يتضح جلياً من موضع (الحادي) ما أصاب مجتمعاتنا من ازدواجية في حياتها. فمفردات حديثة مثل: صحفي، اسفلت، مواصلات، شرطة، ديوان المظالم، (فكس أر)، جوال، ... ألخ، يقابلها مفردات تقليدية مثل: بلاد، خشم المشعاب، القرعي، يثلث بالسلاح، جماعتي القريبين، خروفين نجديين كن ظهورها مراكي من الشحم، أشرق الربع، ... ألخ.
هذه الإزدواج في حياة مجتمعاتنا أوجدت فئات اجتماعية متباينة في درجة تطورها. ففئة متطورة لا تؤمن إلا بالنظام وسيادته. وفئة أخرى لا زالت تعيش في الماضي وسلوم القبيلة. وفئة ثالثة تجمع المتناقضات، فتميل مع الجانب الذي يخدم مواقفها، فإذا كانت السلوم ضدها أتجهت للنظام، وإذا كان النظام ضدها اتجهت للسلوم. وهي (تثولث) وتركب الطائرة من أجل القرعي، وهي مصابة بالإزدواجية حتى في اسلوب حديثها (إنه يتجب على كل فردن).
ولا شك أن وجود هذه الإزدواجية ظاهرة تصاحب التحولات من مجتمع تقليدي إلى مجتمع حديث. وستظل موجودة حتى يتم التحول النهائي.
أما فرق القرعي، فتظل أمراً مطلوباً ما دام هناك فئة ثالثة تعيش متأرجحة بين القديم والحديث، فتأخذ من هذا ومن هذا بحسب المصلحة. وحتى من وجهة نظر النظام، فما دام أن القرعي يقلل من تواصل (قضم الآذان) فلا بأس بذلك، حتى يفرجها الله.