
رد : الهلال الايراني المجوسي هل صارقمراً مكتمل النمو !!
كان الحديث يدور عن هلال إيراني يبدأ في طهران عبر بغداد ودمشق وينتهي في بيروت، ولكن الهلال لا يبقى هلالاً طوال الوقت، فما أن يبزغ نوره حتى يستمر في الاكتمال ليصبح قمراً كاملاً، قبل أن يبدأ في التلاشي.. ويبدو أن إيران بعد أن تحقق حلمها، الذي لم تتوقع يوماً أن يصبح حقيقة، لولا تعاونها مع الشيطان الأكبر، وصار احتلالها للعراق أرضاً وشعباً أمراً واقعاً، توسعت طموحاتها، لتسعى نحو اكتمال قمرها الفارسي من خلال افتعال الأزمات الداخلية في بلداننا العربية..
ولم تعد إيران تعتمد على خلايا نائمة، بل صارت تعمل جهاراً نهاراً من خلال قوات مدربة ومسلحة، من العراق ولبنان إلى اليمن..
إذن القوات الموالية لإيران، والمدربة على حروب التمرد والعصيان طويلة الأمد، قد أكملت دائرة القمر الإيراني في المنطقة العربية.. فمن العراق حيث مليشيات فيلق القدس وقوات بدر الحاكمة في ظل الاحتلال، مروراً بدمشق والانتشار الإيراني المعلن، إلى لبنان وسلطات حزب الله، أكملت إيران هلالها في المشرق العربي.. ومن خليجنا العربي المكشوف أمنياً وثقافياً وسياسياً أمام المرمى الإيراني والحركات الطائفية الخطيرة في البحرين والكويت وشرق المملكة السعودية، مروراً باحتلال الجزر الإماراتية، إلى حركة التمرد الحوثي الانفصالي على الحدود اليمنية السعودية، أكملت إيران النصف الثاني من هلالها في شبه الجزيرة العربية، واكتمل القمر الفارسي حول المنطقة من بحر العرب جنوباً حتى الحدود التركية العراقية السورية شمالاً، ومن الخليج العربي شرقاً حتى البحر الأحمر غرباً..
وبعد كل هذا الأداء الإيراني الناجح ألا يبدو أن دورها القديم الجديد مازال مستمراً، دور الشرطي المحافظ على مصالح الغرب المتقاطعة مع مصالحه وأطماعه في منطقتنا؟..
ولكن هناك الكثير من علامات الاستفهام حول هذا النجاح الإيراني الباهر في احتواء منطقتنا.. السؤال الأكبر والأخطر هو كيف سمحت السلطات العربية لهذا التغلغل الإيراني أن يبدأ ويستمر وينجح، على مدى ثلاثة عقود؟..
في كل هذا الأداء المتصاعد والخطير، اعتمدت إيران على عناصر محلية من مواطني المنطقة، وأحزاب وجمعيات وحركات تمرد داخلية وصلت إلى درجة من القوة حتى لم تعد تخشى أو تتردد، وخصوصاً بعد اكتمال احتلال العراق، في اعلان ولائها للمرشد الإيراني في طهران، كما لم تعد تتردد في الكشف عن علاقاتها التأسيسية والتمويلية والسياسية مع إيران الدولة والثورة.. لا بل مع استمرار نجاح وتقدم المشروع الإيراني، بدأ يستمد المزيد من القوة من سلبية وضعف وفشل العرب في مواجهته، حتى جاء تصريح وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متكي، بعد ثلاثين عاماً من الثورة الخمينية في طهران، ليهدد العرب، بصريح العبارة، من المساس بمصالح الشيعة في بلدانهم، في معرض دفاعه عن التمرد الحوثي وشيعة اليمن، آملاً أن تحقق رسالته هذه على المستوى الدولي أمرين هامين، أولاً: ترسيخ دور إيران كدولة حامية للطائفة في كل مكان، وثانياً: تأكيد ولاء الشيعة العرب (زوراً) لإيران..
خلال أقل من سبع سنوات هو عمر احتلال العراق، حتى الآن، وانهياره كقوة مدافعة عن حدودنا الفاصلة مع الجمهورية الإسلامية، تمكنت إيران من السيطرة على المنطقة، وباتت كل مواقع التوتر العربية ورقة في سلة مصالحها، تلعب بها في مسيرة مفاوضاتها المفتوحة مع القوى الكبرى، من بغداد إلى جنيف وبروكسل وواشنطن، حتى وصل الأمر إلى الكشف عن جميع أوراقها في المنطقة كلما ارتفع مستوى التمثيل في المفاوضات حول برنامجها النووي.. فمنذ بدء المفاوضات الأمريكية الإيرانية في بغداد وصولاً إلى جنيف، لم يعد الوجود والأداء الإيراني في حكم العراق سراً، بل بلغ درجة واضحة من العلانية والتحدي.. وفي لبنان بات دور إيران، عبر حزب الله، في تعليق تشكيل حكومة الأغلبية المنتخبة مدة تزيد على أربعة أشهر، معلناً ومن دون مواربة.. وفي فلسطين مازالت حركة حماس، بتحريض إيراني، رافضة لكل عروض التوافق الفلسطيني الفلسطيني من دون أن تحدد هذه الحركة ما هي مصلحتها في الأزمة المفتعلة بينما لا ينكر إلا الغبي مصلحة إيران فيها.. وعلى الحدود اليمنية السعودية وصلت حركة التمرد الحوثي إلى درجة من القوة، عدة وعتاداً، حتى باتت قادرة على استنزاف جبهتي اليمن والسعودية على مدى أشهر، ولاتزال فضائية العالم الإيرانية مستمرة في إعلان الدعم الإيراني للتمرد.. وفي الخليج العربي تلعب خلايا إيران الهادئة على وتر الأوضاع الداخلية بتواصل وتماس مباشرة مع إيران..
إذن، إن ما حققته إيران من نجاحات كبرى في منطقتنا، هو نتيجة عمل سنوات عديدة..
لقد نجحت إيران فيما لم تنجح فيه إسرائيل في المنطقة، فتمكنت من اختراق بلداننا ثقافياً وسياسياً، وبأقل الخسائر، لا بل ما تحقق لها من نجاحات فاق توقعاتها..
وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل، يا ترى كيف سمحت الأنظمة العربية لكل هذا الاختراق الإيراني أن ينجح، حتى صار لجارتنا قوة مهابة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، على حساب مصالحنا وعلى حساب عدم الاستقرار في منطقتنا ومجتمعاتنا؟؟
ولماذا تم تجاهل هذا الاختراق حتى وصل الأمر إلى مستوى الاحتلال وحروب استنزاف لا يعلم غير الله متى تنتهي؟
م ن ق و ل