
بـئــس مـطـيــة الـرجــل ( زعـمــوا ) !
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الأحبة كانت هذه خاطرة مثلتها في موضوع وهي أمر ملاحظ وينبغي لمن يقرأ أن يمتثل وأن يصبح نبراسًا يقتدى بها ألا وهي كلمة تزن على مسامعنا دائمًا .. نسمعها .. نرددها .. ننقلها ..
يتداولها الكبير قبل الصغير والرجل قبل المرأة والعاقل قبل الجاهل ..
كلمة لا يخلو خبر من أن يتصدرها .. كلمة برأيي أنها داء عظال وتصرف وبيل يعود باللوم والخسران والندم ..
كلمة صارت على لسان القوم إلا من رحم الله تعالى بها ألقيت التهم وجوزف الناس رميًا مشتتًا من رامٍ قد يكون أحمق أو جاهل ، ولكن المصيبة إذا كان عاقل وعلى قدر من العلم والمكانة !!
إنها كلمة عامة في العموم بها تنتشر الإشاعات والإساءات المباشرة والغير مباشرة وبها قد تحل المخاصمة والملازمة والمحاربة ..
ولا تعجبوا فوالله إنها لمصدر شر أكثر من أن تكون مصدر خير ..
إنها : قولـــة ( قــالـــوا ) و ( يـقــولـــون ) ..!!!
عجّت المجالس والمنتديات والمحافل بشيء يقال له ( قالوا ) والجواب موجود ولكن الجهل هو ما يطغى على العامة عمومًا ..
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( بئس مطية الرجل زعموا ) ..
يصف النبي صلى الله عليه وسلم البؤس والشقاء على من جعل لسانه مطية لزعموا تركبه الإشاعات والإساءات والهمز والطعن اللمز ..
وهذه في الحقيقة هي فتيلة الإشاعات والإتهامات ومنطلق الإساءات ورواجها زعموا - وقالوا - ويقولون - وقال لنا فلان - وحسبت ... وما إلى ذلك ..
وهذه من وجهة نظري داء مجتمع مستشري ينخر في عظمه ويحز في لحمه ويفرق ويبعد ..
كم نحن بحاجة إلى التثبت وعدم نشر الأخبار والإشاعات من المصادر المجهولة !!
يقول الله عزوجل : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) ..
نعم الندم هو المصاحب لسياسة تعميم الاحكام ورمي التهم جزافًا حتى ولو كانت عن حسن مقصد ونية ..
هذه الكلمة تهز كيان المجتمع بأسره فبها الأعراض تطعن وبها الشائعة الضبابية تثبت وبها القلوب المريضة تتشفى وتفرح وبها المجتمع ينشغل فيهمز ويلمز ويطعن ..!
الأمر ليس هيّنا ففي الحديث عن حفص بن عاصم أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع ) ، وفي حديث أبي هريرة (إثمًا) ..
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ) ..
والشاهد هنــــا ( كره لكم قيل وقال ) ..
والكراهية هنا تتمثل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) ؛ وأيضًا أن كثرة الكلام والقيل والقال يأتي بين طياتها الزلل والخطأ ، وهنا نهي أيضًا عن عدم الكثرة في نقل أقاويل الناس ونشرها بينهم لأن المجالس كما يقال بالأمانات ..
إذًا أيها الأحبة فلِمَ لا نروض ألسنتنا على الكف والإمتناع فيما لا يخصنا وإن كان الأمر لازمًا فليكن بإسناد الخبر إلى الرجل نفسه أو إلى المصدر الموثوق ..
الشائعات ويقولون تحدث فجوة كبيرة بين المجتمعات عمومًا ومن ذلك أنه لما هاجر الصحابة من مكة إلى الحبشة وكانوا في أمان عند ملكها (النجاشي) ، أُشيع وقتئذ أن كفار قريش في مكة قد أسلموا فخرج بعض الصحابة من الحبشة وتكبدوا عناء الطريق ليالي وأيام حتى وصلوا إلى مكة ووجدوا الخبر غير صحيح ولاقوا من صناديد قريش التعذيب والإساءة وكل ذلك بسبب الإِشاعة وزعموا ..
موقف آخر وهو ما حصل في حادثة الإفك من رمي التهمة على المبرأة المطهرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من قبل أصحاب القلوب المظلمة والوساوس المخزية حتى كادوا يفرقون بين عائشة رضي الله عنها ورسول الله صلى الله عليه وسلم وكل ذلك بدعوى زعم فلان وانتشرت الشائعة حتى برأها الله عزوجل ..
أيها الأحبة ينبغي للمسلم أن يكون له موقفًا محايدًا يحسن به الظن وأن لا يأخذ الأمور على علاتها بل يتأنى ولا يتعجل ويتثبت ويستيقن من الخبر حتى وبعد التثبت يجب ان يكتم ويستر ويعفوا ويصفح فما الفائدة من نشر مثل تلك السموم والسهام الملتهبة والتي يكون لها وقعها في نفس من كان الحديث حوله !
أخيرًا ينبغي للمؤمن الموحد أن يكون له طريقة ومنهاجاً يسير عليها فبنبغي عليه التأني والتروي والتثبت والتبين من الحق وإن كان في الخبر إساءة أن يتجنب الإساءة وأن يتقي الله عزوجل في كل ما يقول ..
وأنا أقول بما قاله حبيبي وقدوتي عليه الصلاة والسلام : بئس مطية الرجل (زعموا) وما يرادفها (قالوا) !!
وفقكم الله لكل خير وجعلنا ممن يقول الحق ويهدي إليه ..
لكم التقدير والتحية جميعًا ..
التعديل الأخير تم بواسطة خالد آل زاهر ; 24-03-2008 الساعة 02:51 PM