الحلقة العاشرة والأخيره
(( التبري ))
وأعني به أن يتبرأ من حوله وقوته والالتفات إلى نفسه بعين الرضا والتزكية،
فإذا تلا بآيات الوعيد والمدح للصالحين فلا يشهد نفسه عند ذلك،
بل يشهد الموقنين والصديقين فيها، ويتشوق إلى أن يلحقه الله عز وجل بهم،
وإذا تلا آيات المقت وذم العصاة والمقصّرين شهد على نفسه هناك،
وقدّر أنه المخاطب خوفًا وإشفاقًا.
ولذلك كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول:
"اللهم إني استغفرك لظلمي وكفري،
فقيل له: هذا الظلم فما بال الكفر، فتلا قوله عز وجل: {إن الإنسان لظلوم كفار}
وقيل ليوسف ابن أسباط: إذا قرأت القرآن بماذا تدعو؟
فقال: استغفر الله عز وجل من تقصيري سبعين مرة،
فإذا رأى نفسه بصورة التقصير في القراءة كان رؤيته سبب قربه،
فإن من شهد العبد في القرب لُطف به في الخوف حتى يسوقه الخوف
إلى درجة أخرى في القرب وراءها،
ومن شهد القرب في البعد مُكِر به في الأمن الذي يفضه إلى درجة أخرى
في البعد أسفل مما هو فيه.
ومهما كان مشاهدًا نفسه يعين الرضا صار محجوبًا بنفسه عن الله .
وكان الشافعي يقول:
أحب الصالحين ولست منهم لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي وإن كنا سواء في البضاعة
= = =
وبالله التوفيق .. نسأله سبحانه أن يكرمنا بالتحقق بمثل هذه المعاني .. اللهم آمين
__________________
ـــــــــــ التوقيع ــــــــــــ
أخوكم في الله / سعد بن حسين الشهري