عرض مشاركة واحدة
قديم 15-03-2012, 10:37 AM
  #232
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب

الصلاة الصلاة

الخطبة الأولى

الحمد لله ...........

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو ذر رضي الله عنه يحدث أن رسول الله قال: ((فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطِسْتٍ من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا فأفرغه في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا، فلما جئت إلى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء: افتح، قال: من هذا؟ قال: جبريل، قال: هل معك أحد؟ قال: نعم معي محمد ، فقال: أرسل إليه؟ قال: نعم، فلما فتح علَونا السماء الدنيا فإذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة، إذا نظر قِبَل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح، قال: قلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا آدم وهذه الأسودة عن يمينه وشماله نسم بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر عن شماله بكى. ثم عُرِجَ بي إلى السماء الثانية فقال لخازنها: افتح، فقال له خازنها مثل ما قاله الأول ففتح، قال أنس: فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم، ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال أنس: فلما مر جبريل والنبي بإدريس قال: مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح، فقلت: من هذا؟ قال: إدريس. ثم مررت بموسى فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح، فقلت: من هذا؟ قال: هذا موسى. ثم مررت بعيسى فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح، قلت: من هذا؟ قال: هذا عيسى. ثم مررت بإبراهيم فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت: من هذا؟ قال: هذا إبراهيم. قال النبي : ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام، ففرض الله على أمتي خمسين صلاة، فرجعت بذلك حتى مررت على موسى عليه السلام فقال: ما فرض الله على أمتك؟ قلت: فرض خمسين صلاة، قال موسى: فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فرجعت فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى قلت: وضع شطرها، فقال: ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فرجعت فوضع شطرها، فرجعت إليه فقال: ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعته فقال: هي خمس وهي خمسون لا يبدّل القول لديّ، فرجعت إلى موسى فقال: ارجع إلى ربك، قلت: قد استحييت من ربي. ثم انْطُلِقَ بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى، فغشيها ألوان لا أدري ما هي. ثم أُدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها من المسك)) رواه البخاري في صحيحه.

في هذا المقام الشريف وفوق تلك السموات وبين أولئك الكرام من الأنبياء والملائكة عليهم السلام فرضت هذه الشعيرةُ العظيمة التي اختصها الله من دون غيرها بذلك، فلم ينزل بفرضيتها ملك من السماء، بل عرج بالنبي إلى السماء ليتلقى الأمر بها من الله تعالى مباشرة، فأي منزلة تلك؟! وأي شأن ذاك لهذه الصلاة؟! ولذا كانت أولَ عمل يحاسب عليه العبد يوم القيامة، ولا غرابة حينئذ أن يقول عنها: ((وجعلت قرة عيني في الصلاة)).

أيها الإخوة المؤمنون، إن مما يبين عن مكانة الصلاة ومنزلتها أنها ذكرت في القرآن الكريم في خمسة وستين موضعًا، منها قوله تعالى في وصف المتقين: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة [البقرة:3]، وقوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ [فاطر:29].

وفي السنة قد تضافرت الأحاديث في شأنها، فقد ذكرت في مائة وثمانية وسبعين حديثًا، منها قوله : ((اعلم أنك لا تسجد لله سجدة إلا رفع الله لك بها درجة وحط عنك بها خطيئة))، وقال : ((إن العبد إذا قام يصلي أتي بذنوبه كلها فوضعت على رأسه وعاتقه، فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه))، بل تأمل قوله : ((تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود؛ حرّم الله على النار أن تأكل أثر السجود)). والصلاة من أحب الأعمال إلى الله عز وجل وأثقلها في موازيين العبد يوم القيامة، قال : ((صلاة في إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين)).

أيها المؤمنون، كم نقع في الذنوب، كم نقارف من الآثام، كم نضيع من الطاعات، ولكن من رحمة الله تعالى أن الصلاة تغسلها وتمحوها، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((تحترقون تحترقون ـ أي: تقعون في الهلاك بسبب الذنوب الكثيرة ـ فإذا صليتم الصبح غسَلَتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا))، وذات يوم خرج النبي في الشتاء وورق الأشجار يتهافت، فأخذ بغصن من شجرة وقال: ((يا أبا ذر، إن العبد المسلم ليصلي الصلاة يريد بها وجه الله فتهافت عنه ذنوبه كما يتهافت هذا الورق عن هذه الشجرة)).

أيها المؤمنون، إن دقائق العمر وساعات الحياة ثمينة، والرابح فيها من عمرها بالطاعة قبل عدم الاستطاعة، ووالله إن أعظم ما يفقده أهل القبور ويتمنونه هذه الصلاة، مرّ النبي يومًا بقبر فقال: ((من صاحب هذا القبر؟)) فقالوا: فلان، فقال: ((ركعتان أحب إلى هذا من بقية دنياكم)).

