.. نسمة مهاجرة ..
في صباح يوم ربيعي بارد ، انتشت لرائحة الأزهار مع شعاع
الشمس الذي تخلل أغصان الأشجار الباسقة ، أحست بالدفئ ,
سرت السعادة في أوصالها ، تحركت بنشاط ، أعاقتها كثافة
الأغصان من الانطلاق بحرية ، لم تستطع ممارسة هوايتها ،
اقترحت قطع الأشجار ، لم يستجيب لها أحد ، سمعت عن بلاد
أكثر رحابة من وطنها ، شعرت بالكبت ، أصابتها الكآبة ،
رثت لحالها و زملائها ، صرحت بمعاناتها ، وصفت
عادات أهلها وتقاليدهم أنها بالية ، ضاقت بها ذرعا ،
تمردت عليها ، خافت العقوبة ، قررت أن تهاجر .
انطلقت من وسط الغابة ، قبل أن تغادر ، أخذت جولة
للذكرى ، تجاوزت النهر ، مرت بسفح الجبل ، لامست أزهار
الوادي ، تخضبت بالندى ، طافت الأرجاء ، التحقت بقافلة
النسيم المهاجرة ، ابتعدت عن موطنها ، بحثت عن بديل له ،
اجتازت هضابا وأودية ، ذهبت بعيدا ، جربت الكثير ، عثرت على
أرض جرداء ، واسعة جدا ، مارست فيها هوايتها ، إلا أنها
فقدت الجمال الذي كان يحيط بها .
مضت الأيام , أصابها الجفاف ، تغير لونها ، لم تحصل
على ما تحلم به ، كبر سنها ، تذكرت أهلها وأصحابها ،
اشتاقت لمزاحهم و تعليقاتهم ، بكت تواصلهم وعاداتهم ،
أحست بالضياع في بلاد الغربة ، أيقنت أنها كانت
ضحية للدعايات الكاذبة ، تمنت العودة ، مكثت مرغمة
تتجرع ألم الانكسار ، علها تجد رياحا تحملها لموطنها
الأول ، طال انتظارها ، أظلمت الدنيا في عينيها ، ذبل
عودها ، داهمها سموم يوم قائظ ، بعثر أوصال تلك النسمة
الحالمة مع عاصفته الرملية .
....... فواز أبوخالد .
...........
__________________
...........
تم شطب رابط الموقع (ادارة الموقع)
............