الموضوع: رسائل الأجساد
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-10-2010, 01:21 AM
  #17
العابري
عضو جديد
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 15
العابري is a jewel in the roughالعابري is a jewel in the roughالعابري is a jewel in the roughالعابري is a jewel in the rough
افتراضي رد : رسائل الأجساد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أوه، أحقاً مرت أشهر على آخر كلمات سطرتها في هذا المنتدى المبارك، إنه زحف الأيام الرهيب، وقطار العمر الذي يجري سريعاً فاللهم رحماك فاللهم رحماك.
وعوداً على ما كنت حدثت به نفسي، وأقحمت فيه غيري من قصة ذاك الشيخ الهرم،الذي وعظني كل عضو فيه، وخاطب مني الضمير الغافل المستتر جوازاً.
أقول: فبعفوية تامة:
أهداني تلك الابتسامة العجيبة، والتي أشعرتني بأهمية العاطفة الحانية في تعاملنا مع الناس، وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إذ قال : (وتبسمك في وجه أخيك صدقه)، فما بال البعض يعجز عن هذا الخلق السامي، بل ويبدو محياه كأنما أحيط بالأغلال وصفد بالسلاسل، قد نزل أعلاه على أسفله، وكور كالعمامة، وتزاحم حاجباه، وقربت أرنبة أنفه من شفتيه، وغارت عيناه، وتوقفت حركة أهدابه، تكاد أسنانه أن تتحطم من شدة الضغط عليها، يدخل الرعب في قلب من يقابله، فنعوذ بالله من كل جعظري جواظ.
أقول لما أبصرت تلك الابتسامة الهادئة؛ لفت انتباهي فراغ ذاك الثغر من ساكنيه، وقلة مبانيه، وضعف من بقي في فيه!!!، لكن تطاير من بين ركامها كلمات حزينة، وأنوار خافته، مذكرة بما مر بها من أنس وحبور، كذاك الدهر ذو صرف يدور.
لكن ما بقي خالداً في أعماقها مؤثراً في وجدانها هي تلك الوحدة والتلاحم، والتناصر والترابط، التي كانت بالأمس تجمعهم،،،
فقد عاشوا تحت سقف واحد، همومهم واحدة، وأشواقهم متقاربة، تراهم كالبنيان المرصوص في منظر بهيج يسر الأصدقاء، ويوقع الهيبة في قلوب الأعداء.
فالتفرق والاختلاف شر وأي شر، يوهن القوى، ويورث الإحن والأحقاد، فاجعل من شقاق أخيك واختلافك معه -حتى وإن احتدم- كمقلة العين إذا اشتكت، وزاد أذاها واشتدت لأواها، زاد برك وإحسانك إليها، وليس لك إلا هذا السبيل، فلا يعقل أن يفقأ المرء عينيه؟!.
ذكرتني تلك الأسنان وهي في مقدمة الفم، ومواجهة الجمهور؛ بأهمية الصبر والحكمة عند مقابلة الناس، وضرورة اللين مع الآخرين؛ فهذه الريح العاصف تحطم دوح الشجر، ويسلم منها ضعيف النبات لأنه لين وينثني.
وأيضاً شتان بين من يبذل وقته للناس ويسدي لهم المعروف مع ما يكابد منهم من أهوال عظام، وبين من توارى بين الجدر، في ضعف وخور، ولا يبذل لغيره ما سأل وإن قل وصغر، وصدق من قال:
قومٌ هم الرأس إذ حسّادهم ذنبٌ ... ومن يُمثّلُ بين الرأْس والذنب!!.
ثم بعد ذلك كرت علي بحقيقة طالما تناسيتها وغفلت عنها فذكرتني بقولها أرأيت كيف كنا وأين صرنا؟ فبعد الاجتماع مع الأحباب وصحبة الأتراب، رحل كل واحد منا بهدوء، فحلت لوعة الفراق، وكاد التلف حزناً أن يحلق من بقي بمن رحل لولا أن الله لطف ورحم.
وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا.
فلما تفرقنا كأني ومالكاً ...... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا.
وعشنا بخير في الحياة وقبلنا ... أصاب المنايا رهط كسرى وتبعا.
اللهم إنا نسألك يقينا صادقاً، وقلباً سليماً، ونسألك يا الله صدق التوكل عليك، وحسن الظن بك يا رب العالمين.

التعديل الأخير تم بواسطة العابري ; 11-10-2010 الساعة 01:32 AM
العابري غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس