صلاح الدين خاشقجي
الرهن العقاري.. زيادة في السيولة والأسعار
مع تصريح وزير المالية إبراهيم العساف بأن نظام الرهن العقاري سيقر خلال الربع الأول من هذا العام، بدأت السوق العقارية في التفاعل استباقاً لهذا الحدث المهم. فمن المتوقع أن يساهم النظام الجديد في زيادة فعالية حركة انتقال العقارات، وزيادة الطلب على مجمل أشكال العقارات كأراض خام ووحدات سكنية جاهزة. ولكنه في نفس الوقت قد يقلل من كمية المعروض من هذه الوحدات العقارية. ولذلك فإن المحصلة النهائية تميل إلى أن دخول نظام الرهن العقاري حيز التنفيذ سيرفع من أسعار العقارات إجمالاً. ولكن على الرغم من هذا الارتفاع المتوقع، يبقى إقرار النظام خطوة مهمة نحو إصلاح القطاع العقاري، لما فيه مصلحة المواطن والوطن على حد سواء. فصناعة العقار ستسهم في زيادة نسبة تملك المواطنين لمساكنهم، وتفتح أمامهم آفاقاً استثمارية أكثر استقراراً من المتاحة حالياً.
إقرار نظام الرهن سيساعد المواطن الراغب في الشراء من الحصول على عروض تمويلية أفضل وشروط أيسر. فالنظام سيزيد من المنافسة بين الجهات التمويلية، بفتح المجال لشركات متخصصة في مجال التمويل العقاري، بعد أن كان شبه محصور في البنوك التجارية. وسيتيح النظام للمقترض العديد من الخيارات الجديدة للغرض من التمويل، فيمكنه استخدام التمويل للبناء أو الترميم أو إضافة مبان جديدة. أما بالنسبة للملاك العقارات فإنهم سيتمكنون من الحصول على المال مقابل رهن العقار، دون الحاجة إلى بيعه.
صحيح أن هذا سيحد من عدد العقارات المعروضة للبيع، ولكن الفائدة الاقتصادية الكلية جراء زيادة السيولة أعم نفعاً. فهناك العديد من المشاريع التي ستنتج عن حصول ملاك العقارات على تمويل، فضلاً عن تسهيل الرهن العقاري للاستثمار في القطاع العقاري بشكل أكثر فعالية.
دخول شرائح جديدة لم تكن تملك المقدرة الاقتصادية سابقاً في قوى الطلب سيدفع أسعار العقارات ارتفاعاً. وقد يستغل المضاربون هذا النظام لخلق فقاعة شبيهة بفقاعة سوق الأسهم. فعندما ينخفض عائد الإيجار على سعر العقار بشكل كبير، فهذه مؤشرات وجود فقاعة، تماماً كارتفاع مكررات الأرباح في الأسهم. الحفاظ على استقرار الأسعار في السوق العقارية السعودية أمر مستحيل، ولذلك يجب أن يكون هذا هدف رئيس للدولة إلى جانب جذب وتعزيز السيولة في صناعة العقار. فخلق كيانات لشراء الرهون العقارية من المصارف وشركات التمويل سيساعد على استقرار تكلفة التمويل وتدفقها إلى النظام، ولكنه لن يكون قادراً على ضبط الأسعار. بعد ما حصل في أزمة الائتمان العالمية في العام الماضي أصبح التدخل الحكومي المباشر في الأسواق مقبولاً، ولذلك فإن على الحكومة التخطيط لبناء كيانات تجارية كبيرة قادرة على سد الفجوة بين العرض والطلب.