سبحان الله ، لو تربط الآيات بعضها ببعض لوجدت العجب
سبق الحديث عن الباقيات الصالحات حيثا عن المال والبنون ، وسبق الحديث عن المال والبنون
ضرب مثالا للحياة الدنيا ، وبعد ذلك قرر السياق بميزان العقيدة قيم الحياة التي يتعبدها الناس في الأرض
والقيم الباقية التي تستحق الاهتمام: فقال سبحانه
{ المال والبنون زينة الحياة الدنيا , والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا , وخير أملا }
المال والبنون زينة الحياة ; والإسلام لا ينهى عن المتاع بالزينة في حدود الطيبات . ولكنه يعطيها القيمة التي تستحقها
الزينة في ميزان الخلود ولا يزيد ،إنهما زينة ولكنهما ليسا قيمة . فما يجوز أن يوزن بهما الناس ولا أن يقدروا على
أساسهما في الحياة . إنما القيمة الحقة للباقيات الصالحات من الأعمال والأقوال والعبادات .
وإذا كان أمل الناس عادة يتعلق بالأموال والبنين فإن الباقيات الصالحات خير ثوابا وخير أملا . عندما تتعلق بها
القلوب , ويناط بها الرجاء , ويرتقب المؤمنون نتاجها وثمارها يوم الجزاء .
وهكذا يتناسق التوجيه الإلهي للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم في الغداة
والعشي يريدون وجهه ، فكأن الباقيات الصالحات لا تأتي إلا بالصحبة الصالحة ، وتصبير النفس ومجاهدتها
على صحبتهم لا غيرهم ، فهم الذين يرجون ما عند الله ، وصحبتك للذين يرجون ما عند الله تجمع فيها
باقيات صالحات ـ بإذن الله ـ أسأل الله أن يوفقنا جميعا لفعل ما ينفعنا ويبقى لنا ذخرا ونجاة عند ربنا.