مقال قبل المؤتمر بعدة ايام للكاتب القدير / صالح الشيحي


عفوا؛ هل هذا شعب فقير؟

سألني أحدهم قبل فترة هل لدينا فقر؟.. قلت له نعم يوجد لدينا فقر.. استرسلنا في الحديث، حتى فاجأني بالسؤال

مرة أخرى: هل أنت مقتنع فعلاً إنه يوجد لدينا فقر؟!

قلت له: تريد الحقيقة.. بعد تعديل مخصصات الضمان الاجتماعي، بدأت أشك بوجود فقر في بلادنا.. لا يوجد لدينا فقر..

لدينا عائلات فقيرة..

ـ ذهبت إلى سوق صحارى أحد أكبر الأسواق في المنطقة.. وجدته يغص بالمتسوقين.. لم أعثر على موقف سيارة إلا

بصعوبة بالغة.. سألت نفسي: هل هؤلاء الذين يتسوقون فقراء؟

وفي سوق (غرناطة).. وجدت الزحام يفوق الوصف.. كنت قد لمحت أثناء مروري مع شارع العليا العام ستة أسواق هي

على التوالي: الفيصلية والمملكة والعليا مول والعويس وطيبة وسيتي بلازا.. كان الزحام عجيبا.. كان السؤال يتردد على

مسامعي: هل أنت مقتنع فعلاً بأنه يوجد لدينا فقر؟!

ـ وليس الأمر مقصورا على هذه المراكز.. اذهب عزيزي القارئ إلى أحد المطاعم الموجودة على طريق الملك عبد الله..

لتكتشف كيف أنه ليس بالسهولة العثور على طاولة.. اذهب إلى جيان أو هايبر بندة أو التميمي أو يورمارشيه أو

كارفور أو السدحان أو العثيم .. زحام غير طبيعي من المتسوقين.. اذهب إلى أسواق المفروشات.. أسواق الكومبيوتر

والجوالات والأجهزة والكهربائية.. معارض السيارات والأثاث.. المدن الترفيهية.. مقاهي التحلية.. المطاعم السريعة.. مكاتب

الحجوازات.. مشاغل وصالونات التجميل.. ومن زاوية أخرى: عندما طرح بنك الإنماء للاكتتاب.. تطايرت أسهمه في سرعة

عجيبة حتى لم يتبق مواطن لم يكتتب.. وعندما طرحت مجموع المعجل للاكتتاب تم عكس النسبة من 30% إلى 70% حتى

تستوعب جميع المكتتبين ولم تنجح المحاولة لكثرتهم.. وبعد شهر من اليوم سيبدأ ملايين السعوديين في السفر

والسياحة.. ولن تجد غرفة واحدة في جدة أو الشرقية أو عسير.. وفنادق القاهرة ودبي محجوزة من الآن وهناك

عشرات الآلاف من السعوديين في المنامة نهاية كل أسبوع.. و.. و.. و !!

ـ سامحوني: هل هذا شعب فقير؟

الخميس 8 جمادى الآخرة 1429هـ الموافق 12 يونيو 2008م العدد (2813) السنة الثامنة

http://www.alwatan.com.sa/news/write...=6103&Rname=37

وبعدهــــــــــــــا بيومين فقط


هذا كلام غير عاقل

أنا لم أقل لا يوجد فقراء في بلادنا.. هذا كلام غير عاقل، وأنا لم أفقد عقلي بعد.. لا يوجد بلد في العالم لا يوجد فيها

فقراء.. نعم هناك فقراء في بلادنا، وهناك أناس يعيشون تحت خط الفقر.. وهناك المساكين الذين هم أشد حاجة من

الفقراء.. وهناك الطبقة المتوسطة التي بدأت في أكل نفسها شيئا فشيئا حتى أصبحت أقرب لخط الفقر منها لليسر

والستر.. وهي التي كنت أعنيها في مقالي.. كل الذي أردت قوله أن وصف الشعب بأنه شعب فقير أمر غير دقيق.. كيف

لنا إصدار الإحصائيات والأرقام طالما لم نتفق على تعريف محدد للفقير في هذا الزمن؟

كنت أتابع بصمت ردود الأفعال.. دون أي احتجاج.. بل إنني، والذي نفسي بيده لم يسبق لي كتابة أي رد على مقالاتي

في الموقع الإلكتروني للصحيفة لا سلبا ولا إيجابا.. بل وبشهادة الزملاء في الصحيفة لم يسبق لي أيضاً أن تدخلت في

حذف أو حجب أو تعديل أي ردود، سوى مرة واحدة قبل تسعة أشهر حينما هاتفت مدير الموقع الزميل العزيز عيسى

سوادي لتعديل رد لقارئ لأنه تضمن معلومة خاطئة.. كنت أرصد بصمت حتى أول من أمس حينما طلبت من الزملاء فتح

المجال لجميع الردود.. على الرغم من كوني مدركاً تماما أن بعض القراء الذين تحترق من أجلهم 365 يوما في السنة

سيحرقونك؛ حينما تكتب مقالا واحدا فقط عكس توجهاتهم أو رغباتهم، بل سيقلبون لك ظهر المجن، ويقلبون على رأسك

الطاولة ويتبدل شكرهم كفرا.. وهذا ما حدث حينما أجاز الزملاء مئات الردود القاسية، وتم حجب غيرها لأنها انطوت على

شتائم وسباب.. يا إلهي.. كل هذا لأنني تساءلت: هل هذا شعب فقير؟! ـ وكأن الفقر صفة حميدة يقاتل الناس من أجل

الحصول عليها!

لقد كتبت مقالي الخميس الماضي وأنا أعلم تماماً أنه من الخطأ اختزال صورة المجتمع في شارع العليا العام.. لكنني

إطلاقا لم أنف وجود الفقراء في بلادنا.. غدا نكمل.

السبت 10 جمادى الآخرة 1429هـ الموافق 14 يونيو 2008م العدد (2815) السنة الثامنة

http://www.alwatan.com.sa/news/write...=6134&Rname=37