الخطيب.

وكان القنصل البريطاني يرسل بأسماء وجوازات من يعتقد انهم تجار للعبيد، للخارجية الحجازية التي كانت ترد على الاستفسارات بشكل فوري.

في السادس والعشرين من ديسمبر 1922م، اشتبه القنصل بخمس تجار يحملون الجواز الحجازي من اصول حبشية كانوا في اتجاههم عبر ميناء جدة الى عدن: سراج بن بكر، عربو بن محمد، محمد وحمزة بن ثاني، وعلي بن عبدالله – وكلهم في عقد الثلاثينات، ولكنه عاد وأكد انه لا يملك اي دليل ادانة ضدهم. [37]

وكان كثير من مهربي العبيد في تلك الفترة أحباش يحملون جوازات سفر حجازية يحصلون عليها بالحيلة او بالرشوة، مثل علي بن عبدالله الحبشي، حامل جواز حجازي رقم 11/1060 بتاريخ 26-6-1341هـ. [38]

وصالح بن ابراهيم الحبَشي، حامل جواز حجازي رقم 3/237 بتاريخ 14/1/1342هـ. واسمه الأصلي صالح ابراهيم تراب، والده ابراهيم تراب، حبشي يحمل الجنسية الفرنسية، من كبار تجار العبيد في تاجورة. كان صالح قد هرّب الى جدة في يونيو/يوليو 1923م، مائة وثلاثين عبداً، منهم ستون امرأة، تتراوح اعمارهم ما بين 10 و 25 سنة، عبر سنبوك “فتح الخير” الذي يملكه علي محمد من خوخة اليمانية، حيث استلم شُحنتهم احد اخوته الصغار في جبل الشِحر باليمن، وانتقل بها صعوداً على ظهور الجمال الى جدة حيث التقاه اخوه صالح ووالده ابراهيم الذي التحق بهما من ميناء مصوّع. وقد بيع عبيد ابراهيم تراب المجلوبون الى جدة بأربعين الى سبعين جنيه للفرد. [39]

كانت السلطات الفرنسية تحاول الحد من التجارة البغيضة المنطلقة من سواحلها. وقبض على المُهرب ادريس بن عبدو الحبشي، حامل جواز حجازي رقم 2/200 بتاريخ 11 المحرم 1342هـ، حال وصوله الى ميناء جيبوتي، وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات مع خمسة تجار حبوش آخرون يحملون جوازات حجازية كان من ضمنهم صالح تراب الذي تلقى حكماً بالحبس مدته ثلاث سنوات.

وفي مايو 1923م، لاذ آدم بن يحيى من أهل الفاشر الى القنصلية البريطانية.

جاء آدم لمكة في 1917م وهو لايزال طفل حر تم خطفه من بلاده، وبيع الى رئيس شرطة مكة منصور بن زاهر، وظل يعمل في خدمته ست سنوات، وحينما طلب منه اعتاقه او بيعه، باعه على احد شيوخ حجاج الجاوا من المكيين، ثم استرده واخبره بانه سيبيعه لشخص اكثر وجاهة على أمل اعتاقه. وفي غضون ذلك التحق به في مكة عمه عبدالله بن محمد، والشيخ جبريل وكلاهما من وجهاء الفاشر، سعياً منهما لضمانه واثبات أصوله الحرة.

في السادس والعشرين من مايو 1923م، قدّم وزير خارجية الحجاز فؤاد الخطيب اعتذاره للحكومة البريطانية واعتمد اخلاء سبيل آدم للسودان على الفور. [40]
يحي البشري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس