
ذلك حين تمت كلمة ربك صدقا وعدلا
ذلك حين تمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم فتتم كلمته بإنفاذ قضائه على أهل أرضه وسمائه لقوله تعالى : ( كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون (2) ) فأما إسرافيل فيموت - وهذا فيما قرئ إسناده على الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني ، أن أبا بكر محمد بن عبد الله الشافعي أخبرهم ، حدثنا أبو قلابة الرقاشي ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا إسماعيل بن رافع ، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن رجل من الأنصار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - وفي حديث آخر بإسناد ضعيف عن ابن عباس في صفة القيامة فذكر فيه صفة الصور وعظمه ، وعظم إسرافيل - ثم قال : « فإذا بلغ الوقت الذي يريد الله أمر إسرافيل فينفخ في الصور النفخة الأولى ، فتهبط النفخة من الصور إلى السماوات فيصعق سكان السماوات بحذافيرها ، ثم تهبط النفخة إلى الأرض فيصعق سكان الأرض بحذافيرها ، وجميع عالم الله وبريته فيهن من الجن والإنس ، والهوام (1) والأنعام » . قال : « وفي الصور من الكوى عدد من يذوق الموت من جميع الخلائق ، فإذا صعقوا جميعا يقول الله عز وجل : يا إسرافيل من بقي ؟ فيقول : بقي إسرافيل عبدك الضعيف ، فيقول : مت يا إسرافيل فيموت ، ثم يقول الجبار تعالى : لمن الملك اليوم ؟ فلا هميس ، ولا حسيس ، فلا ناطق يتكلم ، ولا مجيب يفهم ، وقد مات حملة العرش وإسرافيل ، وملك الموت ، وكل مخلوق فيرد الجبار على نفسه لله الواحد القهار اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب ، ويميت ويحيى في طرفة عين ، وأما حملة العرش فيحيون في أسرع من طرفة عين فيأمر الله تعالى إسرافيل بعد النفخة الأولى بأربعين ، وكذلك هو في التوراة بين النفختين أربعون لا يدر ما هو ، فإذا انقضت الأربعون نظر الله إلى أهل السماوات ، وإلى أهل الأرضين فيقول : وعزتي لأعيدنكم كما بدأتكم ولأحيينكم كما أمتكم ، ثم يأمر إسرافيل فينفخ النفخة الثانية ، وقد جمعت الأرواح كلها في الصور ، فإذا نفخ خرج كل روح من كوة معلومة من كوى الصور ، فإذا الأرواح تهوش بين السماء والأرض لها دوي كدوي النحل فينادي إسرافيل : يا أيتها الجلود المتمزقة ، ويا أيتها الأعضاء المتهشمة ، ويا أيتها العظام البالية ، ويا أيتها الأجساد المتفرقة ، ويا أيتها الأشعار المتمرطة قوموا إلى موقف الحساب ، والعرض الأكبر فيدخل كل روح في جسده قال : وتمطر السماء طشا من تحت العرش على جميع الموتى فيحيون كما تحيى الأرض الميتة بوابل السماء فيبعث الله الأجساد التي كانت في الدنيا من حيث كانت بعضها من بطون السباع وبعضها من حواصل الطير ، وحيتان البحور ، وبطون الأرض ، وظهورها فيدخل كل روح في جسده ، فإذا هم قيام ينظرون فيبعث الله نارا من المشارق فتحشر الناس إلى المغارب إلى أرض تسمى الساهرة من وراء بيت المقدس أرض طاهرة لم يعمل عليها سيئة ولا خطيئة فذلك قوله : ( فإنما هي زجرة واحدة ، فإذا هم بالساهرة (4) ) وقوله ( ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين (5) ) ، ( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا (6) ) ، ( ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا الذين كانت (7) ) الآية »
__________
(1) الهوام : جمع هامَّة وهي كل ذات سم يقتل ، وأيضا ما يدب من الحيوان وإن لم يقتل كالحشرات
(2) سورة : القصص آية رقم : 88
(3) الوابل : المطر الشديد الضخم القطر
(4) سورة : النازعات آية رقم : 13
(5) سورة : المطففين آية رقم : 4
(6) سورة : الكهف آية رقم : 47
(7) سورة : الكهف آية رقم : 99