عرض مشاركة واحدة
قديم 29-08-2005, 03:07 AM
  #2
سعد بن حسين
عضو فعال
 الصورة الرمزية سعد بن حسين
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 470
سعد بن حسين will become famous soon enoughسعد بن حسين will become famous soon enough
افتراضي

التكملة وأسف جداً على طول المقال تحملونا بارك الله فيكم وأحتسبوا الأجر من الله ...

أما خـذلان الأسـباب لك ، فحـتى لا يتعـلق قلـبك بها دون الله ، فـقد قـالوا : إذا أردت أن تستعبـد إنسـاناً فـأحسن إليـه ... وربك لا يريد أن يستعـبد قـلبك أحـد سـواه ..!!قـال الشاعـر :
أحـسنْ إلى الـناسِ تستعـبد قلـوبهمُ ** فطـالما استعـبدَ الإنسـانَ إحساـنُ
نعم ما استعـبد الإنسـان شـيءٌ مـثل الإحسـان ..
ولعـل الله علـم أنك ممن يستعبدهـم إحـسان الناس إليهم ويأسـرهم ، فأراد أن يعـافيك من هذا الـبلاء ، فـصرف عـنك فـكر وهمة تلك الأسـباب .. وفي المـقابل ضيق عـليك ما أنت فـيه ، وشدد الخنـاق
.. !
أتدري لـماذا ؟
بادرت اقـول : لأجرب التعلـق بأسباب أخـرى جديدة ، لـعل وعسـى ..
فضـحك صـاحبي وقال : قد اتفقـنا أنهـا أشبه بخيـوط العنكـبوت ، لا تحـمي نفسها فـضلا عن أن تحمـي غـيرها ..
بل صـرف عنك تلك الأسـباب رغم تعـلقك بها ، وضـيق عليك ، ليحـوشك بهذه وهـذه إليه وحـده ...!!
فـلا تجد لك مـلجأ إلا كـنفه ، ولا ترى لك مهـربا إلا إليـه ، ولا يتعـلق قـلبك قلـيلا أو كـثيراً إلا به وحـده ..
وهـذا هو سر مـا ابتلاك به ..
أعـني حـين أوقعك في هـذه الشدة بأقـداره التي لا يد بك فـيها .. فـاعرف فـضل الله عليك ..

أحـسب أن الله يريد أن يستخـلصك له وحـده ، وتأبى أنت إلا أن تتعلـق بالظـل الزائل ، وتتمسـك بأخشـاب هي بنفسهـا تحـتاج من يسنـدها ..!!
وجـه وجهة قـلبك نحو الله وحـده ، لا تلتفت بقلـبك إلى شـيء دونه ، فـإن صـدقت الله فـي هذا ، فثق أن
تلك الأخـشاب بعينها ، سوف يسـوقها موج الـقدر إلـيك حيـثما كنت وهـي راغمة !!
ألـم يعدك الله وعـدا حـاسما قـاطعا واضحـا حين قال :
( وَمـَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجـْعَلْ لَهُ مَخْـرَجاً)
( وَمَـنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَـلْ لَـهُ مِنْ أَمـْرِهِ يُسْـراً) والآيات كـثيرة ..
فـاتق الله عـز وجـل ولا تعلق قـلبك بسواه ، وأبشـر بكل خـير ..فقد جـاءك الـفرج من حيـث لا تحـتسب ..
فالخـطبُ ما زادَ إلا وهـو منتقـصٌ ** والأمـرُ ما ضـاقَ إلا وهو منفـرجُ
فـرّوحِ النفسَ بالتعـليل ترضَ به ** عـسى من ساعـةٍ إلى سـاعةٍ فـرجُ
ثم اعـلم أنه قـد ورد في الحـديث الشريف : أن انتظـار الـفرج عـبادة .. !
فـأنت في عبادة متصلـة ، فـكن مـوصول القـلب بالله ، ولا تصـرف قـلبك إلى شـيء دونه ..!
قــــــال الـراوي :
شكـرت أخـي وانصـرفت ، وأنا لا تسعـني سـماء ولا أرض !!
ورأيتني كأنمـا خرجت فجـأة من قلب الـبحر الـمتلاطم ، فـإذا بي على الشـاطئ ، تداعب وجـهي نسائم البحـر اللطـيفة ، وتغـسلني أضواء الـسماء المنعكسـة على صفحة المـاء ، وإذا بي أتنفس الصـعداء ، وعـيني تتابع تلك الأخـشاب الطـافية هـنا وهناك ، يحـسبها الظمـآن ماء حـتى إذا جاـءها لم يجدهـا شـيئا .. !!
أخـذتُ هذه المـرة أتبعها بنظـري في استعـلاء ، وقد نفضـت يدي منها بالكـلية ، وعلـقت قلبي بمـولاه وسـيده ، ووجـدت نفـسي أقـول لها في انتشـاء وبصـوت عالٍ جداً :
وأخـيراً .. آنَ لـي أن أقـول .. وداعـاً ..وداعـاً ... وداعـاً أيتها الأخـشاب !
ثم أدرت ظـهري للبحـر ، غـير أني رأيت عجـباً ..!!
لـم اسر في الاتجاه المعـاكس للبحـر ، بل رأيتنـي أسـير نحـو السماء صـعداً !!
وكلمـا صعدت خـطوة ، شعـرت بانتشاء أكـبر ، وطـمأنينة أعـمق ، وراحة أوسـع ..
كـنت أواصـل الصعـود ، بلسـان لا يفتر عن ذكـر الله سبحـانه ،
ولما نظـرت بعيني إلـى الأسفـل ، رأيت تلك الأخشـاب تصـغر وتصغـر ولا تزال تصـغر حـتى تلاشـت ،
ثم رأيت البـحر نفسه يضـيق ويضيق ، ولا يزال يضـيق حتى اخـتفى هو الآخـر ،
ثـم رأيت الأرض كـلها بمن عـليها تتضـاءل وتتضـاءل ، ولا تزال تتضـاءل حتى لـم أعد أراهـا بالكلـية !!
وابتسـمت في فـرح غـامر ، أحـسبه لـو نثرته على هـذا العالـم لغـطاه من أقصـاه إلى أقـصاه !!
وأخـذت ألهـج بالحـمد والشكر لله الواحـد الأحـد ، الـذي بيده مقـاليد كل شـيء ، أحمـده على ما سـاق إلـيّ من بلاء , وأحـمده على أن قـطع عـني تلك الأسـباب فلـم أنتفع مـنها بشيء ..
وأحمـده أن سخـر لـي ذلك الأخ ، وأحـمده على أن متـعني بهذه النعـمة التي تهـز قلـبي في هذه اللحـظة ..
ثم أخـذت أتضـرع إليه أن يرزقـني الـثبات حتـى الممـات ، لألقـاه يوم ألـقاه وهـو راضٍ عنـي ..
المعذرة على الإطالة ..
والله ولي التوفيق ..
__________________
ـــــــــــ التوقيع ــــــــــــ
أخوكم في الله / سعد بن حسين الشهري
سعد بن حسين غير متواجد حالياً