إن مَن فقه هذا الأمر عَلِم شأن الصلاة وعظَّم قدرَها عند الله وعظُم عنده أمر الآخرة فسعى إليها ووصل ليله بنهاره في طلب مبتغاه، وتأمل أحوال السلف الذين قدروا هذا الأمر حق قدره:

فهذا عدي بن حاتم رضي الله عنه يقول: "ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا متوضئ"، ومسروق بن الأجدع يقول: "ما بقي شيء يرغب فيه إلا أن تعفر وجوهنا في التراب، وما آسى على شيء إلا على السجود لله تعالى"، وكان زين العابدين علي بن الحسين يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات، بل كان حرصهم على الصلاة يفوق الوصف، يقول سعيد بن المسيب: "ما فاتتني الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة"، بل يقول: "ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد"، ولقد قال إبراهيم بن يزيد: "إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه"، بل بلغ من حرصهم على شهود الجماعة أن أحدهم وهو في سياق الموت يذهب به إلى المسجد، سمع عامر بن عبد الله بن الزبير المؤذن وهو يجود بنفسه فقال: "خذوا بيدي"، فقيل: إنك عليل فقال: "أسمع داعي الله فلا أجيبه؟! فأخذوا بيده فدخل مع الإمام في المغرب فركع ركعة ثم مات.

فاتقوا الله عباد الله، واعرفوا عِظَمَ قدر الصلاة، واحرصوا عليها رحمني الله وإياكم، وأكثروا من التوبة والاستغفار، فإن الله يحب التوابين والمستغفرين والمنيبين.







الخطبة الثانية


الحمد لله، عَظُمَ شأنه، ودام سلطانه، أحمده سبحانه وأشكره، عم امتنانه، وجَزَلَ إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، به علا منار الإسلام وارتفع بنيانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فإن من أخطر الأمور التي تساهل فيها طائفة من الناس ترك الصلاة والتهاون فيها وتأخيرها عن وقتها، وتلك عياذًا بالله دلالة الخسران والبوار وتشبه بالمنافقين الفجار الذين قال الله عنهم: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى [النساء:142]، وقال: وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى [التوبة:54]، وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59]، ولما ذكر الله تعالى أهل النار أخبر عن سبب عذابهم فقال: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر:42، 43].

وقال عبادة بن الصامت : أوصاني خليلي رسول الله بسبع خصال، وذكر منها: ((ولا تتركوا الصلاة، فمن تركها متعمدًا فقد خرج من الملة))، وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : ((بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة))، وعن عبد الله بن عباس قال: لما قام بصري ـ أي: ذهب ـ قيل: نداويك وتدع الصلاة أيامًا، قال: لا، إن رسول الله قال: ((من ترك الصلاة لقي الله وهو عليه غضبان)).

ولقد هم النبي أن يحرّق بيوت المتخلّفين عن الصلاة لولا ما فيها من النساء والذرية، وجاء في حديث الرؤيا الطويل من رواية سمرة بن جندب أن رسول الله قال: ((وإنا أتينا على رجل مضطجع وآخر قائم عليه بالصخرة فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ها هنا، فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصحّ رأسه كما كان، ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى، وحين سئل عن هذا قيل له: هو الرجل يأخذ بالقرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة)).

وقال علي بن أبي طالب : (من ترك صلاة واحدة متعمدًا فقد برئ من الله وبرئ الله منه)، وقال ابن مسعود : (من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف).

قال ابن القيم رحمه الله: "لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدًا من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر، وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة، وقد كان عمر بن الخطاب يكتب إلى الآفاق: إن أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ولا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، والصلاة أول فروض الإسلام، وهي آخر ما يفقد من الدين، فهي أول الإسلام وآخره، فإذا ذهب أوله وآخره فقد ذهب جميعه" اهـ.

وكم يأسى ويحزن المؤمن حين يرى فئامًا من المسلمين تضيق بهم أماكن اللهو واللعب وتغصُّ بكثرة من يفد إليها من كل حدب وصوب، بينما تهجر بيوت الله التي قال الله فيها: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [النور:36]، ولو أعطي هؤلاء شيئًا من حطام هذه الدنيا ليشهدوا الصلاة لما تخلّف عنها أحد ولم تكد تسعهم المساجد والجوامع على كثرتها، وفي الحديث: ((والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم. والذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم أنه يجد عِرقًا سمينًا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء)).

نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب. اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة...

__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس